Le plus grand raciste au monde..!!


حسن أحراث
الحوار المتمدن - العدد: 7820 - 2023 / 12 / 9 - 09:42
المحور: سيرة ذاتية     

عندما أتقاسم مع الأصدقاء والرفاق والعموم بعض اللقطات من "المْزِيوْدَة" الشخصية، أقصد التعبير عن بعض أوجه الواقع المر الذي نعيشه (إِلاَ كْثْرْ الهَمّْ تَيْضْحّْكْ)، وفي نفس الوقت أُغذي صمودي وارتباطي النضالي بقضية شعبنا ووفائي لها رغم كل الظروف. ويُعتبر ذلك أيضا "استراحةَ محارب" أو التقاطاً للأنفاس بعد طعنات الغدر..
وهذه المرة، أتقاسم مع الأصدقاء والرفاق والعموم أني كنت مُتّهما حسب مواطن من أبناء شعبنا بتهمة "العنصرية" (Le plus grand raciste au monde). كيف حصل ما حصل؟
كنا، الرفيق نور الدين جوهاري وأنا، مضربين عن الطعام بالمركز الاستشفائي الجامعي (CHU) بالدار البيضاء في إطار معركة الشهيدين مصطفى بلهواري وبوبكر الدريدي (إضراب لا محدود عن الطعام). وقد طالت مدة إضرابنا لسنوات (1985-1991) تحت التأكيل القسري عبر المسبار (SONDE GASTRIQUE)، وطبعا في وضعية مأساوية، حيث الحراسة المُشدّدة والزيارة الممنوعة وكافة أشكال التواصل مع خارج الدهليز الذي حُكم علينا بالغرق في وحله.
وبعد أن تكرر "استِغْفالنا" من طرف أحد المكلفين بتنظيف غرفتنا/زنزانتنا (Agent Temporaire Permanent)، حيث كان يرُشّ بعض الماء على أرضية الزنزانة ويمُرّ عليه مرّ الكرام دون استخدام وسائل النظافة المتوفرة بفعل تضحياتنا، سجلت احتجاجا شكليا باسمنا (جوهاري وأنا) لدى طاقم التمريض المُشْرف كتعبير عن رفض سلوك الشخص المعني، خاصة مقارنة بالسلوك المهني الإيجابي لأشخاص آخرين في إطار نفس المهمة..
وبعد أن علم المعني بالأمر باحتجاجي، ردّد أمام طاقم التمريض، وضمنه الممرضة رفيقتي/زوجتي (الآن)، أني "Le plus grand raciste au monde".
ولما أخبرتني رفيقتي ضاحكة بالحكاية، استحضرت ما حصل (بكثير من التحفظ) مع الشهيد غيفارا الذي اعتُقل/أستشهد بعد وشاية من واحد ممن كان يناضل من أجلهم، وتذكرت كذلك المثل الذي يقول "ما يُؤلم الشجرة ليس الفأس التي تقطعها، ما يؤلمها حقاً أن يد الفأس من خشبها"..
لا أخفي، أن الامتعاض قد أخذ مني مأخذا لحظته، لكني تأكدت مرة أخرى، وبكل التفهم، أن المسؤولية النضالية المُلقاة على عاتقنا تفرض استيعاب ما حصل وما يحصل، وقد يكون الأسوأ..
واليوم، ونحن على الهامش (شئنا أم أبينا)، رغم كل التضحيات المبذولة (شهداء ومعتقلون سياسيون ومعطلون ومشردون...) يتأكد أنه لا يكفي أن تكون مواقفُك ثوريةً وممارستُك أيضا؛ إن العِبرةَ بإقناع وتنظيم من تناضل من أجلهم وتدافع عنهم..
فللمرة الألف، نُؤكد أن ترديد الشعارات مهما كانت أو تكن ثوريتها لن تفتح وكذلك تضحياتك طريق الثورة ولا حتى قلوب "الرفاق". فلا مناصّ من الارتباط بالمعنيين بالثورة، تأطيرا وتنظيما؛ وبالنسبة لنا نقصد بالدرجة الأولى العمال، الطبقة الثورية حتى النهاية..
صحيح، تسجيل الموقف السديد في ظل النكوص والقمع الحاليين ممارسة ثورية وشجاعة أخلاقية، لكن ذلك ليس كافيا..
أكيد أيضا أن تضحيات الماضي لا تبرّر أي انتكاس أو خيانة الآن، ولا تشفع لصاحبها بأن يكون فوق "الناس" ومن بينهم رفاقه. لكن أن يتم التنكر لتلك التضحيات من طرف "الناس" ومن بينهم "الرفاق"، ودون انتكاس أو خيانة، فذلك مؤشر على التيه والعبث إذا لم يكن سعيا الى التدمير..
ربما كنت قاسيا؛ وأتمنى، بل يشرفني، أن أبقى كذلك فيما يخدم قضية شعبنا، ولو في صيغة " Le plus grand raciste au monde"..