تَهْنِئَةُ الْمَسِيحِيِّينَ وَغَيرِ الْمُسْلِمِينَ بِأَعيَادِهِمْ أَمْرٌ وَاجِبٌ مُسْتَحَبٌّ شَرعًا


مصطفى راشد
الحوار المتمدن - العدد: 7472 - 2022 / 12 / 24 - 16:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

تَهْنِئَةُ الْمَسِيحِيِّينَ وَغَيرِ الْمُسْلِمِينَ بِأَعيَادِهِمْ أَمْرٌ وَاجِبٌ مُسْتَحَبٌّ شَرعًا
سسسسسسسسسسسسسسس
وَصَلَنِى مِثْلَ كُلِّ عَامٍ عَلَى مَوقِعِى عَلَى النِّت مِئَاتُ الْأَسْئِلَةِ عَنْ حِلٍّ أَوْ حُرمَةِ تَهنِئَةِ الْمَسِيحِيِّينَ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ بِأَعيَادِهِمْ وَرَغْمَ أَنَّ السُّؤَالَ غَيْرُ لَائِقٍ لِأَنَّ الْمَسِيحِيِّينَ وَغَيْرَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَنتَظِرُون التَّهْنِئَةَ فَلَن تَزِيدَهُمْ شَيْئًا ،، لَكِن لِأَنَّ التَّهنِئَةَ تَدُلُّ عَلَى الِاخْلَاقِ الطَّيِّبَةِ وَأَنْ يَرُدَّ الْمُسْلِمُ التَّحِيَّةَ بِأَحسَنَ مِنهَا فَوَضَعنَا هَذَا الْبَحثَ وَهَذِهِ الْفَتوَى لِلرَّدِّ عَلَى مَرضَى النَّفْسِ الْمُتَنَطِّعِينَ الَّذِينَ يُسِيئُونَ لِصُورَةِ الْإِسْلَامِ لَيْلَ نَهَارٍ وَهُمْ مَلْعُونُونَ مِنَ اللَّهِ هُمْ وَمَنْ يُؤَيِّدُهُمْ مَنْ يُحَرِّمُونَ التَّهنِئَةَ .
لِآنَ تَهنِئَةُ الْمَسِيحِيِّينَ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ بِأَعيَادِهِمْ هِىَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَنهَانَا عَنْ ذَلِكَ ، بَلْ عَلَى الْعَكْسِ طَلَبَ مِنَّا أَنْ نَقُولَ لِكُلِّ النَّاسِ الْكَلَامَ الْحَسَنُ ،كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ آيَةٌ 83 (( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حَسَنًاً ))ص قَ
كَمَا خَصَّ إِخْوَتَنَا الْمَسِيحِيِّينَ بِالثَّنَاءِ عَلَيهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْمَائِدَةِ الْآيَةَ 82 ((وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ )) ص قَ-- وَلِأَنَّ الْمَسِيحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى بِرِسَالَةٍ كُلُّهَا مَحَبَّةٌ وَسَلَامٌ وَخَيرٌ وَخَلَاصٌ وَفِدَاءٌ لِكُلِّ الْبَشَرِ وَبِلَا خَطِيَّةٍ كَمَا وَرَدَ بِالْآيَةِ 55مِنْ سُورَةِ آلِ عِمرَانَ .
كَمَا أَنَّ اللَّهَ أُمَرَنَا أَنْ نَرُدَ التَّحِيَّةَ بِأَحسَنَ مِنْهَا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ آيَةً 86 (( إِذَا حَيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحسَنَ مِنهَا أَوْ رُدُّوهَا )) ص قَ -- وَأُخُوَتُنَا الْمَسِيحِيِّينَ يُعَايِدُونَنَا ، وَسَبَاقِينَ فِى التَّحِيَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْكَلَامِ الطَّيِّبِ ، فَكَانَ وَاجِبٌ عَلَيْنَا ، وَلِزَامًاً شَرعِيًّاً بِرَدِّ التَّحِيَّةِ بِأَحسَنَ مِنهَا أَوْ مِثْلِهَا عَلَى الْأَقَلِّ .
ايْضًا قَد أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُعَامِلَ النَّاسَ بِالْعَدلِ وَالْأَحسَانِ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ النَّحْلِ الْآيَةَ 90 (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدلِ وَالْإِحسَانِ) ص قَ )
كَمَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنَا أَنْ نُعَامِلَ غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ بِالْبِرِّ وَالْعَدلِ طَالَمَا لَمْ يُقَاتِلُونَا كَمَا وَرَدَ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْمُمتَحِنَةِ الْآيَةَ 8 (( لَايَنهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقسِطِينَ )) ص قَ -- وَقَوْلُهُ تُقَسِطُوا إِلَيْهِمْ ، أَىْ تَعدِلُوا إِلَيْهِمْ وَمَعَهُمْ وَتَبَرُّوهُمْ تَحَسَّنُوا مُعَامَلَتَهُمْ بِالْعَدلِ .
كَمَا أَنَّ الرَّسُولَ (عَ) لَمْ يَنْهِ عَنْ مُعَايَدَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّعَامُلِ مَعَهُمْ وَتَبَادُلَ الْهَدَايَا حَيْثُ وَرَدَ عَنْ عَلِىِّ بْنِ ابْى طَالِبَ أَنَّهُ قَالَ (( أَهْدَى كِسْرَى لِرَسُولِ اللَّهِ (عَ) فَقَبِلَ مِنْهُ الرَّسُولُ، وَأَهْدَى لَهُ قَيْصَرَ فَقَبِلَ مِنهُ ، وَأَهْدَت لَهُ الْمُلُوكُ فَقَبِلَ مِنهَا )) وَهُمْ غَيْرُ مُسْلِمِينَ
ايِضًا الرَّسُولُ (عَ) كَانَ يُعَايِدُ وَيُشَارِكُ الْيَهُودَ أَعيَادَهُمْ وَلِذَلِكَ كَانَ يَصُومُ هُوَ وَالصَّحَابَةُ يَوْمَ كِيْبُورَ أَىْ يَوْمِ الْغُفْرَانِ عِنْدَ الْيَهُودِ الَّذِى يَصُومُهُ الْمُسْلِمُونَ الْأَنُّ بِأَسْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَمَا وَرَدَ فِى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ (ضَ)عَنْهُمَا قَالَ: " قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ --، نَجّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ ،فَقَالَ: أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ -- أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (4/244 ) وَمُسْلِمٌ ( 1130 )
وَكَمَا وَرَدَ فِى سِيرَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ فِى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ وَفدِ نَجرَانَ الْمَسِيحِىِّ الْمُكَوَّنِ مِنْ 60 فَرْدٍ الَّذِى زَارَ الرَّسُولَ(عَ) فِى الْمَسْجِدِ النَّبَوِىِّ حَيْثُ أَكْرَمَ وَفَادَتُهُمْ وَضِيَافَتُهُمْ --، فَقَد قَامُوا بِأَدَاءِ صَلَاتِهِمْ الْمَسِيحِيَّةِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فِى حُضُورِ النَّبِىِّ ، ثُمَّ قَدَّمَ لَهُمْ بَعدَهَا الطَّعَامَ، وَايِضًا نَامُوا لَيْلَتَهُمْ بِالْمَسْجِدِ النَّبوَى قَبْلَ أَنْ يَرحَلُوا بِمَحَبَّةٍ وَسَلَامٍ .
كَمَا أَنَّ النَّبِىَّ صَ أَرسَلَ الصَّحَابَةَ يَعِيشُونَ فِى حِمَايَةِ الْحَاكِمِ النَّجَاشِىِّ الْحَبَشِىِّ الْمَسِيحِىِّ الَّذِى سَمَّاهُ بِالْعَادِلِ ،
كَمَا أَنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يَمنَع زَوَاجَ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُسْلِمَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَكَيْفَ لِزَوْجٍ مُسْلِمٍ أَوْ زَوْجَةٍ مُسْلِمَةٍ ، لَا يَقُولُ لِشَرِيكِهِ فِى الْحَيَاةِ كُلَّ عَامٍ وَانتُمْ بِخَيْرٍ ،عَلَى سَبِيلِ التَّهنِئَةِ بِالْعِيدِ وَعَلَى مَنْ يَحرُمُ تَهْنِئَةُ الْمُسْلِمِينَ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفهَمَ أَنَّ اسْتِنَادَهُ لِحَدِيثِ (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) ، هُوَ حَدِيثٌ مُزَوَّرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَايِضًا مَنْ يَستَدِلُّ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ضَ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَعلَمُوا رَطَانَةَ الْأَعَاجِمِ، وَلَا تَدخُلُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ، فَإِنَّ السُّخْطَ يَنزِلُ عَلَيْهِمْ ) يعلموا أَنَّ هَذِهِ رِوَايَةٌ مُزَوَّرَةٌ تَمَامًا ------، لِذَا نَحنُ نُفتَى بِقَلْبٍ مُطمَئِنٍّ بِأَنَّ التَّهنِئَةَ بِالْعِيدِ لِإِخْوَتِنَا الْمَسِيحِيِّينَ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ هِىَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ، وَعَلَى مَنْ يُفتَى بِجَهْلٍ وَبِدُونِ عِلْمٍ ، وَلَيْسَ لَهُ صَلَاحِيَاتُ الْفَتْوَى وَقَلْبُهُ مَلَىءٌ بِالسَّوَادِ وَالْكَرَاهِيَةِ وَلَدَيْهِ مَرَضٌ نَفسَى ، أَنْ يَتَوَقَّفَ عَنْ الْإِسَاءَةِ لِنَفسِهِ وَلِصُورَةِ الْإِسْلَامِ وَيَصِيرُ عَدُوً لِلسَّمَاءِ.
وَاللَّهُ مِنْ وَرَاءِ الْقَصدِ وَالِابتِغَاءِوَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ
د مصطفى راشد عالم أزهرى وأستاذ القانون
وعضو نقابة المحامين المصرية والدولية وإتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى والسفير بمنظمة السلام الدولية ت وواتساب61478905087+