من أجل عالم بلا حروب وغدٍ وضاء للبشرية رسالة مهرجان اللومانتيه في باريس للعام 2022


محمد الكحط
الحوار المتمدن - العدد: 7372 - 2022 / 9 / 15 - 20:33
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

من أجل عالم بلا حروب
وغدٍ وضاء للبشرية
رسالة مهرجان اللومانتيه في باريس
للعام 2022


تقرير: محمد الكحط – باريس-
تصوير: سمير خلف
بعد انقطاع دام سنتين بسبب جائحة كورونا، انطلق مهرجان اللومانتيه ((المهرجان السنوي لصحيفة اللومانتيه (ألإنسانية)، للحزب الشيوعي الفرنسي)) يوم الجمعة 9 واستمرت فعالياته حتى الأحد 11 سبتمبر/أيلول 2022، وهذهِ المرة كان في مكان جديد أكثر إتساعا حيث تبلغ مساحته 60 هكتارا (600000 متر مربع) في القاعدة الجوية بليسي باتيه في مدينة بريتيني سور اورج في ضواحي جنوب باريس، وطيلة أيام المهرجان الذي طغى عليه الحضور الشبابي الكبير رغم هطول الأمطار، فقد أستمر توافد الآلاف من كل صوب وسط أجواء التحدي للأمبريالية ومخططاتها، ومن أجل ألسلام والمحبة بين الشعوب، وعالم خالٍ من الحروب ومآسيها، عالم العدالة الاجتماعية.
كانت أجواء الفرح والتضامن هي السائدة هنا، حيث ممثلي قوى التقدم والتحرر والديمقراطية واليسار من كل انحاء العالم، وكانت هذه هي رسالة المهرجان للبشرية.
وشهدت أيام المهرجان العديد من النشاطات والفعاليات السياسية والثقافية والفنية المنوعة التي تدعم رسالة المهرجان.
وتشارك خيمة طريق الشعب خيمة كل العراقيين في هذا المهرجان للمرة الـ 52، وقد سميت هذا العام بخيمة الفقيد الفنان التشكيلي صلاح جياد، فبدأت نشاطها كالمعتاد عشية المهرجان مساء الخميس 8 سبتمبر وسط بهجة اللقاءات بين الرفاق والأحبة القادمين من كل صوب، فكان هناك معرض للفن التشكيلي للفنان وسام سكيري.
أول الفعاليات هو اللقاء مع ممثلي قيادة الحزب، سبقتها كلمة ترحيبية بالحضور، ومع عزف السلام الجمهوري العراقي موطني والوقوف دقيقة صمت على أرواح الرفاق الذين فقدناهم خلال السنوات الثلاث الماضية وشهداء الحزب وانتفاضة تشرين، قام الرفيق فؤاد الصفار ممثل منظمة الحزب الشيوعي العراقي في فرنسا بتقديم الرفيق فاروق فياض عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ومرحبا بالرفيق كاوة محمود سكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني، وبالرفيقة سهاد الخطيب، عضو اللجنة المركزية للحزب.
تحدث الرفيق فاروق فياض عن آخر مستجدات الوضع السياسي في العراق وما يمر به من ظروف معقدة، في جميع مفاصل الدولة، حتى وصلت لحالة الاستعصاء السياسي بل والتناحر المسلح، وأكد على مطلب الحزب والجماهير بضرورة حل البرلمان وأجراء انتخابات جديدة بشروط يستطيع فيها شعبنا من أختيار ممثلية بشكل سليم، وتناول موضوع تمترس القوى المتنفذة بأساليبها ومحاولتها فرض سياسة المحاصصة من جديد ليبقى الفساد والفاسدين في أمان، خصوصا بوجود الأموال الكثيرة في خزينة الدولة لنهبها بدلا من استخدامها بشكلها الصحيح لخدمة شعبنا. بعدها فسح المجال للمداخلات والأسئلة من قبل الحضور حيث أجاب عنها الرفيق مشكورا، وكان الحوار مهما لتوضيح وجهات النظر خصوصا فيما يتعلق بعمل الحزب الجماهيري والوطني.
وفي أول أيام المهرجان الجمعة ٩ سبتمبر/ أيلول تم عقد ندوة استذكارية للفقيد الفنان صلاح جياد الذي تفتقده الخيمة لدورتين، لكن روحه لازالت ترفرف هنا في الخيمة لما تركه من أثر عميق في ثناياها، كان أحد أعمدة خيمة طريق الشعب لسنواتٍ طويلة، فهو الذي يخطط ويرسم ويطرز خلفية المنصة وشعار الخيمة وتصميمها، ويبقى طيلة أيام المهرجان مساهماً بجميع فعالياتها، يمنح الجميع الدفء بهدوئه وحبه ولطفه، تحدث خلالها الفنان التشكيلي غسان فيضي عن حياة وتجربة الفقيد الفنية مشيدا بأبداعه وتميزه المبكر وأوضح مدى تواضعه وتعاونه وطيبته وإنسانيته التي عكستها أخلاقه ورقي سلوكه الاجتماعي، وتم عرض فلم وثائقي عن الفقيد من اعداد صديقه الفنان فيصل لعيبي .

كما أستضافت خيمتنا الرفيق كاوة محمود سكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني وقدمه الرفيق رشاد الشلاه حيث تحدث عن آخر التطورات السياسية في العراق عامة وأقليم كردستان خاصة، وخصوصية القضية الكردية، بعدها فسح المجال للحوارات والاسئلة والاستفسارات والتي أجاب عنها الرفيق مشكورا.
وفي المساء كان الجميع على موعد مع فرقة بابل الفنية القادمة من الدنمارك، وهي فرقة تأسست عام 2014 من قبل مجموعة من الصديقات والأصدقاء من محبي الموسيقى والغناء، يقودها حاليا الملحن سعد الاعظمي وعازف الكمان كوران ابراهيم، ومسؤولة الفرقة وأحدى عضواتها بشرى علي مع زميلاتها روبار سعيد ونيكار مصطفى وصباح حمدون والادارية غصون بدري، بالاشتراك مع الشاب برهان محمد، حيث أتحفت الحضور بأجمل الأغاني العراقية التراثية والوطنية الأصيلة التي أستمرت حتى منتصف الليل مع الفرح والبهجة من قبل الحضور والضيوف من خارج الخيمة، وعادت في اليوم الثاني لتقدم أغاني جديدة جميلة، فشكرا لهم.
وفي يوم السبت 10 سبتمبر/ أيلول قدمت ندوة للرفيقة سهاد الخطيب عضو اللجنة المركزية، عن دور المرأة في انتفاضة تشرين، أدارها الرفيق طه رشيد، حيث تحدثت عن نضالات المرأة العراقية داخل الوطن ومساهمتها السياسية خصوصا في انتفاضة تشرين حيث كان للنساء ولعضوات رابطة المرأة العراقية دور واضح ومهم، قوبل باحترام وتقدير الحضور، كما تحدثت عن النشاطات النسوية الأخرى من أجل أخذ حقوقها ومساهمتها في بناء الوطن، وتم عرض فلم وصور عن تلك النشاطات.

وقدمت الدكتورة شذى بيسراني مداخلة عن مشاركة رابطة المرأة في مؤتمر اتحاد النساء الديمقراطي العالمي الذي عقد في فنزويلا، نيسان 2022، وعن أهمية هذا المهرجان وما تم فيه من قرارات تصب في صالح النساء في العالم.
تلا ذلك لقاء مع الفنان والناقد التشكيلي زياد جسام، الذي قدمه الرفيق محمد الكحط، مستعرضا سيرته الفنية وتعدد مواهبه، ومن ثم تحدث الفنان زياد عن فنه وخصوصية أعماله ومضامينها، وهو الذي يحول المواد المهملة الى أعمال فنية ذات طابع جمالي متميز، وتم عرض بعض أعماله منها مجسم لجريدة طريق الشعب.
وفي فقرة فنية جميلة أخرى قام الفنان الخطاط محمد صالح بعمل لوحات فنية من الخط العربي أمام الجمهور، بمصاحبة عازف العود أحمد ناجي، وكان عرضا رائعا نال استحسان الحضور، وعرضت اللوحتين للمزاد وذهب ثمنها تبرعا لبناء مقر الحزب الشيوعي الجديد.

وكالعادة انطلقت المسيرة النسائية التي تنظمها رابطة المرأة العراقية في مهرجان اللومانتيه من أمام خيمة طريق الشعب حيث ساهم فيها العديد من الحضور والحاضرات، وطافت شوارع المهرجان، وهي ترفع شعارات تطالب بالدولة المدنية وبالمساواة وحرية التعبير وحرية المرأة وضمان الحياة الحرة الكريمة للجميع.

وعودة للخيمة ولقاء فني جميل مع الفنانتين الدكتورة سفانة والدكتورة شروق الحلوائي القادمتين من الدنمارك اللتين قدمتا أجمل الأغاني والألحان والعزف، منها أعمال خاصة من تلحين سفانة.
في يوم الأحد 11 سبتمبر/ أيلول شهدت الخيمة العديد من الفعاليات والزيارات من عدة منظمات وأحزاب سياسية، وتم تقديم ندوة عن الحياة الثقافية للأنصار قدمها الرفيق يوسف ابو الفوز، الذي قدمه الرفيق داود منشد (أبو نهران) الذي تحدث عن طبيعة وظروف حركة الأنصار وتنوع نشاطاتهم الثقافية في كافة المجالات، وأستعرض ابو الفوز حياة الأنصار وما مروا به من ظروف معقدة وكيف تجاوزا ذلك وأغنوا حياتهم بالنشاطات الثقافية من أدب وفن بأنواعه، وكيف واجهوا أساليب النظام الفاشية بروح التحدي صانعين لحياتهم عالماً مليئا بالحياة والحيوية والإبداع، بعدها جرى حوار مع الجمهور الذي يستمع بعضهم لأول مرة عن حياة الأنصار الشيوعيين.
طيلة أيام المهرجان كان هنالك نشاط سياسي دؤوب قام به رفاقنا من قيادة الحزب (الرفيقين فاروق فياض وسلم علي) بعدة لقاءات مثمرة مع العديد من ممثلي القوى السياسية، منها قدم الرفيق فياض مداخلة في الخيمة الرئيسية تناولت آخر التطورات السياسية، وشارك في ندوة حول الوضع في العالم العربي والقضية الفلسطينية، في خيمة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي المغربي، وكذلك كان هناك لقاء صحفي لجريدة اللومانتيه مع الرفيق فاروق فياض.
لقد كان الرفاق والأصدقاء في خيمة طريق الشعب كخلية نحل يعملون بلا كلل من أجل إنجاح عمل الخيمة التي قدمت العديد من النشاطات، السياسية والثقافية والفنية والاجتماعية، ولا ننسى أجواء الألفة والمحبة والتعاون والإنسجام بين الجميع، فكانت أجواء الفرح والبهجة باللقاءات العديدة، وإذا أنتهت أيام المهرجان فالجميع هنا سيحلم وينتظر اللقاء من جديد في المهرجان القادم، فهو كالعيد بالنسبة لجميع الأحرار والمناضلين من أجل التحرر والمستقبل الواعد.