حصيلة سنة 2014 بالمغرب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا


عبد السلام أديب
الحوار المتمدن - العدد: 4676 - 2014 / 12 / 29 - 15:40
المحور: الادارة و الاقتصاد     

أجرت الصحافية بجريدة المنعطف السيدة بشرى عطوشي حوارا صحافيا تحت عنوان حصيلة سنة 2014 بالمغرب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، فجاء الجواب كما يلي.

• ما الذي ميز سنة 2014 على المستوى الاقتصادي ؟

●-;-●-;- تعتبر سنة 2014 منتصف مرحلة اعتماد مخطط المغرب الأخضر حيث تم خلال شهر مارس تنظيم مناضرة تقييمية للمرحلة الأولى. ويظهر المخطط من خلال نتائجه الأولى بعيدا كل البعد عن الطموحات المعلنة بل وبروز العديد من المشاكل والتعقيدات في التطبيق خاصة فيما يتعلق بالعلاقات بين الدعامتين الأولى والثانية وحيث يبدوا ان المخطط يخدم الدعامة الأولى المتعلقة بتطوير الفلاحة ذات القيمة المضافة والانتاجية عاليتين موجهة أساسا نحو التصدير باستثمار اجمالي بحوالي 75 مليار درهم وذلك على حساب الدعامة الثانية المتعلقة بتأهيل تضامني للنسيج الانتاجي لصغار الفلاحين الموجودين بالمناطق الهشة تتعلق ب 84 ألف فلاح. وحتى بالنسبة للدعامة الأولى فلا زالت تعترضها عدة صعوبات في التطبيق.
فيما يتعلق بمختلف المخططات الأخرى كالمخطط الأزرق السياحي ومخطط الانبثاق الصناعي ومخطط رواج التجاري ومخطط هاليوتيس للصيد البحري ورؤية 2015 للصناعة التقليدية والاستراتيجية الطاقية ... فبالإضافة الى تفككها وعدم التنسيق فيما بينها كما لو انها وضعت بمعزل عن محيطها، هناك أيضا تناقضاتها الداخلية فكيف يمكن مثلا النهوض بالصناعة في اطار مخطط انبثاق في ظل اتفاقيات التبادل الحر مع ما يزيد على 50 دولة صاعدة والتي تزاحم بصناعاتها أي سيرورة صناعية محلية.

هذا على مستوى التذبير أما على مستوى النتائج فان نسبة النمو في المغرب لا زالت مرتبطة بالسماء حيث ان قلة التساقطات المطرية تنعكس مباشرة على تدني معدل نمو الناتج الداخلي الاجمالي الذي لم يتجاوز 2,5 % وهو ما يعني تأثر كامل النسيج الاقتصادي الوطني وأيضا ضعف المداخيل والتشغيل واتساع معدل البطالة اضافة الى جيوش من الفقراء.
على مستوى الميزانية العامة للدولة لا زالت مداخيل الدولة من الضرائب في تراجع مستمر حيث تراجعت من 60 في المائة سنة 2013 الى 59 في المائة سنة 2014 إلى 58 في المائة سنة 2015 وهو ما يعني ان 41 في المائة من فجوة الموارد سيتم تغطيتها بوسائل استثنائية منها على الخصوص القروض الأجنبية والتي تزيد من تعميق أزمة تبعية المغرب الى المؤسسات المالية الامبريالية.

• كانت هذه السنة شهدت جدلا كبيرا حول البنوك التشاركية ، وفي الأخير تم اعتماد مشروع القانون المؤطر لعمل هذه المؤسسات، هل ستكون السنة المقبلة سنة إقبال المغاربة على البنككة بفعل هذا المنتوج الجديد ؟

●-;-●-;- لا أعتقد ان اعتماد البنوك التشاركية في بلادنا السنة المقبلة سيؤدي الى اقبال أكبر للمغاربة على البنككة بفعل هذا المنتوج الجديد، قد يكون هناك تزايد نسبي لكنه سيبقى ضعيفا. لكن ما يمكن أن يحدث على المدى القصير هو هروب نسبي لزبائن البنوك التقليدية نحو البنوك التشاركية بفعل جاذبية المنتوج الجديد، كما قد نشاهد أيضا استثمارا ماليا لبعض رؤوس الأموال الاجنبية وخاصة منها رؤوس أموال قادمة من دول الخليج تطلعا لإنتاج الأرباح جراء استثمارات هذه البنوك. لكن على المدى المتوسط والبعيد فان حجم البنوك التشاركية سيضل في مستويات أدنى من البنوك التقليدية خاصة عندما ينقشع الوهم الديني وتظهر هذه البنوك في مستوى خدمات أدنى من نظيرتها التقليدية بفعل غياب التأمين على المخاطر.

• ما جديد النقابات التي لطالما انتظرت خلال هذه السنة إخراج مشروعي قانون النقابات والحق في الإضراب؟ وما هي أهم المحطات الاجتماعية التي وقف عندها الفرقاء الاجتماعيون ؟

●-;-●-;- قانوني النقابات والحق في الاضراب لا زال محط تجاذب ومساومات بين المركزيات النقابية والحكومة، علما ان بلقنة المشهد النقابي يضعف كثيرا العمل النقابي النبيل وتبقى الطبقة العاملة هي الخاسر الأكبر حيث يتم استخدامها بدعوى خدمتها من أجل الحصول على مكتسبات سياسية أو ذاتية. وقد شكل الاضراب العام ليوم 29 أكتوبر 2014 على المستوى الشكلي حدثا غير مسبوق في تاريخ المغرب، لكن الاضراب بحد ذاته ظل صيحة في واد، حيث تمكنت الحكومة من ربح الوقت وخلط المطالب بين مشروع اصلاح التقاعد وباقي الملفات العالقة منذ 26 ابريل 2011. ونظرا لتشتت المشهد النقابي وهيمنة البيروقراطيات النقابية على كافة المركزيات النقابية تقريبا اضافة الى الانتخابات المهنية التي ستنظم خلال سنة 2015 فان الحكومة قد تتمكن من تمرير كافة مشاريعها غير الشعبية وغير الديموقراطية وبتواطؤ مكشوف أو مستتر مع المركزيات النقابية. ولعل تصريح نوبير الاموي عند زيارته لمقر العدالة والتنمية بأنه مستعد لدعم هذا الحزب يفضح التقلبات التي تشهدها القيادات البيروقراطية للمركزيات النقابية.

• هل نجحت الحكومة من خلال تتبعكم للأحداث في تنفيذ برنامجها وهي على مقربة من دخولها للسنة الرابعة من ولايتها ؟

●-;-●-;- بالعكس تماما، فالحكم على منجزات هذه الحكومة من خلال مقارنة التصريح الحكومي بعد تنصيبها والمنجزات السنوية للحكومة من خلال قوانينها المالية يؤكد الفشل الذريع لهذه الحكومة حتى في ابسط وعودها. فعلى مستوى نسب النمو السنوية تعهدت الحكومة بتحقيق نسب تصل الى 7 % بينما نجد النسب المحققة تتراوح ما بين 3 و2,5 % كل سنة، على مستوى العجوزات، الميزانية والخزينة وميزان الأداءات والعجز التجاري فلم تحقق الحكومة حتى نصف ما تعهدت به، بل أن الحكومة أغرقت البلاد في المديونيتين الداخلية والخارجية، وعمقت تبعية البلاد لإرادة المؤسسات المالية الدولية.

القانون المالي لسنة 2015 يعتبر آخر فرصة متاحة للحكومة الحالية لتدارك ولو الحد الأدنى من بعض الوعود الاجتماعية، لأن القانون المالي لسنة 2016 لن يكون محل رهان لأن تلك السنة هي سنة انتخابية. لكن مع الاسف معطيات القانون المالي لسنة 2015 تؤكد انحياز الحكومة لصالح الباطرونا ورأس المال على حساب الطبقتين العاملة والمتوسطة من خلال العديد من الاجراءات اللاجتماعية ويأتي في مقدمتها اختزال المعدلات الخمسة للضريبة على القيمة المضافة وهي 0% و7 % و10 % و14 % و20 % في معدلين فقط وهما 10 % و20% وحيث سيتم رفع بعض المعدلات على بعض المنتجات الاساسية كالشاي والعجائن الواسعة الاستهلاك من 10 في المائة الى 20 في المائة علما أن هذا المعدل الاخير هو الذي تخضع له المواد الكمالية مثل الويسكي والسيارات الفارهة واليخوت والذهب. فالحكومة منذ تنصيبها أبانت عن عدوانيتها المفرطة للطبقات الشعبية المسحوقة بينما عبرت عن انحيازها التام لناهبي المال العام انطلاقا من مقولة عفا الله عما سلف ورفع اسعار المنتجات والخدمات والمحروقات.

• اجتماعيا كان ملف التقاعد من بين الملفات التي أخذت هذه السنة حيزا كبيرا من اهتمام النقابات بعدما اتخذت الحكومة قرارها الانفرادي بالإصلاح و بعد استشارة المجلس الاقتصادي و الاجتماعي ، ما هو تعليقكم ؟

●-;-●-;- لقد بات الموظفون على الخصوص المنخرطون في الصندوق المغربي للتقاعد يصفون مشروع اصلاح التقاعد الحكومي بالثالوث الملعون والذي يستهدف ظلما وعدوانا الرفع من سن التقاعد ثم الرفع من نسبة الاقتطاع لأجل التقاعد ثم تخفيض رواتب التقاعد. ومشروع الحكومة تم وضعه بدعوى مواجهة عجز صناديق التقاعد، علما أن الواقع المتردي لصناديق التقاعد كان بسبب السياسات الحكومية المتعاقبة، فنظرا لتضامن الحكومات المتعاقبة كان من المفروض ان تلجأ الحكومة الى اصلاح سياساتها السابقة، ليس على حساب الموظفين والموظفات وانما عبر سداد الدولة كمشغل متأخرات الصناديق، وعبر التعامل العادل مع كافة الفئات كسداد الدولة لثلثي حصة الانخراطات كما تفعل بالنسبة للمعاشات العسكرية.

ان محاولات الحكومة ضرب انظمة المعاشات بتواطؤ مع النقابات سوف لن يمر مرور الكرام حيث قد تكون له ردود فعل سياسية عميقة من شأنها خلق اضطرابات واحتجاجات قوية، تدفع الى الواجهة نزوعات واصطدامات متطرفة.