الحكومة عمقت أزمة العقار بالرفع من الأسعار


عبد السلام أديب
الحوار المتمدن - العدد: 4533 - 2014 / 8 / 5 - 07:00
المحور: الادارة و الاقتصاد     

أجرى الصحافي بجريدة الأخبار السيد النعمان اليعلاوي حوارا مع عبد السلام أديب حول اسباب تراجع قطاع العقار في المغرب من خلال طرح ثلاث أسئلة، وقد جاء الحوار كما يلي:

1 - ما هي الأسباب المباشرة لركود سوق العقار في المغرب؟
•• الأزمة التي يعرفها قطاع العقار بالمغرب تعمقت مع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية لسنة 2008، إذ ترتبت عن نقص في السيولة لدى الاسر والفاعلين الاقتصاديين في علاقة مع تناقص القدرة الشرائية لدى المواطنين، وهو التناقص الناجم عن الارتفاع المتواصل للأسعار والذي قابله جمود متواصل في الأجور. هذا فضلا عن ارتفاع اسعار مواد البناء مع تزايد اسعار المحروقات وتكاليف الانتاج، وهذا دون الحديث عن وفرة العرض من العقارات المبنية والشروط المعقدة للحصول على السكن الاقتصادي، كما أنه هناك عدد من المباني التي تم تشييدها دون أن يقبل المواطنون على شرائها. زيادة على كون المهاجرين المغاربة في الخارج والذين يعتبرون من أهم المقتنين للعقار، يعيشون تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي تلقي بظلالها على أوروبا، وبالتالي فكل هذه العوامل أدت إلى ركود سوق العقار في المغرب، بل وظهور بوادر أزمة تجلت في الاقامات السكنية التي تقوم بتشيدها شركات العقار كشركة الضحى، غير انها تبقى لسنوات دون أن يتم بيعها أو إعمارها.

2 - هل ارتباط القطاع بالابناك يجعله أكثر تأثرا بالأزمة المالية؟

•• بطبيعة الحال يعتبر قطاع العقار مرتبط بقطاع الأبناك، انطلاقا من دورها التمويلي، والتقييم الحالي هو أن الابناك لديها فائض في السيولة، وهو الفائض المرتبط بتراجع توجه المواطنين إلى القروض، حيث تراجعت أغلب الاسر عن أخذ المزيد من القروض، وليس ذلك بمحض ارادتها ولكن لكون مديونيتها عرفت ارتفاعا كبيرا اقترب من 100 في المائة من مداخيلها كمعدل عام، وبالتالي فاللجوء إلى الاستدانة من أجل الحصول على السكن أو بناء السكن الشخصي، أصبح أمرا غير سهل بالنسبة للأسر التي تعاني جراء ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية ومن بينها مواد البناء. فالتناقض الحاصل هو عدم الاقبال الواسع على الاقتراض رغم فائض السيولة الذي قد يوفره البنك المركزي بسهولة، وبطبيعة الحال فإن هذا التناقض يعمق أزمة الابناك بسبب انحسار حجم المعاملات المالية. وهنا يمكن القول بان علاقات الانتاج أصبحت في بلادنا أضيق من أن تحتوي قوى الانتاج، وبالتالي أصبحت تشكل فرملة قوية أما نسب النمو عامة.

3 - ما هو المخرج الفعال من الأزمة التي يعيشها قطاع العقار، وهل تشكل الابناك التشاركية احدى الحلول لذلك؟

•• المعالجة التي تتخذها الحكومة للأزمة المالية، ومنها أزمة قطاع العقار، تظهر متناقضة وتسير في اتجاه غير الاتجاه الطبيعي، حيث أن المشكل الأساسي هو استهداف الحكومة رفع كافة الأسعار لكي تتماثل مع الاسعار الدولية في حين ان ظروف الأكثرية من الطبقة العاملة وشرائح واسعة من الطبقة الوسطى لا تقوى على تحمل هذه الاسعار مما يدمر قدرتها الشرائية وينعكس على ضعف السوق الداخلي، وهو التوجه الذي عمق أزمة الأسر في الجانب المالي، مع صعوبة استجابة الأسر المغربية لحاجيات السوق، وبالتالي استمرار أزمة القطاعات التي من بينها العقار طبعا، بل تم تعميق هذه الأزمة، ما لم تتخذ الحكومة إجراءات ملموسة لتخفيفها من خلال تحسين مداخيل الاسر وبالتالي الطلب على العقار، وبالتالي التخفيف من ازمة الأبناك عبر انعاش ادخار الاسر. ويبدوا ان الحكومة تتطلع أكثر الى جذب رساميل ضخمة لدول مجلس التعاون الخليجي من اجل اعادة الروح والانتعاش لقطاع العقار. وفي هذا الاتجاه تعمل الحكومة على استنباث الأبناك التشاركية (الاسلامية) والتي أظهرت التجارب في عدد من الدول من بينها مصر، عدم قدرتها على الصمود أمام الازمات والتي يبدوا انها ناجحة فقط في بلدان البيترو دولار الخليجية وفي بعض العواصم العالمية التي تستهدف ادخارات الخليجيين. واذا كانت هذه الابناك قد تلقى إقبالا في المغرب على المدى المتوسط خصوصا من قبل المتدينين ومحاولة جذب رساميل بلدان مجلس التعاون الخليجي، غير أن توجهها نحو القروض الاستهلاكية والخدماتية بدون مراعاة مفهوم القيمة عند الانتاج والذي يظل مرتبطا بنهب فائض القيمة عند العامل فان ذلك يوقع هذه الابناك في نفس التناقض الذي تعيشه الابناك الرأسمالية التقليدية وهو ما سيشكل عائقا أوليا أمام احتمال عدم نجاحها في المغرب.