رد إلى الرفيق حسين علوان حسين حول طروحاته حول مقالة: اللينينية بين ضرورة التجديد وتحديات الطائفية
علي طبله
2025 / 4 / 26 - 00:46
رد إلى الرفيق حسين علوان حسين، واورد نص مداخلته في نهاية هذا الرد،
حول دور الحزب في تشرين، ومهام اليسار العراقي في المرحلة الراهنة
الرفيق العزيز حسين علوان حسين
تحية رفاقية صادقة
أشكركم بامتنان على التفاعل العميق مع مقالة “اللّينينيّة بين ضرورة التجديد وتحديات الطائفية”، وعلى كلماتكم المشجعة والتوصيات التي تستحق الوقوف عندها. إن إشارتكم إلى غياب قيادة الحزب الشيوعي العراقي عن انتفاضة تشرين ونتائج ذلك، تمثل نقدًا شجاعًا لا بد من أخذه على محمل الجد في أي مراجعة مسؤولة لتجربة الحزب ومآلات الحراك اليساري الأوسع في العراق.
أولاً: بشأن غياب قيادة الحزب عن تشرين
لا شك أن عدم ارتقاء قيادة الحزب إلى مستوى لحظة تشرين 2019 كان تقصيرًا تاريخيًا.
فرغم مشاركة رفاق الحزب في الساحات، وانخراط منظماته الشبابية والفردية، إلا أن الحزب – كتنظيم – لم يتبنَّ الانتفاضة كـ”لحظة مفصلية” في تاريخ الصراع الاجتماعي، ولم يمارس دورًا تنظيميًا حاسمًا في توجيهها أو تأطيرها أو حماية مسارها من الاختراق.
وقد تسببت هذه المفارقة في أن تُملأ الفراغات بقيادات غير متجانسة – بعضها وطني، وبعضها طفيلي – ما سمح لاحقاً بتدجين الانتفاضة، ومن ثم ركوب موجتها من قبل أطراف السلطة ذاتها. وهنا تتقاطع قراءتك، رفيقي العزيز، مع حقيقة تاريخية مؤلمة: أن انتفاضة تشرين انتهت – جزئياً – إلى إنتاج حكومات لا تختلف جوهرياً عن المنظومة التي خرجت الجماهير لإسقاطها.
وهذا يفتح سؤالًا مركزيًا يجب أن يكون جوهر أي تقييم يساري اليوم:
ما الذي حال دون أن يكون الحزب أداة جماهيرية حقيقية قادرة على قيادة انتفاضة وطنية واسعة؟
ثانيًا: حول شعار المرحلة
شعاركم المقترح:
“إسقاط المحاصصة والتبعية للأجنبي يؤمّن العيش الكريم لكل العراقيين”
هو شعار قوي، مباشر، يجمع بين الوطني والطبقي، ويقدّم صيغة تعبئة يمكن الاشتغال عليها. لكن نجاح مثل هذا الشعار مشروط بأمرين:
1. تجذيره في الواقع المعيشي اليومي (من كهرباء، وظائف، صحة، تعليم)، كي لا يبدو مجرد تعبير سياسي عام.
2. ربطه بأفق تنظيمي نضالي، لا يكتفي بالتحشيد، بل يبني أدوات ضغط فعلية (مثل ما أشرتم إليه: الاعتصام، الإضراب، التنسيق القاعدي).
شخصيًا، أرى أن الشعار المقترح يصلح كـ”محور تعبئة”، لكن ينبغي أن يُرفق بـخطاب تفصيلي يُوضّح العلاقة بين “المحاصصة” و”البطالة”، وبين “التبعية” و”الفقر”، حتى لا يُختزل إلى صيغة أيديولوجية لا تصل إلى وعي الجماهير.
ثالثًا: بشأن العصيان والإضراب
دعوتكم إلى الاعتصامات الجماهيرية والإضراب العام هي طروحة ثورية في الشكل، لكنّ نجاحها يتطلب بنية تنظيمية تحتية غير متوفرة حتى اللحظة.
الشارع العراقي أثبت قدرته على الانتفاض، لكننا – كيسار – لم ننجح بعد في بناء:
• لجان أحياء مستقلة.
• نقابات حقيقية تتجاوز الاختراق الحزبي.
• تنسيقيات ميدانية تعبّر عن مصالح الطبقة العاملة والمهمّشين.
بالتالي، من دون هذا الإعداد، قد تتحول دعوات العصيان إلى شعارات فضفاضة، أو في أسوأ الأحوال، تُوظف من أطراف إصلاحية تسعى لاحتواء الحراك بدل توجيهه.
رابعًا: المرجعيات التي أوردتموها
أقدّر كثيرًا إحالتكم إلى مقالاتكم القيّمة، خاصة:
• تطور سلطة البرجوازية الطفيلية في العراق
• لا يمكن إصلاح العملية السياسية دون التخلص منها
وهذه أعمال تُظهر وضوحًا في فهم العلاقة بين السلطة الطبقية والهيمنة السياسية. وقد بات من الضروري أن تُعاد قراءتها الآن، في ظل انسداد أفق الإصلاح، وتصاعد الدعوات إلى بناء مشروع سياسي بديل حقيقي، لا يكتفي بالشعارات، بل يعيد تعريف العلاقة بين الحزب والجمهور.
⸻
خاتمة: اليسار أمام نقطة انعطاف
لا نحتاج اليوم إلى “تكتيكات انتخابية”، ولا إلى تكرار أخطاء التحالفات المبهمة. نحتاج إلى يسار يعيد صياغة نفسه من القاعدة، لا من القمة. يسار يعترف بأخطائه، يتصالح مع واقعه، ويخرج من دور “المثقف المراقب” إلى دور “الفاعل الجماهيري”.
تحيتنا لكم، رفيقنا، على مساهمتكم الصادقة، ونتطلع إلى أن يستمر هذا النقاش، لا كترف نظري، بل كمسار من أجل استعادة الصوت اليساري في العراق الممزّق، المرهق، لكنه غير الميت.
مع التقدير والاعتزاز،
د. علي طبله
———————————————————————-
وحول مقالة: اللينينية بين ضرورة التجديد وتحديات الطائفة كتب الرفيق حسين علوان حسين التالي:
الرفيق الكبير الأستاذ الدكتور علي طبلة الهمام المحترم
تحية حارة
أشد على أيديكم، رفيقي العزيز. لقد كانت نتائج عدم قيادة حشع لانتفاضة تشرين كارثية ليست فقط على الانتفاضة نفسها، بل وعلى مجمل الحراك الوطني، وهو ما افضى إلى قيام الوزارتين المتعفنتين للكاظمي والسوداني للعب بمقدرات ومكتسبات وسيادة العراق. حصل هذا رغم أن حشع كان المبادر للحراك الشعبي منذ عام 2012. تشخيصكم لمعوقات الحراك اليساري في الصميم .
أقترح أن شعار هذه المرحلة يجب أن يكون:
اسقاط المحاصصة والتبعية للأجنبي يؤمّن فرص العمل (او العيش الكريم) لكل العراقيين .
ويتم توجيه النضال الجماهيري على كل السبل المتاحة لتطبيقه، وأهمها الاعتصامات الشعبية المؤدية إلى الاضراب الجماهيري العام الذي يفرض شروطة على الطغمة الحاكمة. .
لقد ناديت بهذا منذ عام 2016، داخل حشع وهنا، في مقالي:تطور سلطة البرجوازية الطفيلية في العراق من 1980 إلى الآن
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=516255
ومقالي:
لا يمكن إصلاح العملية السياسية في العراق دون التخلص منها
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=523288
فائق التقدير والاعتزاز.