هل المهداوي صحافي كما يصف نفسه؟


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8328 - 2025 / 4 / 30 - 09:00
المحور: الصحافة والاعلام     

قبل عامين بالتمام والكمال، نشرت على صفحتي الفيسبوكية تدوينة قلت فيها: "يحسب حميد المهدوي نفسه معارضا، غافلا عن كون المعارضة تمارس تحت لواء تنظيم سياسي أو مدني معترف به، وعليه أن يدرك أن من يمارسها ويعتبر معارضا لا بد له من انتماء سياسي أو مدني"..
مباشرة بعد ان رأت التدوينة النور تدخل أحد الرفاق من الحزب الاشتراكي الموحد الذي أنا عضو فيه ليعلق كاتبا: "هو يمارس الصحافة الحقيقية".
فعلا، استفزني هذا التدخل ما حدا بي إلى الرد على صاحبه بهذه الكلمات: "آش من صحافة كيمارسها المهدوي؟؟. هناك في المغرب إكراهات كثيرة تمنعه وغيره من ممارسة الصحافة الحقيقية.."
عندها، طرح علي محاوري هذا السؤال: "ما هي هذه الاكراهات؟"
توقفت مؤقتا عن هذا الجدل الفيسبوكي نظرا لضيق الوقت ولم اتحر الإجابة إلا بعد مرور اربعة ايام حيث قلت لطارح السؤال: "وكانك لا تعيش في المغرب..ألم يأتك نبأ سجن عمر الراضي وتوفيق بوعشرين وسليمان الريسوني؟ ناهيك عن مجموعة من المدونين وأصحاب الآراء.."
لكن بما أن صديقي مصر على مواصلة التواصل معي بهذا الشأن، كتب هذا التعليق: "نعم أعرف الإكراهات وأعلم أن المهدوي من القلائل الذين استطاعوا أن ينطقوا بها (ربما يقصد الحقيقة) بكل صراحة وبكل شجاعة حتى أدى به الأمر إلى السجن. وهذا هو جوابي عن سؤالك: أشمن صحافة كيمارسها المهداوي؟"
وباعتباري لا أقل عنه حبا في إطالة أمد الحوار، قلت له: "أولا، يجب أن تعلم صديقي عزيز أن كل من ذهب إلى السجن ليس بمناضل. ثانيا، ما يقوم به المهدوي على اليوتوب ليس عملا صحافيا.. الصحافة كما نعرفها وكما بدات وبقيت قرينة بالكتابة، وكل من ليس له موهبة الكتابة يجنح إلى اسلوب الحلقة، والمهدوي اعترف بعظمة لسانه بأنه حلايقي … قد يكون مؤثرا في شريحة يشترك أفرادها في تدني مستواهم الثقافي، أو حتى إذا كانوا متعلمين فهم لا يقرأون لأنهم لم يتعودوا على القراءة منذ نعومة أظافرهم.. لنفرض ان المهدوي صحافي، فهل بمقدوره ان يحرر مقالات فلسفية وينجز أبحاثا في العلاقات الدولية والجيوستراتيجية كما يفعل صحافيون قديرون كثر عبر العالم؟"
عند هذا المستوى الذي بلغه الجدل، أدركت أني انازل فارسا من العيار الثقيل، وهذا من حسن حظي لأنه يشكل امتدادا لتدوينتي الاصلية ويحفزني على تعبئة كل ما لدي من حجج وأدلة لإقناع مخاطبي بوجهة نظري مع احترام رأيه الشخصي. وهكذا كتب يقول لي: "في مجتمع نصف مثقفيه باعوا أنفسهم,
والنصف الآخر عاجز عن النطق بالحقيقة فانسحب وغرق وسط بحر من الكلمات لا يطلع عليها أحد غيرهم. كلام لا يقدم ولا يؤخر. في انفصال تام عن الواقع… المهم هو ظهور صحفي لا يبيع نفسه، ويملك الشجاعة للنطق بالحقيقة الى أقصى مدى ممكن، وفوق ذلك يملك فن الخطابة الذي كان المحرك الأول للديمقراطية في اليونان، ويستطيع التعامل مع أدوات العصر من السمعي البصري ليوصل صوته إلى أكبر شريحة من الناس في مجتمع لا يقرأ. مثل هذا الشخص يجب أن يحتفى به أو على الأقل يترك لحال سبيله. أن يترك المرء كل البؤس السياسي الذي نعيشه ويمر عليه سلاما سلاما، ويأتي ليقف عند المهدوي وينتقده هو أمر يثير استغرابي أيما استغراب".
وحتى يدرك الصديق مناط أطروحتي قلت له: "أنا لا أنتقده كشخص، وإنما أستنكر وصفه بالصحافي..إذا سألت عنه قارئا بلغة الضاد فسوف يجيبك بأنه لا يعرفه ولم يسبق له ان قرأ له.. وهل من يخاطب العوام باللغة التي يفهمونها صحافي؟ المهدوي متطفل على الصحافة.. أدعوك لقراءة المقالات القصيرة والقليلة المنشورة على موقعه الإخباري فسوف تجدها مليئة بالأخطاء من كل نوع ما يدل على أنه ذو ثقافة ضحلة تضعه في مرتبة تلميذ في الإعدادي على أكبر تقدير.."
بعد اطلاعه على جوابي، بادر بتعليق هذا نصه: "ربما لا نتحدث في نفس المستوى، لهذا لن نتفاهم
أنا أقول إن الساحة مقفرة جذباء. وهناك شخص شبه وحيد يفضح الفساد والمفسدين في أعلى المستويات بطريقة لا يتجرأ عليها غيره. حتى المعارضة لا تقوم بذلك. وأنت تحدثني عن الأخطاء الإملائية…أنا أتحدث عن أولويات. هل المهدوي هو سبب البلاء الذي نعيشه؟ هل نترك كل الفساد ونتفرغ للمهدوي لأن لديه أخطاء إملائية؟؟؟"
ولأجل توضيح موقفي أكثر، قلت لصديقي: "ليس المهدوي هو الوحيد الذي يفضح الفساد…الشعب المغربي صار اليوم ملما بشؤون بلاده وبالطريقة التي تدار بها بفضل يوتوبرز تزخر بهم الساحة..ليس المهم هو فضح الفساد وإنما الأهم هو نشر الثقافة العالمة التي بها تحارب التفاهة والخرافة التي هي العمود الفقري لخطة الفاسدين الجهنمية الرامية إلى الإبقاء على الوضع القائم كما هو..أظن، يا صديقي، أن المهدوي عاجز عن التصدي لهذا المخطط الجهنمي الذي يوظف كل الإماكانيات والوسائل من أجل نحقيق أهدافه غير الحضارية".