عرس سعيدة وسعيد


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 8304 - 2025 / 4 / 6 - 13:28
المحور: الادب والفن     

في صبيحة يوم الجمعة ذاك، قالت الطفلة أميرة لأبويها:
- ماما، ماما: حفل زواج عمّتي مساء أمس كان يخبّل.
- صحيح؟ كيف؟ إستوضحت الأم منها.
- نعم، كلَّش حلو ويونِّس.. الذهب وبدلات العرس الثلاث والورود ومن بعدها الزفّة –
- الله يتمِّم بالخير – تمنّت الأم.
- والأغاني والموكب الطويل للسيارات يجوب الشوارع، ودقّ الطبول والرقص ! أكملت أميرة.
- إدع لعمتك بالسعادة الزوجية - حثَّتها الأم - قولي: يا رب، أسعد عمّتي بزواجها!
- يا رب: أسعد عمّتي بزواجها !
- الله يسمع من لسانك – علّق الأب.
- بابا، بابا!
- عيوني، أمّورتي.
- متى تعود عمَّتي لبيتنا من الزواج؟
- هههاه! لن تعود!
- لن تعود ؟ أين تروح؟
- لبيت الزوجية الخاص بها، طبعاً.
- لماذا لا تخلِّص الزواج، ثم تعود إلينا، كي تدرّسني القراءة كل مساء؟
- إبنتي الوردة: الزواج رباط دائم، والزوجة تبقى مع زوجها في بيتها حتى تموت ! أوضحت الأم.
- اووه.. ماما.. لا، لا ، اووه اوووه.
- لماذا تبكين ؟
- أريد عمَّتي ! أنا أحبّها! إنّها تعلّمني القراءة أحسن من معلمتنا ست سعاد بالمدرسة!
- لا تخافي، سنذهب لزيارتها في بيتها الجديد، ونبارك لها حال عودتها من شعر العسل.
- شهر العسل ؟ ما هو شهر العسل، ماما؟
- إنه .. إنه الشهر.. الشهر الذي يأكل فيه الزوجان العسل.
- ولماذا يأكلان العسل ؟
- لأن العسل حلو.
- همم .. يأكلان العسل وبس ؟ لماذا لا يأكلان البيض أو الكباب؟
- لا، لا ! إنهما يأكلان كل ما يعجبهما من الأطعمة، بس ويّاها شويّة عسل.
- كم من العسل، يعني؟
- أممم .. يعني: ملعقة واحدة، أو ملعقتين في كل وجبة طعام.
- بس؟ أنا آكلت من العسل في فطور اليوم أكثر من ملعقتين !
- الأمر متوقف علي شهية الزوجين؛ ممم ... عندما نزور عمّتك، إسأليها كم كانت تأكل من العسل، زين ؟
- زينّ ! بابا، بابا؟
- نعم، حبيتي.
- أنا أريد إقامة حفلة عرس لسعيد وسعيدة.
- سعيد، وسعيدة؟ من هما؟ أستفسر الأب.
- سعيد وسعيدة: الدُميتاي الكبيرتان اللتان اشترتهما لي عمّتي عندما كانت تتسوّق من المول قبل أسبوع؛ أنا أسميتهما: سعيد وسعيدة !
- ولكنهما دُميتان، وليستا بشراً، والدُمى لا تتزوج.
- كيف لا تتزوج؟
- لكونها دُمى .
- أووه ، اووو ، ما، ما، أووه!
- لماذا تبكين ؟ البكاء لا يليق بالبنات الحلوات مثلك.
- ماما، اووه ..ماما ! الله يخلّيك: لازم نزوِّج سعيد بسعيدة. إلأ، إلّا !
- كيف؟
- إلّا، إلّا نسوّي حفلة عرس لهما مثل حفلة عرس عمَّتي البارحة.
- يعني، كيف؟
- يعني، نشتري لهما بدلات العرس والذهب والمحابس ونجلب لهما فرقة الموسيقى ونعزم صديقاتي للزفّة، أليست فكرة جيدة؟
- فكرة بطّالة، للأسف! ردّ الأب.
- لماذا بطّالة؟
- لأن - لأنها غير ممكنة التطبيق.
- لماذا؟
- لأن، لأن، لأن الله لا يقبل بها.
- لماذا لا يقبل؟
- لأن الدُمى ليس .. ليست من دم ولحم. هي مجرّد ألعاب بلا روح.
- ثم ماذا؟ ألا يحق للدُمى الزواج مثل البشر؟
- أكيد، لا. الملاعيب هي للتسلية فقط وليست للزواج!
- اووه اووه. اوو -
- ألم تقل لك أمك أن البكاء لا يفيد ولا يليق بالبنات الحلوات مثلك، حبيبتي؟
- يعني، شكو بيها.. اوووه ،إذا، إذا زوَّجنا سعيد بسعيدة ؟ الله يخلّيك، بابا !
- ما يصير!
- - حبّاب، بابا!
- شوفي رأي ماما بالموضوع.
- شوفي إبنتي، هذا الشيء ما يجوز. بعدين، من أين نجلب الذهب والبدلات والفرقة الموسيقية ؟ - أوضحت الأم.
- لعد، كيف جلبتم كل تلك الأشياء الجديدة واللمّاعة لعمَّتي ؟
- نحن لم نجلبها؛ زوجها هو الذي تكفَّل بالدفع! هل يقدر سعيد جلب كل هذه الأشياء لعروسه ؟
- بابا، بابا.
- نعم ؟
- حبّاب، بابا، إدفع أنت مصاريف زواج سعيد بسعيدة! خطيّة.. حتّى .. حتّى نفرّحهما! الله يخلّيك!