حماس باعت نفسها


عبد الهادي مصطفى
الحوار المتمدن - العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 17:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

إشكاليتنا الكبيرة اننا كمجتمعات فاشلة وأمم متخلفة اصبحنا ضحايا مباشرين ولقمة سهلة أمام الإعلام الذي يوجه مواقفنا و يحدد اصطفافاتنا بل اصبح ناجحا اكثر من اي وقت مضى في رسم معالم النصر والهزيمة وفق معالم و محددات لا علاقة لها بما يجري على ارض الواقع ولكنها محددات وضوابط تخدم التوجه العام لراس المال والقوى العالمية المسيطرة على وسائل الإنتاج.
إليكم بعض الأمثلة ...:
سقوط ليبيا وسوريا بذات الطريقة وعلى يد نفس القوى الحالية قبل سنوات قليلة كانت الجماهير ترى في ذلك انتكاسا وسقوطا وهزيمة بل ان الشارع العربي خرج في تظاهرات عارمة إبان حرب الخليج وتضامن بشكل واضح مع عراق صدام حسين ضد ما تقوم به أمريكا وحلفائها .....
أما الآن وامام مرآى من العالم خرجت التظاهرات دعما للغرب بشكل يدعوا للحيرة والقلق بعد سقوط ليبيا ثم سوريا بالرغم من ان من يقود المخطط وينفذه على ارض الواقع ليست الا امريكا من جهة و اسرائيل من جهة أخرى ....كيف لهاته الشعوب العربية ان تنتفض وتفرح وتحتفل بمقتل معمر القذافي على ايادي طائرات حلف الناتو ...وهي ذات الجماهير التي خرجت تحتفل بسقوط الدولة الوطنية السورية بعد سلسلة من الهجمات التي قادتها الطائرات الاسرائيلية على القنيطرة و العاصمة دمشق .
يا لغرابة مفهوم النصر والهزيمة في التصور الجمعي للأمم المتخلفة وكيف تغيرت المعالم والمحددات بالرغم من عدم تغير موقع التخلف والإندحار الذي احتلته هاته الأمم في العشرية الاخيرة .....
مثال آخر ...:
دون سابق انذار او تنسيق مع باقي قوى المقاومة اختارت حركة حماس الدخول في مواجهة مفتوحة مع اسرائيل وهو ما جعلها وجها لوجه امام حرب مفتوحة مختلة الموازين كان من نتائجها المباشرة على الارض سقوط سوريا و اندحار حزب الله وتصفيته ثم خسارة ايران للمواجهة وسقوط مبدأ الردع المتبادل مع اسرائيل بعد فشلها في ادارة مسلسل القصف والقصف المتبادل اضافة الى اضعاف فصائل المقاومة العراقية دون ان ننسى محاصرة اليمن وتعرضها لمجموعة ضربات قاصمة لمنشآتها العسكرية والحيوية .....
بالرغم من كل هاته النتائج المتجلية على الارض بخسارة واندحار كل قوى وتنظيمات المقاومة اختارت حماس توقيع اتفاقية سلام غير مشروط وهي اشبه لمسرحية منها الى اتفاق سلام .حيث لا يمكن ان نسمي ذلك اتفاق سلام في الوقت الذي لا زالت فيه اليمن تتعرض للقصف بسبب وقوفها مع حماس كما ان حزب الله خسر كل قياداته واضطر للتراجع ابعسكري الى ما وراء نهر الليطاني لضمان امن اسرائيل الحدودي ....
دخول حماس الحرب مع الكيان الصهيوني ادى الى نتائج عكسية على الارض في الشرق الأوسط كانت اسرائيل و تركيا وامريكا اكبر المستفيدين منه عسكريا واقتصاديا خصوصا فيما يتعلق بالسيطرة على سوريا وانحصار المد الاقليمي وتراجعه بالنسبة لإيران .اما الشعب الفلسطيني فقد دفع ثمنا باهضا جدا في الارواح والارض في مقابل اطلاق صراح بضع عشرات من الاسرى لا يمكن ان يغطوا خسارة ازيد من 50 الف شهيد ونصف مليون متشرد ومعاق ....

اغتيال السنوار والشكر والضيف و نصر الله ورئيس ايران الأسبق و قائد فيلق القدس و إسماعيل هنية ...كل هذا لم يكن لا صدفة ولا من مخلفات الحرب والمواجهة بل لان هناك نية مبية سلفا للتخلص من كل القيادات التقليدية للصف الاول والثاني فيما يسمى محور المقاومة ...... لا نؤمن بمقولة المؤامرة ولكن من الاكيد جدا أن هناك توافقات تم الإعداد لها من تحت الطاولة بين الكيان وحلفائه وبين المستفيد من عملية التخلص من القيادات التقليدية ... أظن ان كلامي واضح بما يكفي ليس فقط لاقناعكم بعدم جدوى تقبل الواقع الجديد بتجلياته المتناقضة ولكن ايضا للتشكيك في العملية برمتها على انها ربما قد تغدوا مجرد مسرحية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق موازين قوى جديدة كان من بين شروط قبول حماس وحزب الله فيها هو التخلص من قيادات الخط الاول والثاني فيها ....
هل لا زلت تظن ان كل هذا مجرد صدفة عبثية من نتائج المواجهة العسكرية .... .ثم ما ادراك ان اغتيال السنوار و نصر الله و اسماعيل هنية والرئيس الإيراني الأسبق كان كما يصوره لنا الإعلام كحادث عرضي او أثناء المواجهة .... كيف لنا الا نتخيل حقيقة اخرى غير التي يسوقون لنا وكأن تصفية هؤلاء لم يكن بفعل فاعل داخلي او كما لم يكن في مكان اخر ومن طرف اطراف اخرى غير الطرف المتهم في الوقت الحالي ....ثم متى كانت اسرائيل تعترف بعلو شأن السنوار او غيره من قيادات المقاومة او ترفع من شأن اعدائها وتصورهم كابطال القصص الخيالية عبر تسريب صور مفبركة ومخدومة بطريقة احترافية ....كيف لإسرائيل ان تصنع من السنوار رمزا وقائدا وبطلا الا لغاية في نفس يعقوب....