نقد التاريخ، لبناء تاريخ جديد خطوة نحو بناء حزب ماركسي


الاتجاه الماركسي المعاصر
الحوار المتمدن - العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 - 00:31
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

نقد التاريخ، لبناء تاريخ جديد
خطوة نحو بناء حزب ماركسي

اجتمعنا نحن ثلاثة رفاق " عامر رسول ، سامان كريم و كامل احمد". اتحدنا ونحن قلًّ، لكننا نمتلك الطاقة والأمل الكبيرين، لنخطو بهما خطوةٌ تلو الاخرى من اجل بناء صرح طبقي عمالي شيوعي وماركسي. هذه هي خطوتنا الاولى، لدفع التاريخ نحو ما نؤمن به، وما نريد القيام به. هذه مهمة صعبة للغاية، ولكنها ليست مستحيلة. ليس امامنا طريق اخر، غير بناء حزب شيوعي وعمالي ماركسي "حزب ماركسي " من رحم الطبقة العاملة، كل عزمنا وهمتنا تتجه صوب انجاز هذه المهمة في هذه المرحلة العصيبة محلياً وعالمياً. ومن خلال عملنا السياسي والاجتماعي سنواجه التيارات البرجوازية الرئيسية وليس اطياف يسارية او حتى قوى برجوازية هامشية. على هذا الاساس ولتجاوز التاريخ الماضي، وبناء تاريخ جديد، نعلن اليوم وبهذه الوثيقة عن اطروحتنا ادناه كوثيقتنا الاولى نحو إعلان اتجاهنا السياسي الجديد.

اولا:
الثورة، ليست ثورة اجتماعية للعمال فحسب، بل و حتى ثورة سياسية ذات طابع التغيير الاصلاحي على صعيد السلطة السياسية للبرجوازية ونظامها، لا يتحقق بدون تنظيم وقيادة الطبقة العاملة، فبدونه ستفشل حتما. ان القضية التي تنجز فيها الطبقة العاملة ثورتها بصورة مباشرة وتحرر المجتمع بأكمله أو ان تكون مضطرة للجوء الى أشكال سياسية تكتيكية، تعتمد على توازن القوى الطبقية فقط. الحزب الشيوعي الماركسي ليس بإمكانه ان يخطو خطوة واحدة الى الامام، بدون اقتدار وتنظيم الطبقة العاملة.
ثانيا:
الخط العام للشيوعية الرسمية والبرجوازية يمارس في وقتنا الراهن عمل شعوبي وقومي أو ليبرالي و يُنظر اليها كتأملات شيوعية ويعلنها ليس على صعيد العالم الواقعي والصراع الطبقي ومستوى التنظيم والوعي والمستوى النضالي لطبقة العاملة بل لا اكثر كتأملات مادية ذهنية .يضاف الى ذلك ينظر الى الشيوعية ليس كنشاط لعنصر فعال للعمال، بل تقف ضدها كقوة برجوازية. الشيوعية البرجوازية في عصر الرأسمالية المعاصرة، تقودها الدولة الصينية وحزبها الشيوعي الصيني، وهي تمارس تلك السياسة ضد البروليتاريا بصورة مباشره. و إدراج "ماركس والشيوعية" في أدبياتها، ممارسة بضد من النضال الطبقي للعمال.
ثالثا:
الشيوعية الراديكالية والخط السياسي العام للشيوعية العمالية في العراق، اساسه المجتمع برمته وليست الطبقة العاملة. وهي بذلك تشوه وتضيع مصالح الطبقة العاملة في قالب المجتمع، وفي ممارسة تشوهها" داخل المجتمع" و"الجماهير" بصورة عامة. الخط العام للشيوعية العمالية والتيارات المتفرعة عنها في العراق، تمثل تيار" بطبيعة الحال ليس لدينا حركة" اليسار المعاصر تيار ضد الاسلام السياسي والاحزاب القومية الكُردية حتى ليست بضد من الحركة القومية الكردية. على هذه الارضية تنطلق مسألة السلطة السياسية، ليس وفق مصالح الطبقة العاملة والثورة العمالية. انما الابتعاد الواسع لهذه التيارات عن الحزب الماركسي والثوري للطبقة العاملة، بعد 30عام من حضور تلك التيارات "والتي كنا جزءأ منها" تثبت لنا هذه الحقيقة. ترى هذه التيارات من العامل والحركة الطبقية للعامل عبر نمط" أكسيوني" حركات استعراضية في الشوارع، وخارج هذا النطاق، الحركة العمالية غير موجودة. تسير هذه التيارات والاجنحة المنشقة عنها على منهج واحد من الجانب السياسي، ولديهم الرؤية السياسية نفسها ازاء القضايا السياسية المهمة. انفصال تلك الاجنحة والخلافات السياسية الحاصلة بينهم، ليست لها أي ابعاد اجتماعية واقعية.
رابعا:
"ان تاريخ أي مجتمع حتى الآن، ليس سوى تاريخ صراعات طبقية" و كذلك عالمنا الواقعي المعاصر، عالم صراع ونضال طبقي بين الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية. جميع التحديات الاخرى تأخذ معناها من خلال هذا الصراع والنضال. خارج هذا الصراع، نترك الارض ونحلق في السماء. ولهذا السبب ان معضلة الصراع الطبقي في هذه المرحلة، ليس عدم حضور الطبقة العاملة ونضالها في الساحات والشوارع، وانما تكمن المعضلة بعدم حضورها وتمثيلها سياسياً، بالتالي لذلك هي غائبة كقوة طبقية مقتدرة!!. على شيوعية ماركس، والشيوعية المعاصرة ان تجيب على هذه التساؤلات الكبيرة بصورة عملية كعنصر فعال معاصر، وفك رموزها عبر اجابة ماركسية على هذه التحديات والمعضلات التي تواجه الطبقة العاملة وحركتها. وتهيئ ارضية اجتماعية ومناخ فكري وسياسي ماركسي، ليتمكن الجزء الطليعي من الطبقة العاملة مرة اخرى لرفع هذه الراية والافق السياسي.
خامسا:
استعرضت الحركة العمالية خلال ال 12 سنة الاخيرة قوتها كحركة "اقتصادية" من اجل بعض الاصلاحات والوقوف ضد السياسيات الاقتصادية الرأسمالية، وفي كبريات الدول الرأسمالية من الصين الى فرنسا، من تركيا الى مصر وإيران والمغرب، تونس والعراق والبرازيل .... الخ. وان العقبة الرئيسية امام الحركة العمالية هي غياب راية وافق ماركسي على الصعيدين المحلي والعالمي. وبسبب ذلك نرى بوضوح ضعف كبير في التنظيم والتضامن الطبقي و الاممي العالمي. لقد نجحت البرجوازية العالمية في سلب هذه الراية "كأفق ومنهج سياسي" من الطبقة العاملة عبر عملية تاريخية طويلة الامد. حيث بدأت العملية هذه، منذ النصف الثاني من العشرينيات القرن الماضي، وعلى المستويات الفكرية والسياسية والاقتصادية وما زالت مستمرة لحد الان. لم يسجل للطبقة العاملة ان تظهر قوتها الطبقية-السياسية منذ عقدين من الزمن ولحد الان. وان نهوض المزاج الثوري للطبقة العاملة في المجتمع من جديد، مرتبط بأمس الحاجة الى اعلاء راية ماركس من جديد. وكذلك النضال الطبقي المعاصر يستوجب مرة اخرى, الى رفع راية ماركس من قبل طليعة الطبقة العاملة على مستويين المحلي والعالمي ويحتضنها اجتماعيا. على أساسه يتم تسليح الحركة الشيوعية بهذه الراية من داخل الصفوف الطبقة العاملة. وان الثورة العمالية لا تنتصر من دون تأمين هذا المناخ الاجتماعي.
سادسا:
تأسست الأحزاب الشيوعية المختلفة ومن ضمنها الشيوعية العمالية في العراق، على مبدأ وأساس المجتمع عموما. ولكن مبدأ تأسيس الحزب الشيوعي وفق رؤية ماركس "الراية والمنهج" تنطلق من الحركة العمالية ونضالها الطبقي ضد البرجوازية، وليس من المجتمع برمته او الجماهير برمتها و"اليسار" برمته. من هنا، نرى بان الأحزاب الشيوعية العمالية في العراق وبعد ٣٠ عاما، لم تتمكن "ونحن كنا جزء منها" في الاندماج مع الحركة العمالية ولم يمكن لهم ان يتحولوا الى حزب شيوعي وعمالي، ولم يستطيعوا ان ينخرطوا مع معاناة وعراقيل ومعوقات الحركة العمالية، وانما في الحقيقة أصبحوا يعيشون في عالمين مختلفين. عالم الحضور والاستعراض في الشوارع ضد الإسلام السياسي في العراق وضد الاحزاب القومية الكردية في إقليم كردستان. والوقوف والانجرار خلف الاحداث الجارية في المجتمع من جانب، وعالم النضال اليومي الطبقي للعمال بأشكاله المختلفة من جانب اخر، ضد البرجوازية وسلطتها. عالمين مختلفين تماما. لا ينبغي لحزب شيوعي ان يكون وكيلا للحركة العمالية، بل يتميز دوره كحزب منظم ومرشد للطبقة العاملة في نضالها من اجل انتصار الثورة. لذا فان الاساس الطبقي للحزب هو مسالة جوهرية، بما يشكل مصدرا للقرارات ومن هنا تأخذ القرارات والمقررات السياسية مكانها الواقعي. ويستوجب هذا الحضور في خضم النضالي الجاري واليومي للعمال ضد الظلم والاستغلال.
سابعا:
ان مجمل أشكال الفكر والتحليلات والتأملات الذهنية الواسعة التي تؤديها مخيلة الانسان، هي في النتيجة الأخيرة انعكاس للواقع .فلذلك فان الشيوعية بشكل عام وشيوعية ماركس بشكل خاص انعكاس لعملية تأريخية ولنشاط العملي، الذي بدوره ينعكس في الفكر والمنهج، بعد ذلك، ومن خلاله، اي من خلال النشاط العملي لعنصر الفعال" الحركة العمالية "يتحول الى راية ماركس والبيان الشيوعي والنشاط الواعي لطليعة الطبقة العاملة. الشيوعية الرسمية والشيوعية العمالية في العراق لا تدركان هذه الحقيقة. وينظرون الى الشيوعية ككتاب مقدس في إطار مغلق. إن شيوعية ماركس وتحولها الى راية بيد القسم الطليعي للطبقة العاملة على مستوى العالمي، مسألة عملية وتاريخية، وليست مسألة أزلية أو"خالدة" او بإمكانها ان تكون. بقدر تحولها اي - شيوعية ماركس- الى تيار من الحركة العمالية وذلك عبر نشاط عنصر الفعال، بهذا القدر، بإمكان البرجوازية عبر العمل السياسي ان تسلبها، مثل اي مكتسب اخرى لحركة العمالية. على رغم أهمية هذا المكسب التاريخي وميزتها الخاصة.
ثامنا:
التحزب الشيوعي من الجانب العملي، يعني بناء الحزب. وان نمط تأسيس الحزب في تيار الشيوعية العمالية، ليس له أدنى ربط بالحركة العمالية وطليعتها الواعية. لذلك ان عملية تأسيس الحزب في البداية خارج الطبقة العاملة وبعدها تطرح خطوطها السياسية" الارتباط بالطبقة العاملة!!!" و"تحويل الحزب الى حزب عمالي "او"اضافة الطابع العمالي على الحزب" لا تمثل نظرية التحزب الطبقي للعامل والثورة العمالية، وانما تمثل تيار فكري، لا يمكنه ان يتحول الى حزب شيوعي سياسي ابدأ. ربما يتحول الى حزب سياسي في ركب احزاب برجوازية رئيسية. الطبقة العاملة في العراق وكردستان لحد اللحظة، لم تتمكنا من بناء احزابهما السياسية.
تاسعا:
التحزب، الحزب الشيوعي لماركس، هو حزب العمال. طرح في البيان الشيوعي اختلافات هذا الحزب مع أحزاب عمالية. لكن الأسس هي ذاتها، لا غيرها. و هي بنيتها الطبقية، اي العمال أنفسهم. وان اختلاف شيوعية ماركس والبيان الشيوعي، مع الاحزاب العمالية في عالمنا المعاصر، هو الاهداف والسياسة والتقليد الشيوعي والتضامن الاممي الطبقي والنضال ضد "القومية "و" الدين" و "الطائفية الدينية" و"البرجوازية الوطنية "و" الشمال الجنوب "و" الشرق والغرب" و"الاسود والابيض". ماعدا هذه الاختلافات، كلتاهما يستندان على الطبقة العاملة. الحزب الذي ليس لديها بنية في صفوف الطبقة العاملة، ولا يشكل جزءاً من نشاطها العملي، بدون شك ليس بإمكانه ان يكون حزب من الاحزاب ذات تقليد شيوعي ماركسي. من الجانب الرؤية والتطبيق، ان الشيوعية العمالية والتيارات المنشقة منها، هي أكثر قربا من الشيوعية التأملية، فلذلك خلال نشاطها العملي، تتحول الشيوعية الى منظمات "لمجتمع مدني".!!. تمارس السياسة وفق منظمات وتقليد المجتمع المدني، بشكل متمدن وراديكالي لا أكثر. العمال في وادي، وهذه الشيوعية في وادي اخری. تمارس سياسة لا يعرف بها العمال، يقود الثورة، ولكن العمال في ميادين عملهم ليس لديهم اي مزاج ثوري، ناهيك عن التنظيم والقيادة. العمال والشيوعية العمالية في العراق، يقيمون في ممرين مختلفين تماما، ولا يدركون بعضهم البعض. انعدام خلية عمالية شيوعية واحدة في صفوف احزاب الشيوعية العمالية على صعيد العراق كله، يثبت هذه الحقيقة.
عاشرا:
الحركات السياسية، هي بالضرورة حركات اجتماعية. في كل الظروف لكل الحركات إلاجتماعية والطبقية قادتها. جميع الحركات التي تظهر خارج إطار الحركة العمالية، كحركات سياسية ويبرزون تاريخهم، هي حركات برجوازية، تبرز وتنمو و بأشكال مختلفة وفي ظل ظروف مختلفة، وفق مقتضيات الطبقة البرجوازية. لا توجد حركة سياسية "مستقلة". ومن يفكر بوجود حركات مستقلة، يخالف واقع الصراع الطبقي وتحليله. كل الحركات "الربيع العربي" و"الثورة البرتقالية" و "الملونة "عبر ثلاثين السنة الماضية كانت حركات سياسية برجوازية. ليست لديها اي علاقة لا من قريب ولا من بعيد، حتى ب"الثورة السياسية" لصالح الجماهير. تمتلك كل تلك الحركات وبأشكال مختلفة قيادة سياسية لها، بشكل حزب او بدون حزب، قيادة معروفة وبارزة او قيادة عن البعد (بمعنى لا يظهر شخص ما او طرف ما، كقائد لهذه الحركة او تلك، الا وكان أفقها السياسي واساليبها النضالية تتحرك في فضاء الحركات والقوى البرجوازية وفي ذات دائرتها الحلزونية، بالتالي لديها صاحبها). كل الثورات الربيع العربي، والحركات والانتفاضات التي حصلت اخيرا في السودان والجزائر و العراق، كحركات سياسية، "ليس كحركات مطلبية، وهذه حركة مختلفة تماما" لا تتعدى هذا الاطار.
الحادي عشر:
شيوعية ماركس، شيوعية واضحة، تملك برنامج وإستراتيجية سياسية وعملية وكذلك برنامج عمل يومي شيوعي واضح. الاستراتيجية الشيوعية مسألة فورية وملحة للحزب الشيوعي الماركسي، ووفق اسس واوضاع النضال الطبقي و توازن القوى بين العامل و البرجوازي، سواء كان على الصعيد المحلي او العالمي. وفي أية مرحلة ما، تشكل ترويكا "التحريض والدعاية والتنظيم" المحتوى الرئيسي لنضال العمالي والشيوعي. و وفق كل مرحلة من المراحل النشاط، تحدد وظائف واليات عمل مختلفة، في اية منطقة او بلد ما. الشيوعية العمالية وتياراتها المختلفة في العراق يعملون وبصورة مستمرة، كراكبي للأحداث التي تخلقها البرجوازية. و إن كل تاريخ الشيوعية العمالية في العراق خلال 30 سنة الماضية، هو هكذا. و إذا كانت مضطرة لكتابة إستراتيجيتها الشيوعية، تبقى بمثابة وثيقة غير مقروءة وغير قابلة للتطبيق. المسألة الرئيسية هي انها لا تمثل ولا تمتلك القوة الطبقية، وليست بإمكانها ان تكون. ولم تتمكن ان تورث التقليد الطبقي، ولا يدرك وظائف اخرى غير"الاكسيونية"، فبدونها عاطلة عن الوظائف.
الثاني عشر:
ان الطبقة العاملة في العراق وكردستان في المرحلة الراهنة، محرومة من حزبها الطبقي، حزب ماركسي ثوري جسور، مثبتة اقدامه داخل صفوف الجزء الطليعي من الطبقة العاملة. ولان الثورة البروليتارية لن تتحقق بدون حزبها الطبقي، لذلك كان هدفنا كمنظمة" الاتجاه الماركسي المعاصر" او اية خطوة تنظيمية اخرى في المستقبل، هو إيجاد الحزب الطبقي للعمال. نحن كاتجاه ماركسي معاصر، نكون جزءاً نشطاً من اجل ايجاد هكذا حزب، الذي يعكس في بدايته تقاليد تقدمية للحركة العمالية، ليس على صعيد البيان الشيوعي فحسب بل في النشاط العملي ايضا. في الوقت ذاتها، مستعدين لعمل مشترك، مع أطراف ومنظمات وتيارات السياسية، التي لديها الاتجاه ذاته، على رغم وجود اراء وتصورات سياسية مختلفة من عدمه.
. 4نیسان 2020.