مصر السيسي... و السقوط المدوّي


سهيل أحمد بهجت
الحوار المتمدن - العدد: 5254 - 2016 / 8 / 14 - 01:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

– كاليفورنيا ـ الولايات المتحدة
مصر هي أهم دولة في الشرق الأوسط، إلى جانب العراق و تركيا، و ذلك أنها تملك ثروة إنسانية و جيوسياسية مهمة في وقت شهدت المنطقة سلسلة من التغييرات الدراماتيكية العنيفة. فمنذ انطلاق الثورة التونسية 2011 و سقوط بن علي، تتابعت الزلازل و سقط القذافي و حسني مبارك – الفرعون الأخير كما سمته الصحافة الغربية – ثم تتابعت الأحداث عبر اندلاع الحرب الأهلية السورية و سقوط الرئيس الإخواني محمد مرسي و من ثم مجيء الجنرال السيسي للحكم. كانت كل التوقعات تشير الى أن الرئيس السيسي سوف يقوم باصلاحات جذرية لكي تستطيع مصر تجاوز العنف الديني و الطائفي الّذي يقوده التحالف الإخواني-السلفي. للأسف، فإنه يبدو أن الرئيس الجديد ليس علمانيا بما يكفي لكي تكون حلوله و إصلاحاته فعالة. فقد شهدت مصر في السنوات الأخيرة تطبيق سياسات متناقضة من قبل الحكومة المصرية، و كأن السيد عبد الفتاح السيسي يتبع ذات الأسلوب الذي استخدمه جمال عبد الناصر في إثارة العداء و ضرب الإخوان بالشيوعيين و العلمانيين، أو العكس في استخدام أصحاب التقليد الدّيني و الأخواني لضرب العلمانيين و اللبراليين.
أرجو أن أكون مخطئا، لكني لا أملك إلا أن أكون متشائما و أنا أجد العنف ضد الأقلية القبطية في تصاعد و اضطهاد المفكرين اللبراليين و المنفتحين فكريا، كالشيخ محمد نصر و الصحفي الكبير إسلام بحيري، مع أن البحيري لم يمس التقليد الدّيني إلا بسطحية و على استحياء. و من خلال صمت الحكومة، بل و حتى وقوفها مع وزير الأوقاف و شيوخ الأزهر الذين ما فتأوا يحاولون قدر الإمكان تكفير المفكرين و تهميشهم، كما حصل مع الأستاذ الكبير سيد القمني، و كنتيجة طبيعية لتكميم الأفواه و منع الإعلام من مناقشة المسائل الدينية، فإن الإرهاب الذي يطال الجنود و الشرطة و عناصر الأمن المصري قد يتصاعد إلى حدّ خطير. لو كان الرئيس السيسي فعلا جادّا في مكافحة الإرهاب و تطوير المجتمع المصري، لكان شجع الإعلام المصري على مناقشة و نقد النصوص و الاجتهادات و الفتاوى الدّينية بحيث يتم تعرية و فضح الفكر التكفيري الذي بات يهدد جميع دول الشرق الأوسط حتى في ماهية وجودها.
على هذا الأساس و كنتيجة منطقية لهذه السياسة التي تكيل بمكيالين و تكافح الإرهاب بيد و تطعم و تدعم الإرهاب بيد أخرى، فإن إنهيار الدولة المصرية قد يؤدي إلى خلق حالة حرب أهلية أو فوضى في حالة لا تكون على كبير اختلاف من نظيراتها السّورية و الليبية. الوقت لا زال يحتمل الإسراع في خلق اصلاح علماني حقيقي و في فتح أجواء حرية التعبير لمواجهة التطرف الممول سعوديا و قطريا. الأمر الآخر الذي يؤدي بأي مراقب سياسي للمشهد المصري بأن يصبح أسيرا للتشاؤم هو أن الحملة ضد العلمانيين و اللبراليين جاءت متزامنة مع تصعيد العلاقات "الحميمة" مع السعودية التي، كما لا يخفى، لا تتهاون أو تقصّر في دعم الإرهابيين السلفيين في العالم أجمع، و الشرق الأوسط تحديدا، لأن هذه التنظيمات الإجرامية هي بمثابة خط دفاع أمامي لأي بزوغ للديمقراطية في المنطقة، و هي ما يثير الرعب في قلوب ملوك و أمراء الخليج. فهل تنجح مصر في أن تكون صادقة مع نفسها و شعبها؟ أم أنها سيكون لها سقوط مدوي يعصف بالمنطقة و العالم؟ أرجو أن أكون مخطئا.
Facebook: https://www.facebook.com/LibertyIsWorthy/
Twitter: https://twitter.com/sohel_writer72