أمة اليوم وأمة الأمس في ذكرى سقوط الأندلس


حنان أحمد الخريسات
الحوار المتمدن - العدد: 3964 - 2013 / 1 / 6 - 23:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في أجواء نستذكر فيها مرور 521 عاما على سقوط أندلس العرب ، هذه الأندلس التي دخلها الإسلام على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير وبقي فيها الاسلام ثمانية قرون متوالية ؛ أي أكثر من ثمانمائة عام انتهت بعدها دولة الإسلام في الأندلس .
لم يكن هذا السقوط عبثا وإنما دفعت إلى ذلك عوامل وأسباب عدة : منها ما يتعلق بالانحراف عن المنهج ، والبعد عن الدين ، والتحالف مع أعداء الإسلام ومساومتهم على حساب مصالح الدولة ، وتقديم مصالح الساسة وأولي الأمر على مصالح الأمة والأوطان ، وهي الأسباب نفسها التي تعاني منها أمة الإسلام اليوم .
حين نستذكر مستقبل العالم الإسلامي في ظل الحرب المستترة ، علينا أن نستذكر العبر والمواقف من الحروب الصليبية الأولى في مقاومتنا لهذه الحملة المعاصرة؛ ولأن فيها من العبر والعظات الشيء الكثير الذي قصرت عنه العيون؛ذلك لأن مرحلة الحروب الصليبية لها دلالتها الخاصة ،في تطابقها مع المرحلة التي تحياها أمتنا هذه الأيام
إن بعض المؤرخين يقولون إن التاريخ يعيد نفسه، والله عز وجل يقول : فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا " فاطر 43"
إن الأمة الإسلامية اليوم في موقف تخاذل و إدبار بعد أن كانت أمة عزيزة، ودولة عصية ومنيعة على كل من كانت تسوّل له نفسه بالاعتداء على حدودها ..
ما اشبه باليوم بالبارحة نراهم يتناحرون على السلطة ويتقاتلون، وقد حلّ الخلاف والفرقة بينهم، بدلا من الوئام .
إن ماجرى في الأندلس قديما، نراه يتكرر في فلسطين اليوم من غيرما وازع ولا رادع !!
نعم في فلسطين ، حيث انشغل الساسة وعلماء والفقهاء بأمور هامشية وأصبح القاتل والمقتول فيهما واحد، واختلط الحابل بالنابل و غيب ظلام الاقتتال نور الحق والهدى وأقصيت الفئة المثقفة التي باتت تعارض تراجع الامة في صمت باهت .
سقطت فلسطين في الخامس عشر من أيار سنة 1948، وحين نستعيد أطياف ذكريات ماضية في ظل تزايد الصدام الفلسطيني الفلسطيني من جهة والفلسطيني العربي من جهة أخرى . فإننا نشاهد الصراعات ذاتها والاقتتال ذاته حين سقطت الأندلس
إن ما يمارسه الاحتلال في فلسطين ضد الشعب الفلسطيني كان الاحتلال الإسباني يمارسه ضد أبناء الأمة في الأندلس حيث القتل والطرد للمسلمين ، تحويلهم الشعب إلى أشتات أو أشلاء، وكذلك هدمٌ المباني والديار، وإقامة للمستوطنات اليهودية في كل مكان ، والأخطر من ذلك عملية إحلالٍ منظَّمةٍ للشعب الفلسطيني بالشعب اليهودي؛ وإن تُرك الأمر على حاله في تراجعٍ ودعةٍ من المسلمين فإن المصير سيكون واحدا ، وستلقى فلسطين نفس مصير الأندلس. إذا تقادم العهد علي عملية الاستيطان والاحلال ؛ فإنه ستصبح فلسطين مع مرور الزمان اسمها إسرائيل ، كما أصبحت الأندلس مع مرور الزمان اسمها إسبانيا والبرتغال .
ما يؤلم النفس حقا هو أننا أبناء جلدة واحدة نمارس الأساليب ذاتها على أبناء أمتنا من الطوائف كافة ، وربما كانت أساليب المحتل أقل وطأة مما نفعل بأنفسنا ..
ستأتي مرحلة جديدة لا محالة يسعى فيها اليهود لإنهاء الوجود الفلسطيني بالكلية ... وسيرتبط المسلمون معهم بالمودة والتقدير والاحترام تماما، كما يرتبطون الآن مع إسبانيا والبرتغال ..
وقد يأتي زمان يزور فيه المسلمون المسجد الأقصى بتأشيرةٍ سياحية من السفارة الإسرائيلية، كما يزورون الآن مسجد قرطبة بتأشيرة سياحية من السفارة الإسبانية، وسيأتي الدور على الباقي تباعا فهل من عبرة لمراحل السقوط ؟؟؟
د.حنان الخريسات