ما بعد اخلاقيات الربيع العربي


حنان أحمد الخريسات
الحوار المتمدن - العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 17:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ما بعد أخلاقيات الثورات العربية
الثورات التاريخية المعاصرة حدث تاريخي مهم ، وهي فعل انساني نبيل القصد منه ازالة الظلم ، وهي كمفهوم مهم لسبب بسيط هو وجود مفاهيم قريبة كالحق في مقاومة الظلم ، والحركة الاصلاحية ، أو العصيان المدني .
والثورة تغيير نظام ، وتغيير في النهج لإحداث تغيير جذري في الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وتغيير في شخص الحاكم ، وهي ايضا حركة تصحيحية لإعادة تأهيل المجتمع بكافة نظمه بعد ان كانت متأزمة .
يجب ان لا يكون الرهان على ما تحمله الثورات من مبادئ او شعارات وإنما على النتيجة ، وهي اعادة تأهيل المجتمع بعناصره السياسية والاجتماعية وحتى الثقافية ، بمعنى التركيز على مجريات ما بعد الثورة وما تطبق من سلوك بعد الانتصار وخاصة الخطاب الذي تبناه من حمل مبادئ الثورة .
ان الثورات العربية ليست خارج حدود هذه المعادلات والحكم عليها ليس عبر الشعارات التي نادت بها ، وإنما عبر ما انتجته من مواقف وخطاب تجاه الوطن والمواطن وهذه المواقف لم يظهر منها تجاه الوطن او المواطن سوى المزيد من الفوضى التي انعكست على حياتهم في مجالاتها المختلفة.
اذا الأصل في الثورات ان تهدأ الاحوال حتى يمكن استثمار النجاح الذي حققته الثورة بأن تعمل بنفسها على التئام الحياة بإنقاذها من الدخلاء ، والى شرعية الحياة السياسية ، وحتى تعيش الثورات في وجدان وضمائر الناس وفي حياتهم وأحوالهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
ولنأخذ الثورات العربية امثلة حية على ما تبنته من مواقف سابقة ولاحقة :
اعلنت الثورة الليبية انتصارها من خلال عملية اغتيال الرئيس معمر القذافي ، وفي الانقلاب على الحكم العراقي وما تمخض عنه من نتائج انتهى اعلان الانتصار بإعدام الرئيس صدام حسين ، وفي كلا الحالتين يعتبر هذا الاغتيال جريمة تخالف نصوص الاتفاقيات الدولية ، وتخالف المثل والمبادئ الاخلاقية لمبادئ الثورة أو الانقلاب ، وتبع ذلك اعدامات ميدانية متتالية اشارت الى تراجع في مستوى اخلاقيات الثورات عبر صراعات تحت مسمى الطائفية ، والمذهبية ،اوالقبلية و انقسام الشعب على بعضه الى احزاب وتيارات متناحرة تؤلم النفس الانسانية .
اما في الحالة المصرية ، رغم ان الثورة كانت ذات طابع سلمي وغير مسلح مما يشير الى انها تحمل منظومة اخلاقية يفترض ان تكون اخلاقيات الثورة التي يجب ان تترسخ بعد الاطاحة بالرئيس حسني مبارك الا ان الخطر يكمن هنا في اسلوب خطاب يتسم بالكراهية بالإشارة الى الرئيس بمفهوم الرئيس المخلوع ثم اسلوب شحن الشعب بأساليب التخويف والكراهية مما ادى الى انقسام واضح بين فئات الشعب يؤدي الى حالة من الانفجار .
ان المنظومة الاخلاقية تبدلت بعد الاطاحة بالرؤساء في الدول العربية وحملت شعارات يراها الطرف الاخر ولا تراها المعارضة نفسها التي اصبحت مشغولة بتحقيق مصالح شخصية على حساب الوطن والمواطن .
ان الكراهية لا تنتج اوطانا ولا تطورها بل تنتج فشلا يقتات على كره الاخرين ويقود نحو الاستبداد والظلم .