يوم للثقافة العراقية في مدينة هامبورغ الألمانية


صباح كنجي
الحوار المتمدن - العدد: 7916 - 2024 / 3 / 14 - 13:33
المحور: المجتمع المدني     

كلمة الافتتاح

ثقافة ضد العنف

العراق بلد جميل.. جميل بطبيعته.. جميل بناسه.. جميل بتسمياته.. وجميل بثقافته.. هو بلد النخيل والفراتين والاهوار والسهوب والجبال.. بلد نمت في ارجائه الحضارات.. سومر.. بابل.. آشور.. وما قبلها وما بعدها.. هو بلد معطاء منتج لحلاوة التمر.. كما هو بلد الكنوز والخيرات والشمس الجميلة..
هو بلد الاجناس والقبائل منذ عصور ما قبل التاريخ.. قبائل وشعوب بتسميات ولغات متقاربة ومختلفة تشترك في الكثير من العادات والطقوس.. لتؤكد اننا جميعاً من نسل شجرة واحدة.. شجرة متعددة الاغصان والفروع.. تتقاسمُ جذعاً مثبتاً في الأرض.. نيرتوسNerthus .. كما يسميها الالمان بمعنى الأرض الأم.. التي ما زالت تجمع بين العطاء الإنساني من خلال الولادة البشرية مع الانبات في الأرض.. وعطائها اللا محدود.. كما هو عطاء المرأة.. التي احتفلنا بعيدها قبل يومين..
وهو عيد في سلسلة أعياد آذار.. تبدأ بالأول منه مع عيد المعلم.. ومن ثم انتفاضة آذار 1991 وكان ذروتها هذا اليوم مع تصاعد الاحتجاجات في العراق من اقصى الجنوب الى أقصى الشمال في جبال كردستان.. ونتواصل مع الـ 11 عشر منه ليذكرنا بصدور بيان آذار.. ومن ثم نوروز.. وأعياد الربيع في الموصل.. وينتهي في اليوم الأخير.. حيث ما زال يحتفل بعيد أكبر حزب سياسي في العراق ارتبط اسمه بشكل من الاشكال بالثقافة والوعي.. وشكل هذا الارتباط منعطفاً وجودياً مبدعاً انعكس بشكل واضح على الثقافة العراقية المبدعة في مجالات متعددة.. تبدأ بالشعر والرواية والمسرح والفنون والتعليم والأغاني..
ليجسد من خلالها مشاهد ثقافة إبداعية ملهمة تذكرنا بأسماء.. شعراء من وزن معروف الرصافي والكرخي والجواهري وبلند الحيدري واحمد دلزارْ ومظفر النواب وعريان السيد خلف رشدي العامل وزاهد محمد ومصطفى جمال الدين وخلدون جاويد.. ومحمد الحلي ورحيم المالكي وفي الرواية بـ محمود احمد السيد وغائب طعمة فرمان والتكرلي وناطق خلوصي.. زهير الجزائري.. فاضل العزاوي وزهدي الداوودي.. وهكذا الحال في الفن.. مع رشاد حاتم ومحمود صبري ويوسف العاني وطارق الشبلي وكوكب حمزة وكمال السيد.. وفؤاد سالم وشوقية العطار.. والكتاب الذين كتبوا عن العنف في المجتمع العراقي ابتداء من عليّ الوردي وذنونْ أيوب وفالح عبد الجبار وعامر بدر حسون وقاسم حسين صالح وفارس كمال نظمي.. وسلام عبود..
والعشرات لا بل المئات من المبدعين الذين كرسوا حياتهم للإبداع.. وكانوا من خلال ثقافتهم يواجهون كافة اشكال العنف السائدة في المجتمع.. ابتداء من العنف السياسي المنفلت.. وعنف السلطات الاستبدادية والدكتاتوريات المتعاقبة على السلطة في العراق.. وانتهاء بالعنف الديني.. والعنف الاسري الموجه ضد المرأة والطفولة بحكم سيادة القيم العشائرية المتخلفة في مجتمعنا..
وهو صراع اثبتت فيه الكتل والأحزاب السياسية فشلها في تجاوزه لحد هذا اليوم.. لأسباب لسنا مطالبين لتعدادها وذكرها في هذه اللحظات.. لكنها شكلت محوراً مهماً من محاور الثقافة العراقية.. التي واجهت هذا العنف.. وقدمت من خلاله التضحيات الغالية.. في مختلف العهود.. حيث كانت تقمع الكلمة الحرة ويساق المبدعون للسجون والمعتقلات.. او يطاردون فيضطرون للهجرة ومغادرة البلد..
هكذا مات ودفن في اصقاع المهجر العديد من المبدعين العراقيين.. في الدول المجاورة للعراق وأوربا.. ويكفي ان نزور مقبرة السيدة زينب في دمشق لنرى فيها قبر الجواهري بجوار هادي العلوي وزكي خيري بجوار الشاعر مصطفى جمال الدين..
وبالرغم من طوي هذه الصفحة المؤلمة.. من محنة الثقافة.. مع السلطات المستبدة السابقة.. الا اننا نشهد توصلا للمحنة.. في ضل اجواء الفساد واللصوصية.. وشراذم الأحزاب السياسية.. التي تسعى لتهميش دور الثقافة والمثقفين.. ولا تستوعب طبيعة عصرنا.. الذي تجاوز الكثير من مسلمات المنع والبتر.. بحكم التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات في العالم.. التي توفر الامكانية للعمل وتوسع من آفاق النشر.. وتتجاوز كافة اشكال الممنوعات السلطوية..
لكنها في حدود امكانياتها للعبث والسيطرة.. تسعى للبقاء على التخلف.. وتمارس دورها القامع للحريات تحت ستار جملة من الشعارات والقيم الدينية والإثنية.. بحكم ملابسات اوضاعنا في هذا العصر.. الذي يشهد تداخلات معقدة.. تفرض على الثقافة والمثقفين.. جملة مهام.. تجعلهم قادرين على التواصل والاشعاع وحمل راية التنوير..
ونشاطنا المشترك اليوم (مركز الشمس للدراسات والبحوث ومنظمة الدفاع عن حقوق الانسان في العراق ـ المانيا).. هو جزء من هذا الجهد الثقافي التنويري الإنساني نأمل.. من خلاله وضع لبنة جديدة في سياق مشروعنا الأكبر في المستقبل.. لنذكركم بشعراء وادباء ومثقفين عراقيين.. من الأجيال المعاصرة.. ممن يواصلون رسالة من سبقهم في مقارعة الجهل.. ويمارسون من خلال ابداعهم.. في مجال الشعر والقصة والرواية تقديم نموذج للثقافة العراقية المبدعة.. ممن ستستمعون لهم مباشرة وهم معنا في هذه القاعة.. او نقرأ نصوصهم بالنيابة.. عنهم بحكم وجودهم في العراق..
لنعمل جميعاً من أجل ان يكون العراق..
ـ أجمل وأفضل..
ـ عراق خال من العبودية والعنف والاستبداد والقمع والظلم الاجتماعي..
ـ عراق ترفرف فيه رايات السلام والمحبة..
ـ عراق يتشارك الجميع في بناءه وتطويره.. بدلاً من الصراعات الهمجية والعبث بمستقبل ابناءه..
ـ عراق لا يتحكم به اللصوص والحرامية والسفلة..
ـ فكل من في العراق يستحق حياة أجمل وأفضل..
شكراً لحضوركم..
ونأمل أن تستمتعوا بفقرات برنامجنا.. التي ستبدأ بالشعر مع الشاعر طارق سعيد الحلفي.. ومن ثم نصوص للصحفية ماجدة البابلي.. التي ستقرأ أيضا فصلا من رواية جحيم شنكال.. للشاعر والروائي مهند صلاح من بابل..
بعدها وقفة لضياء الشكرجيْ مع العنف في الأديان.. يتبعها قراءة قصص قصيرة جداً لكاتب الأطفال المبدع طلال حسن عبد الرحمن من الموصل.. تقرأها بالنيابة عنه سكينة البغدادي.. ومن ثم وقفة تاريخية مع الحزن في الاغنية العراقية يقدمها غسان الدايني.. يتبعها عزف وغناء لفرقة عليّ الشبلي.. وستختتم بقراءة شعرية لنصوص من الشعر التركماني للشاعر رضا جولاغ اوغلو.. وتكون النهاية مع جلسة تقييم والاستماع لملاحظات المشاركين في هذا اليوم الثقافي..
ــــــــــــــــ
10آذار 2024