حوار مع الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني ( حاورته هيئة تحرير الأفق الاشتراكي)


الحزب الشيوعي الفلسطيني
الحوار المتمدن - العدد: 7720 - 2023 / 8 / 31 - 16:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

حوار مع الرفيق الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني

محمود سعادة

1- الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني الرفيق محمود سعادة هلّا تكرّمتم بتقديم الحزب الشيوعي الفلسطيني لقرّائنا؟
بداية أود أن أتوجه بالشكر الجزير للرفاق في الحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي التونسي(وطد) على هذا اللقاء، والذي سوف يساهم في تعزيز العلاقة الرفاقية بين حزبينا، ويساهم في نشر فكر وسياسة الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي يعاني من تضيق اعلامي وسياسي وعلى مختلف الصعد الأخرى، في محاولة من أعداء الشيوعية والرجعية العربية والصهيونية لمقاومة هذا الحزب العريق والضاربة جذوره في الأرض. ومن هنا نبدأ بتقديم الحزب الشيوعي الفلسطيني، تأسس الحزب الشيوعي الفلسطيني بعد انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وبعد ظهور الحركة الشيوعية العالمية بقيادة الأممية الثالثة (الكومنترن) عام 1919 . في عام 1919 ظهرت النواة الأولى للحركة الشيوعية في فلسطين تحت أسم حزب العمال الاشتراكي والذي كان جزءاً من الحركة الاشتراكية الديمقراطية العالمية. وفي عام 1922 تم الإعلان عن حزب الشيوعيين الفلسطينيين، وكان يوجد حزب شيوعي آخر باسم الحزب الشيوعي في فلسطين. وقد تمت الوحدة بين الحزبين 9 تموز عام 1923، واعتباراً من هذا التاريخ أخذ أسم الحزب الشيوعي الفلسطيني، جرت مفاوضات بين الحزب الشيوعي واللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية استمرت عدة أسابيع أسفرت عن اعتراف اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية في شباط 1924 بالحزب الشيوعي الفلسطيني وتم قبوله رسمياً في صفوف الحركة الشيوعية العالمية. فصار الحزب جزءاً من الحركة الشيوعية الماركسية-اللينينية وطليعة الطبقة العاملة الفلسطينية. وتولى الحزب مهمة تنظيم وتوجيه البروليتاريا نحو الثورة الاشتراكية والدفاع عن الماركسية اللينينية و ديكتاتورية البروليتاريا من أجل الوصول إلى الاشتراكية والشيوعية، وذلك على أسس ماركسية لينينية قاطعين الصلة مع التحريفيين والإصلاحيين، ومستفيدين من أعظم تجارب النضال الشيوعي في العالم معتمدين على ما خلده ماركس, أنجلز، لينين وستالين من كتابات ثورية. والحزب الشيوعي الفلسطيني هو نتاج للتاريخ البطولي الذي خاضه الشيوعيين منذ عام 1922 تحت راية الحزب الشيوعي الفلسطيني ومن ثم عصبة التحرر الوطني الفلسطيني، والتي ظهرت قبيل النكبة ومن ثم في صفوف الحزب الشيوعي الاردني بعد النكبة حيث تم ضم الضفة الغربية للأردن حيث شكلوا مع رفاقهم في الأردن الحزب الشيوعي الأردني، واستمر العمل باسم الحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة، وبعد عام 1967 أي بعد النكسة تم العمل تحت مسمى التنظيم الشيوعي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث كان يعمل تحت قيادة الحزب الشيوعي الأردني، وفي عام 1982، وبسبب تعاظم النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني أخذ الشيوعيون الفلسطينيون هذه الفرصة وأعلنوا قيام الحزب الشيوعي الفلسطيني، قام وبالتعاون مع القوى الوطنية الأخرى بأعمال بطولية ضد الاحتلال الإسرائيلي. فكان الحزب الشيوعي إحدى القوى الرئيسية المناضلة ضد الاحتلال في الساحة الفلسطينية. في نهاية عام 1987, بدأت أول انتفاضة فلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي, الذي لعب فيها الشيوعيون دوراً هاماً في تثقيف وتنظيم الجماهير الفلسطينية مما أدى إلى سجن الكثير من رفاقنا في السجون الإسرائيلية وأدى إلى كسب احترام الجماهير. وكان الحزب ناشطاً بين العمال والفلاحين وكان يقدم لهم الخدمات الزراعية والخدمات الطبية من خلال منظماته الحزبية. في عام 1991 وغادة الانقلاب على الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي تعرض الحزب الشيوعي الفلسطيني لطعنة بالظهر من رفاق الأمس حيث قامت قيادة الحزب اليمنية في ذلك الوقت بعقد المؤتمر الثاني المزعوم للحزب وقامت بتغير اسم الحزب الى اسم حزب الشعب وتخلت عن الماركسية اللينينة وتنازلت عن الشعار الطبقي للحزب وهو المنجل والمطرقة معتبرةً أن الاشتراكية والماركسية أصبحت من الماضي وليست صالحة لوقتنا هذا ودعوا كوادر الحزب للتخلص من هذه الأفكار التي لم تعد صالحة للعصر. وقد أدى عمل هؤلاء المرتدين إلى فراغ في الساحة السياسية مما أعطى للقوى الإسلامية فرصة لترتيب وتنظيم كوادرها بحيث أصبحت, بعد غياب الشيوعيين عن الساحة, ثاني اكبر قوة سياسية في فلسطين. لقد قامت القيادة الشيوعية (التحريفية) السابقة للحزب, لشرعنة عملها المشين بتجميع بعض مؤيديها وأعلنت تخليها الكامل عن الماركسية اللينينية, وديكتاتورية البروليتاريا والصراع الطبقي وغيرت اسم الحزب بتاريخ 29/10/1991 الذي تحالف مع حركة فتح وبعض القوى البرجوازية الفلسطينية، حيث فقد ثقة الجماهير له وأصبح متطفلاً على حركة فتح والسلطة الفلسطينية. في هذه الفترة الحرجة وبعد أسبوع من هذا التحول إلى اليمين، قام القادة الشيوعيون المخلصون(الماركسيون-اللينينيون ) لمبادئهم في الضفة الغربية وقطاع غزة بتجميع أنفسهم, وبعد مناقشات طويلة أعلنوا في 7/11/1991 عن عودة الحزب الشيوعي الفلسطيني إلى الساحة تحت راية الماركسية اللينينية والأممية البروليتارية، ومنذ هذا التاريخ والحزب الشيوعي الفلسطيني يخوض حرباً على مختلف الجبهات الأيديولوجية والسياسية ويناضل من أجل تحرير فلسطين وإقامة الدول الحرة العلمانية المستقلة على كامل التراب الوطني دول لكافة أبنائها وعاصمتها القدس الموحدة.
2- ماهي قراءتكم للوضع الرّاهن في فلسطين وخاصة لما حدث أخيرا من هجمة الاحتلال الصهيوني الوحشيّة على مخيّم جنين؟
إن الوضع في فلسطين المحتلة معقد وخطير، معقد بسبب الانقسام الفلسطيني الفلسطيني البغيض وخطير بسبب سياسة السلطة الفلسطينية المتساوقة مع الاحتلال، فمنذ توقيع اتفاق أوسلو المشؤوم في عام 1993، ارتبطت قيادة السلطة الفلسطينية عضوياً مع الاحتلال الصهيوني، وذلك من خلال الكمبرادور الفلسطيني الوكيل لسلطة رأسمال الصهيونية، وكل ذلك على أمل الحصول على دويلة فلسطينية على حدود عام 1967 بعد انتهاء المرحلة الانتقالية والتي انتهت عام 1999، تبين للجميع أن الكيان الصهيوني يماطل ويخادع في تطبيق ما اتفق عليه وخاصة أن القضايا الرئيسية المتعلقة في القضية الفلسطينية تم ترحيلها الى نهاية المرحلة الانتقالية عام 1999، وجدت قيادة السلطة الفلسطينية أن الكيان الصهيوني استغل ما يسمى بالفترة الانتقالية بتوسيع المستوطنات وشق الطرق الالتفافية والتي بلغت في حينه 80 طريق التفافي للربط بين المستوطنات الصهيونية، وأن قضايا الحدود والمياه والقدس واللاجئين دولة الكيان غير جادة في حلها بل بتصفيتها، وجاء اقتحام شارون الاستفزازي للمسجد الأقصى، كل تلك الظروف مجتمعة أشعلت الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى" في وجه الاحتلال الإسرائيلي هذه الانتفاضة التي أخذت أبعاد جماهيرية وعسكرية أدت في نهاية الأمر الى انسحاب دولة الاحتلال من قطاع غزة و4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية في اطار ما يسمى خطة الانفصال، وبعد موت أو اغتيال عرفات، أقرت السلطة الفلسطينية إجراء انتخابات عامة تشريعية ورئاسية من أجل اخراج قيادة فلسطينية تقود المرحلة حسب وصفهم، وقد عارض حزبنا في وقتها عدم المشاركة في تلك الانتخابات، وذلك لاستشرافه أن نتائج هذه الانتخابات مهما كانت ستؤدي الى تأزيم الوضع الفلسطيني واقترح أن يتم فقط إعادة هيكلة منظمة التحرير على أسس ثورية، وإعادة انتخاب المجلس الوطني على أبعد تقدير، وقد جاءت نتائج الانتخابات التشريعية بفوز حركة حماس بأغلبية المقاعد، وفوز الرئيس أبو مازن بالرئاسة ( وذلك رغم وجود منافسين لكن لا يعتبروا قوى حقيقية في الشارع) بسبب عدم وجود منافس له في تلك الانتخابات، وقد خلقت هذه النتائج إشكالية فلسطينية فلسطينية بسبب سيطرت فتح على الرئاسة وسيطرت حركة حماس على المجلس التشريعي، وبالتالي تشكيل الحكومة الفلسطينية، وهذا خلق تناقضاً واضحاً بين الرئاسة والتي برنامجها هو المفاوضات ووقف الانتفاضة، وبرنامج الحكومة الفلسطينية التي لها أهداف أخرى من ضمنها مواصلة الكفاح وهذا أدى في عام 2006 الى الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني، والذي أدى الى الانقسام الفلسطيني الفلسطيني حيث بقي قطاع غزة المحاصر تحت سيطرة حركة حماس ومناطق أ في الضفة الغربية تحت سيطرة حركة فتح، وكان لهذا الانقسام الدور الحاسم في وقف الانتفاضة الفلسطينية الثانية "انتفاضة الأقصى" والذي حاول الاحتلال الصهيوني بكل جبروته قمعها لكنه فشل فشلاً ذريعاً لتأتي له هدية من قبل قيادة الشعب الفلسطيني والتي أدت الى الانقسام ووقف العمل المقاوم ضد الاحتلال حيث انشغل طرفي الصراع في محاربة الآخر، متناسين أن تناقض شعبنا الأساسي مع الاحتلال والصهيونية والامبريالية العالمية .
خلال فترة الانقسام الفلسطيني الفلسطيني المستمرة ولغاية الآن للأسف، عملت السلطة الفلسطينية على إعادة بناء علاقاتها مع دولة الكيان على أمل انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من أراضي أخرى من الضفة الغربية، وعززت التنسيق الأمني وتعتبر الفترة الواقعة ما بين 2010 ولغاية 2018، هي الفترة الذهبية للاحتلال في الضفة الغربية حيث نجحت السلطة الفلسطينية في وئد معظم أعمال المقاومة ضد الاحتلال، وأرادت حصره فقط "بالنضال السلمي"، وهذا ما فتح شهية الاحتلال على الايغال في الاستيطان وتهويد القدس حتى وصل الأمر الى نسيان القضية الفلسطينية في المجتمع الصهيوني، ولكن المواجهات التي جرت بين قطاع غزو ودولة الكيان هي التي كانت تذكر بالحق الفلسطيني من حين لآخر، ومع بداية عام 2018، بدأ هناك حراك جديد بالظهور بعيد عن الفصائل الفلسطينية التقليدية، وكان لهذا الحراك دور في كبير في التأثير على الشارع حيث ارتفعت الأصوات العلنية والجريئة ضد سياسة السلطة، وكان من أهم هذه الأصوات تأثيراً وجرأةً هو الشهيد نزار بنات الذي اغتالته أجهزة الأمن الفلسطينية أثناء اعتقاله من منزله، هذا أدى الى موجة غضب كبيرة من قبل الشارع الفلسطيني ضد سياسة السلطة الداخلية والخارجية، واستمرت الأمور بالتطور الى أن وصلت الى بروز تشكيلا مسلحة جديدة مثل عرين الأسود في نابلس، وكتيبة جنين والرد السريع في طولكرم والتي قامت بتنفيذ عمليات نوعية وجريئة ضد الاحتلال ومستوطنيه، وفي محاولة من الاحتلال لؤد هذه الظاهرة وخوفا من تمددها إلى باقي المناطق زاد من وتيرة اقتحام القرى والبلدات والمدن الفلسطينية واعتقل الآلاف من الشباب الفلسطيني، وزاد ضغطه على السلطة الفلسطينية من أجل مقاومة هذه الظاهرة والتي وقفت السلطة الفلسطينية عاجزة عن مواجهتها بسبب الحاضنة الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها.
ولكن التغير الأهم الذي حدث خلال العام الماضي هو وصول اليمن واليمن الفاشي الى سدة الحكم في دولة الكيان حيث تبنت هذه الحكومة الائتلافية أفكار اليمن الفاشي والعنصري المتطرف، وعبر رئيس الوزراء الصهيوني عن اعتزامه تعزير الاستيطان في الضفة الغربية والقضاء على حلم الشعب الفلسطيني بدولة حرة مستقلة، ووصل الأمر إلى أن بعض أقطاب الحكومة مثل العنصري والمتطرف بن غفير والفاشي سموتريش للدعوة الى حل السلطة الفلسطينية المتساوقة معهم أصلا باعتبارها ستبقى تعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وعملت الحكومة الصهيوني على اضعاف هذه السلطة من خلال وقف ارسال أموال الضرائب التي تجبى من قبل الاحتلال لصالح السلطة الفلسطينية وهذا ساهم في ضعفها وبالمقابل ازدادت وتيرة المقاومة الفلسطينية وتطورت أكثر فأكثر، وحاول جيش الاحتلال ضرب المقاومة الفلسطينية من خلال القيام بعملية عسكرية مستمره سماها كاسر الأمواج طوال عامين، ولكن هذه العملية فشلت ولم تؤدي الى القضاء مقاومة شعبنا، بل على العكس زادت وتيرة عمليات المقاومة، وهو ما أدى إلى دعوة المتطرفين في الحكومة الى ضرورة القيام بعملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية، وهذا أدى إلى عملية جيش الاحتلال في مدينة جنين ومخيمها والتي اطلق عليها اسم منزل وحديقة، وسمتها المقاومة بأس جنين، ما حدث في جنين هو انتصار بكل معنى الكلمة يوازي انتصار معركة الكرامة عام 1969، لأن أكثر من 2000 جندي صهيوني و300 مدرعة و6 طائرات مروحية وأكثر من 100 مسيرة لم تستطع مواجهة 120 مسلح في مدينة جنين ومخيمها حيث لعبت الجماهير الفلسطينية دوراً كبيراً في فشل هذا العدوان، وكما لعبت تكتيكات المقاومة دورا حاسما في هروب جيش الاحتلال من جنين ولا أبالغ حين أقول هروب ، وقد تبع هذا الهروب صب جماهير شعبنا غضبها على عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية في جنين، والتي لم تحرك ساكنا طوال فترة العملية، كما أن طرد قيادة حركة فتح ورموز السلطة الفلسطينية من مخيم جنين بعد فشل الاحتلال في تلك العملية يعتبر رسالة واضحة لقيادة السلطة أن سياستها الاستسلامية مرفوضة، وأن جماهير شعبنا هي قلبا وقالبا مع نهج المقاومة، وبدا واضحا أن جيش الاحتلال غير قادر على انهاء هذه الحالة وخوفاً من توسعها وانتشارها وجدوا أن الحل الأمثل هو بتقوية السلطة الفلسطينية من أجل أن تقوم بما عجز عنه الاحتلال حيث تم الافراج الفوري عن الاموال المحجوزة منذ عدة سنوات وسمحت للرئيس عباس بزيارة جنين والذي في خطابه فيها لم يضف أي شيء جديد سوى تمسكه بالاتفاقيات ووحدانية السلاح، وبمعنى آخر سحب سلاح المقاومة بدعوى مقاومة الفلتان الأمني، وتم الدفع بعدد كبير من عناصر أجهزة الأمن الفلسطينية لمدينة جنين، ثم بدأ ظهور المناوشات بين المقاومة والسلطة الفلسطينية، والذي فجر الأوضاع في مدينة جنين ومخيمها هو اعتقال أجهزة الأمن عدد من المقاومين، للأسف دور السلطة الفلسطينية هو دور سلبي ويهدف للقضاء على هذه الظاهرة من خلال الاغراء بالاموال والمناصب تارةً، أو من خلال التواصل مع عائلات المناضلين والضغط عليها، ولذلك نحن نعتبر أن المرحلة الحالية هي مرحلة خطرة ممكن تؤدي الى اقتتال فلسطيني فلسطيني جديد، وكل ذلك بسبب إصرار السلطة الفلسطينية على سياساتها وارتباطها مع الاحتلال واقتصار دورها فقط على التنسيق الأمني بينما تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة اعتداءات المستوطنين على القرى والبلدات الفلسطينية وتكتفي بالشجب والاستنكار، نحن نرى أن الخروج من الوضع الراهن يتجلى بالتالي :
أولاً: إعادة هيكلة منظمة التحرير على أسس وطنية ثورية وعلى أن يمثل بها كافة الفصائل والقوى دون استثناء.
ثانياً: الخروج من اتفاقيات أوسلو التي قيدت شعبنا ولم يتبقى أي شيء منها سوى التنسيق الأمني.
ثالثاً :تشكيل جبهة وطنية عريضة معادية للاحتلال واعونه، الهدف منه هو كنس الاحتلال ومقاومة الاستيطان وتهويد القدس.
رابعاً: تبني نهج المقاومة وبكافة أشكالها، ضد هذا العدو الفاشي حتى إقامة الدولة الفلسطينية العلمانية المستقلة "دولة لكافة أبنائها" وعاصمتها القدس الموحدة.
خامساً: إعادة هيكلة أجهزة الأمن الفلسطينية وبناء عقيدة جديدة لها وهو تحرير فلسطين ومقاومة الاحتلال وحماية أبناء شعبنا.

3- ما هو برنامجكم بخصوص القضيّة الوطنيّة الفلسطينيّة؟ وماذا تطرحون ميدانيّا لتصعيد النّضال الوطني الفلسطيني عقب التطوّرات الأخيرة؟
إننا في الحزب الشيوعي الفلسطيني، اذ نضع استراتيجية نضالية ندرك جيدا حجم المهام الملقاة على عاتقنا إنجازها، بغية تحقيق هدف التحرر الوطني والاجتماعي، كمقدمة لبناء المجتمع الاشتراكي عتبة بناء المجتمع الشيوعي المنشود في فلسطين كبداية انطلاق، كما أن وضع هذه الاستراتيجية لا يمكن ربطها بميزان القوى على الأرض بين طرفي الصراع، أو نضوج الوضع الثوري وتعادل ميزان القوى من عدمه إلا أنها تستند لرؤيا علمية واقعية متناغمة مع حركة التاريخ الموضوعية، انها حقائق قوة الحق الذي تحاول القوى التي تعمل عكس حركة التاريخ تغييبها لفرض حق القوة الجبرية الذي يجري اليوم تعميمه ضد شعوب الكرة الأرضية مدفوعة من مصالح السيطرة على ثروات الشعوب وقوتها إنها سياسة العدوان التي تقودها الإمبريالية وأدواتها الرجعية ووكلائها في المنطقة والصهيونية العالمية وكيانها السياسي "اسرائيل".
إن الشيوعيين في فلسطين إذ يعيشون واقع احتلال احلالي ممثلاً بالحركة الصهيونية كفكر وكيان مادي يسمى دويلة إسرائيل بأرض فلسطين، هذا الجسم الغريب في منطقتنا العربية والتي رعته ونمته الامبريالية البريطانية سابقاً والولايات المتحدة حالياً كذراع ضارب بوجه حركات التحرر العربية وشريك للإمبريالية وقاعدة عسكرية متقدمة في الشرق الأوسط، واسفين يشق الوطن العربي ما بين قارتي آسيا وافريقيا، فمهام هذا الكيان المتعددة لخدمة الإمبريالية دور وظيفي وشريك مدلل يشكل دورة تاج التوحش الإمبريالي للسيطرة ونهب الشعوب والثروات العربية.
لقد كان موقف الحزب التاريخي بعد نكسة عام 1967 هو الانسحاب الإسرائيلي لحدود الرابع من حزيران، تتطور هذا الموقف بعد مؤتمر الرباط والاعتراف العربي ب م ت ف كممثل شرعي ووحيد للشعب العربي الفلسطيني قام الحزب بأمرين الأول استقل في هيكلته التنظيمية عن الحزب الشيوعي الأردني وشكل التنظيم الشيوعي الفلسطيني كما ذُكر سابقاً، والثاني طالب بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية، وعدم التنازل عن حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين.
استمر هذا الموقف حتى بعد الحركة التصحيحية بداخل الحزب، لكن بعد اتفاقية أوسلو المشؤمة التي قسمت الأراضي الفلسطينية إلى أ،ب،ج، ووقوع منطقة ج التي تشكل ما يزيد عن 63% من أراضي الضفة الغربية تحت الادارة المباشرة للإحتلال، وبعد النمو الأهوج لعدد المستعمرين الذي وصل إلى ما يقارب ال10000000 من أصل 100000 قبل أوسلو، وبعد التوسع العمراني للمستعمرات كماً وحجماً مما أدى لاستحالة إقامة دولة مترابطة وذات حدود مترابطة، وأيضا وهو الأهم أن الفكر الصهيوني وعقلية كل الأحزاب الصهيونية من اليسار إلى اليمن لا تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني السياسية وتنظر إليهم كأفراد وترى بأرض فلسطين التاريخية هي أرض ما يسمى إسرائيل وتعمل جاهدة من أجل تهجير شعبنا قسريا أو عنوة إلى خارج أرضه "فصرعنا مع الاحتلال هو صراع وجود وليس حدود" قرر حزبنا في مؤتمره عام 2016 أن المهمة المركزية لحزبنا هي النضال كافة أشكال النضال من أجل استعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني المتمثلة بحق العودة، تقرير المصير وإقامة دولته الحرة العلمانية المستقلة دولة لكافة أبنائها على كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس الموحدة.
إن مهام حزبنا في مجال النضال الوطني التحرري الفلسطيني يتمثل في الآتي:
1- مقاومة الاحتلال الصهيوني بكل الوسائل المتاحة لنا حتى يتم إجلاء آخر مغتصب وجندي إحلالي صهيوني عن كامل التراب الوطني الفلسطيني وفي مقدمتها القدس.
2- ضمان حق شعبنا الثابت في تقرير مصيره بنفسه ودون أي تدخل أجنبي وحقه في في إقامة دولته الحرة المستقلة على كامل تراب وطنه التاريخي وعاصمتها القدس.
3- ضمان حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية بما يضمن حقهم في العودة والتعويض.
4- التصدي لكل المخططات المشبوهة التي تستهدف إلحاق أو ضم الكيان الفلسطيني إلى دولة أخرى تحت مسمى الفدرالية أو الكونفدرالية، فالدولة الفلسطينية الحرة الديمقراطية صاحبت السيادة وحدها تلبي طموحات شعبنا.
5- التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية بعد تطويرها أو إعادة هيكلتها باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، حتى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والمعترف بها مع امكانية تحويلها الى جبهة وطنية عريضة تشمل كل القوى الفلسطينية، معتمدة برنامج كفاحي موحد لتنمية وتطوير مواطنيها. إن كل المبررات التي تساق لتسويق الاستسلام هي مبررات واهية لا يمكن قبولها وتدل فقط على انعدام ثقة البرجوازية الفلسطينية بالشعب، إن قيام جبهة وطنية عريضة من فصائل منظمة التحرير بعد إدخال إصلاحات عميقة عليها، وتعديل آليات عملها وطريقة اتخاذ القرارات التي تتعلق بمستقبل ومصير الشعب الفلسطيني ، تصبح واحدة من أهداف حزبنا الرئيسية في المرحلة القادمة ولحين قيام الدولة الفلسطينية الديمقراطية التقدمية المستقلة على كامل التراب الوطني، وإن المماس بمكانتها سيؤدي إلى إضعاف القدرة الفلسطينية على خوض النضال السياسي وانتزاع حقوقنا.
6- إقامة جبهة وطنية موحدة لجميع الفصائل الوطنية الفلسطينية، واتفاقها على برنامج الحد الأدنى السياسي من أجل تحرير الوطن والمواطن، وبناء الدولة الديمقراطية التقدمية العلمانية. إن هذه الجبهة التي لها أهداف نضالية تتطلع الى أقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات ً سيادة ونهج ديمقراطي تقدمي قادرة على كبح جماح البرجوازية الفلسطينية ووقف مسلسل التنازلات الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني.
4- كيف يشخّص الحزب الشيوعي الفلسطيني الوضع في المنطقة العربية؟ وماذا يقترح من حلول لأزمة حركة التحرّر الوطني العربيّة؟
إن الحزب الشيوعي الفلسطيني يرى أن المهام الأساسية التي تواجه بلداننا هي مرحلة التحرر الوطني والقومي وفي مقدمتها تحرير كل أرضنا المحتلة من الاحتلال الصهيوأمريكي وإنشاء دولة ديمقراطية علمانية ذات سيادة على جميع أراضينا، حتى يتسنى لنا تحقيق هدف التطوير الديمقراطي الإنساني وتوسيعه على المستوى الوطني والقومي. لا شك أن البلدان العربية – بشكل عام- تعاني من واقع مأزوم سياسياً واقتصادياً واجتماعيا ً بسبب التبعية وضعف عملية التنمية وتخلفها عن ملاحقة التطورات العالمية، سواءً عبر سوء استثمار الطفرة النفطية أو عدم قدرتها على وقف نزف المال والفكر والعقل والكفاءة نحو الغرب، ولذلك فإن البلدان العربية لا تزال في مقدمة مناطق العالم التي تعاني من علاقات غير متكافئة بل ومضطربة مع الدول الأخرى، بسبب أنظمة حكم تتفاوت ما بين الأنظمة ذات الطابع الأبوي أو العشائري أو الملكي، وكلها تفتقر الى الممارسة الديمقراطية والمشاركة الشعبية في إدارة الشؤون العامة . وفي ظل تفرد الولايات المتحدة الأمريكية التي تعمل باستمرار على ترسيخ حالة الوهن والانقسام والتمزق في الصفوف العربية بما يخدم مخططات الإمبريالية ومن ثم الصهيونية لإقامة ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، وبما رافقها من اختراقات فاحشة لكل منظومات الأمن العربية الغذائية والثقافية والسياسية والاقتصادية لصالح أمريكا والصهيونية التي تهدف بالطبع الى:
1- تأمين سيطرة أمريكية كاملة على النفط والخامات العربية بأسعار بخسة.
2- محاربة مجموع حركات التحرر العربية تحت زعم نظرية الإرهاب العربي، الإسلامي والدولي.
3- مساندة ودعم ما تسميه بالأنظمة المعتدلة )الموالية-التابعة( والتي هي في حقيقتها أنظمة موالية وتابعة للرأسمال المتوحش في مسمى ليبرالي جديد خادع.
4- ضمان بقاء البلدان العربية كأسواق مفتوحة وباستمرار امام كل المنتجات الامريكية والغربية وسوق استهلاكية لها وتعيق أي عملية صناعية في العالم العربي.
5- الإبقاء بل تشجيع كل سياسات تفتيت الدول العربية لقطع الطريق أمام أي تكتل عربي إقليمي تحت رايات وشعارات التحرر الاقتصادي والإصلاح وإعادة الهيكلة والخصخصة، وإن لإسرائيل دورها البارز في تحقيق كل هذه الأهداف، بما تؤمن لها الامبريالية الامريكية من تفوق شامل على كافة الدول العربية في كل المجالات لتظل دائما قادرة على التصدي لمرحلة التحرر الوطني العربي التاريخية والطويلة والتي استطاعت كل الدول العربية خلالها من انتزاع استقلالها بعناء، بعضها باشر مشروعا نهضوياً قومياً وحدوياً. لقد دأبت الامبريالية الامريكية ولا زالت وبالتعاون مع الصهيونية "إسرائيل" تعمل على اجهاضه، موفرة بذلك بيئة خصبة ومناسبة لصعود وتعاظم دور حركات الإسلام السياسي (الأصولية) والتي تتفاوت في شعاراتها في كل من هذه الدولة أو تلك، ولكنها كلها تزج في النهاية بالإسلام كأداة صراع اجتماعي سياسي تحت شعار عام –الإسلام هو الحل- في الوقت الذي تخفي خلفه مصالح فئوية وضيقة معينة الى جانب مواقف وسياسات العنف السياسي تارة والعنف المسلح تارة أخرى، محولة بذلك الدين من عقيدة روحية لعقيدة سياسية وايدلوجية تقوم على نفي الاخر واحتكار الحقيقة، متصارعة بذلك مع مجمل مفاهيم الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاقتصادي، وقد رعت الدوائر الامريكية بعض هذه الحركات (حركات الإسلام السياسي) كحركة طالبان في أفغانستان إلا أن هذا كله لا يعني ابدا أن الهوية الايدولوجية لكل جماهير المؤمنين والمتدينين هي هوية رجعية دائما، فهناك من القوى الدينية المتنورة التي تنشد العدالة وترفض الفساد وتناضل ضد الامبريالية والصهيونية، ولذلك فإن الحزب الشيوعي الفلسطيني يرى أن هناك مهمات مشتركة ينبغي على حزبنا ان يضطلع بها الى جانب باقي الأحزاب العربية والدولية لبلورة برنامج شامل للتصدي وللتغير عن طريق حشد أوسع القوى الوطنية والقومية والديمقراطية والدينية المتنورة في إطار جبهة تحرر وطنية عربية ديمقراطية فالتناقض الأساس في هذه المرحلة هو مع المشروع الامبريالي الأمريكي الصهيوني والبرجوازية الوطنية والأنظمة الرجعية العربية المتحالفة معه وعليه فإن محاور نضال حزبنا على الصعيد العربي هي:-
1. مقاومة الاطماع الامبريالية الامريكية الصهيونية في المنطقة بدءا بسوريا العراق ولبنان ومواجهة المشروع الصهيوني في وطننا فلسطين وتحرير البلدان العربية من القواعد العسكرية وإلغاء جميع الاتفاقيات التي تمس الامن الوطني والقومي وإقامة نظام أمن عربي متكامل.
2. محاربة الفكر الاقصائي وتياراته بكافة الأشكال والوسائل وخاصة المتطرفة وداعميها وبناء أنظمة عصرية وطنية ديمقراطية تخدم مصالح الشعب والوطن.
3. دعم كافة عناصر القوة والصمود والتصدي في المعركة الحالية وإعادة البوصلة للحراك الشعبي العربي ضد أنظمته الرجعية إلى البوصلة الصحيحة المتعارضة مع الامبريالية وحلفائها في المنطقة بالمطلق.
4. بناء انظمة وطنية ديمقراطية كمقدمة لبناء دول عربية عصرية وديمقراطية تتوفر فيها كافة المؤسسات التمثيلية والمدنية المنتخبة.
5. ضرورة بناء جبهة عربية موحدة من كافة القوى العربية الثورية للتصدي لمخططات الهيمنة.
6. ايجاد مشروع عربي متكامل يضمن إلغاء التبعية واستثمار الإمكانات العربية للنهوض كجسم عربي قادر على بناء مجتمع عربي خارج التبعية الامبريالية ولصالح أبنائه وقادر على تشكيل قاعدة اسناد في استعادة الحق العربي في معركة التحرير والبناء واستعادة كافة الأراضي العربية الفلسطينية في الصراع القائم.
7. التصدي لطاعون العولمة المتوحشة بالعمل على تعبئة الموارد العربية واستثمارها للصالح العربي العام:

أ‌- بالرد على الشرق أوسطية بمشروع عربي متكامل .
ب‌- تفعيل العمل العربي المشترك بأي صيغة متاحة على مستوى جماعي أو ثنائي أو أكثر .
ت‌- توطيد قاعدة مادية مشتركة للاستفادة الفعلية من الاتفاقيات الاقتصادية الغير مجحفة والتي سبق التوصل إليها وتوقيعها.
ث‌- تشجيع التجارة البينية العربية وتشجيع انتقالات رأس المال والعمالة العربية واستغلال الموارد العربية لصالح الشعوب العربية.
ج‌- مواجهة تحديات المياه بتعاون عربي مشترك(مصر/السودان/سورية/العراق-الخ) وكذلك بخصوص مسألة البيئة.
ح‌- العمل المستمر لأضعاف ومن ثم لإلغاء السيطرة الأجنبية على الاقتصاديات العربية، وكبح كل محاولات وسياسات التبعية بإصلاحات جذرية تنمي القطاع العام وترعى وتراقب القطاع الخاص.
خ‌- إصلاحات في أنظمة التعليم والصحة وفتح أفاق التطور التكنولوجي والتعليم المهني والبحث العلمي وتهيئة كوادر ثقافية لملاحقة المعاصرة المعلوماتية واللحاق بثورة المعلومات.

بناءً على ما سبق فرغم أن الهجمة على شعوبنا شرسة إلا أن المخطط لم ينجح، فالإخوان المسلمين فشلوا في مصر وتونس، كما اسقط مخطط تقسيم سورية والعراق لكن الدور الرئيسي لمواجهة الهجمة يمثلها قوى برجوازية وطنية ودينية بدعم من البرجوازية الروسية والثيوقراطية الايرانية. يجب أن نؤكد هنا أن اليسار العربي له دور في مواجهة الهجمة لكنه دور متواضع وسلم القيادة للبرجوازية الدينية والعلمانية.
انه برأينا المتواضع أن على الشيوعيين النضال والعمل من أجل توحيد القوى التقدمية من أجل إتمام مرحلة التحرر الوطني وبناء الاشتراكية من خلال جبهة وطنية تقدمية هدفها الأساسي التخلص من البرجوازية بأشكالها المختلفة وبناء المجتمع الاشتراكي.
5) ما هو موقف الحزب الشيوعي الفلسطيني من الوضع العالمي الراهن وخصوصا من تفاقم أزمة الرأسماليّة العالميّة واحتداد الصّراع بين أقطاب الرأسماليّة العالميّة ومن ملفّ الحرب الامبرياليّة على الأراضي الأوكرانيّة ؟
إن أبرز سمات الوضع الدولي ، ومنذ انتهاء الحرب الباردة بالانقلاب على الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية هو هذا التفرد الأمريكي الذي ما انفكت أمريكا تسعى جاهدة لترسيخه وتوسيعه ليشمل العالم أجمع، مستفيدة من كل المستجدات السلبية للحقبة، لتحويلها وتحويرها للمقاس الذي تريده وللأغراض التي تسعى إليها وهي الهيمنة الكاملة والمطلقة على العالم ، وبطروحات سياسية ما لبثت أن ماتت بعد ولادتها كالزعم بناهية التاريخ وببدء السيادة المطلقة والنهائية للنظام الرأسمالي الاحتكاري المتعدد الجنسيات وبأن الصراع بات صراعا بين حضارات واديان وليس صراعا بين طبقات وأنظمة.
إن البرجوازية تمر بأكبر ازماتها والتي تعُتبر الازمة الأخيرة قبل انهيار هذا النظام، هذه الازمة هي أزمة فائض الإنتاج الذي يؤدي إلى الركود التضخمي. ورغم أن البرجوازية كانت تتخطى أزماتها بالحروب الإقليمية كالفيتنامية أو الكبيرة كالعالميتين الأولى والثانية، إلا ان التطور العلمي في مجال الأسلحة يجعل من إمكانية الحروب الكبرى شبه مستحيلة لأنها ستفني البشرية، وأن الحروب الصغرى لا تفي بالغرض فإننا نرى أن هذه الازمة ستتعمق لتصل إلى انهيار النظام الرأسمالي.
إن الحرب الروسية الأكرانية هي شكل من أشكال الحروب الصغيرة نشخصها بالتالي على أنها صراع بين البرجوازيات للسيطرة على مصادر المواد الأولية كالطاقة، النفوذ، والأسواق والمضائق المائية يدفع ثمنها الشعبين الروسي والأكراني بالأساس وشعوب العالم من خلال نقص الأغذية والأدوية الزراعية من جهة وارتفاع أسعار الطاقة الذي يؤثر على أسعار المواد الأولية والغذاء في العالم بأسره من جهة أخرى.
إن الحديث بأن الناتج عن هذه الحرب هو التحول من الأحادية القطبية إلى التعددية القطبية هو تحول كاذب لأن التعددية هذه هي لأقطاب متعددة لنفس البرجوازية التي تتنافس بينها لامتصاص دم الشعوب، إننا في الحزب الشيوعي الفلسطيني نرى أن هناك قطبان في العالم أولا القطب الامبريالي والرأسمالي وقطب الشعوب المضطهدة والطبقة العاملة العالمية، والتي يقع على عاتقها بناء قطب اشتراكي من أجل التمهيد للقضاء على النظام الرأسمالي العالمي والقضاء على استغلال الانسان لأخيه الإنسان

6) ماهي قراءة الحزب لواقع الحركة الشيوعيّة العالميّة والحركة الشيوعيّة العربيّة وماهي تصوّراتكم بخصوص سبل حلّ أزمتها والنّهوض بدورها النضالي الثوري في هذه المرحلة؟
بدايةً لا يمكن فصل واقع الحركة الشيوعية العالمية عن واقع الحركة الشيوعية العربية، فكلاهما يعاني ولو بدرجات مختلفة بسبب الانقلاب على الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي، طبعا دول المركز يتمظهر بها الصراع الطبقي بشكل أوضح من دول الأطراف وذلك لعدة أسباب أهمها أن البرجوازية في دول المركز هي عريقة وصلت للسلطة عن طريق القيام بالثورة البرجوازية منذ 4 قرون تقريبا ولذلك فهي أكملت تحولها نحو الرأسمالية وصولا لأعلى مراحلها وهي الإمبريالية، بينما دول الأطراف هي دول تابعة بالأساس وبسبب الاستعمار الكولنيالي لمعظم دول الأطراف تشكلت برجوازيات تابعة للمراكز الإمبريالية ولم تتكمن من انجاز تحولها الى برجوازية بالمعنى الكلاسيكي للكلمة.
كما أن تتطور البرجوازية في دول الأطراف كان تطور مشوه، بمعنى أن حصل هناك تطور ببعض القطاعات نتيجة أهميتها للأسواق الرأسمالية العالمية مثل صناعة القطن أو بعض المواد الأولية كالنفط، بينما باقي القطاعات بقيت متأخرة أو لم تطور بالتطور المناسب لها مثل الزراعة بشكل عام والصناعة، لأن دول الأطراف هي سوق استهلاكي لسلع دول المركز الامبريالي، وبناء على ذلك وعشية انتصار الثورة الاشتراكية وسيطرة البلاشفة على السلطة طور لينين من شعار ماركس "يا عمال العالم اتحدوا" إلى يا عمال العالم وشعوبه المضطهدة اتحدوا" وقد كان أهم شرط لقبول الأحزاب الشيوعية في الكمنتيرن هو دعمها لحركة التحرر الوطني حتى وان كانت تقودها البرجوازية في بلدان العالم الثالث، وكان لينين بفهمه العميق للإمبريالية يعلم أن دول الأطراف اذا حصلت على استقلالها، فإن البرجوازية ستعمل على انجاز تحول علاقات الإنتاج والمجتمع نحو نظام رأسمالي، وبالتالي التركيز على الصناعة مما يؤدي إلى فقدان دول المراكز الإمبريالية أسواقها وبالتالي إلى اختناقها مما يعجل بالثورة الاشتراكية في هذه الدول، ولقد نجح الاتحاد السوفيتي بهذه السياسة نسبياً، وبالفعل عانت دول المركز الرأسمالي العديد من الأزمات وبسبب دعم الاتحاد السوفيتي لحركة التحرر العالمي فقد تم وئد الاستعمار البريطاني والفرنسي في مختلف دول العالم وظهور دول مستقلة، مثل الهند ومصر، العراق، ليبيا، الجزائر، كوبا فيتنام،....الخ، وهي التي لعبت في القرن المضي دورا كبيرا في التصدي لمخططات الإمبريالية، ووصلت الأحزاب الشيوعية للسلطة في بعض هذه الدول وكانت في باقي الدول الأحزاب الشيوعية هي الأقوى ، ولكن بعد ذلك حدثت نكسة كبيرة لهذه التجارب وتجلى ذلك بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي عام 1956.
لقد كان المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي سنة 1956 بمثابة صاعقة وقعت على الأحزاب الشيوعية والشيوعيين في العالم حيث استولت زمرة من الانتهازيين والتحريفيين بقيادة البرجوازية الوضيعة وجنرالات الجيش بقيادة المرتد خروشوف. لقد استولت هذه الزمرة على قيادة الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي وعلى الدولة السوفيتية مباشرة بعد وفاة (أو قتل) الرفيق ستالين وقد أخذت هذه الزمرة على عاتقها مهمة إعادة الرأسمالية والقضاء على الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي مما أدى إلى تحلل الأحزاب الشيوعية في العالم وحرفها عن خطها الماركسي-اللينيني.
فمنذ ذلك المؤتمر المشئوم تشتتت الحركة الشيوعية وتحطمت وحدتها الفكرية والتنظيمية وتحولت معظم الأحزاب الشيوعية في العالم إلى أحزاب تحريفية لا يوجد لغة مشتركة بينها ويدعي كل حزب منها تمثيل الطبقة العاملة وتطبق الماركسية الخاصة بها. أدى هذا التشتت في الحركة الشيوعية وتحطم وحدتها وتحول أغلبها إلى أحزاب تحريفية تسير وراء الحزب الشيوعي السوفياتي الذي نقض المبدأ اللينيني القائل بالوحدة العضوية بين الثورة الوطنية والثورة الاشتراكية الذي أدى بداية الى تسليم حركة التحرر الوطني الى براثن الامبريالية وفي النهاية الى انهيار الاتحاد السوفيتي الذي أسسه الرفيق لينين وبناه الرفيق ستالين.
فلم تعد هناك حركة شيوعية حقيقية متحدة تسير وفق مبدأ محدد وتتبنى الماركسية مبدأ لها. وانتشرت في الحركة الشيوعية أفكار انتهازية وتحريفية، وكان نتيجة ذلك نشوء أحزاب شيوعية أو ماركسية أو لينينية أو اشتراكية لا يوجد لغة مشتركة فيما بينها ويدعي كل حزب تمثيل الطبقة العاملة وقد أدى وجود هذه الأحزاب إلى تحطيم أكبر سلاح للطبقة العاملة في نضالها ضد البرجوازية، سلاح وحدتها.
إن النظام البرجوازي الحاكم والذي يتحكم بمقدرات الشعوب لن يوقف الصراع الطبقي الناشئ من طبيعة هذه النظام البرجوازي الحاكم ومن طبيعة التناقض بين الرأسمال والعمل. فنشأت أحزاب ثورية شعارها الأساسي استعادة اشتراكية لينين وستالين الممكن تحقيقها عن طريق الثورة الاشتراكية والثورة على الدول البرجوازية التي نشأت نتيجة تفكك المنظومة الاشتراكية. ونتيجة ذلك ظهرت دعوات من أحزاب ماركسية متعددة لتأليف أممية شيوعية ثورية على غرار ألأممية الثالثة (أممية لينين) تضم كافة الأحزاب الماركسية اللينينية في العالم من أجل تحقيق وحدة أحزاب الطبقة العاملة فكرياً وتنظيمياً. ومن أجل مساعدة الأحزاب الشيوعية التي انتهجت الانتهازية والتحريفية بعد ردة خروتشوف على تحديد السير في خط شيوعي حقيقي بحيث تصبح الأممية بمثابة حزبً واحد للطبقة العاملة تحت راية الماركسية اللينينية. وقد أكد البيان الشيوعي: "على ضرورة أن يكون للطبقة العاملة حزبها المستقل نظرياً وسياسياً وتنظيمياً، حتى تتمكن من انجاز رسالتها التاريخية الثورية والحسم في مصائر مجتمعاتها...."
إن وجود مثل هذه المنظمة العالمية للطبقة العاملة تعبير عن كون الطبقة العاملة العالمية طبقة واحدة رغم تشتتها في دول وأقطار متعددة حيث أن الطبقة العاملة طبقة واحدة من حيث طبيعة استغلالها وطبيعة أهدافها الإستراتيجية التي تسعى في التحرر من الاستغلال الرأسمالي وتحقيق نظام عالمي خال من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. وأن يكون لها برنامج ثوري واحد حيث يمثل هذا البرنامج الأهداف والوسائل المتكاملة بين جميع الأحزاب الشيوعية في العالم . وهذا البرنامج لا يكون متشابها لكل حزب من هذه الأحزابً لأن ظروف كل قطر وكل بلد تختلف عن ظروف البلدان الأخرى ويجب أن يكون برنامج كل حزب ملائماً لظروفه ولظروف المرحلة الثورية التي يمر بها. وأن يكون برنامج كل حزب أو منظمة محلية تسير في نفس الاتجاه العام(الماركسي اللينيني) المقرر في البرنامج العام للأممية الشيوعية.
يجب أن تضع هذه المنظمة العالمية نظاماً داخلياً لها مبنياً على النظرية الماركسية اللينينية بحيث يحدد هذا النظام الداخلي شروط قبول أي حزب أو منظمة عضواً في هذه الأممية وأن على الحزب المحلي أن يثبت أن برنامجه المحلي يسير في الاتجاه المقرر في منهاج الأممية. وهذا قد يؤدي ، على المدى الطويل، إلى توحيد الأحزاب في كل قطر والى قبول هذا الحزب في منظمة الأممية الشيوعية المنتظرة عضواً فيها. وهذا يؤدي بدوره إلى توحيد الطبقة العاملة على النطاق القطري وعدم تشتتها في قطر واحد بين عدة أحزاب، كل حزب يدعي تمثيل الطبقة العاملة.
إن تشكيل أممية شيوعية كهذه أصبح اليوم ضرورة تحتاجها الطبقة العاملة كإحدى الوسائل التي تساعدها في تحقيق وحدتها ونضالها الناجح من أجل الاشتراكية، وكذلك في تنقية الماركسية اللينينية من جميع الشوائب ومن جميع الأفكار المغلوطة والأفكار التحريفية التي دخلت عليها بعد ردة الخائن خروتشوف وزمرته التي ظهرت بوضوح في المؤتمر العشرين للحزب السوفيتي عام 1956.
لذا فإننا في الحزب الشيوعي الفلسطيني ندعو إلى تأسيس هذه الأممية الشيوعية على أسس ماركسية-لينينية وذلك من أجل النضال ضد الامبريالية والنظام العالمي الجديد وتكوين جبهة أممية لمناهضة الامبريالية حيث أن الأعوام القادمة ستولد ثورة اشتراكية حتمية لا بد من وجود أممية لتوجيهها وقيادتها لذا فإننا في الحزب الشيوعي الفلسطيني نقترح ما يلي:
1) تأليف لجنة للإعداد إلى اجتماع يضم ممثلين عن جميع الأحزاب الماركسية-اللينينية(الغير تحريفية) والماركسيين- اللينينين اللذين استقالوا من أحزابهم بعد انقلاب 1956.
2) إعداد برنامج عمل للأممية الشيوعية تتفق عليه جميع الأحزاب والرفاق التي ترغب في الانضمام إلى الأممية.
3) أن تضم الأممية جميع الأحزاب الماركسية اللينينية بعد تقديمها طلباً للانضمام إلى الأممية.
4) على جميع الأحزاب التي تقرر الانضمام إلى هذه الأممية أن تبعد من قياداتها أو كوادرها الإصلاحيين والتحريفيين.
5) على كل حزب يرغب بالانضمام إلى الأممية الشيوعية أن يبين للطبقة العاملة أنه بدون الإطاحة الثورية بالرأسمالية لا توجد قوة تمنع الحروب الامبريالية.
6) تلتزم الأحزاب التي ترغب في الانضمام إلى الأممية بطرد الإصلاحيين والتحريفيين من بين صفوفها حتي تكون سياسات جميع أحزاب الأممية متناسقة حتى لا تقع في أخطاء الأممية الثانية.
7) يلتزم كل حزب يريد الانضمام إلى الأممية أن يطور نشاطاته الشيوعية في نقابات العمال والمنظمات الجماهيرية الأخرى.
8) يجب أن تبنى الأحزاب الشيوعية على أساس المركزية الديمقراطية.
9) عندما يكون نشاط الحزب الشيوعي علنياً، يجب على هذا الحزب تطهير نفسه من العناصر البرجوازية التي تتسلل إلى صفوفه.
10) على جميع الأحزاب التي تود الانضمام إلى الأممية الشيوعية أن تلغي برامجها التحريفية أو التي لا تتفق وبرنامج الأممية المتفق عليه.وترسم لنفسها برنامجاً شيوعياً يتفق ويناسب بلدها.
11) يجب على جميع الأحزاب التي ترغب في الانضمام إلى الأممية أن تغير اسمها إلى الحزب الشيوعي للبلد (بلدها).


انتهى
مع كامل الاحترام والتقدير لكم رفاقنا في الوطد