|
غلق |
|
خيارات وادوات |
مواضيع أخرى للكاتب-ة
بحث :مواضيع ذات صلة: جواد بشارة |
هل ما تزال المرجعية الدينية العليا في النجف مصرة على إبقاء الطبقة السياسية ؟
المرجعية الدينية الشيعية العليا لها دور مؤثر وأساسي في مسار الأحداث في العراق خاصة وفي العالم الإسلامي عامة . هناك عدد من المرجعيات العليا ولكن هناك مرجع أعلى واحد في العالم الإسلامي الشيعي ، وهو اليوم يتمثل بشخص علي السيستاني الإيراني الجنسية. وهو تلميذ للمرجع الأعلى السابق أبو القاسم الخوئي الإيراني الجنسية أيضاً. وتتميز المرجعية الدينية بلغتها الخاصة وأسلوبها التشريعي والفقهي الذي يختلف عن فتاوي وتشريعات الطائفة السنية في الإسلام. في العادة تبتعد المرجعية الدينية في النجف عن ممارسة السياسية والتدخل في الشأن السياسي منذ فشل ثورة العشرين التي شارك وفيها وقادها المرجع الأعلى آنذاك ، وتوالي حكومات علمانية نوعاً ما على حكم العراق كانت تخشى من سطوة المرجعية فأبعدتها عن الشأن السياسي بالقوة والتهديد وبلغت ذروتها في عهد البعث وخاصة المرحلة الصدامية منه. أما في إيران فلم تبتعد المرجعية عن التدخل والمشاركة السياسية وكان هناك نوعان من المراجع العليا الموالين لنظام الشاه والمعارضين له ولم يكن مطروحاً مفهوم ولاية الفقيه المطلقة في الأدبيات الشيعية والمرجعية إلا في أواخر العقد السابع من القرن العشرين . فلقد نظر لها المرجع الديني الإيراني المنفي في العراق روح الله الخميني وأصدر في ذلك كراس الدولة الإسلامية وضح فيه الخطوط العريضة لما يتصوره هو عن ولاية الفقيه الجامع للشروط.. وعندما انتصرت الثورة الشعبية على الشاه وشاركت فيها جميع الفئات في المجتمع الإيراني ومن مختلف الآيديولوجيات، صادر الخميني الثورة وسماها الثورة الإسلامية وقمع باقي المشاركين في صنع الثورة وأسس الجمهورية الإسلامية في إيران واشترط على أن يكون على رأس السلطة فقيه مجتهد ومرجع ديني على أن لايشترط أن يكون هو المرجع الأعلى فكان هناك في إيران وفي العراق مراجع دين أعلى وأعلم منه كالخوئي وشريعة مداري وغيرهم. ولكن عند وفاته دعمت الطبقة السياسية الدينية الحاكمة برجل دين بسيط لم يتجاوز مستوى حجة الإسلام وجعلوا منه آية الله العظمى وهو علي خامنئي لكي تتوفر فيه شرط شغل منصب المرشد الأعلى الثورة الإسلامية ، أي الولي الفقيه. وعند وفاة المرجع الأعلى أبو القاسم الخوئي لم يؤول الأمر للخميني ولا لخامنئي لكي يخلفه بل لعلي السيستاني بعد أن توفي المراجع الكبار الأعلى منه سواء في إيران أو في العراقي كالكلبيكاني وسبزواري وغيرهم ، وبالتالي شرعيا كان يجب أن يخضع ويتبع خامنئي توجيهات المرجع الأعلى منه وهو علي السيستاني، وهناك مراجع عليا إلى جانب السيستاني كاسحق الفياض والمرعشي النجفي ومحمد سعيد الحكيم وكلهم في النجف، ونشب خلاف وتنافس بين المرجعيتين الإيرانية في قم وطهران والعراقية في النجف. فمرجعيات إيران الحالية تؤمن وتطبق ولاية الفقيه كمحمود هاشمي المتوفى قبل أشهر وكاظم الحائري وغيرهم بينما تعارضها في بعض تفاصيلها مرجعية النجف. بيد أن السيستاني لايحبذ أن يتسبب في إشعال حرب المرجعيات وخلاف المرجعيات التي قد تسبب البلبلة والإحباط وربما الانشقاق في صفوف الشيعة. لكن أحزاب الإسلام السياسي الشيعي في العراق تؤمن كلها وتتبع مبدأ ولاية الفقيه حتى وإن قلد البعض منها علي السيستاني. إلا أنهم يعودون لمرجعيات طهران في الشأن السياسي. ومنذ العام 2003 حرصت القوى السياسية الشيعية أو الإسلام السياسي الشيعي على إرضاء مرجعية النجف وعدم استفزازها عدا فترة عصيبة عندما هدد مقتدى الصدر علي السيستاني وطلب منه الرحيل وترك العراق، وقبل ذلك قام بقتل عبد المجيد الخوئي العائد من لندن وإبن المرجع الأعلى أبو القاسم الخوئي ، بينما قام السيستاني بإنقاذ مقتدى الصدر من الاعتقال والسجن على يد القوات الأمريكية التي حاصرته هو واتباعه في الحضرة العلوية في النجف سنة 2008. كانت المرجعية تتفاهم مع إيران حول الشأن العراقي وتضفي الشرعية على الحكومات الشيعية المتعاقبة بل وتتدخل في اختيار شخص رئيس الوزراء بالتنسيق مع طهران. حدث التحول الجوهري في علاقة مرجعية النجف بالشأن السياسي عندما ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش" وتهديده لبغداد والكاظمية والنجف وكربلاء وسامراء حيث تتواجد العتبات الشيعية ، فأصدر علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي الذي دعى الشباب العراقي للتطوع لمحاربة داعش، فانخرط آلاف المتطوعين واستغلت ميليشيات الأحزاب الشيعية المسلحة الموجودة قبل الفتوى ، كميليشيات بدر وعصائب أهل الحق والنجباء وغيرها من التنظيمات الميليشياوية الأخرى للانضواء تحت راية الحشد الشعبي والانخراط في العملية السياسية مستغلة شعبية الحشد الشعبي الذي انتصر على داعش بمساعدة قوات التحالف الدولية والذي أضفيت عليه القدسية وأصبح فوق النقد وفوق القانون وفوق الدولة الرسمية. وأجبرت الحكومة على سن قانون الحشد الشعبي ودمجه في القوات المسلحة وقوات الأمن والداخلية والشرطة الاتحادية ومنحهم رتب عسكرية عالية وهم لايفقهون شيئاً في العلوم العسكرية وأغلبهم يعلن ولائه لإيران وللولي الفقيه . كل هؤلاء وبدون استثناء ضالعين في الفساد والسرقة والتجاوزات وسرقة وهدر المال العام واحتكار الامتيازات والمناصب والوظائف في جميع الدرجات، وكلهم مدججين بالسلاح وأقوى من تشكيلات قوات الجيش التابعة لوزارة الدفاع وقوات الشرطة التابعة للداخلية واحتلوا المناصب الحساسة في الوزارتين الأمنيتين فحتى الحكومة تخاف منهم ومن سطوتهم وسلطتهم المتنامية. وعلى هذه الخلفية المجتمعية والواقع السياسي والعسكري والأمني المشوه انفجرت التظاهرات الجماهيرية الغاضبة على القوى والأحزاب السياسية الحاكمة ومحاولة استرجاع الوطن المسلوب منها طائفياً وإثنياً ومحاصصاتياً. شعرت الطبقة الحاكمة الشيعية والسنية والكوردية بالخطر الجماهيري القادم كالسيل لاقتلاعها فردت عليه بقوة وبطش باستخدام الرصاص الحي والقناصة بمساعدة وتشجيع من طهران والحرس الثوري الإيراني وتحت قيادة قاسم سليماني الإيراني الذي يتحكم بالعملية السياسية العراقية برمتها ويخضع العراق اقتصاديا وتجارياً وسياسياً لإيران حتى أصبح العراق الرئة التي تتنفس بها إيران في مواجهة العقوبات الاقتصادية الدولية الخانقة. تفاقم التظاهرات وتحولت إلى اعتصامات وعصيان مدني مستمر وبالمقابل اشتدت قسوة الميليشيات والحرس الثوري ضد المتظاهرين وتزايدت أعداد الشهداء وفاقت الأربعمائة شهيد رسميا والعدد أكثر من ذلك بكثير وأكثر من 15 عشر ألف جريح ومصاب ومعاق جسدياً مدى الحياة. اكتفت مرجعية النجف بالشجب وترديد اللغة الأبوية والنصح والتوجيه الخجول لطرفي الصراع ، الحكومة ومن ورائها والمتظاهرين أي الشعب الثائر وجله من الشباب الفاقد للأمل. لم تعلن فتوى صريحة بتحريم قتل المتظاهرين ولم تعلن صراحة وجوب استقالة الحكومة وتشكيل حكومة تصريف أعمال مهمتها التحضير لانتخابات مسبقة نزيهة وفق قانون انتخابات جديد عادل ومنصف وليس مفصلا على مقاسات الأحزاب الحاكمة وتغيير قانون الأحزاب والقيام بتعديلات دستورية جوهرية وإلغاء امتيازات المسؤولين والنواب والرئاسات الثلاث ومراجعة قانون الرواتب والاعانات الاجتماعية وترميم الواقع الصحي المنهار وتشجيع الزراعة والصناعة والقطاع الخاص لخلق فرص عمل للعاطلين ومراجعة قانون التقاعد لفسح المجال لجيل الشباب للدخول للعالم الوظيفي وإيجاد فرص تعيين حسب الحاجة لمختلف الاختصاصات . لكن الذي حصل هو العكس فازدادت شراسة الحكومة وقواتها الأمنية ، وصارت تستعمل اللغة المزدوجة بين التهديد والترغيب بحزم اصلاحات واهية لم يطبق منها شيء وبمجموعة من القرارات غير الملزمة التي لا ترقى لمستوى القوانين والتشريعات الدستورية. فمجلس النواب يماطل ويسوف ويكسب الوقت والحكومة كذلك وبتواطؤ من قبل السلطة القضائية الفاسدة . فالجميع في الرئاسات الثلاث في السلطة التنفيذية والجميع في السلطة التشريعية عدا استثناءات قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة فاسدون أيضاً ولا تشذ السلطة القضائية عن منظومة الفساد والضحية هو الشعب الذي عانى الأمرين . وعندما اقترب الخطر أكثر شعرت الأحزاب السياسية الحاكمة بالخطر أكثر واجتمعت لمناقشة الأوضاع والخروج بحلول ترقيعية وهم لا يدركون أن الشعب يرفضهم ولا يثق بهم وبحلولهم. فقد كشف مصدر مطلع في الحكومة العراقية، أن القوى السياسية العراقية بدأت النقاشات حول إيجاد بديل لرئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي وذلك في أعقاب اجتماعها المريب في مقر تيار الحكمة التابع لعمار الحكيم وبحضور كل القوى والأحزاب والكتل السياسية المشاركة في السلطة عدا التيار كتلة سائرون ولقد اصدر المجتمعون وثيقة شرف للتعاطي مع الأزمة السياسية القائمة والمتمثلة بالاحتجاجات الجماهيرية والتظاهرات والاعتصامات والعصيان المدني والإضرابات في ظل مواجهات دامية بالرصاص الحي وعمليات الخطف الممنهجة للناشطين واغتيالات عديدة لمن ترى السلطة فيهم عدو كامن خطير على العملية السياسية القائمة. وقال المصدر في تصريحات صحفية، إن "القوى السياسية بدأت حاليا مناقشة إيجاد بديل عن عبد المهدي، وهناك أسماء مطروحة للنقاش لثلاث شخصيات تقريبا"، لافتا إلى إن "اغلب القوى السياسية وحتى الطرف القريب من إيران، مقتنعة حاليا بأن الأمور وصلت إلى مرحلة تتطلب ضرورة إيجاد بديل عن عبد المهدي" والعثور على آلية مقبولة لذلك تقبل بها المرجعية الدينية العليا وتنسيقيات المتظاهرين . ورفض المصدر الكشف عن الأسماء المطروحة، واكتفى بالقول إن "واحدة من هذه الشخصيات معروفة سياسيا إلى حد ما، ولكن لم تتم الموافقة عليه بسبب انتمائه إلى أحد الأحزاب، وأن النقاشات مستمرة حول الأسماء الأخرى".
|
|
| ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد | نسخ - Copy | حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | اضافة موضوع جديد | اضافة خبر | | |||
| نسخة قابلة للطباعة | الحوار المتمدن | قواعد النشر | ابرز كتاب / كاتبات الحوار المتمدن | قواعد نظام التعليقات والتصويت في الحوار المتمدن | | غلق | ||
المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي الحوار المتمدن ، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها. ولن يتحمل الحوار المتمدن اي تبعة قانونية من جراء نشرها |