من اختطف صبا المهداوي؟


سلام عبود
الحوار المتمدن - العدد: 6399 - 2019 / 11 / 4 - 16:06
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

لمن يتساءلون عن مصير صبا المهداوي!
ولمن يتساءلون عن اختطاف المتظاهرين!
لا معلومات لدينا عن الأمر، ولكن يوجد ما يكفي من الأسباب الموجبة.
القتلة عرفناهم واحداً واحداً وبالأسماء الثلاثيّة: قناص مجهول، ومندس مشاغب، وأبو "هارون"! هكذا تؤكّد السلطة، بنزاهة تامّة وشفافيّة مطلقة.
ولكن، من يقوم بالاختطاف؟ لا أحد، لأنّهم ليسوا مختطفين أصلاً. بهذه العبارة نطق بيان وزارة الداخليّة الأخير: إنهم "نزلاء" لدينا. إنّهم "نزلاء" في فندق السلطة، ذي السبع نجوم. بعضهم سياحة سياسيّة، والبعض الآخر سياحة دينيّة، وما أحلى السياحة في زمن الثورات!
في المقابلة المسهبة التي أقامتها قناة العراقيّة، شبه الرسميّة، مع اللواء الركن عبد الكريم خلف، وهو مدني- عسكري، لِبْس ونَزْع. مرّة عسكريّ مفخّخ برتبة لواء غامز، ومرّة مدنيّ مسترخ برتبة محلل عسكريّ بارز. أنهى خلف مقابلته عن الوضع الأمنيّ بحركات مفاجئة، بذيئة، تثير العجب: غمزة واعدة، ثمّ تلتها ضحكة داعرة متصاعدة، بدلاً من عبارة "والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
قبل أن يأتي اللواء الركن بحركاته المنحطّة، كان يجيب عن سؤال يتعلّق بزيارته لمواقع التظاهر، وكان جوابه: نعم، زرتها كلّها. توقف لحظة، ونظر باتجاه عدسة التصوير، ثمّ أضاف: على فكرة، مو بس ساحة التحرير. هناك، بساحة النسور أحلى، بيها... نطق ذلك ولم يكمل عبارته خفراً وبراءة، كما ظنّ المشاهدون. لكنّه، بدلاً من أن يُكمل، غمز غمزة بذيئة، وضحك ضحكة داعرة، ملأت فضاء غرفة البثّ! وانقطع البثّ.
مسؤول إعلام الدولة العسكريّ يقف أمام ملايين الآباء والأمهات والإخوة، في لحظة وطنيّة عصيبة؛ مسؤول يحمل رتبة لواء ركن، بهذه الوقاحة اللاأخلاقيّة العجيبة، بهذه الدونيّة الطليقة، ماذا يمكن له أن يفعل في السّرّ مع "نزلاء" فنادقه السياحيّة؟ التحلّل من القيم والأخلاق، التي يتمتّع بها الناطق الرسميّ باسم السلطة العسكريّة، خلف، هي "سوء أخلاق" قوى السلطة الحاكمة ومرجعيّاتها كلّها، التي لا تحترم، ولو تصنّعاً، كرامة نساء الوطن، بناته، اللائي تظاهرنّ بشجاعة في ساحة النسور.
غمزة بذيئة وضحكة داعرة أيّها القائد البليد، العاري من كلّ شيء، وأنت تقف أمام ملايين الآباء والأمهات والإخوة!
وراء هذا السلوك اللاأخلاقي البشع تكمن عملية اختطاف صبا المهداوي معنوياً وماديًّا، التي يراد لها أن تكون مقدّمة علنيّة لاختطاف شرف الوطن بأكمله، وإشارة قوّة استباقيّة لاستباحة ما تبقى من حرماته.
الفساد ليس في سرقة مال الشعب وحده، الفساد ليس في سرقة سلطة الشعب وحدها، الفساد أعمق من هذا بكثير. إنّه سرقة كرامة الشعب، والغمز به علناً من على شاشات التلفزيون، بالصوت والصورة.
وصلت رسالتكم الشريفة، بعد أن وصلتنا قبلها قنابلكم السامّة، القاتلة.
هل لديكم مزيد من الرسائل والهدايا المقدّسة؟
الشعب ينتظر!