المحكمة العليا: هل يمكن الادعاء ان اسرائيل هي دولة جزء من مواطنيها فقط؟


نبيل عودة
الحوار المتمدن - العدد: 6171 - 2019 / 3 / 13 - 14:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ا

الضجة التي اثارتها الممثلة والاذاعية روتم سيلع لم تخبو نارها بعد، ومن المهم ان لا تخبو نيرانها ، بل تزداد اشتعالا بالطرق المشروعة للدفاع عن حقنا كمواطنين متساوي الحقوق. نحن ابناء هذه الأرض التي سيبقى اسمها فلسطين، وكل اسم جديد هو مجرد اسم اضافي وليس اسما جوهريا، والمواطنون الفلسطينيون الذين صمدوا بوجه موجة التهجير والتطهير العرقي الذي شهد تنفيذ عشرات الجرائم الوحشية ضد المواطنين الفلسطينيين وهدم 540 بلدة من بلداتهم في حرب انشاء دولة اسرائيل، هم مواطنون ليس بفضل نتنياهو او أي زعيم صهيوني، بل بفضل الرابط المقدس بين الانسان الفلسطيني وارضه، حتى لو صودرت او غيرت اسماء العديد من مواقعها وجبالها وبلداتها ووعورها وينابيعها ووديانها بل ومصادرة حتى المقامات الدينية الاسلامية وتهويدها.. هذا لن يغير شيئا من حكم التاريخ، حقائقه ومساره.
جريمة الممثلة والاذاعية الانسانية روتم سيلع، انها تساءلت كاذاعية :" متى يا عزرائيل سينشر احد اعضاء هذه الحكومة للجمهور ان اسرائيل دولة لجميع مواطنيها؟" فسارع رئيس حكومة (اليهود فقط ؟) بيبي نتنياهو ليصحح ويزيل الشكوك حول قانون القومية العنصري الذي اقرتها حكومته وصادقت عليه كنيست اسرائيل (اعني كنيست المواطنين المعترف بهم فقط). كتب لها نتنياهو " تصحيح هام: اسرائيل ليست دولة جميع مواطنيها. حسب قانون اساسي القومية الذي أقررناه، اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، ودولته فقط"!!
تفخر اسرائيل بكونها دولة ديموقراطية ، بل واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط، لا انفي ان هذا صحيح بالمقارنة مع الدول العربية وغيرها، لكن هذه الديموقراطية من اول شروطها المساواة بين جميع مواطنيها ، وهذا يتمشى مع القاعدة القانونية التي لقرتها محكمة العدل العليا الاسرائيلية في قرارها الصادر بخصوص قضية قعدان ضد كتسير ، وكان عادل قعدان حاول شراء ارض في بلدة كتسير لبناء منزله (عام 2011)، ورفض طلبه لأنه عربي، القضية عولجت بالمحكمة العليا في وقته وصدر قرار المحكمة بهذا النص " ان المساواة في الحقوق بين جميع بني البشر في اسرائيل، مهما كانت ديانتهم وبغض النظر عن قوميتهم نابعة من قيم دولة اسرائيل"!!
واوجه كلامي اساسا للمواطنين اليهود: الا يعتبر قانون القومية لحكومة نتنياهو، نسف لقيم دولة اسرائيل؟ الا يعتبر موقفه انها دولة الشعب اليهودي فقط، تعميقا لسياسة الهيمنة التي كان يمارسها الاستعمار الكلاسيكي ضد المواطنين في المستعمرات؟ هل مكانة عرب اسرائيل تسير الى الخلف بدل تعميق الترابط بين الدولة وجميع مواطنيها؟ ما هي الحقوق التي تشدق بها نتنياهو لمن اعتبرهم خارج تعريف المواطنين، أي نزلاء غير شرعيين؟ هل ضمن لهم حقهم بالزواج والطلاق فقط؟ اليسوا هم بناة البلاد وهم ضحايا العمل بالسقوط والموت او الاصابات التي تشلهم مدى الحياة؟ اليسوا هم من صودرت اراضيهم ولم يتبق لهم منها الا اقل من 3.5% من اراضي الدولة، وبعضها تحت سلطة المجالس الاقليمية اليهودية؟
ان قانون القومية واسقاط حق المواطنين العرب بأن يكونوا مواطنين متساوي الحقوق هو استمرار يعمق الشرخ بين الجماهير العربية والدولة وكل مؤسسات السلطة. حكومة نتنياهو بدل اعادة التفكير ورفع مستوى اجراءات تحديد السياسة من حكومته، بتخطيط مهني يخدم دولة نتنياهو الديموقراطية بالمكان الأول، واعتبار ان الوطنية الفلسطينية للمواطنين العرب في اسرائيل هي مقوم للتكامل الضروري بين الدولة ومواطنيها العرب. ان الهيمنة التي تمارس قبل قانون القومية لم تغير شيئا مع قانون القومية، بل جعلت السياسة الحكومية مكشوفة على حقيقتها العنصرية.
لقد كشف قانون القومية العنصري، وتأكيد نتنياهو على فحواه المعادي للمواطنين العرب، ان السلطة في اسرائيل تواصل سياسة الهيمنة والتضييق والتمييز في كل ما يتعلق بالمواطنين العرب، وفي كل مجالات حياتهم ، بدءا من حقوقهم بالأرض، الى غياب خرائط هيكلية مناسبة تضمن توسيع مسطحات البناء الضيقة اصلا، الى التمييز في ميزانيات التعليم والسلطات المحلية وتطوير فرص العمل في البلدات العربية، وعدم بناء أي بلدة عربية جديدة تخفف من الازدحام المقلق في البلدات العربية، الذي بات بلداتنا بسبب هذه السياسة تشبه الغيتوات المحاصرة سيئة الصيت..
في عام 1966 اقر قضاة المحكمة العليا انه لا يوجد تناقض بين "دولة جميع مواطنيها" وتعريف اسرائيل كدولة يهودية. فهل يمكن الادعاء، كما جاء بقرار المحكمة العليا، ان اسرائيل هي دولة جزء من مواطنيها فقط؟" كما استهجن ذلك قاضي المحكمة العليا دافيد حشين!!
يبدو انه في عصر بيبي نتنياهو القانون والمنطق السياسي والاجتماعي يجب تغييرهم.. وفوزه بالانتخابات سيشكل عالة جديدة على المواطنين العرب والمواطنين اليهود ايضا، بدفع الدولة نحو التخلص من بقايا ديموقراطيتها، ليس للعرب فقط، انما للمواطنين اليهود الذي يسميهم يسار وصحافة!!
شكرا لروتم سيلع التي فجرت هذا الدمل العنصري !!
[email protected]