اليمن وكارثة إنسانية كبرى


كاظم الموسوي
الحوار المتمدن - العدد: 6094 - 2018 / 12 / 25 - 23:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

خففت تفاهمات السويد مما حصل في اليمن إعلاميا، ورغمها لم تخفف فعليا من معاناة الشعب واقترابه من "كارثة كبرى" ستكون اكبر بكثير في العام القادم 2019.
واضح ان حجم الكارثة ضغط على مجلس الامن الدولي (2018/12/21) لاصدار قرار بالاجماع لإرسال مراقبين الى اليمن لتأمين العمل في ميناء الحديدة الاستراتيجي والاشراف على إجلاء المقاتلين من المدينة ودعم الامم المتحدة لاتخاذ اجراءات انسانية. وصل الفريق الأممي ولكن القلق في نجاح مهمته لم يتوقف عمليا عنده، وخروقات القصف الجوي خصوصا مستمرة.
هل سيوفي من اشعل الحرائق في اليمن وحاصر الشعب برا وبحرا وجوا بوعوده بوقف الحرب والسماح للامم المتحدة ومنظماتها في تقديم المساعدات الانسانية؟!.
أن الأمم المتحدة ومن يتصدر الاهتمام بقراراتها يخلط الأوراق ويساوي بين ما يسميه طرفي النزاع، وكأن العدوان بكل ما لديه من قوة عسكرية ومالية وتحالفات طرف والشعب اليمني المحاصر وقواه المدافعة عنه بما ملكت طرف اخر، وكان ما يحصل من مأساة وكارثة فعلية على الارض نتاج الطرفين. بمعنى أن كلا من الطرفين مسؤولان عن ما يحصل ويدمر على الأرض. فاية قسمة ضيزى هذه؟!. وقد فضحت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بخلافها مع شريكتها بريطانيا في مطالبتها حذف فقرة محاسبة المسؤولين عن الكارثة بعد تشكيل لجنة تحقيق دولي، فهي كعادتها ودورها لا تريد أن تقدم دليل اثبات للمأساة وفضح شركاء الدم فيها.
في برنامج حواري في فضائية تلفزيونية عربية، قبل ثلاث سنوات، كنت مع اكاديمي عراقي مقيم في لندن، عرّفته الفضائية استاذ الدراسات المستقبلية في جامعة بغداد سابقا، قال إن عاصفة الحسم عاصفة النهضة القومية العربية، وانقاذ اليمن من الإحتلال الإيراني وإعادة اليمن إلى الوطن العربي. ورديت عليه في وقته بأن ما قاله خيال وأوهام لان ما يجري سيكون عاصفة لتخريب الأمة العربية وتدمير الشعب اليمني وفتح أبواب اليمن لتدخلات أجنبية تديرها تحالفات صهيونية أمريكية وتخدم المشاريع الاستعمارية. وبعد تلك الفترة، اين مستقبليات الاستاذ الأكاديمي؟!. ومثل هذا الكلام كان ضمن إطار هجوم اعلامي منظم لخدمة مشروع العدوان والحرب، واشتغلت في تنفيذه أوساط ليست قليلة، ووسائل إعلام ومراكز دراسات وأبحاث ليست معدودة. ومن بينها توقفت الفضائية من استضافتي لسنوات. كما فعلت أخريات أيضاً، ومازالت غيرها تمارس المنع بلا قيود.
لعل ما حذّرت الأمم المتحدة من الكارثة فيه رد وجواب .. ففي تصريح للأمين العام المساعد المكلف بالشؤون الإنسانية مارك لوكوك، في ختام زيارته إلى اليمن، (يوم 1 ديسمبر / كانون الأول 2018)، إن “هذا البلد يقف عند حافة كارثة كبرى لكن لم يفت الاوان بعد”، ذاكراً أن “الأوضاع المتدهورة في اليمن ستحتاج إلى مساعدة أضخم في العام المقبل”.
وأوضح لوكوك “اليمن هو مسرح أكبر عملية إنسانية في العالم، لكن في العام 2019 سيكون بحاجة إلى مساعدة أكبر بكثير”، مشيراً إلى أن “الدول المانحة قدّمت 2,3 مليار دولار في عام 2018 أي نحو 80 في المئة من قيمة خطة الاستجابة التي وضعتها الأمم المتحدة”.
وحينما زار لوكوك اليمن في أكتوبر / تشرين الأول 2017، قال إنه قابل في صنعاء نازحين وعائلات عاجزة عن تأمين الطعام، موضحاً أنه تقابل مع أطفال يعانون من سوء التغذية، وقال: “بالكاد يستطيعون فتح أعينهم في عدن”.
منذ ان بدأ العدوان على اليمن باسم التحالف العربي بقيادة السعودية في عام 2015، أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف من الأشخاص، بينما تهدّد المجاعة نحو 14 مليوناً من سكان البلاد، في حين جعل العدوان معظم السكان اليمن البالغ عددهم نحو 27.5 مليونا بحاجة إلى مساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
وحذر صندوق الأمم المتحدة للسكان، في تقرير نشر مؤخراً، من أنه “تلوح في اليمن مجاعة محتملة ستكون الأسوأ في تاريخ العالم الحديث”.
وأوضح الصندوق أن المجاعة “قد تعرض حياة ما يقدر بمليونين من النساء الحوامل والمرضعات اللاتي يعانين سوء التغذية، لخطر الموت”.
كل هذه التقارير والتصريحات الاممية تكشف صورة عن الكارثة القادمة، وهي في الحقيقة تصف بعض حال الوقائع الجارية منذ بدء العدوان. لتضع المسؤولية امام الضمير الانساني، دون تحديد او عنوان.. الا تثير صور اليمنيين في الفضائيات وما جرى لهم وما ينذر لمستقبلهم مشاعر من يشاهدها؟!. ان قصة الصمود اليمني في ظل هذه المعاناة درس لكل من له بصر وبصيرة. لا مستقبل للعدوان وعواصفه واوهامه .. ويبقى الشعب اليمني رافعا سبابته بوجه المرتكبين للجرائم ولن ينسى مجازرهم.
اوقفوا العدوان فورا، اتركوا الحل بيد ابناء الشعب اليمني المخلصين انفسهم، الحريصين فعلا لا مرتزقة الفنادق والمناصب. هذه قضية الشعب وهذه مصالحه، واليمنيون الادرى بها، وتحملوا انتم، الأمم المتحدة وتحالفات العدوان، المسؤولية باعادة العمران والتعويض عما ارتكبت اياديكم ومخيلاتكم، ولن يطول يوم العقاب والحساب!. التاريخ يسجل ولن يرحم!.