قراءة مختلفة في ميثاق الشرف الوطني لجماعة الإخوان المسلمين في سورية


فراس قصاص
الحوار المتمدن - العدد: 229 - 2002 / 8 / 24 - 15:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي     

 

 

أخبار الشرق - 23 آب 2002

تقدمت جماعة الإخوان المسلمين السورية بأفكار أولية تضمنت ما أسمته ثوابت وأهدافاً وأسساً والتزامات مطروحة للنقاش ودعت المثقفين والسياسيين في سورية إلى الانضمام إلى خيمة الحوار الوطني التي نصبتها.

وما كان من المهتمين بالشأن السوري إلا أن تلقفوا تلك الأفكار بنهم وفضول معرفي وسياسي لأنها بدت مناسبة مواتية، لمعرفة ما الجديد في خطاب الجماعة السورية متسائلين عن إمكانية نضج خطابها وإفادتها من تجربة الأمس السياسية بنتائجها الوخيمة على الشعب والمعارضة والبلاد عامة.

ولقد رصد البعض ممن تتبع طرح الجماعة الجديد تغيراً وصفته أطراف من المعارضة السورية بأنه جوهري ويشكل قطعاً معرفياً مع تراث الإسلام السياسي لسيد قطب والمودودي، واعتبروا ذلك مقدمة لمشروع إصلاحي ضروري إن لم يكن فعلاً بداية إصلاح حقيقي.

وها نحن أولاء نحاول وبشكل أولي إعداد تقصٍّ يهدف إلى الاقتراب من حقيقة ما يجري من تبدل وتغير أو إصلاح في خطاب الإسلام السياسي الذي يمثل في حال اضمحلال عقبة ذاتية مفصلية وخطيرة ليس في سورية فحسب بل في المنطقة الإسلامية قاطبة.

ولعله من المفيد القول إننا نتمنى في هذه المحاولة التحليلية أن نقترب قدراً ملحوظاً من حقيقة خطاب الجماعة المطروح للحوار، محاولين الانطلاق من موقع مرن وصافٍ وحيادي قدر الإمكان، مدركين في الوقت نفسه أن وعي النص، أية نص لا يصنعه أصحابه فقط، وإنما المتلقي يساهم في صنعه أيضاً، إلا أننا سنحاول القراءة انطلاقاً مما حاول الخطاب (الميثاق) قوله بشكل صريح مباشر أو ضمني وسنسعى إلى توظيف إشاراته وترميزاته كما شاء هو أن توظف محاولين رصد آلية توليده لتلك الإشارات والمقولات ما أمكننا ذلك.

ورغم أننا لا يمكن أن ندعي أبداً أن وعينا المحرك والمتحكم بالقراءة هذه هو وعي صحيح تماماً لكننا سنحاول قدر الإمكان تقليص احتمالية خطأ الوعي إلى أقصى إمكانية، وإن بدت الآراء الواردة هنا تقريرية فلكي تكون واضحة غير مترددة وفعالة.

* * *

(فإن دعوتنا للحوار ترتكز تلقائياً على مجموعة من الثوابت يفقد الأمة تجاوزها وجودها وقوتها وتميزها بين العالمين وأول هذه الثوابت أن الإسلام بمقاصده السامية وقيمه العليا وشريعته السمحاء، يشكل مرجعية حضارية وهوية ذاتية لأبناء هذه الأمة) (فالإسلام بالنسبة لأبناء قطرنا إما مرجعية دينية أو انتماء حضاري) (مواجهة تحدي البناء العام - بناء الفرد - بناء المجتمع)

وإن جاء تعبير الجماعة واضحاً ومباشراً، إلا أنه حاول أن يختبئ وراء جزالة اللفظ وعمومية المفردة ليختزن صدامية الفكرة وليتجنب تقرير المضمون الذي يتبناه في اعتبار أن الإسلام (كما يفهمه الإخوان) كنظام من العقائد والقيم والتصورات والمعارف يجب أن يكون الضابط بشكل صارم للكل الاجتماعي والمتحكم بكل نشاطاته وأن القيم الأخلاقية والمعايير القانونية والأنماط السلوكية ذات المصدر الإسلامي هي أبدية في الوجود السوري تشكل له لحمته وتخلع عليه الهوية.

إن تلك المقولات تجعل الجماعة شأنها شان كل الحركات الإسلامية السياسية تقرر أبسط تفاصيل المجال الاجتماعي وتضبطه وتتحكم به وتحدد شكل ومضمون العلاقة بين مختلف أطرافه. فهي لا تزال تقول (بمضمون ما تطرحه) بحتمية الحل الإسلامي بكل ما تثيره هذه المقولة من تفاصيل وتفرعات الأمر الذي يكرر مقولات واعتبارات الإسلام السياسي بهذا الخصوص ولا يقدم جديداً يذكر.

* * *

(الصيغة التعاقدية للدولة هي إحدى عطاءات الشريعة الإسلامية للحضارة الإنسانية) (إن تعبير الناس سواسية كأسنان المشط تجسيد حسي لواقع المساواة بين الناس التي كان لشريعتنا وحضارتنا شرف التقدم بها إلى العالمين) (مضمون خطابها للناس أجمعين).

نلحظ في المقطعين الأولين إشارات متعددة إلى أن بعض القيم الحديثة المنتجة بفعل الحضارة الغربية هي ذات منشأ إسلامي سابق وأن الإسلام هو من قدمها إلى العالم، بما يوضح دون لبس استمرار ادعاء خطاب الإسلام السياسي للجماعة لمقولاته القديمة والتي تعبر عن أسبقية في طرح وتبني مفاهيم أساسية في الوجود السياسي والمجتمعي الحديث، الأمر الذي يعبر عن الموقع الانفعالي الهارب في الذات المثالية الأسطورية الذي يمارسه الخطاب الإسلامي في التعبير عن نفسه بشكل عام، وخطاب الجماعة السورية بشكل خاص.

إنه يرجع المفاهيم الحديثة في العصر الحديث إلى تاريخ ماضٍ لم يكن ليعرفها أبداً دون أن يدرك أن الأفكار كل الأفكار لها حدودها التاريخية التي لا يمكن أن تتخطاها أو تتعداها. فالمساواة التي حددها الإسلام وفق تمام الحديث الوارد في الميثاق (لا فرق لعربي على عجمي إلا بالتقوى) هي غير المساواة القانونية والفلسفية الحديثة (التي أطلقتها الثورة الفرنسية لأول مرة) والتي لا تجعل من الانتماء الديني والالتزام الطقسي والشعائري معياراً مرجحاً فيها.

أما فيما يخص الدولة التعاقدية الحديثة فهي انبثاق لعقد اجتماعي صرف بين البشر باستقلالية معرفية تامة عن أي مرجعيات فوق بشرية بينما الحال بالنسبة الدولة التعاقدية في الإسلام متناقض تماماً مع هذا الفهم إذ تشكل المرجعية الإسلامية "الإلهية" الفضاء التي تسبح فيه كل العقود المضبوطة من قبلها.

كذلك فإن استمرار البعد الأممي للخطاب الإسلامي كما يشير إليه المقطع الثالث الوارد في مقدمة هذه الفقرة وتوحي به سطور مجمل الميثاق في المتلقي يؤكد سلوكه نفس الوجهة المعرفية القديمة، الأمر الذي لا يمكن أن ينم عن تجديد حقيقي يطال المضمون في الخطاب الإسلامي السياسي للجماعة السورية.

* * *

(ثاني هذه الثوابت انتماء قطرنا العربي السوري إلى منظومته العربية الذي ينبغي أن يعتبر أساساً في بناء أي استراتيجية سياسية مستقبلية) (ثم إن المواجهة بين العروبة والإسلام كان عنوان مرحلة تاريخية تصرمت ولقد نشأت تلك المواجهة من عوامل الانفعال وسوء الفهم).

فجاء اعتبار القومية العربية ثاني ثوابت الجماعة ليقدم بنية أكثر ترقيعية تنم عن ممارسة بدائية للتفكير وإنتاج متخلف للفكر. فميزة الفكر البدائي لملمة نتف فكرية من بناءات مختلفة حديثة وعتيقة لتشييد بناء أيديولوجي مختلف. فكيف إذا كانت مصادر هذه النتف متناقضة كما هي الحال بالنسبة للبناء الأيديولوجي الذي طرحته الجماعة في الميثاق والذي وُلد فاقداً تماسكه الداخلي ووحدته الفكرية؟

فالفكر القومي العربي الذي استدمجت الجماعة مقولاته في طرحها الجديد، يرى في العروبة أساس الهوية والجوهر المشترك والعامل الرئيس الذي يخلع على المجتمع تميز وجوده وخصوصية بنيته. والفكر القومي عموماً من منجزات العقل الحديث الذي يفصل الديني عن السياسي والذي انبثق نتيجة صراع طويل مع العقل الديني. إن العقل الحديث لا يرى للعامل الديني أي دور في الوجود السياسي والمجتمعي الحديث، ذلك الذي يتناقض مع اعتبار الإسلام المرجعية الأولى والأبدية للحركات الإسلامية ولجماعة الإخوان السورية.

ولا يسعنا في سياق الحديث عن المواجهة بين العروبة والإسلام إلا القول إن ذلك الصدام كان كلياً وشاملاً وحاداً إلى درجة كبيرة تجعل من الدفع بعوامل الانفعال وسوء الفهم إلى ساحة التعليل المنطقي والتفسير التحليلي أمراً محفوفاً بالتبسيط الخطر الذي ينسف مصداقية التشخيص وعلميته واقترابه من الحقيقة. ولذلك فإن الصدام ومحاولة النسف المتبادل بين كلا التيارين الإسلامي والقومي العربي كان يذهب في العمق لدرجة تعبر عن تناقض في المرجعيات الفكرية والفلسفية، ليقود إلى تناقض في الآلية والبنية والوجهة والهدف.

وفي ختام التعليق على هذه النقطة يمكن القول إنه ثمة ذرائعية فجة وتستخدم عقلاً أدواتياً تتضح في محاولة الجماعة لدمج أنصار القومية العربية وتوسيع قاعدتها السوسيولوجية، إثر الانهيار المدوي للمنظومة الاشتراكية والفشل المزري للتيار القومي العربي في سورية في تحقيق التحرير والتنمية وتحول ممثليه إلى سلطة قامعة وعقيمة.

* * *

(وأن الاختلاف مشروع ومعتبَر ما دام في إطار الثوابت الوطنية وفي توجهات الخير والنفع العام).

وهكذا فعندما تقبل الجماعة الاختلاف فإنها تشرط قبولها بوضع حدود للاختلاف، بحيث يكون في إطار الثوابت. أية ثوابت؟ الثوابت الوطنية .. وهي ضمناً الثوابت الوطنية التي تقرها هي ويقرها الخطاب الإسلامي بشكل عام. فماذا إذا كان الاختلاف في هذه الثوابت بالذات؟ وفي توجهات الخير والنفع العام كما حددها الإسلام؟ حينها يكون الاختلاف غير مشروع وغير مسموح له بأن يعتبر أو يكون ..! وهل في هذا إلا نسف لقواعد الاختلاف؟!

فما معنى الاختلاف في تفاصيل وخطوط غير هامة وأساسية؟ وهل يكون الاختلاف اختلافاً حقيقياً إلا إذا كان جوهرياً وحاداً؟ لا يعني ذلك أنه لا يجب أن تكون هناك ثوابت تضبط الاختلاف وتحدده (بخصوص التوجهات والبرامج السياسية في مجتمع ما)، لعلها فقط العملية الديمقراطية تلك التي تشرع الاختلاف وتديره سلمياً في المجتمعات البشرية الحديثة وكل ما سواها يبقى قيوداً وأغلالاً ونسفاً لمفهوم ومعنى الاختلاف.

وهنا بالتحديد يظهر التناقض إلى السطح في بنية الميثاق الذي يعبر عن خطاب الجماعة، إذ يظهر بشكل واضح في المفردات والمعنى المباشر، ولم يستطع أن يختبئ بين السطور(فقط) أو فيما يمكن أن يثيره في المتلقي.

وهنا أيضاً نستطيع أن نقرأ بشكل أكثر وضوحاً البعد النفعي والمرحلي لنبذ جماعة الإخوان المسلمين السورية العنف وقبولها الديمقراطية والعمل السلمي، فمن يقبل الديمقراطية يقبل الاختلاف في إطارها وليس في إطار الفهم الخاص للثوابت. فعندما تشترط الجماعة قبول الاختلاف في إطار الفهم الخاص للثوابت وهي في صفوف المعارضة الضعيفة، يمكن أن تقمعه عندما تصل إلى السلطة، وعندما لا تقبل الاختلاف حقيقة ثم تقبل الديمقراطية والاحتكام لصناديق الاقتراع، فهي تستغل اتساع القاعدة السوسيولوجية للتدين في ظل الفقر والتهميش والإحباط الذي يعانيه السوريون، للوصول إلى السلطة فقط حينها تفقد الديمقراطية والعملية الانتخابية الحاجة لوجودها وجدواها وفعاليتها.

وعليّ أن أؤكد أن الانتقال مما يقوله الخطاب السياسي للجماعة، إلى ما يمكن أن يكون عليه سلوكها السياسي عندما تتبوأ مقعد السلطة يتم انطلاقاً من محاولتي لفهم آلية الانتقال من الخطاب إلى الممارسة محاولاً وعي شروط توليد الممارسة والفعل كامتدادات للفكر والنظرية والخطاب.

* * *

ولتحديد ملامح الصورة الحقيقية للجماعة السورية بميثاقها الجديد أرى تقديم الإضاءات التالية:

1- لا يخفى على المراقب للشأن السوري معرفة حقيقة المرجعية الإسلامية السنية لجماعة الإخوان المسلمين السورية وأكثر الحركات الإسلامية في الدول العربية. فالمساحة السوسيولوجية التي يحتلها الإسلام السني هي الأوسع والأكثر انتشاراً في سورية، وفي الدول العربية، والإسلام السني قراءة وتشكل خاصين للإسلام، بمعتقدات وتصورات وشعائر ونظم قانونية مضبوطة بفعل الآلية التأويلية المتبعة مع النصوص الإسلامية الرئيسية (القرآن، الأحاديث النبوية)، والتحقق من صحتها وتمامها، وفي سياق الصراع على السلطة والمصلحة والهيمنة في الفترة التأسيسية للإسلام.

وبالتالي فإن ما تعتمده الجماعة السورية من شريعة وقيم ومعتقدات كثوابت ومرجعيات، تدخل جميعاً في إطار التشكل السني للإسلام الذي يتقاطع مع التشكلات الإسلامية الأخرى بادعاء احتكاره للحقيقة والصحة المطلقة والنجاة. لقد ولد هذا الاحتكار أثناء الصراع على السلطة في التاريخ الإسلامي تضاداً استبعادياً، تطور ليصبح حاذفاً وقامعاً وفاتكاً ونافياً، وبحكم الحالة السكونية للإسلام (التي ترسخت بعد العصر الذهبي الكلاسيكي للحضارة الإسلامية، وبدءاً من الانتصار السياسي للتشكل السني الذي فرض نفسه ووسع انتشارها سوسيولوجياً بواسطة استراتيجيات القوة والقمع) فلا زال هذا النفي والتضاد يعبر عن الحالة الإسلامية بمختلف تياراتها، وربما دخلت أحداث 1980 في سورية لتصب في هذا الفهم ولتعبر عن هذه الأزمة العاصفة بكل التشكلات الإسلامية.

لذلك فإن الجماعة السورية الطرف الرئيسي في الصراع الدامي على السلطة بين عامي 1979 و1982 لا زالت تشكل خطراً بالغاً وحقيقياً على الطيف الديمغرافي البشري بتنويعاته الثقافية والدينية والسياسية، خصوصاً السوريين من علويين وإسماعيليين ودروز، أصحاب المعتقدات الدينية الإسلامية التي تملك تصورات وتأويلات متباينة تصل إلى حد التناقض الجذري في المعتقدات الرئيسية، والتي لا يقبل الإسلام السني والإخوان الاختلاف فيها أبداً، والسوريون ممن يدينون بديانات سورية أخرى (اليزيدية والمرشدية) والتي يعتبرها الإخوان وثنية وأصحابها كفرة.

2- إن أي جديد أو إصلاح حقيقي يمكن أن يطرأ على الخطاب الإسلامي، لا يمكن أن يكون إلا محصلة لإعادة قراءة كامل التراث الإسلامي، وإدخال القراءة التاريخية والتطورية اللغوية للنصوص الإسلامية، وتوظيف أحدث المناهج في العلوم الاجتماعية والإنسانية واللغوية في تلك العملية الضرورية والمعقدة.

وفي غياب هذه الإعادة والمراجعة لا يمكن الحديث عن إصلاح حقيقي يتعلق بالإسلام أو بتغير جوهري يخص الحركات الإسلامية ومنها الجماعة السورية.

3- إن نظام الحكم السوري وجماعة الإخوان المسلمين يشكلان فكي الكماشة الضاغطة على الحركية السورية. إن تحالفاً موضوعياً، وعلاقة جدلية بين هذين الطرفين تجعل من وجود أحدهما دعماً وضرورة لوجود الآخر. فالجماعة تستمد قوتها من دعم السلطة للمنابر الإسلامية التقليدية (الطقسية والشعائرية) لكي تستغل السلطة الشرعية الإسلامية في توطيد حكمها، ومن فشل السلطة في سياسات التنمية وتعميم الفساد وانتشار الفقر. والسلطة الدكتاتورية تجعل من احتمال وصول الجماعة إلى الحكم فزاعة تضبط به الحركية السورية من خلال القول بخطورة الممارسة الديمقراطية في سورية.

مواقف

1- إن النظام السوري هو المسئول الأول والمباشر عن نسف أية إمكانية حقيقية لديمقراطية عادلة وصائبة برفضه فتح الملفات المضبوطة تراثياً وقمعه لكل الفعاليات الحراكية السورية وبمفاقمته للغم التعصب الديني سياسياً وثقافياً.

2- على المعارضة السورية أن لا تُخضع نفسها لإكراهات العمل السياسي ومتطلبات الجدوى والفعالية المباشرة قصيرة النظر. إن تلقفها الإيجابي لهذا الميثاق وقراءتها له تشير إلى الطبيعة الإرادوية والتوظيفية لتحليلها موقف الجماعة الفكري والسياسي، الأمر الذي يهدف إلى تجميل صورة المعارضة السورية المنهكة ويبرز نضجها وتوسع خبرتها.

إن مخاطر هكذا قراءة (بالإضافة إلى التشويش الذي تحدثه) تتمثل في الهروب من الحقيقة إلى الوهم ومن المراجعة العلمية للوصول إلى تشخيص حقيقي لأزمة الذات السورية، إلى مراجعة عاطفية توظيفية تفترض ما هو كامن في حقل الأمنيات على أنه واقع حقيقي.

إن على المعارضة السورية أن تقوم بقراءة تحليلية مدعومة بالتأمل الفلسفي لحقيقة الحالة السورية بمختلف فعالياتها وقواها الفاعلة ومآزقها الممكنة.

3- لا يحق لأحد أن يصادر حق الجماعة السورية في الوجود السياسي على الساحة السورية، فلكل الحق في الوجود والمشاركة، في بناء الدولة وقيادة المجتمع. إلا أنه للجميع الحق في التعبير عن أي رأي، والرأي الوارد في هذه القراءة السريعة يستمد شرعيته من هذا الحق، الرأي الذي يحذر وبقوة من خطورة ما تمثله جماعة الإخوان المسلمين السورية (بميثاقها الجديد) من تراث إسلامي قروسطي منغلق لم يطله الإصلاح الجذري، ما قد يعيد السوريين إلى الماضي وشروطه، ويتهدد الوجود السوري المتعدد، وينسف النذر اليسير المتبقي من شعور الجميع بالمصير الواحد والإرادة الواحدة.

__________ 

* كاتب سوري معارض - ألمانيا