في أي حال ووضع تبدو مرآة الدولة والأمة - القضاء - ؟؟؟؟


عفراء الحريري
الحوار المتمدن - العدد: 3215 - 2010 / 12 / 14 - 23:42
المحور: حقوق الانسان     

تحال أسس الدولة في دستورنا إلى الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا ، وهو الأمر الذي دفع ببعض المنظمات المانحة والهيئات الدبلوماسية والبنك الدولي والأمم المتحدة بضخ الأموال لليمن ، وإعطاء الأولويات للاهتمام بالنظام القضائي وتعزيز استقلاليته ، على أن يكون القضاء سلطة فعالة لبلورة وعي المواطن تجاه حقوقه ، بمعنى آخر أن تكون السلطة القضائية مهيأة دونا عن سواها لترسيخ الإحساس لدى الناس أن هناك نظام وقانون ، يستند ولو على أدنى مبادئ العدالة والمساواة ..وأن كانت خيال ماته أو فزاعة غربان لمواجهة التحديات التي تحكم مصير البلاد والناس ...
فتعال أيها القارئ ننتقل إلى العدالة " القضاء ، القانون ، حقوق الإنسان " لان وضع العدالة هاما جدا مادمت تدرك أيها القارئ بأنه لك حقوق في مفهوم المواطنة لا تعد ولا تحصى ولا تهمل ولا تنسى ولا يمكن تجاهلها ؟ وأن لم تجد من ينصفك فأنت مضطرا أن تلجئ إلى القضاء للحصول على ما سلب ونهب و أنتهك من حقوقك ، ولكن ماذا أن وضحت لك وضع القضاء " السلطة القضائية " في اليمن ؟ فالقضاء يعرف بأنه : " مرآة لما يحدث في الدولة – فإن أردت أن تعرف وضع شعب ما ودولة ما ونظام ما ، في كل أنحاء العالم ستعرفه حين تعرف قضاءه " الجالس " القضاة " الواقف " النيابة " والكثير يضيف المحاماة إلى القضاء الواقف " ، وهذه المرآة أن مسحت بعض الغبار العالق عليها ستجد أمامك صورة واضحة لما أنت فيه ( وضعك ، حالك ، مالك ، صحتك ، علاقاتك ، هويتك ، تاريخك ، ماضيك ومستقبلك ...باختصار سترى كل شيء عن حقوقك وضمانها وحمايتها ورعايتها وصيانتها ...الخ كما سترى تصنيفك أنت ؟ تصنيفك إلى أي المخلوقات ، هل أنت إنسان بالفعل ؟ هل أنت كائن حي " حيوان ، نبات ، بكتيريا ، طفيليات ، لان حتى هذه الكائنات لها حقوق في دول العالم الأخر، و لك أن تعرف بأن هذه الحقوق مدونة أيضا ؟ ووحده اليمن يسير في اتجاه معاكس لاتجاه هذا العالم / ووحدها هذه المرآة " القضاء" تفضح ذلك كما سأعرضه عليك في السطور القادمة ؟ إذ يستعصي على الدستور والقانون وهو في حالته الحالية أن يضمن أية حقوق للمواطن اليمني ، فالمفارقات المسجلة في مجال الدستور والقانون اليمني تجعل من حصول المواطن على حقوق مواطنته أمرا إشكاليا وصعبا ومستحيل إلى حد كبير ومستوى عالي ، فالأسس والمبادئ والقواعد التي جاء بها الدستور ، والقواعد " النصوص القانونية " ليس لها علاقة ولا صلة بما يتم من إجراءات تتخذ في المحاكم والنيابات كما تدل عليها تلك النصوص تجاه حقوق المواطنة ، بل بما ينتهك المواطنة والحقوق المترتبة عليها ، فالإجراءات التي يتم اتخاذها في المحاكم تتناول حقوق فردية وشخصية أما لمصلحة القوي ، المتنفذ ، المستثمر، صاحب السلطة أو لمصلحة القضاء الفردية والشخصية ، أما حقوق الفرد كالمواطن البسيط فتتخذ بشأنه الإجراءات التي لها علاقة بالقانون إلى حد ما في حدود قضيته ضد مواطن بسيط مثله ، أما ما يتعدى ذلك – أي قضيتك كمواطن تجاه كل من ذكر أعلاه فغالبا ما تكون غير تامة وغير شرعية وغير دستورية وغير قانونية ، وحتى تضفى عليها قليل من نكهة القانون ، تم استحداث بنود إدارية بحته تسمى " المنشورات" وهي الصورة الجديدة التي أبتدعها مجلس القضاء الأعلى ، التي أصبحت في مرتبة تعلو على الدستور ومصادره والقانون والاتفاقيات الدولية التي أنضم إليها اليمن ، والمخجل في الأمر أن نقابة المحاميين باعتبارها قضاءا واقفا ، وليس مدافعا عن حقوق الإنسان لم تعترض على هذه الإجراءات قيد أنملة حتى في ندوة احتجاجية متواضعة ، كما يتحتم عليها الأمر العمل على حذف المفارقات التي تعتري قانوننا " الموضوعي و الإجرائي " ، حيث لا يمكننا اعتبار التشريع نسيجا من النصوص التي تعمل مستقلة عن بعضها البعض ومتفرقة ، وفي معظم الأحيان متشقلبه أو مقلوبة " إذ كيف يمكننا تطبيق العدالة ، في إطار وجود الاستثناء والمصلحة الشخصية والخاصة للقاضي والمتقاضي ، وفي ظل إصدار منشورات هي أقل بكثير من مرتبة القانون والدستور ؟ أنه لشيء باعث على السخرية أن تصل بنا الأمور إلى هذا الحد ، حين تصبح أوامر الأجهزة الأمنية فوق مستوى الأوامر القضائية كما هو حال " أوامر الإفراج عن المعتقلين التي تصدر من النيابات العامة والاستثنافية والجزائية ، فلا يتم تنفيذها والتقيد والالتزام بها من قبل الأجهزة الأمنية " ؟ وكما هو حال الإجراءات حين يتم إصدار حكما في جلسة مبهمة لم تكن محددة لإصدار الحكم أساسا ، ولم يتم فيها إشعار المتقاضيين بإحضار ما لديهم من أدلة وأسانيد إثبات ، وسؤالهم هل لديكم ما تقدموه أو هل تريدون تقديم مرافعات ختامية لقضيتكم ؟ أو إن القضاء حجز القضية للحكم ؟ كما حدث في قضية المستثمر ، والمنطقة الحرة ضد الجمعية اليمنية لحماية البيئة " ردم البحر" ؟ "المنطقة الحرة" تلك المنطقة التي تم استثناءها من الخضوع للقضاء والمقاضاة والتقاضي بموجب منشور صادر من مجلس القضاء الأعلى ، بعلو وزهو عن كل التشريعات اليمنية والاتفاقيات الدولية وأدلة الإثبات والأسانيد والتقارير الدولية ، بل وحتى تقرير الخبرة " الخبير المحايد" الذي تم إنتذابه من قبل القضاة، الخبير الذي أوصى جهارا نهارا في جلسة علنية " بعدم ردم البحر" وأمام منصة القضاء ، في حرم العدالة ؟؟؟؟ ذلك الاستثناء فقط لأنها " حرة " ، هنا سيكون من الخطأ الفادح الاعتقاد بأن إصدار المنشور وحده كاف لفتح أبواب الاستثمار في وجه حقوق المواطنة "حقوق الإنسان" ، كما لا يجب النظر إلى مجلس القضاء الأعلى أنه يسمو على الدستور والقانون لأنه سيجعل من القانون يبدو كمجموعة نصوص مفروضة على المجتمع ومتعالية عالية ، و بأنه نظام مركب يضمن وجوده وجود علاقات اجتماعية ينظمها القاضي حسب هواه ومزاجه وليس حسب سلطته التقديرية المبنية على التقارير والبينات والقرائن ...وغيرها من أدلة الإثبات ؟ وهذه الأمثلة " غيض من فيض" ، فالحقيقة أن القانون يصدر عن المجتمع وهو انعكاس له ولمصلحته الآنية والمستقبلية ، فإذا أبتعد القانون والقضاء عن المجتمع وحاجياته ومصالحه وحقوقه فأنه يصبح عديم الفعالية وعديم الجدوى والفائدة ؟ فأوامر النيابة التي لا يتم تنفيذها ، والقضاة اللذين / اللواتي لا يمكن محاسبتهم / محاسبتهن للانتهاكات و للخروقات والمخالفات الدستورية والقانونية " شكلا وموضوعا " ، والمنشورات التي تم إصدارها مؤخرا " بشأن وقف النظر في طلبات الأمر على عريضة ، رفع رسوم " ترسيم الدعاوى ..وغيرها " ومنع النظر في القضايا المرفوعة ضد المنطقة الحرة ....وغيرها من المنشورات التي سيفاجئنا بها مجلس القضاء الأعلى ، هذه الصور في مرآة الدولة والنظام السياسي تنفي مبدأ استقلالية السلطة القضائية التي لا سلطان عليها سوى القانون ؟ وتلغي مبدأ المساواة في إجراءات التقاضي ، وتنبذ مبدأ العدالة من الحكم القضائي ، وتتجاهل حقوق المواطنة " وتجرد المواطن من تصنيفه باعتباره " إنسان " ؟ هذه المرآة تعكس بوضوح أن اليمن يسير بشكل اعتباطي ودون أن يعرف إلى أين يتجه ، وكأنه مدفوع بقوة سلبية من أعماقه ؟ لقد أبانت المرآة التي تعكس وضع وحال اليمن أنه ينبغي سيادة النظام والقانون كمكون أساسي لإرساء الديمقراطية ، وإرساءها يتطلب جراءة ومسؤولية عالية ينبغي أن يقوم بها النظام السياسي ، وهي صفات متلازمة عضويا وجدليا ولابد من اجتماعهما لتحقيق الإصلاحات الضرورية والحقيقية خاصة في مرآة الدولة والأمة ، فإذا كان هدف المعارضة والحراك والانفصاليين واللقاء المشترك و الخارجين عن القانون والحوثيين والمستقلين المسيئين / المسيئات لليمن وملحق الضرر بأمن وأمان اليمن وغيرهم هو زعزعة استقرار البلاد ، فهذا لا يعني أن الإبقاء على الوضعية الراهنة هو الصحيح والسليم والمناسب والأفضل ، إذ لا يمكن تصور ديمقراطية دون نتيجتها الطبيعية وهي ضمان حقوق الإنسان ، وخير دليل على ذلك وضع وحال المرآة " القضاء" وقد أصبحت تجسيد ورمز للفوضى ، والمركز لما لا يمكن التحكم فيه ، والتجسيد الحي لأخطار وتهديدات ليس على المدينة والوطن فحسب، بل والاعتداء على الطبيعة والبيئة والكائنات الحية وأولها الإنسان ( يرجى الرجوع إلى أدلة الإثبات ودراسة تقييم الأثر البيئي / التي فقدت العديد من المواصفات القانونية الوطنية والدولية ، وتوصيات الخبير المحايد ، وتوصيات مؤتمر الأرض 2009م عن الاحتباس الحراري ...وغيرها ) ، فما أسوء بأن يتم الاستهتار بحياة الأجيال القادمة حين تتحول وتصبح المرآة " القضاء " طاقة هدامة بلا حدود في ظل الصمت الدستوري والقانوني والإنساني لمبادئ أقرها الله سبحانه وتعالى للإنسان –" المساواة والعدالة "...اللهم أني بلغت ، اللهم فأشهد ، وحسبنا الله ونعمه الوكيل .