عن الماركسيّة ,, حوار بيني وبين الزميل أكو كركوكي ..


شامل عبد العزيز
2014 / 12 / 12 - 11:07     

يبدو أنّ السذاجة هي المحرك الحقيقيّ للتاريخ كما قال أحد الزملاء !
بعيداً عن مصطلحات البلاشفة والتفاخر والماركسيّة كفلسفة ونظريّة علميّة وكذلك ماركسيّة الفول والشعير التي أصبحت عنواناً في ارشيف الحوار المتمدّن وقوانين الديالكتيك العلميّة وحساب التفاضل والتكامل والحتميّة وبوبر العميل ولكنّ بكلام بسيط وأسئلة متواضعة نطرح الموضوع التالي :
من بديهيات النظريّة الماركسيّة لا بدّ من قيام ثورة للبروليتاريا في بلد صناعي متطوّر على أصحاب رؤوس الأموال من أجل نيل حقوقهم – وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف – سأتماشى مع تلك النظرة من أجل أن نطرح أسئلة إضافيّة – بلهاء – تخص أصحاب عقول الكاوتش !
خطوات النظريّة الماركسيّة معروفة للمهتمين ولمعتنقيها .
تتحقق الاشتراكيّة – محو الطبقات بعد ثورة العمال – البروليتاريا – وتستمر الاشتراكيّة وصولاً إلى المرحلة الأخيرة حسب ماركس – نهايّة التاريخ - بتحقق الشيوعيّة حيث لا دولة ولا نقود ولا – ولا أيّ شئ ... ثمّ يكون الفناء !
بمناسبة الفناء قبل الكارثة الكونيّة إذا لم تتحقق الاشتراكيّة نقتبس النص التالي من مجلة علميّة :
(إن الطبيعة بكل ما فيها تؤكد لحظة بلحظة على العبث , وتاريخ نشوء الحياة , وتاريخنا نحن البشر يؤكدان على إننا مجرد صدفة عابرة في خضم الصيرورة الطبيعيّة الوجوديّة اللامعقولة , إننا الكائنات الحيّة , إننا ربما بعد ملاين أو مليارات السنين على أعتاب الفناء , كما تتنبأ الفيزياء الكونيّة , فأين يكمن المعنى إن كان الوجود الحيّة الوحيد الذي نعرفه سيكون فانياً ؟ لمجرد إن الكون سيتقهقر بحكم القوانين الفيزيائيّة أو أن الشمس ستخمد بحكم نفاذ مخزونها من الهيدروجين . فإذا كانت هذه صورة الوجود فلنا أن نستنتج أنه مهزلة رهيبة. لكن وهل ينبغي أن ندع حياتنا القصيرة و سنواتنا القليلة تمضي هكذا في فوضى العبث ؟ ) . انتهى .
يبدو أن الغالبيّة تُحب العبث !
نعود لموضوعنا .
ولكن متى ستحقق الشيوعيّة – الحتميّة التاريخيّة مثل الكروموسومات 23 – 23 لكل من الرجل والمرأة ؟ لا أحد يعرف .. منذ وفاة ماركس وإلى اليوم 130 سنة !
ما قيمة نبوءة لا يعرف أحدٌ متى ستتحقق ؟ يعقوب ابراهامي .
لم تقم ثورة للعمال في العالم حسب النظريّة الماركسيّة من قبل العمال أنفسهم حتى ينالوا حقوقهم وخصوصاً في وقت ماركس نفسه حيث البؤس والشقاء لهؤلاء العمال وهم في حالة مزريّة لا مثيل لها بحيث تصل تلك الثورة إلى مرحلة الاشتراكيّة ففي الدول الشرقيّة – الاتحاد السوفيتي " سابقاً " قامت ثورة دمويّة بالحديد والنار والقتل والتشريد .. في بلد زراعي متخلف كانت يعتمد على الزراعة ويطلقون عليه – سلة العالم – إلى أن أصبح اليوم يستجدي رغيف الخبز من الدول الامبرياليّة وتحكمه عصابات من مافيات عديدة وإرهابي اسمه بوتين .
وبمناسبة الامبرياليّة أيضاً فإن اغلب الذين يصرخون بسقوط الامبرياليّة يعيشون من خيراتها وفي دولها ويلهفون اليورو والدولار والكرونا وباقي العملات ولكنهم – اعداء الامبرياليّة - ! أما نحن أصدقاء الامبرياليّة وعملائها فنطبخ الحصى في دولنا البائسة !
أليست هذه هي السذاجة ؟ أليست هذه هي المهزلة ؟ المهم .
دول العالم اليوم تجاوز عددها 200 دولة .
خارطة العالم أمامنا والقارات معروفة فمن يستطيع أن يقول لنا في أي بلد ستكون هناك ثورة من قبل البروليتاريا – العمال – من أجل نيل حقوقهم على ضوء توقعات كارل ماركس ونظريته ؟
في العالم الغربيّ المتطوّر أم في دول العالم الثاني – الثالث ؟
لا اعتقد بأن العالم الغربيّ اليوم بحاجة إلى ثورة من قبل العمال حتى ينالوا حقوقهم فحقوقهم محفوظة ومًصانة والعمال هناك بأفضل حال . فلماذا الثورة إذن ؟
بمعنى أخر لقد حقق العالم الغربيّ " ما كان يطالب به ماركس " .
في حوار بيني وبين الزميل أكو كركوكي على مقاله :
كُلُّ شئ على ما يُرام ... يا مولاي! بالرابط أدناه :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=445120
أشار في تعليق له إلى العديد من النقاط منها على سبيل المثال :
النظام الرأسمالي الذي كان قائماً أيام ماركس مختلف تماماً عما يسمى رأسماليّة اليوم .
ماركس يتحدث في رأس المال عن أطفال بعمر 6 سنين و9 سنين كانوا يعملون من السادسة صباحاً الى التاسعة مساءاً.
يتحدث عن حشر 30 عاملاً في غرفة واحدة وجعلوهم يعملون حتى أصيبوا بسكتات قلبيّة...
قبل أيام قام رئيس نقابة القاطرات بألمانيا بتعطيل حركة القطارات في كامل ألمانيا لعدة أيام وأصاب الاقتصاد بخسائر تقدر بالمليارات احتجاجا على رفع رواتب مساعدي سواق القاطرات . يعتقد إن الأزمة الاقتصاديّة بمثابة تحقق نبوءاته ولا يعرف إن النظام العالمي أصيب بأزمة تقريباً كل سنوات7 . انتهى .
إذن صورة العمال في الغرب اليوم واضحة وضوح الشمس فلماذا سيكون هناك ثورة والعامل الغربيّ أفضل من رئيس وزراء أي دولة عربيّة سقيمة بائسة دكتاتوريّة متسلطة ؟ اليس هذا هو الجنون بعينه ؟
حقيقة ما يهمني هو منطقة الشرق الأوسط وتحديداً دولنا العربيّة فنحن جزء منها وما يحصل وسيحصل يلامسنا ويخصنا ويؤثر فينا دون استثناء ولا يعنيني أن تقوم ثورة للبروليتاريا في جزر الواق واق من أجل الوصول إلى الاشتراكيّة .
ثمّ ما معنى أن تتحقق الاشتراكيّة في النرويج على سبيل المثال بثورة البروليتاريا وما علاقتنا نحنُ عباد الله والفقراء إليّه بذلك ؟
إذا تحققت النظريّة الماركسيّة في السودان فما علاقة الدانمارك مثلاً ؟
هل ماركس كان يقصد أن تقوم ثورة البروليتاريا في دولة واحدة فقط ؟
أم أنّ العالم بأجمعه لا بدّ أن يقوم بنفس الثورة ؟
كما قلنا سابقاً ما يهمنا هو واقعنا العربيّ ودولنا الخنفشاريّة إذ ليس من المعقول أن نلهث وراء ثورة ستقوم في جزر الكناري ونحن نعيش على أكوام من الصفيح والقمامة فهذا ليس من العقل في شئ بل هذه بلادة وهروب ويأس ومرض نفسيّ .
ما هو واقعنا العربيّ وما هو اقتصادنا وكيف من الممكن أن تتغير أوضاعنا نحن – نحن العرب الذين نعيش خارج الزمن وخارج التاريخ وخارج كل شئ .
فلا ثقافتنا تشبه ثقافة أحد ولا مثقفينا .
إذا ما قرأنا النظريّة الماركسيّة وعلى ضوء تنبؤات وتوقعات كارل ماركس فأين نحن من تلك النظريّة ؟
من خلال الحوار الذي استمر بيني وبين الزميل أكو كركوكي قال :
المعروف إن ماركس وظف كل جهوده لتحليل الاقتصاد الرأسماليّ ووضع نظريته حولها . ولو نظرت الى منطقتنا فلا تجد إقتصاد صناعيّ بهكذا معنى وخاصة في الدول العربيّة وتحديداً في الشرق الأوسط . هذا يعني إن مجتمعاتنا لم يتشكل فيها حتى تلك الطبقات التي تحدث عنها ماركس فليس لدينا بروليتاريا حقيقية ولا بورجوازيّة حقيقة . وبالتالي ما حاجتنا لأحزاب شيوعيّة إذن ؟ عموماً هذا بحث آخر ويمكن أن تضيف السؤال الأخير الى قائمة أسئلتنا – البلهاء - ال 11 الموجهة للسيد النمري لكي تصبح 12 سؤال ! انتهى ..
قسم من هذه الأسئلة سبق وأن طرحتها في العديد من المناسبات بحثاً عن أجوبة حقيقية ولكن الأجوبة تمخضت عن استهزاء وشتائم – بمعنى أخر تمخض الجبل فولد فاراً ! هي دائماً حجة الفاشل في عدم الرد .
هناك مثل مصري شعبي يقول " اللي يستحقه البيت يحرم على الجامع " .
نحن البيت – دولنا هي البيت – فكيف السبيل إلى ثورة بروليتاريّة وأين هم العمال وأين هم أصحاب المعامل والمصانع وأين هي طبقة البرجوازيّة الحقيقيّة ؟
اقتصاد الدول العربيّة اقتصاد ريعي لا ينتج والاقتصاد الريعي هو الاعتماد على موارد الطبيعة – النفط – الغاز – أي مورد أخر .
نص مقتبس حول الاقتصاد الريعي :
( أول من استعمل هذا المصطلح باعتباره شكلاً من أشكال المردود المالي هو آدم سميث في كتابه (ثروة الأمم) ولكن أول من استعمله كنمط اقتصادي هو كارل ماركس في كتابه (رأس المال) حيث قال : في الاقتصاد الريعي تقوى علاقات القرابة والعصبيّة أما في التشكيلات الاجتماعيّة الرأسماليّة فتسيطر علاقات الإنتاج ) انتهى .
إذا ماذا ننتظر حتى يكون التغيير فلا الإسلام هو الحلّ ولا ثورة البروليتاريا موجودة ؟
بيت القصيد هو أننا مجتمعات - بليدة - كسولة - مخصية لا تنتج سلعة ولا معرفة فمن أين يأتي التغيير ؟ بشعارات تسقط الامبرياليّة والصهيونيّة مثلاً ؟ أم من ثورة البروليتاريا التي لا وجود لها في عالمنا أم من مفاخذة الرضيعة أم من المقاومة والممانعة ؟ من أين ؟ من الأحزاب العربيّة العلمانيّة التي لا تتجاوز كونها حبر على ورق أم من أهل العمائم الملونة ,, من أين ؟ ألاّ تريدون التغيير ؟ من سيقوم بذلك ؟ كُتّاب الصحف الالكترونيّة أم منشورات وسائل التواصل الاجتماعيّ ؟
من سيقودنا – من هو المرشح – ماذا يستطيع أن يقدم ؟
يقول الزميل أكو كركوكي حول ذلك :
مشكلتنا المباشرة إذن مع الاقتصاد الريعي والذي يعني بشكل عام الاقتصاد الذي لا يقوم على إنتاج صناعي بل يعتمد على واردات الموارد الطبيعيّة وليست بالضرورة أن يكون نفطاً. وهكذا إقتصاديات هي السبب الرئيس والمباشر لنشوء الأنظمة الشموليّة والديكتاتوريّة وهي أكبر معيق للديمقراطيّة لأنها تضيف موارد هائلة لميزانيّة الدولة . فيكون المجتمع بحاجة للحكومة وليس العكس . وينتج مجتمعات بليدة وكسولة لا تنتج شيئاً لا سلعة ولا معرفة. مجتمعات مخصيّة تنتظر لقمة تأخذها من الحكومة فتسد أفواهها عن كل شئ . لهذا تبقى العلاقات الاجتماعيّة في مستواها القبليّ ... انتهى .
إذا لم تكن النظريّة الماركسيّة نظرية من أجل ايجاد - حلّ لواقع - فما الجدوى ؟
هل كتب ماركس نظريته من أجل حوار عقيم , سقيم وجدل بيزنطي لا ينتهي يشبه جدل الأديان على أنّها نظريّة علميّة وقوانين تشبه قوانين الفيزياء ؟
اليوم أؤمن بأن الماركسيّة نظريّة من أجل إيجاد حلول لمشاكلنا الهائلة ومن خلالها البحث عن مخرج لدولنا التي أصبحت عالة على البشريّة وأضحوكة للعالمين بأفكارها ومثقفيها ..
الاسطوانة البائسة :
لا عداء لأحد فنحن لسنا على حلبة مصارعة أو ملاكمة من أجل أن يفوز أحدنا بالضربة القاضيّة أو النقاط .. لا عداء للماركسيّة ولا للشيوعيّة ولا للاشتراكيّة ولا كراهيّة للقوميّة ولا للأديان ففي الأفكار يوجد الرأي والرأي الأخر أما الحب فمكانه الغرف المغلقة من أجل ممارسته ومن المحتمل ممارسته بالشارع مستقبلاً !!!
نحن أعداء أنفسنا إذا ما استمرينا على هكذا ثقافة وهكذا نهج .
لا يوجد سوى الرأي والرأي يقابله رأي أخر أي الرأي المخالف .
الكاتب يكتب لنفسه ومن الطبيعيّ أن يجد من يتفق معه ومن يختلف كذلك .
يجب أن يسود الرأي والرأي الأخر في الحوارات لا أن يسود التعصب والانغلاق والطائفيّة المقيتة والاستهزاء والسخريّة والشتائم والشعارات البائسة .
العالم اليوم تجاوز السبع مليارات وليس من المعقول أو المنطق أن يكون هناك فكر واحد – رأي واحد – عقيدة واحدة فهذا يتنافى مع الحياة التي هي متنوعة .
يجب أن نتخلص من الأدران التي علقت بثيابنا ويجب أن ننظف ونكنس الأوساخ من أمام بيوتنا فالعالم الغربي الذي وصل اليوم إلى المريخ فعل ذلك قبل مئات السنين ..
لقد فشل الجميع وبدون استثناء في تقديم أيّ منفعة لهذه الأمّة .
هي ثقافة اللاثقافة - أشبه بسحاق لغوي لا ينتج حملاً معرفيا - صدق من قال ذلك .
/ ألقاكم على خير / .