إضراب 21 ديسمبر: مناورة فوقية أم تعبير عن إرادة العمال التونسيين؟


سامر بن عبد السلام
2025 / 12 / 12 - 00:52     

إضراب 21 ديسمبر كان قرارًا اتخذته قيادة الاتحاد بطريقة فوقية، قرارًا سياسيًا وبيروقراطيًا يندرج ضمن معركة نقابية تهدف إلى الحفاظ على موقع البيروقراطية النقابية في مواجهة نظام بونابارتي الذي يسعى لإعادة تشكيل قوى الهيمنة الثقافية. هذا القرار لم يشارك فيه العمال والكادحون، الذين من المفترض أن يكونوا أصحاب القرار الفعلي. حينما يُفرض الإضراب من أعلى ولم ينبثق عن قاعدة منظمة من العمال، يفقد شرعيته ويصبح مجرد مناورة بعيدة عن هموم الناس اليومية ومطالبهم الأساسية.

لكن لماذا الآن؟ لقد فقد الاتحاد الكثير من دوره وثقة الناس فيه على مدى العقد الماضي، حتى أصبح الشعب ينظر إليه كجزء من الأزمة وليس كجزء من الحل. كلما تحكمت البيروقراطية النقابية أكثر وابتعدت عن قاعدة العمال، كلما ضعف الاتحاد وتآكل نفوذه، وهو ما يؤدي إلى تقسيم البيروقراطية نفسها ويزيد من هشاشتها، وقد بدأ هذا يتضح جليًا في الواقع الراهن. خلال الفترات السابقة، أجلت البيروقراطية المواجهة مع النظام خوفًا على مواقعها، أما اليوم، فلم تعد قادرة على التأجيل، وأقدمت على خطوة استباقية لإنقاذ نفسها في مواجهة قد تكون محدودة النتائج، رغم ضعف الاتحاد وعدم قدرته على التعبئة.

تاريخيًا، لم يكن الإضراب قرارًا يُفرض من الأعلى، بل هو نتاج تراكم نضالات صغيرة، سياسية واقتصادية، ينظمها العمال خطوة بخطوة، ويكتسبون من خلالها الخبرة في إدارة الإضرابات. أما اليوم، فإن الانحراف الذي شهده الإضراب الحالي لا يضر الاتحاد وحده، بل يشوّه العمل النقابي ومفاهيمه، ويحوّل الإضراب من أداة نضالية للعمال إلى وسيلة سياسية فارغة.

لقد كنت مع الاتحاد في الصيف ضد نظام 25 يوليو، حيث أوضحت طبيعة التناقض الرئيسي مع النظام، وأن التناقض مع البيروقراطية النقابية كان ثانويًا. أما اليوم، فاعتبر نفسي اني كنت مخطىء الموقف الفوقي الحالي للاتحاد كارثي، ولا يمكن الوقوف معه، ولا يمكن دعم البيروقراطية النقابية ضد النظام، لأن استمرارها في هذا النهج يضر الطبقة العاملة. يجب أن نترك البيروقراطية تواجه معاركها، تضعف وتتقسم، وفي الوقت نفسه، يجب علينا كشيوعيين ثوريين أن نبدأ بترسيخ مفهوم الديمقراطية العمالية القاعدية.