ثقافة نقابية عمالية - معهد التعليم النقابي الدولي
جهاد عقل
2025 / 12 / 10 - 18:27
في خطوة نقابية عالمية هامة شارك أكثر من مائة ناشط نقابي من مختلف مناطق العالم في أعمال "المدرسة النقابية الدولية" التي نظمها معهد العمل العالمي (GLI) في فرنسا بين أيام 1 و 3 كانون أول / ديسمبر 2025، والتي خُصّصت هذا العام لأحد أخطر التحديات التي تواجه الحركة العمالية: ت"صاعد النزعات السلطوية والقومية المتطرفة.” وعلى مدى ثلاثة أيام من النقاشات الحية وورش العمل والتبادل بين الحركات، بحث المشاركون في كيفية تعزيز القوة الجماعية للعمال، والدفاع عن الديمقراطية، وتفعيل التضامن الدولي في سياق سياسي عالمي يزداد عداءً للحقوق والحريات.
وفي بيان للإتحاد الدولي لنقابات عمال البناء والأخشاب أشار الى أهمية ممثلين عن الإتحاد في هذه الدورة الدراسية ، حيث مثّل الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب في هذه الفعالية اثنان من القادة النقابيين الشباب وهما :حسين مولانا من نقابة عمال البناء والأخشاب (SERBUK) في إندونيسيا، وشاين سِناسامي من نقابة عمال البناء والأخشاب (CMWEU) في موريشيوس، إلى جانب غولشاه دوروك، منسقة الشباب العالمية في الاتحاد.
وقد استعرض مولانا استراتيجيات التنظيم المبتكرة التي تعتمدها نقابته للوصول إلى العمال الشباب والعاملين في الاقتصاد غير الرسمي في إندونيسيا، بينما قدّم سِناسامي شهادة قوية حول واقع العمال المهاجرين الذين باتوا هدفاً مباشراً لسياسات سلطوية تُجرّدهم من حقوقهم وحمايتهم. وجسدت مداخلاتهما الحاجة المُلّحة إلى تحرك نقابي عالمي منسّق وإلى موقف موحّد للحركة العمالية في مواجهة السلطوية والفاشية أينما ظهرت.
وأكد الأمين العام للاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب، أمبيت يوسون، ثقته العميقة بدور الشباب قائلاً إن العمال الشباب هم القوة المحركة الأساسية في التنظيم والتعبئة، وهم في طليعة النضال من أجل بناء مستقبل عادل وديمقراطي للجميع.
ويأتي دعم الاتحاد لهذه المدرسة تقديراً لإرث النقابيين الراحلين دان غالين وديف سبونر، اللذين تركا بصمة تاريخية في الحركة النقابية العالمية، وما زالت أفكارهما تلهم جيلاً جديداً من النشطاء حول العالم.
- ما هو معهد العمل العالمي - Global Labour Institute (GLI) ولماذا أُسس؟
معهد العمل العالمي (GLI) هو "معهد خدمة" دراسية للحركات العمالية والنقابية العالمية، أُسس لدعم وتقوية التضامن بين النقابات العمالية والمنظمات المدنية والشغلية حول العالم.
هدفه المعلن: تعزيز العدالة الاجتماعية، حقوق العمال، الديمقراطية، وحماية الحريات، في مواجهة تبعات العولمة والرأسمالية النيوليبرالية. يعمل بناء على قيم الاشتراكية الديمقراطية في رؤيته.
- متى وأين تأسس معهد العمل العالمي (GLI)
أول فرع من المعهد تأسّس في جنيف، سويسرا في عام 1997. أسّسه دان غالين ( Dan Gallin)، الذي كان أمين عام سابق في الاتحاد العمالي الدولي للغذاء والزراعة والفنادق والمطاعم.
وفي جنيف – سويسرا باشر المعهد نشاطه في التثقيف النقابي – العمالي للنقابيين من مختلف أنحاء العالم.
- انتشار فروع معهد العمل العالم — شبكة دولية
منذ تأسيسه توسّع معهد العمل العالمي ، بتأسيس عدة فروع ومراكز في دول/مدن مختلفة، ضمن ما يُعرف بـ "شبكة معهد العمل الدولية” -GLI:
ووفق ما جاء في موقع الشبكة تظهر لنا فروعه وأهمية نشاطاته :” GLI جنيف ، وGLI مانشستر ، و GLI رابوتشايا بوليتيكا ، و ReAct (GLI باريس) ، ونقابات العمال من أجل ديمقراطية الطاقة (GLI نيويورك ). كما توجد للمعهد روابط وثيقة مع النقابات والاتحادات النقابية الدولية والمنظمات غير الحكومية للحركة العمالية في جميع أنحاء العالم. كل عضو في الشبكة مستقلٌّ وله استقلاليته، لكننا نعمل معًا بتعاونٍ وتنسيقٍ من مجلس إدارة شبكة GLI، الذي يجتمع عادةً مرتين في السنة.
يُعدّ تطوير المدارس الدولية حول سياسات الحركة النقابية الدولية محورًا أساسيًا في العمل الجماعي لشبكة GLI، حيث تُعقد هذه المدارس في المملكة المتحدة وفرنسا وأوروبا الشرقية وغيرها، ويُخطط لإقامتها الآن في أمريكا اللاتينية. كما تدعم منظمات شبكة GLI جهود التثقيف السياسي التي تبذلها الاتحادات النقابية العالمية والعديد من النقابات الوطنية.
يهدف البرنامج بشكل عام إلى توفير مساحات مفتوحة للنقاش والتساؤل حول ماهية سياسات الحركة النقابية الدولية، وما ينبغي أن تكون عليه. إننا نواجه هجوماً غير مسبوق من اليمين المتطرف، والأسواق المالية، والشركات، والحكومات، في ظل أزمة اقتصادية وبيئية وسياسية.
هناك بعض الأسباب للتفاؤل: نمو المنظمات الصناعية الدولية، ووجود أدلة على تزايد ضعف الشركات أمام الحملات المنظمة والموجهة بشكل جيد، وظهور جيل جديد من النشطاء من النقابات والحركات المطالبة بالديمقراطية والعدالة المناخية.
ومع ذلك، ثمة فراغ سياسي. يرغب أعضاء النقابات في بديل سياسي دولي لليبرالية الجديدة ورأسمالية الشركات، لكن لا يظهر سوى القليل خارج نطاق الخطابات. لقد تراجعت العديد من المؤسسات الرسمية للحركة العمالية الدولية إلى مستوى سياسي باهت، متجنبةً حتى أبسط مبادئ الديمقراطية الاجتماعية، ناهيك عن أي ذكر للاشتراكية الديمقراطية. ولكن هذا هو الوقت الذي تشتد فيه الحاجة إلى حلول سياسية جذرية، وإلى رؤية سياسية جديدة للحركة النقابية الدولية.
يُعد برنامج التثقيف السياسي لشبكة GLI مساهمة متواضعة في هذا الصدد، مدعومة مالياً وسياسياً من قبل مجموعة واسعة من الاتحادات النقابية الدولية والنقابات الوطنية ومنظمات دعم الحركة العمالية.
لقد كان للبرنامج بالفعل تأثير كبير على الناشطين الشباب المشاركين - حيث أصبحوا أكثر وعياً بالبيئة السياسية العالمية وحركة العمل الدولية، واستفادوا بشكل كبير من مساحة فريدة للنقاش السياسي والتفكير.
إذًا، GLI لم يعد مجرد "معهد في جنيف"، بل شبكة عالمية متعددة المراكز تتعامل مع قضايا العمال والعدالة الاجتماعية على نطاق واسع”.
- من أبرز مهام وأنشطة معهد العمل الدولي - GLI — التعليم، التكوين، البحث والتضامن:
* التعليم والتكوين: يقدم دورات وورش عمل وبرامج تعليمية للنقابيين حول التنظيم، الحقوق العمالية، الاستراتيجيات النقابية، وديمقراطية العمل.
* برنامج مدرسي دولي: من أبرز فعالياته كانت "الدورة الصيفية الدولية" التي انطلقت عام 2012 في المملكة المتحدة — اجتمعت فيها نقابات ونشطاء من أنحاء العالم لتبادل الخبرات ومناقشة مستقبل الحركة العمالية الدولية.
* أبحاث سياسية واجتماعية: المعهد يصدر دراسات عن اقتصاد العولمة، قطاع العمل، حقوق العمال، تأثير الاقتصاد غير الرسمي، قضايا النوع الاجتماعي، وسبل التنظيم العمالي.
* دعم التضامن العمالي الدولي: عبر ربط نقابات في دول مختلفة، دعم حقوق العمال المهاجرين، العمال في الاقتصاد غير الرسمي، والعمل مع منظمات مجتمع مدني لتعزيز العدالة الاجتماعية.
- لماذا معهد العمل مهم للحركة العمالية العالمية
* لأنه يوفر مساحة تعليمية، فكرية وتنظيمية لنقابيين من مختلف البلدان، ما يساهم في ترسيخ التضامن الدولي ونقل الخبرات بين نقابات في دول مختلفة.
* يعمل على تجميع وتحليل دراسات حول واقع العمال في سياق العولمة (عمال مهاجرين، عمل غير رسمي، استغلال، حقوق) — ما يساعد النقابات على تبني استراتيجيات واعية.
* يدعم النضال من أجل عدالة اجتماعية، حماية الحقوق، والمساواة، بدل أن تكون الحركات العمالية محصورة في حدود وطنية فقط.
- على ضوء تطور نشاطات المعهد العمالي لم تقتصر تلك النشاطات على تأهيل وتعليم الكوادر النقابية خاصة الشابة منها وتثقيفها في مجالات الناط النقابي مثل التنظيم والحريات والمفاوضة الجماعية ن بل توسع ذلك التثقيف ليشمل المجالات الفكرية الإقتصادية وافجتماعية والسياسية حيث ركز المعهد على: الديمقراطية النقابية، التنظيم العابر للحدود ،التضامن الدولي، مواجهة العولمة النيوليبرالية مبكراً
تعاظمت الحاجة إلى مؤسسة فكرية–نقابية مستقلة تدعم الحركات العمالية عالميًا، خاصة مع توسّع الاقتصاد غير الرسمي والعابر للحدود.
وأضافت الى نشاطها إصدار دراسات تتعلق بالعديد من القضايا الهامة للنقابات وللنقابيين في العالم منها:
- دراسات حول العولمة وتأثيرها على العمال
- دراسات تطوير برامج التعليم النقابي
- دراسات دعم النقابات في الاقتصاد غير الرسمي
-دراسات تعزيز التضامن العابر للحدود
بعد تفاقم الاستغلال واللامساواة خلال جائحة كورونا، أصدر المعهد في هذه المرحلة دراسات:
- عن القمع السياسي ضد العمال
- دعم النقابات في الأنظمة الاستبدادية
- تدريب نقابي رقمي واسع عبر الإنترنت
- شراكات أقوى مع اتحادات الشباب والنساء
بدون شك أن تطوير نشاطات هذا المعهد الدراسي النقابي – العمالي له أهمية قصوى في مساحات النضال النقابي ن خاصة في ظل ما تواجهه الحركة النقابية العالمية من هجوم فظيع تقوم به قوى اليمين والراسمالية في العالم عليها، فعملة التثقيف هذه تُسَلّح الكادر النقابي بالعلم والمعرفة النقابية من جهة والفكرية من جهة أخرى لتقف قوية وصلبة في مواجهة قوى رأس المال والشعبوية الحاكمة في مراكز إتخاذ القرار العالمي ساسياً وإقتصادياً وإجتماعياً.