بينما يهدّد ترامب بالحرب ضد فنزويلا و مع كشف جرائم حرب جديدة : الأزمة و المسؤوليّة و التحرّك لتغيير التاريخ
شادي الشماوي
2025 / 12 / 5 - 22:51
جريدة " الثورة " عدد 934 ، 1 ديسمبر 2025
" فاشيّة ترامب نظام يدوس بسفور و عدوانيّة الحقوق الأساسيّة و يصرّح بصراحة و وقاحة أنّه ليس هناك قانون و سيرورة قانونيّة لازمة غير ما يمليه هو ، و أنّ القوّة التدميريّة الخام هي التي يجب أن تُستخدم في المجال العالمي ، دون حتّى زعم الانخراط في القانون الدولي أو الانشغال بسيادة البلدان ، أو حتّى حقّ الوجود لشعوب و بلدان أقلّ قوّة ."
( بوب أفاكيان ، الثورة عدد 114 : " إلحاق الهزيمة بفاشيّة ترامب / الماغا : إنتظار انتخابات ما مستقبليّة ...أم العمل الآن على تعبأة الملايين حول المطلب الموحِّد التالي : يجب على نظام ترامب الفاشيّ أن يرحل ! " ( التسطير مضاف )
حقيقة ملاحظة بوب أفاكيان الثاقبة النظر والفعّالة منذ مارس الماضي وجدت صداها مرّة أخرى في نهاية الأسبوع الماضي. يوم الجمعة، جاء في تقرير لجريدة الواشنطن بوست أنّ وزير " الحرب " بيتي هاغساث أصدر أوامرا بعمليّات خاصة لقتل الناجين من ضربة الولايات المتّحدة في 2 سبتمبر لقارب صغير قرب سواحا فنزويلا . و قال التقرير إنّه وفق الشخصين المطّلعين مباشرة على العمليّة، هاغساث أصدر أمرا شفويّا " أقتلوهم جميعا " .
و إثر الضربة الأولى ضد القارب ، حسب التقرير ، بيّن شريط فيديو سجّلته المسيّرة أنّ هناك ناجين كانوا متعلّقين بالحطام. و حينها أصدرت القيادة أمرا بضربة ثانية لتلبية أمر هاغساث . و ردّ هاغساث على تقرير يوم الجمعة بنشر تدوينة يتنصّل فيها من مضمون التقرير معتبرا ذلك " تقرير من أكثر التقارير فبركة و تحريضا و تقليلا من الشأن لضرب الثقة في محاربينا الأشاوس الذين يقاتلون لحماية الوطن ." – رغم أنّه لم يُنكر عمليّا أبدا إصداره الأوامر بتنفيذ عمليّات القتل .
و أتبع هاغساث هذا بتهديد : " ما فعلناه ليس سوى البداية في قتل تجّار المخدّرات الإرهابيّين ." و عمليّة القتل التي صادقت عليها الدولة في المياه الدوليّة كانت الأولى من أزيد من 23 ضربة على القوارب قرب سواحل فنزويلا و كولمبيا . و أكثر من 80 شخصا قُتلوا إلى الآن . (1)
إصدار الأوامر بقتل أناس لا يحملون سلاحا كانوا متعلّقين بحطام قارب مشتعلا لإنقاذ حياتهم ليس مجرّد جريمة حرب وفق القانون الدولي و إنّما بإعتبار أنّ الولايات المتّحدة ليست حتّى في حرب ، هذه جريمة التي صادقت عليها الدولة يمكن أن تُعرض على القضاء في المحاكم الجنائيّة للولايات المتّحدة .
و يوم السبت ، مجموعة من الجنرالات سابقا كانوا يمثّلون النيابة العامة ( JAGs ) – قضاة عسكريّون مسؤولون عن مقاضاة جرائم الحرب ، ضمن أشياء أخرى – أصدرت بيانا تصرّح فيه أنّ المجموعة بالإجماع " تعتبر كلاّ من إصدار هذه الأوامر و تنفيذها ، إن كان ذلك صحيحا ، يمثّل جرائم حرب ، جرائم قتل ، او كلاهما " و دعت إلى " محاكمة كلّ من يُصدر مثل هذه الأوامر أو ينفّذها بإعتبارها جرائم حرب ، جرائم قتل ، أو كلاهما " . (2)
و في الوقت نفسه ، اللجان الأساسيّة في الكنغرس و مجلس الشيوخ المراقبة للجيش – وهي متشكّلة من جمهوريّين و ديمقراطيّين – أصدرت بيانات تعد فيها ب " المراقبة الصارمة .
و في الأثناء ، تصاعدت تهديدات ترامب بالحرب :
كلّ هذا جرى في ذات اليوم الذى حذّر فيه ترامب جميع الطائرات بأن تتجنّب التحليق في سماء فنزويلا ، في واحدة من تغريداته بحروف كبرى مشدّد عليها . إ،ّ غلق المجال الجوّي لبلد آخر حركة في منتهى العدوانيّة يمكن أن تُعتبر عملا حربيّا. و في المقال في الصفحة الأساسيّة الأولى من نسختها ليوم الأحد ، ورد تقرير لجريدة الواشنطن بوست بهذا المضمار و قد أشار إلى أنّ " للولايات المتّحدة حوالي 15 ألف جنديّ في المنطقة موزّعين عبر حوالي العشر حاملات طائرات في الكاريبي و قوات دعم في بورتوريكو . هذا أكبر وجود عسكري هناك طوال عقود ".
يمكن لهذا أن يكون مقدّمة للحرب :
أجل ، لا زال بوسع ترامب أن يتراجع عن هذا ؛ و ما من أحد بوسعه أن يتوقّع المستقبل . لكن هنا بالضبط تكمن المشكلة. ما كان وضعا خطيرا و قابلا للإشتعال ببساطة أضاف إليه عدّة براميل أخرى من الوقود رجل مجنون يلعب بعلبة كبريت.
أيّ حرب يشنّها نظام ترامب الفاشيّ قد تكون جريمة نكراء . و الناس في هذه البلاد يتحمّلون مسؤوليّة كُبرى في معارضة أي عدوان من هذا الصنف ، معارضة غير عنيفة في الشوارع و في ساحات الرأي العام ، بإعتبار ذلك حربا إمبرياليّة عدوانيّة يشنّها نظام فاشيّ .
و كذلك ثمّ’ تحدّى هنا هو ما إذا سينفّذ جيش الولايات المتّحدة بوضوح أوامرا لاقانونيّة دون مساءلة . و قد كتبنا في موضع آخر [ revcom.us/en/remaking-us-military-fascist-war-machine-streamlined-war-crimes-and-war-footing ] عن مساعي نظام ترامب الفاشي لتشكيل جيش الولايات المتّحدة كقوّة قتال فاشيّة بسفور ، موالية فقط للطاغية الفاشيّ و ليس لدستور الولايات المتّحدة الى أقسم على الولاء له و إحترامه . (3)
لئن تمكّن النظام من تركيز إستخدام جيش الولايات المتّحدة كقوّة للتنفيذ الجليّ للأوامر غير القانونيّة ، و لئن نجح في التطهير الكلّي للمعارضة في صفوف المؤسّسات الحاكمة ، سيسجّل قفزة نوعيّة أخرى بإتّجاه تعزيز الفاشيّة .
و في هذه اللحظة ، من أكثر الأوهام خطورة يمكن للناس أن يبتلعونها هي فكرة أنّ فاشيّة ترامب نوعا ما بصدد تدمير نفسها بنفسها ، أو أنّ المحاكم ستضع لها حدّا ، أو انتخابات نصف المدّة النيابيّة ستوفّر حلاّ . مثلما سلّطنا على ذلك الضوء في مقال الأسبوع الماضي ، الفاشيّة ليس من الممكن تقييدها و تدبّر أمرها أو إتّخاذ موقف إنتظاري حيالها ؛ يجب أن تُهزم . و الملايين من الناس الذين يكرهون ما يدفع هذا النظام المجتمع إليه لا يمكن أن يُخلوا مسؤوليّتهم في ملئ الشوارع للمطالبة، يوم بعد يوم ، بأّنه يجب على نظام ترامب أن يرحل الآن .
لحظة تحدّيات كبرى حيث للناس أهمّية :
في هكذا وضع ، و حركات ترامب تفضى إلى بعض المزيد من المعارضة صلب المؤسّسات الحاكمة ، القيادة الإستراتيجيّة لبوب أفاكيان في بيانه الهام " الثورة عدد 141 : يداهمنا الوقت بصفة إستعجاليّة – لترحيل نظام ترامب الفاشيّ ! " يستحقّ إنتباها و تأمّلا خاصين :
" في عدد من الرسائل – بما في ذلك الرسالة السابقة ( عدد 140 ) - تحدّثت عن الوسائل الأساسيّة التي بواسطتها يمكن عمليّا ترحيل هذا النظام من السلطة : الناس الشرفاء ، بالملايين وعشرات الملايين ، الذين يمقتون من قلوبهم هذه الفاشيّة ، يجب أن يمسكوا بأنفسهم المبادرة ، و ينهضوا نهوضا غير عنيف لكن بتصميم قويّ ليعيدوا الأمور إلى نصابها ، منشئين " زلزالا سياسيّا من الأسفل " يكون جماهيريّا و يخلق أزمة سياسيّة بحيث تفضح بأكثر حدّة الطبيعة نظام ترامب الفاشيّ اللاشرعيّ تماما ، و يحدث و يدفع نحو منعرجات و إعادة اصطفاف كبيرتين عبر المجتمع ، بما في ذلك ضمن المؤسّسات السائدة و الحاكمة ، إلى درجة أنّه لا يعود بإمكان هذا النظام السير و لا يعود بإمكانه البقاء في السلطة .
هناك عديد الأشخاص و القوى في صفوف المؤسّسات الحاكمة – او لها علاقات قويّة و ربّما تأثير هام على هذه المؤسّسات – يشعرون بعمق كبير بالقلق أو هم حتّى يعارضون بقوّة لرؤيتهم كيف أنّ نظام ترامب الفاشيّ " يدوس الدستور والقانون، و يحطّم تجربتنا الأمريكيّة العظيمة في الديمقراطيّة " و " يقوّض و يضرّ جدّيا سمعة بلادنا في العالم ". و كشيوعي ثوري طوّر الشيوعيّة الجديدة كإطار عام جديد لتحرير الإنسانيّة ، لديّ فهم مغاير جوهريّا لطبيعة النظام الذى يحكم هذه البلاد و دوره في العالم ؛ لكن ، في الوقت نفسه ، لديّ إدراك واضح للفرق الواقعي جدّا لما يصنعه ، بطريقة رهيبة بعمق ، حين لا يكون هناك حتّى زعم ديمقراطي و الحقوق الأساسيّة تُداس بسفور . و على ضوء الحاجة الاستعجالية لإلحاق الهزيمة و ترحيل نظام ترامب الذى يفرض دكتاتوريّة فاشيّة سافرة ، و على ضوء الأهمّية الحيويّة لتوحيد كلّ من يمكن توحيدهم لترحيل هذا النظام ، أعترف بالدور الهام الخاص الذى يمكن أن ينهض به مثل هؤلاء الناس و هذه القوى ذوى العلاقات و التأثير على مؤسّسات مفاتيح ، في ما يتّصل بهذه الحاجة الملحّة . و أعترف أيضا بأنّهم لن يشعروا بأنّهم في آن معا مضطرّين و قادرين على النهوض بهذا الدور إلاّ متى وُجد ، فعلا ، نوع " الزلزال السياسي الجماهيري من الأسفل " ، الذى يمكن أن ينجم عن تبنّى الملايين لنداء منظّمة " لنرفض الفاشيّة " ، و على هذا النحو نتحرّك لإيجاد نوع من الأزمة السياسيّة بحيث أنّ هذا " الزلزال السياسي من الأسفل " ، ممتزجا مع اشتداد الانقسامات صلب المؤسّسات المهيمنة و الحاكمة ، يمكن أن يؤدّي إلى الإطاحة بنظام ترامب الفاشيّ . "
كيف يمكن تحقيق هذا مع تفاقم الأزمة – كيف يمكن لجماهير الشعب أن تتصرّف و تؤثّر في هذا الوضع كي تقترب أكثر نوعيّا من هدف الترحيل غير العنيف لهذا النظام الفاشيّ من السلطة – ينبغي أن يكون شيئا كافة قرّاء هذا الموقع على الأنترنت عمليّا أن يفكّروا به و يناقشوه و يعملوا على تحويله إلى واقع في قادم الأيّام و الأسابيع المشحونة .
باسم الإنسانيّة ، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة !
يجب على نظام ترامب الفاشيّ أن يرحل الآن !
------------------------
هوامش المقال :
1. تبرير هذا الهجوم العسكريّ محض كذب . و يزعم ترامب أنّ فنزويلا تساعد كارتالات المخدّرات و أنّ القوارب التي تطلق الولايات المتّحدة النار عليها قوارب تجلب المخدّرات إلى الولايات المتّحدة – لكن ما من دليل يدعم هذا ، و هناك أدلّة كثيرة على وجود نقاط مخالفة لذلك . و حتّى إن تمّ إثبات تهمة تهريب المخدّرات بالمحاكم ، لن يكون عقاب هذا قانونيّا الموت ! . و إن وُجدت إثباتات على هذه الجريمة ، فإنّ المتّهمين ينبغي أن يقع إيقافهم و توفير محاكمة لهم . أنظروا إلى هنا [ revcom.us/en/trump-fascist-regimes-gangster-moves-vs-venezuela-and-all-latin-america ] و هنا revcom.us/en/trump-fascist-regime-intensifies-gangster-moves-vs-venezuela] من أجل مزيد فضح ترامب و الأكاذيب الدمويّة لهغساث . [ المقالان المذكوران أعلاه متوفّران باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ]
2. أقال هغساث المسؤولين الكبار في JAGs في فيفري سعيا إلى توفير " أخلاق المحارب " لجيش الولايات المتّحدة . و لاحظ أستاذ قانون في جامعة جورجتاون أنّ هذا هو " ما تقومون به عندما تخطّطون لدوس القانون – تتخلّصون من أيّ أخصّائي في القانون يمكن أن يبطئ مساعيكم ". ( جريدة " النيويورك تايمز " ، 22 فيفري 2025 )
3. كما كتبنا سابقا ، " نحن هنا على موقع revcom.us قد وثّقنا عديد الجرائم التي إرتكبتها القوّات المسلّحة التابعة للولايات المتّحدة في " سيرها العادي " كفارضة و حامية لهذا النظام الإمبريالي . عديدة هي الفظائع بإزهاق ملايين الحيوات بواسطة آلة القتل عقب الحرب العالميّة الثانية . لكن إستخدام هذا الجيش لسحق و إحكام القبضة على عشرات الملايين من المعارضين، أو هم يوجدون في طريق ، برنامج الفاشي سيمثّل قفزة من مستوى آخر تماما ، و سيجعل أيّ فرصة تغيير جوهريّ أو حتّى الإحتجاج الأساسي ضد هذا النظام أو أيّا من فظائعه أصعب نوعيّا .