النقابات الدولية والجنوب افريقية قراءة نقابية موحدة في نتائج قمة العشرين بجوهانسبرغ


جهاد عقل
2025 / 11 / 25 - 09:09     

مقدمة
مثّلت قمة قادة مجموعة العشرين التي استضافتها جنوب أفريقيا يومي 22 و23 تشرين ثاني/ نوفمبر 2025 محطة تاريخية بكل المقاييس، فهي أول قمة تُعقد على أرض أفريقيا، وفي سياق عالمي تتصاعد فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتتعمّق الفجوات بين الشمال والجنوب. وقد ترافق هذا الحدث مع موجة قوية من المواقف النقابية الدولية، أبرزها موقف" الاتحاد الدولي للنقابات العمالية" و"لجنة النقابات الاستشارية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" ، إضافة إلى موقف "الاتحاد الكونفدرالي لنقابات العمال في جنوب أفريقيا كوساتو”.

*رؤية نقابية عالمية نحو العدالة وتقليص اللامساواة
رحّب الاتحاد الدولي للنقابات العمالية بإعلان قادة مجموعة العشرين، وأشاد بإدراج قضايا العمل اللائق، والأجور العادلة، والحماية الاجتماعية، وحقوق العمال، والانتقال العادل. كما ثمّن الاعتراف بأن التشغيل الجيد والمفاوضة الجماعية والحماية الاجتماعية والأجور الكافية للمعيشة تشكّل ركائز أساسية للنمو الشامل وتقليص اللامساواة.
وأشار إلى أنّ إدراج أهداف تشغيل الشباب والنساء وتقليص فجوة الأجور، إضافة إلى تعزيز الحماية الاجتماعية واقتصاد الرعاية، يمثل تقدمًا مهمًا. ومع ذلك، أكد الإتحاد الدولي للنقابات العمالية ITUC ولجنة النقابات الاستشارية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنّ الإعلان لا يزال مترددًا في الالتزامات الجوهرية، خصوصًا في: تعزيز الأجور الكافية، رفع نسبة المفاوضة الجماعية، إصلاح النظام الضريبي الدولي، وتبنّي توصيات لجنة الخبراء حول اللامساواة.

* موقف الاتحاد الكونفدرالي لنقابات العمال في جنوب أفريقيا “كوساتو”: "جنوب أفريقيا تقود أجندة الجنوب العالمي"
قدّم بيان الاتحاد الكونفدرالي لنقابات العمال في جنوب أفريقيا “كوساتو”، قراءة معمقة لدور جنوب أفريقيا خلال رئاستها للقمة، وأشاد بالتطور التاريخي لعقد القمة لأول مرة في أفريقيا، معتبرًا أنّ هذا الحدث لا يحمل بعدًا رمزيًا فحسب، بل يعكس تحولًا في مركز الثقل السياسي والاقتصادي نحو الجنوب العالمي.
وأشاد البيان بالمقاربة التشاركية غير المسبوقة للرئاسة الجنوب أفريقية في إشراك العمال وأصحاب العمل والمجتمع المدني في صياغة أجندة القمة. كما أكد أنّ موضوع القمة “التضامن، عدم المساواة، والاستدامة” يعكس التحديات الحقيقية التي تواجه العمال حول العالم.
ونبّه "كوساتو" إلى ضرورة الحفاظ على هذا النهج خلال رئاستي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في 2026 و2027، وحذّر من احتمال التراجع عن المكتسبات الاجتماعية. كما قدّم تقديرًا خاصًا للرئيس سيريل رامافوزا، مشيرًا إلى خلفيته النقابية وقدرته على إدارة التوترات الدولية بحكمة.

* التكامل بين البيانين – نحو خطاب نقابي عالمي موحد
يمثل دمج الموقفين لكل من الاتحاد الدولي للنقابات العمالية وكوساتو رؤية متكاملة لقمة العشرين تجمع بين:
1. البعد العالمي: إصلاح الاقتصاد الدولي، تعزيز الأجور، المفاوضة الجماعية، الحماية الاجتماعية، والانتقال العادل.
2. البعد الجيوسياسي: تعزيز صوت الجنوب العالمي في المحافل الدولية.
3. البعد النقابي: أهمية توحيد الصفوف النقابية عالميًا لمواجهة اللامساواة وتسريع العدالة الاجتماعية.

مقاطعة أمريكية
لقد قطعت الولايات المتحدة الأمريكية هذه القمة بالرغم من أنها الدولة التالية لرئاسة هذه المجموعة بغدعاء " إن جنوب أفريقيا ترفض تسهيل انتقال سلس لرئاستها لمجموعة العشرين إلى الولايات المتحدة، وذلك بعد إصدار المجموعة بياناً يتعلق بتغيّر المناخ رغم اعتراضات واشنطن" أي أن قيادة الرئيس دونالد ترامب ترفض الإلتزام بقضية موضوع تغيير المناخ الذي يُجمع الجميع أنه يُشكّل خطراً على الكرة الأرضية وسكانها وفي المقدمة العمال.
لكن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا لم يعر هذه المقاطعة الإهتمام، حيث قام باختتام القمة في جوهانسبرج بقرع المطرقة الخشبية، "في تقليد متبع في مجموعة العشرين. وعادة ما يتم تسليم المطرقة إلى زعيم الدولة التي ستتولى الرئاسة الدورية، لكن لم يكن هناك مسؤول أميركي لاستلامها.”، لكن وفق ما هو متبع تصبح الولايات المتحدة رئيساً لمجموعة العشرين بدءاً من الأول من كانون الأول /ديسمبر 2025، فهل ستبقى مقاطعة؟ أم أن المنصب سيضطرها للمباشرة بتولي رئاسة المجموعة.

* آمال نقابية وتوجس من الأمريكان
لكن تولي الولايات المتحدة رئاسة المجموعة يُقلق الجانب النقابي ، خاصة وأننا نعرف مدى معاداة رئيسها دونالد ترامب وطاقمه الحاكم للطبقة العاملة عامة وللنقابات العمالية خاصة،ومع أننا كنقابيين نثمن قرارات قمة جوهانسبرغ التي رفعت سقف التوقعات بخصوص القضية العمالية وقيامها بإدراج قضايا العمال في صلب الإعلان الختامي، فإن التحدي الأكبر يتمثل في ضمان استمرارية هذا الزخم خلال السنوات المقبلة. ويظل نجاح الرئاسات القادمة لمجموعة العشرين مرهونًا بمدى التزامها بأجندة العدالة الاجتماعية، وبقدرة الحركة النقابية الدولية على ممارسة الضغط المنظم لضمان تنفيذ الوعود على أرض الواقع.