«اللعنة المباركة» تعيد تعريف إسرائيل: الحدود العالمية، تحوّل غزة، ونظام جديد
جدعون ليفي
2025 / 11 / 20 - 06:46
تنهال علينا الأخبار الجيدة كهدايا من السماء. فبينما تُقدم في الإعلام بوصفها هزائم وكوارث، لم نشهد منذ زمن طويل تغيّراً كهذا يمكن أن يبشّر بالأمل.
وإليك القائمة: يمرّ الإسرائيليون والفلسطينيون بمرحلة تسريع غير مسبوقة في تدويل الصراع؛ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أقر قراراً يشير في الاتجاه الصحيح؛ تعاد إسرائيل إلى حجمها الحقيقي بسرعة مُشجعة، ومصير الفلسطينيين يُسحب تدريجياً من السيطرة الحصرية لإسرائيل. من الصعب طلب المزيد. فما عُرض في إسرائيل كسلسلة من الهزائم المُهينة هو في الواقع مجموعة من التطورات المُشجعة.
أهم هذه التطورات هو إعادة إسرائيل إلى حجمها الحقيقي. فالقوة العظمى عادت لتكون قوة عظمى، والدولة التابعة عادت إلى مكانها الطبيعي. لقد انتهى عهد عدم القدرة على تمييز مَن في جيب مَن، واختلاط الأدوار بين القوة العظمى ودولتها التابعة، وهو اختلاط استمر لعقود. وهذه أخبار جيدة لإسرائيل.
القوّة العظمى لم تعد إسرائيل، ولن تستطيع أن تفعل ما تشاء. كان لا بد أن ينتهي الإبادة في غزة — ليس لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أراد ذلك، بل لأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمر بذلك. ولولاه لكان القتل استمر.
أما "الهزيمة" المتمثلة في صفقة تزويد السعودية بطائرات F-35 فليست بالضرورة هزيمة. إن توزيع السلاح في المنطقة قد يؤدي إلى كبح إسرائيل التي تصرّفت حتى الآن كفتوة الحي الذي يخشاه الجميع: تقصف وتغتال في أنحاء المنطقة، وتنتهك كل سيادة ممكنة، بلا رادع ولا عقاب.
لقد انتهى هذا كله، وهذا أمر جيد لإسرائيل، لأن كثيراً من الكوارث التي حلت بها كانت نتيجة مباشرة لغطرستها وعدوانيتها، وكأنها الدولة الوحيدة هنا. الآن لم تعد كذلك. لن تكون الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك المقاتلة الأكثر تطوراً في العالم، وسيتعين عليها أن تفكر ملياً قبل أي طلعة قصف جديدة في المنطقة.
اليمين الإسرائيلي المتطرف مُني بانتكاسة، وهذا يجعله أكثر خطورة. أما استحواذ الولايات المتحدة على إدارة ما يجري في غزة فهو أيضاً تطور إيجابي. فعلى مدى عقود، وخاصة في العامين الأخيرين، شاهدنا ما تعرفه إسرائيل في القطاع، والنتيجة: غزة مقبرة. الآن ثمة لاعب جديد؛ فلنر ما يمكنه فعله — ولن يكون أسوأ مما فعلته إسرائيل.
وقد يؤدي نزع السيطرة من إسرائيل إلى مسار مشابه في الضفة الغربية. إنه حلم، لكنه ربما يصبح حقيقة. فدخول قوة متعددة الجنسيات إلى الضفة قد ينهي واقعاً تعيش فيه أمة بلا حماية أو حقوق، بينما تعتدي عليها أمة أخرى بلا توقف. لا يزال هذا رؤية بعيدة، لكنها قد تتحقق.
وفي الوقت نفسه، تعزز الولايات المتحدة علاقاتها مع السعودية. كيف يضر هذا بإسرائيل؟ إسرائيل تطالب أصلاً بالتعويض عن فقدان "تفوقها العسكري النوعي"، وكأن هذا التفوق منح لها بوعد إلهي إلى جانب "حقوقها" الحصرية في هذه الأرض. بأي حق ترى إسرائيل أنها وحدها تستحق أن تتسلح حتى الأسنان؟
الهجمات كلما حدث ما لا يرضيها، والانتهاكات الفاضحة لوقف إطلاق النار، والاغتيالات وأعمال الإرهاب: إسرائيل لا تعتقد فقط أن كل شيء مباح لها، بل تعتقد أيضاً أنه غير مباح لأي طرف آخر.
لقد أفسدها هذا التفكير، وربما سيصل الآن إلى نهايته. فإسرائيل الأكثر تواضعاً في طموحاتها والأقل تسليحاً بالأسلحة الهجومية قد تحظى بفرصة أكبر لأن تكون مقبولة في المنطقة.
في عام 1970، نشر المؤرخ الإسرائيلي شبتاي تفيت النسختين العبرية والإنجليزية من كتابه عن الثمن الباهظ الذي دفعته إسرائيل مقابل انتصارها في حرب 1967، بعنوان «البركة الملعونة: قصة احتلال إسرائيل للضفة الغربية». والآن جاء وقت «اللعنة المباركة»: فليس ما يتساقط علينا لعنات، بل ربما بركات ستؤذن بنهاية عصر المسيانية والغطرسة على الجميع. بداية العودة إلى الواقع.