طفل فلسطيني كان ينتظر حافلة المدرسة… اطلق جندي إسرائيلي قنبلة غاز مسيل للدموع مباشرة إلى وجهه
جدعون ليفي
2025 / 11 / 16 - 02:47
عين الطفل نزيه مسالمة (14 عامًا) اقتُلعت ولن تستطع الرؤية مجددًا
يستيقظ طفل باكرا، يغسل وجهه، ينظف أسنانه، يتناول إفطارا خفيفا، يحمل حقيبته وقطعة بسكويت، ويخرج مع شقيقته الكبرى إلى حافلة المدرسة. كانت الساعة 6:40 صباحا. بعد ثلاث دقائق فقط، توقفت قافلة من ثلاثة سيارات جيب عسكرية إسرائيلية ومركبة شرطة أمامهما، قادمة على الأرجح من القرية المجاورة بعد نشاط ليلي. الشارع، كما سيؤكد الجميع لاحقا، كان هادئا وخاليا.
يفتح باب سيارة الجيب الأخيرة، يوجه السائق بندقيته نحو الفتى الذي يحمل البسكويت، ومن مسافة تقل عن خمسة أمتار يُطلق قنبلة غاز مباشرة إلى وجهه. ينتشر غمام من الغاز، فيصعب رؤية أي شيء.
ومع تلاشي الغمام، تبدأ الصورة بالظهور: الفتى على الأرض، يتدفق الدم من إحدى عينيه المعلقة خارج محجرها، ومن أنفه. فقد الوعي، وشقيقته أيضا أغمي عليها وسقطت أرضا، نتيجة الصدمة بالغاز على الأرجح .
يغلق الجندي باب سيارة الجيب بسرعة وتنطلق القافلة مبتعدة.
هكذا بدأ صباح عائلة مسالمة يوم الاثنين، 27 أكتوبر. كان الوالدان، إياد (45 عاما) ورولا (34 عاما)، في المنزل حين خرج طفلاهما إلى المدرسة. تعيش الأسرة في ظروف بالغة القسوة في قرية بيت عوا النائية جنوب الخليل، ويعتمد معظم سكانها على جمع وبيع الخردة.
جدران منزل العائلة غير مكسوة، والطريق إليه يمر عبر منطقة مظلمة لم تُستكمل أعمال بنائها. إياد يعمل بالكاد، ورولا أُجبرت على الزواج منه وهي في الثالثة عشرة. لديهما خمسة أطفال، نزيه — في الصف العاشر — هو الأوسط بينهم.
عند زيارتنا هذا الأسبوع، رأينا نزيه ممددا على أريكة غرفة المعيشة، وجهه متورم، وعينه اليمنى المقلَوعة مغطاة برقعة بلاستيكية شفافة. يتألم من دخول الضوء ومن وجود الغرباء. عاد إلى المنزل الخميس الماضي بعد أسبوعين في المستشفى، نصفها في العناية المكثفة، وخضع لثلاث عمليات.
ما الذي دفع جنود الجيش الإسرائيلي للتوقف قرب طفلين يقفان بسلام بانتظار الحافلة؟
ولِمَ أطلق السائق قنبلة غاز مباشرة إلى وجه طفل يقف منه على هذا القرب؟
هل يدرك الجندي أصلا ما الذي فعله؟
تقول منال الجعبري، باحثة ميدانية في منظمة "بتسيلم"، إن الجيران يمتلكون تسجيلا كاملا للحادث من كاميرات منازلهم، لكنهم يرفضون تسليمه للجيش خوفا من الانتقام.
ورد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "تم فحص الادعاء بعمق، وحتى وقت الرد لا معلومات لدينا بشأنه."
رد غريب يشير إلى احتمال أن الجنود لم يبلغوا قادتهم أصلا — كأنهم لم يروا في اقتلاع عين طفل أمرا يستحق التبليغ.
استغرقت الرحلة من تل أبيب إلى بيت عوا هذا الأسبوع ثلاث ساعات بسبب الحواجز الدائمة في الضفة الغربية. استقبلتنا رولا وابنتها رينا (17 عاما)، التي كانت برفقة نزيه لحظة إصابته. إياد صامت، ونزيه يتألم على الأريكة.
تروي رولا أن القافلة جاءت من قرية دير سامت المجاورة، وأبطأت دون أن تتوقف، ثم فُتح باب سيارة الجيب وأطلقت القنبلة. تقول رينا لوالدتها إن الجندي المرافق للسائق أمسك المقود لحظة إطلاق النار — دون كلمة واحدة.
سقط نزيه غارقا في دمه، وظنت رينا أنه مات. صرخت طالبة النجدة، فركض الوالدان. رأى إياد سيارة الجيب الأخيرة وهي تبتعد، فجلس منهارا على الأرض، يلقي التراب على رأسه ويصرخ: "نزيه مات! نزيه مات!" — هكذا وجدته رولا وهي تشق طريقها بين الغاز الكثيف.
وقعت فوق جسد ابنها دون أن تراه بسبب دخان الغاز. صرخت طلبا للمساعدة، فهرع الجيران ونقلوه إلى العيادة القريبة. الطبيب لم يستطع فعل شيء، فتم نقله إلى مستشفى دورا، ثم إلى مستشفى الأهلي في الخليل.
بصق الكثير من الدم في الطريق، ولم يستعد وعيه. في المستشفى أخبر الأطباء والديه بأنه يجب إزالة عينه لوقف النزيف وإنقاذ العين الأخرى. ثم خضع لعمليتين إضافيتين لإزالة الشظايا تحت العين وإصلاح كسر في الفك.
عند عودته الخميس الماضي، رفض الدخول من الباب الأمامي — قرب مكان إصابته. انفجر بالبكاء، وجرى إدخاله من باب آخر، ومنذ ذلك الحين بالكاد يغادر المنزل.
حاولتُ أن أقول له إن إسرائيل كان لها وزير دفاع بعين واحدة — لأول مرة ظهر على وجهه شبه ابتسامة، لكنه أراد أن نغادر.
يقول نزيه إن رأسه وعينه ورقبته ما تزال تؤلمه، ولا يكاد ينام. تسألنا أمه عن كيفية الحصول على عين اصطناعية له.
زار زملاؤه منزله هذا الأحد للمرة الأولى، لكنه طلب منهم المغادرة. لماذا؟
يقول: "يُحدثون ضجة… أشعر بضغط في رأسي. لا أريد رؤية الناس."
أقنعه عمه بالخروج معه قليلا. كانت جولة قصيرة، إذ طلب نزيه العودة سريعا ليبقى وحيدا في الظلام.
قضى ستة أيام في العناية المركزة واستعاد وعيه في اليوم السابع، ثم نُقل إلى قسم عادي ستة أيام أخرى قبل خروجه.
أما رينا، فقد تعافت في المنزل لكنها لم تعد قادرة على قضاء يوم كامل في المدرسة. لم تستطع زيارة أخيها في الأيام الأولى: "خفت أن أراه." وتضيف أنه بعد دقائق من نقل نزيه، عادت سيارات جيب الجيش إلى المكان. فهرب الجيران المذعورون. لم ينزل الجنود؛ اكتفوا بفتح الباب والنظر إلى بقع الدم التي تركوها خلفهم.