تراجيديا الفاشر في (عالم الفصام القيمي الخطير)
حسن بشير محمد نور
2025 / 11 / 4 - 14:53
بروفيسور حسن بشير محمد نور
الظلم مؤذن بخراب العمران (ابن خلدون)
حين يطغي الحاكم او تفسد القيم، تنهار الدول من الداخل قبل ان يسقطها الخارح (قول مأثور)
لم تصطحب عناصر الدعم السريع معها اي ذرة من الضمير او الإحساس الانساتي عند دخولها مدينة الفاشر. مارست الانتقام والتنكيل وقتلت بشهية مفتوحة تحسدها عليها (الضباع) الرومانية المجوعة والمحبوسة في اقفاص قبل اطلاقها علي باحة الكولوزيوم لتفتك بالضخايا الموجودبن هناك. قتلت العساكر والمدنين، قتلت الرجال والنساء، قتلت الكبار والصغار، قتلت المرضي في المستشفيات وعمال الاغاثة، بل وقتلت النساء والاطفال حديثي الولادة في العنابر المخصصة لهم. ثم وثقت فظائعها بالصور والفيديوهات او تركت ضحاياها في العراء لتلتقطهم الاقمار الاصطناعية.
شاهد العالم تلك الفظائع بالفيديوهات وعبر الشاشات الملوتة وصور الاقمار الاصطناعية وادان وشجب. هذا العالم الذي يدافع بشراسة عن حقوق المثلية والتحول الجنسي وحقوق الحيوان، لكنه لا يحرك ساكنا ضد ابشع الجرائم ضد الاتساتية والابادة الجماعية، لأن علي ما يبدو ان الإنسان الذي تمارس ضده تلك الجرائم ادني رقيا من حيواناتهم.
هذا عالم لا محالة مصاب بنوع من ( الفصام القيمي الخطير) الذي قد يؤدي في لحظة ما الي هلاك الكائنات التي تعيش علي هذه المجرة عن بكرة ابيها.
الانسان ليعجب كبف لجماعة تدعي التأسيس لدولة ما تقتل الشعب الذي تريد حكمه بتلك البشاعة وبرودة الدم، الا اذا اراد بناء دولة ( راجا) حسب الاساطير الهندية القديمة التي ابادتها الحروب الاهلية بسبب الظلم والطغيات. إن دولة تأسس علي الإجرام والابادة لن تكتب لها الحياة، أبدا لن تكتب لها الحياة.
لقد سجل الدعم السريع اسمه ضمن طغاة العالم وسفاحيه في سجل سيرويه التاريخ للاجيال المقبلة.
مع ذلك:
فإن صناع مليشيا الدعم السريع وممكنيها، منذ 2003 وحتي الغد الذي ستشرق فيه شمس السلام، سواء من كان رئيسهم يسمى قائد المليشيا ( حمايتي) او من جعلوه نائبا للرئيس ونفذوا معه انقلاب 25 اكتوبر 2021 قاطعين الطريق علي احلام الشعب السوداني في التحول المدني الديمقراطي، ووضع البلاد علي سكة التعافي والتنمية والنمو، انهم يتحملون كامل المسؤولية الجنائية والاخلاقية علي جرائم صناعتهم، لان الصانع يتحمل مسؤولية نتائج وعواقب بضاعته، خاصة إذا عجز عن السيطرة عليها أو استردادها من الاسوق. لا يجدى في ذلك الانكار او التبرؤ من الأبن العاق، كما ان ذلك لن يسقط بالتقادم ولا يمحى من ذاكرة التاريخ.
هذا مشهد من تراجيديا الفاشر في مسرح العبث الكبير الذي وضعت سيناريوهات فصوله منذ اندلاع ثورة ديسمبر 2018 مرورا باعتصام (الموز) ثم اتقلاب اكتوبر 2021 واخرج للعالم في 15 ابريل 2023.
اما عن دارفور الكبرى فهي مساحة شاسعة قليلة الكثافة السكنية، غنية بالاراضي الصالحة للزراعة وبمناطق مناخية متنوعة. غنية بالمياه الجوفية ومئات الالف من الثروة الحيوانية. غنية بالذهب الذي يعتبر اهم وقودا للحرب وغنية بالمعادن ومن ضمنها اليوراتيون حسب مسوحات موثوقة.
غنية بارثها الحضاري والثقافي الضارب في التاريخ.
كما ان الموقغ الجغرافي والبعد الجيوبولتيكي يجعل الفوضى فيها مهددا امنيا خطيرا، سواء بالهحرة او التهريب او الاتجار بالبشر ، وصولا الي الارهاب لجميع دول الجوار مما يهدد الامن الاقليمي، الذي ستطالةبالتالي تداعياته العالم بأثره، من ناحية التأثير علي الموارد والسكان في منطقة حيوية واسعة. وللتأكد من ذلك يمكن الرجوع للمعلومات الموثوقة والخرائط عن دارفور.
اما عن التداعيات علي السودان فيمكن القول انه لا سودان بلا دارفور، ومن يريد فصلها عن البلاد عليه ايجاد تسميات جديدة للدويلات المتبقية منه. والسلام