قرأة ماركسية
نضال الابراهيم
2025 / 10 / 31 - 20:22
تبقى ((الماركسية))
من أكثر المناهج القادرة على تفكيكك (الخطاب الرأسمالي والخطاب الحداثي) وتقديم فهم (إبستمولوجي) دقيق ومثال على ذلك هذا النص المجزئ من مقال لكاتب ماركسي عربي يقول فيه في نقد نص الدكتور سمير منصري حول "إشكالية الرأسمال النقدي والاقتصاد البضاعي عند كارل ماركس"، من خلال قرأته الابستمولوجية ومنهجية ((.... وذلك من خلال إعادة تفكيك البنى النظرية التي حكمت تصور ماركس للعلاقة بين النقد، السلعة، والإنتاج، في ضوء التحولات التاريخية التي شهدتها الرأسمالية المعاصرة. فالغاية ليست إعادة عرض التصور الماركسي التقليدي، بل مساءلة صلاحية أدواته التفسيرية في فهم أنماط السلطة والإنتاج والمعرفة الجديدة التي تميّز ما بعد الرأسمالية الصناعية، أي رأسمالية المعلومات والرموز)) ويضيف ((... فالماركسية التي تبقى سجينة التاريخ تتحول إلى أيديولوجيا، أما الماركسية التي تعي تحولاتها المعرفية فتبقى منهجًا مفتوحًا لفهم السلطة الحديثة وتفكيكها)).
المنهج الماركسي يقوم على قراءة النصوص باعتبارها نتاجًا لواقع مادي تاريخي، أي أنها تعبير عن البنية الاقتصادية والاجتماعية في لحظة معينة، وأن الخطاب الفكري أو الثقافي هو انعكاس أو إعادة إنتاج لتناقضات البنية الطبقية في هذا الواقع. من هنا، فإن النص موضوع التحليل لا يُفهم بوصفه تأملًا فكريًا محايدًا، بل كتعبير أيديولوجي عن موقع معرفي داخل صراع طبقي وفكري بين الرأسمالية والماركسية.
المستوى الدلالي – مضمون النص المقتبس يحاول نقد القراءة التقليدية للماركسية والدعوة إلى تجديد أدواتها التحليلية لمواكبة التحولات في نمط الإنتاج المعاصر، أي الانتقال من “الرأسمالية الصناعية” إلى “رأسمالية المعلومات والرموز”.
• الكاتب يرى أن الماركسية إن بقيت سجينة التاريخ (أي جامدة في مفاهيم القرن التاسع عشر) فإنها تتحول إلى أيديولوجيا مغلقة.
• أما الماركسية التي تتجدد إبستمولوجيًا وتفكك أشكال السلطة الجديدة (المعرفية، الرمزية، التقنية) فهي تبقى منهجًا حيًّا لفهم الواقع.
إذن النص ينتمي إلى ما يمكن تسميته بـ “اليسار النقدي الجديد” الذي يعيد قراءة ماركس ضمن شروط الحداثة المتأخرة. وعلى المستوى البنيوي – طبيعة الخطاب من حيث البنية، يتخذ النص طابعًا جدليًا يقوم على مفارقة بين:
1. الماركسية التقليدية (الجامدة – التاريخية – الأيديولوجية).
2. الماركسية المتجددة (المنهجية – النقدية – المفتوحة).
هذا التقابل البنيوي يعكس منطق الصراع الداخلي في الخطاب الماركسي نفسه، بين نزعة “دوغمائية” ونزعة “تجديدية”. وبالتحليل الماركسي للنص، يمكن القول إن هذه الجدلية هي تعبير عن تحول في البنية الفوقية (الفكر الماركسي نتيجة تحول في البنية التحتية (النظام الاقتصادي العالمي من إنتاج صناعي إلى إنتاج معلوماتي ورمزي).
والتحليل الأيديولوجي من منظور ماركسي صرف، النص يُظهر وعيًا طبقيا متقدّمًا لكنه في الوقت ذاته يحمل نزعة تصالحية مع الخطاب الحداثي، أي أنه يحاول إدماج الماركسية ضمن أفق ما بعد الحداثة بدل أن يضعها في موقع المواجهة.
• هذه النزعة النقدية الجديدة تعكس تحول الطبقة المثقفة اليسارية من موقع المعارضة الجذرية إلى موقع “النقد الثقافي” داخل النظام الرأسمالي نفسه.
• بمعنى آخر، النص ذاته يُنتج خطابًا ماركسيًا معولمًا يتفاعل مع منطق الرأسمالية المعرفية (اقتصاد الرمز والمعلومة)، لا ليهدمها جذريًا بل ليفهم آلياتها.
وفق المادية التاريخية، هذا النص يمثل مرحلة من تطور الفكر الماركسي في سياق العولمة، حيث تغيّر نمط الإنتاج (من صناعة إلى معرفة)، مما فرض إعادة نظر في المفاهيم الكلاسيكية مثل:
• العمل المنتج / العمل غير المنتج
• القيمة / الفائض
• السلعة / الرمز
• السلطة / المعرفة
وهكذا يمكن القول إن النص يعكس تحول التناقض المركزي من صراع بين العامل والرأسمالي في المصنع، إلى صراع بين المنتِج المعرفي والسلطة التقنية والمعلوماتية في المجتمع الرقمي.