علينا أن نرحّب بالتدخّل الدولي في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني
جدعون ليفي
2025 / 10 / 13 - 07:51
إن الادعاء بأن هذا تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية لإسرائيل هو، بطبيعة الحال، هراء محض. فمصير الشعب الفلسطيني ليس مسألة داخلية إسرائيلية، بل ليس شأنًا إسرائيليًا على الإطلاق. فالعالم لا يملك فقط الحق في تقديم العون له، بل عليه واجب القيام بذلك.
إليكم بعض الأخبار السارة: هناك احتمال أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني على وشك أن يشهد تدويلا دراماتيكيا. وفي حاضرٍ ينذر مستقبله بالشر، لا يمكن أن تكون هناك أنباء أفضل من ذلك. يجب إنقاذ الفلسطينيين من القبضة الإسرائيلية الأبدية، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال التدويل.
بعدما اقترفته إسرائيل اخيرا في غزة والضفة الغربية، لم يعد من الممكن ترك مصير الفلسطينيين بيدها. الخبر المذهل بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيعقد هذا الأسبوع قمة في مصر مع زعماء عرب، في غياب إسرائيل، لمناقشة مستقبل غزة، هو مؤشر مُبشر. وربما، فقط ربما، سيتحرر الفلسطينيون أخيرا من تحت الحذاء الإسرائيلي الذي يضغط على أعناقهم.
بدأ الأمر باتفاق إطلاق سراح الرهائن. فالتظاهرات الحازمة والمثيرة للإعجاب في إسرائيل للمطالبة بإطلاقهم لم تؤثر على الحكومة ولا على من يقودها، لكنها كانت نقطة تحول في البيت الأبيض.
لقد أثرت المظاهرات، والتصريحات، والأهم من ذلك لقاءات الرئيس بعائلات الرهائن، في قلب الرئيس القاسي النرجسي على نحوٍ معجز، ودفعته إلى التحرك. وفجأة تبيّن أن ساحة النضال الفاعلة الحقيقية هي تلك التي تُخاض في الخارج.
هذه دروس مهمة للمستقبل: قبل أن نوجّه اللوم لكل من يحتجّ أو يقاوم أو يناضل أو يعبّر عن آراء "هدّامة" في الخارج، يجب أن ندرك أن الساحة الوحيدة التي يمكن أن يُحدث فيها تغيير حقيقي اليوم هي الساحة الدولية. فمنها وحدها يمكن أن تخرج بوادر الأمل.
لم يعد هناك أي احتمال لأن يُخرج الإسرائيليون أنفسهم من الهاوية الأخلاقية التي انزلقوا إليها، أو أن يستيقظوا يوما ما ليقولوا: دعونا نُنهي نظام الفصل العنصري والاحتلال والسيطرة الخبيثة على شعبٍ آخر.
من يرغب في محاربة هذه الظواهر عليه أن يركّز جهوده في الخارج. فهناك، سيجد ليس فقط آذانًا أكثر إصغاءا، بل أيضًا فرصا للفعل. وحين تقود الرأيَ العام حكوماتٌ أكثر استعدادا للانخراط في هذا النضال، سيولد الأمل من جديد.
إن الادعاء بأن هذا تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية لإسرائيل هو، بطبيعة الحال، هراء محض. فمصير الشعب الفلسطيني ليس مسألة داخلية إسرائيلية، بل ليس شأنًا إسرائيليًا على الإطلاق. والعالم لا يملك فقط الحق في تقديم العون له، بل عليه واجب القيام بذلك، لأن الفلسطينيين عاجزون أمام آلة الاحتلال الإسرائيلية.
إن تدويل القضية سيُدخل قوى جديدة إلى معادلة المحتل والمُحتل، وهو الأمر الوحيد القادر على قلب موازينها.
ما يُسمى بـ"اتفاق الرهائن" يتضمن، في وصفه المضلِّل، خطوةً أولى نحو إدخال قدم العالم في باب هذا الصراع. وإذا حدث غير المتوقع ونُفّذت البنود اللاحقة من الاتفاق، فإن العالم سيكون في الداخل.
والتصريحات المعلنة مشجعة أيضا: فالعالم سيدخل قطاع غزة عبر تقديم المساعدات، وعبر إعادة الإعمار، وحتى من خلال قوات عسكرية ستحل محل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
حتى الآن، وبعد كل هجوم دوري يشنّه الجيش الإسرائيلي على غزة، كان ينسحب تاركا القطاع لمصيره حتى يحين موعد الغزو التالي، الذي يكون دائما أكثر وحشية من سابقه. أما الآن، فثمة قوة أخرى يُفترض أن تملأ الفراغ في غزة. إن شاء الله.
نأمل أن ينجح هذا المشروع التجريبي في غزة بحيث يجلب قوات أجنبية إلى الضفة الغربية أيضا، لإعادة النظام والقانون إلى تلك الأرض التي يسودها انعدام القانون، بينما تحل محل الجيش الأجنبي الذي يسيطر على المنطقة حاليا – أي جيش الاحتلال الإسرائيلي. وأي خطوة أخرى ستُفشلها إسرائيل والمستوطنون.
تخيلوا فقط: جنودا أوروبيين وأميركيين يحمون الرعاة في الضفة الغربية من عنف المستوطنين، وقوات سلام تمنع الجيش الإسرائيلي من اقتحام البيوت ليلاً لاعتقال الناس من أسرّتهم، كما يحدث الآن. جنودًا من دول العالم يزيلون مئات الحواجز المنتشرة في الضفة، ويساعدون في بناء واقعٍ أكثر عدلا.
هل يبدو ذلك ضربًا من الهذيان؟ بالتأكيد. لكن في عشية إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والفلسطينيين الأسرى والمخطوفين، لا بد من الحلم. وستكون فرحتنا بإطلاق سراحهم أعظم إن علمنا أن هناك استمرارا، وأن أفظع الحروب ستنتهي بما هو أكثر من مجرد "صفقة رهائن". الكرة الآن في ملعب ترامب. قد نذهب بعيدا على أجنحة غروره الكبير – على الأقل في أحلامنا.