150 قائد نقابي يجتمعون بمناسبة اليوم العالمي للبريد 2025
جهاد عقل
2025 / 10 / 10 - 12:04
* البريد في خدمة الإنسان: من التواصل الإنساني إلى التضامن النقابي
يُحتفى في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام بـ اليوم العالمي للبريد، تخليدًا لتأسيس
الاتحاد البريدي العالمي عام 1874 في العاصمة السويسرية برن، ومنذ اعتماد هذا اليوم رسميًا
في مؤتمر طوكيو عام 1969، أصبح مناسبة سنوية لإبراز الدور الحيوي الذي يضطلع به البريد في
حياة الناس واقتصاداتهم، وللتذكير بأن التواصل البشري هو جوهر التنمية والسلام.
* البريد في خدمة الإنسان: خدمة محلية بنطاق عالمي
يأتي موضوع عام 2025 تحت شعار "البريد في خدمة الإنسان – #PostForPeople"، ليؤكد أن
البريد ليس مجرد وسيلة لنقل الرسائل والطرود، بل خدمة عامة أساسية تربط بين الأفراد
والمجتمعات وتسد الفجوة الرقمية والمكانية. وفي عالمٍ لا يزال أكثر من ثلث سكانه محرومين
من الاتصال الرقمي، تُمثل مكاتب البريد في المناطق النائية المنفذ الوحيد إلى الخدمات العامة،
بما في ذلك المدفوعات، والتحويلات، والمعلومات، وحتى المساعدات الإنسانية.
يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش:
“عمّال البريد يُكوّنون شبكةً توصل أكثر من الرسائل — إنهم يوصلون الثقة، ويُقرّبون المجتمعات،
ويخلقون عالمًا في متناول الجميع.”
* البريد كقوة تنموية عالمية
تُظهر أحدث البيانات أن:
- أكثر من 1.5 مليار شخص حول العالم يستخدمون الخدمات المالية الأساسية التي يقدمها
البريد.
- 53% من مكاتب البريد حول العالم تقدم خدمات التأمين.
- هناك أكثر من 5.3 مليون عامل بريدي يديرون شبكة تضم 650,000 مكتب بريد.
- قُدرت قيمة سوق الطرود العالمية بأكثر من 500 مليار دولار أمريكي عام 2020.
بهذا المعنى، أصبح البريد اليوم جزءًا لا يتجزأ من البنية التحتية للتنمية المستدامة.
✉ من البعد الإنساني إلى البعد النقابي: عمال البريد ليسوا أهدافًا!
في ظلّ الحروب والأزمات الممتدة من غزة إلى أوكرانيا ومن السودان إلى ميانمار، يقف عمال
البريد في الخطوط الأمامية — يوصلون الرسائل، والأدوية، والمعاشات، وطرود الإغاثة — وغالبًا
دون حماية كافية.
في هذا السياق، اجتمع أكثر من 150 قائدًا نقابيًا يمثلون ملايين العمال البريديين حول العالم في
مؤتمر الاتحاد الدولي لنقابات عمال الخدمات العالمي للبريد والخدمات اللوجستية الذي عُقد في
بانكوك في 23 أيلول/سبتمبر 2025. وخلاله، تم اعتماد «قرار السلام البريدي»، وهو نداء عالمي
لحماية حياة وحقوق عمال البريد وخدماتهم في أوقات الأزمات.
* القرار الأممي النقابي: خمس ركائز لحماية الحياة والخدمة
يتضمن القرار خمس نقاط أساسية:
1. سلامة عمال البريد: ضمان حقهم في أداء واجبهم في بيئة آمنة.
2. السيادة الوطنية: تأكيد حق كل دولة في تنظيم خدماتها البريدية بحرية.
3. الحق في الخدمة: اعتبار الخدمات البريدية حقًا إنسانيًا أساسياً للتواصل.
4. الصمود وإعادة الإعمار: إدماج البريد في خطط الإغاثة وإعادة البناء.
5. حرية التنظيم النقابي: حماية النقابات البريدية من القيود.
قال ديف وارد، رئيس قطاع البريد واللوجستيات في الاتحاد الدولي لنقابات عمال الخدمات
والأمين العام لنقابة عمال الاتصالات في بريطانيا:
“نقولها بصوت عالٍ: عمال البريد ليسوا أهدافًا. إنهم حماة التواصل الإنساني، ويجب أن يتمتعوا
بالأمان والكرامة أثناء أداء واجبهم.”
*البريد بين التحول والحداثة: قيادة لا تبعية
ناقش مؤتمر بانكوك مستقبل القطاع في ظل التحولات الرقمية والاقتصادية، وشددت الأمينة
العامة للاتحاد الدولي لنقابات عمال الخدمات كريستي هوفمان على أن النقابات يجب أن تكون
قوة قيادة في التحول، وأن التكنولوجيا يجب أن تُستخدم لخدمة العمال والعملاء، لا لإضعاف
حقوقهم.
* البريد كحق إنساني وركيزة للسلام الاجتماعي
البريد ليس مجرد مؤسسة خدمية؛ إنه بنية تحتية للثقة. فهو يربط المدن بالقرى، والمهاجرين
بعائلاتهم، ويضمن استمرارية الحياة اليومية حتى في أقسى الظروف. ومن هنا، يُمثل اليوم
العالمي للبريد 2025 فرصة لتجديد الالتزام العالمي بحماية هذه الخدمة العامة، وضمان أن تظل
"في خدمة الإنسان”.
في الختام، يجسد "قرار السلام البريدي" وموضوع الأمم المتحدة لعام 2025 جوهرًا واحدًا: أن
البريد ليس سلعة، بل حق إنساني، وأن عمال البريد ليسوا مجرد موظفين، بل رسل تضامنٍ
وسلامٍ في عالمٍ يمزقه الصراع.