العمال في مواجهة الإفقار والتهميش: الأهواز تنتفض مجددًا


جابر احمد
2025 / 10 / 2 - 22:49     

تمرّ إيران بمرحلة حرجة على المستوى الاقتصادي، حيث يتسارع انهيار العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، ويترافق ذلك مع ارتفاع جنوني في أسعار المواد الأساسية، مما فاقم من معاناة المواطنين، خاصة في المناطق المهمّشة التي تعاني أصلًا من التمييز والتهميش، وفي مقدمتها إقليم الأهواز. وقد جاءت هذه الأزمة بعد فرض حزمة جديدة من العقوبات الدولية التي طالت قطاعات استراتيجية في البلاد، ما زاد من الضغوط المعيشية وأفقد شريحة واسعة من الناس أي أمل في تحسّن قريب.

وفي هذا السياق، شهدت مدينة الأهواز يوم الأربعاء 1 أكتوبر 2025، مظاهرة عمالية حاشدة شارك فيها مئات من عمال المجموعة الوطنية لفولاذ الأهواز، احتجاجًا على سوء الأوضاع الاقتصادية، والتجاهل المستمر لمطالبهم العادلة، واستمرار إدارة الشركة في التنصّل من التزاماتها.

انطلقت المظاهرة من أمام مبنى الشركة، وجابت الشوارع الرئيسية للمدينة، قبل أن يسيطر المتظاهرون رمزيًا على "الجسر الأبيض" (المعروف بالجسر الهلالي)، وهم يهتفون بشعارات تندد بالظلم، وتطالب بكرامة العيش والعدالة.

وجاءت أبرز مطالب العمال على النحو التالي:

تطبيق خطة تصنيف الوظائف بما يحقق العدالة الوظيفية والمساواة بين الموظفين.

دفع الرواتب المتأخرة فورًا دون مماطلة.

ضمان الأمن الوظيفي وتحسين ظروف العمل.


هذه المطالب ليست جديدة، بل هي امتداد لتحركات سابقة طالبت بنفس الحقوق، لكن مماطلة الجهات المعنية وتجاهلها دفع العمال إلى استخدام صوت الشارع من جديد، في وقت أصبح فيه الصمت تواطؤًا مع سياسات التجويع.

اللافت في هذه التظاهرة، هو انضمام أعداد كبيرة من المواطنين والعاطلين عن العمل إلى صفوف المتظاهرين، ما أضفى عليها طابعًا شعبيًا عامًا، إذ تحوّلت من احتجاج عمالي صرف إلى صرخة اجتماعية ضد مجمل السياسات الاقتصادية الجائرة.

ومن بين الشعارات التي رُفعت خلال التظاهرة:

"لا نريد وعود كاذبة، نريد حقوقنا المسلوبة!"

"يا نظام اسمع اسمع، العمال ما راح تركع!"

"من الأهواز إلى طهران... صوت العمّال ما يُنهان!"

"خبز وكرامة وحرية... هذا مطلب الأهوازية!"

"يسقط النظام الظالم!"


تعكس هذه الشعارات المزاج العام لشريحة واسعة من أبناء الأهواز، الذين سئموا من التهميش والفقر، وهم يرون ثروات الإقليم تُنهب بينما يعيش أبناؤه على الهامش، بلا فرص عمل حقيقية، ولا خدمات، ولا ضمانات للحد الأدنى من الحياة الكريمة.

ما يجري في الأهواز اليوم ليس حادثة معزولة، بل هو جزء من مسار طويل من الاحتجاجات المتكررة في الإقليم، والتي تُقابل غالبًا بالتجاهل أو القمع. لكن هذا الغضب المتراكم لم يعد ممكنًا احتواؤه بالشعارات الرسمية أو بسياسات التسكين المؤقت.

إن العمال في الأهواز، ومعهم شرائح واسعة من المواطنين، يخوضون نضالًا سلميًا من أجل حقوقهم، ويعبّرون عن وجع حقيقي يعيشه كل بيت أهوازي، وكل عامل يُحرم من أجره، أو يُهدد بلقمة عيشه. إنهم يرفعون صوتهم عاليًا دفاعًا عن الخبز، والكرامة، والحرية.

وفي ظل هذا الوضع، لا بد من التأكيد على أن تجاهل هذه المطالب لن يزيد الأمور إلا تعقيدًا، وأنّ الحل يبدأ بالاستماع الحقيقي لصوت الشارع، والاستجابة الفورية للمطالب العادلة، واحترام كرامة الإنسان وحقه في العيش الكريم.

عاش نضال العمال!
عاش صوت الشعب العربي الأهوازي الحر!
والأمل باقٍ ما دام هناك من يطالب بالحق.