النقابات الدولية تطالب بحقوق المهاجرين والعمل اللائق في قمة الهجرة والتنمية
جهاد عقل
2025 / 9 / 24 - 16:48
عنجهية ترامب
لقد وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطابه يوم الثلاثاء 23 أيلول في الأمم المتحدة بأن بلاده تعيش اليوم "عصرها الذهبي" بعد وقف الهجرة اليها لتصل الى الصفر،وبلغ الأمر بهذا الرئيس أن " استهزأ بمنظمة الأمم المتحدة في عدة مجالات خاصة دورها في موضوع الهجرة واتهمها بتشجيع الهجرة غير النظامية ، كما وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقادات حادة لما وصفه بـ"الهجرة غير المنضبطة" في أوروبا، محذرا من "موت أوروبا الغربية". وقال أمام جمع من زعماء العالم خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة: "أوروبا تواجه مشكلة خطيرة. لقد تم غزوها من قبل قوة من المهاجرين غير الشرعيين".
وأشار إلى النسبة المرتفعة للمهاجرين داخل السجون في عدة دول أوروبية، دون أن يقدم تفاصيل. وأضاف: "لقد حان الوقت لإنهاء تجربة الحدود المفتوحة الفاشلة"، دون أن يذكر الفروقات الكبيرة بين سياسات الهجرة الوطنية. وقال: "كلا من سياساتهم في الهجرة وأفكارهم الانتحارية في مجال الطاقة ستكون سببا في موت أوروبا الغربية إذا لم يتم اتخاذ إجراء فوري". وقال ترامب إنه يتعين على زعماء العالم انتهاج سياسته الصارمة تجاه المهاجرين، وأشاد بحملته لاعتقال وترحيل المهاجرين ممن دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وهو موقف قابلته العديد من الدول في أنحاء العالم بتحفظ.، كما جاء في وكالات الأنباء عن خطابه هذا.
موقف ترامب يتناقض مع موقف الحركة النقابية
وقد جاء مضمون هذا الخطاب مناقضاً لموقف الحركة النقابية وقمة المنتدى العالمي للهجرة والتنمية الذي عقد في مدينة ريوهاشا الكولومبية الساحلية بين أيام 2 و 4 أيلول /سبتمبر، بمشاركة أكثر من 360 ممثلًا من حكومات ومؤسسات دولية ومجتمع مدني، من بينهم نقابيين من أميركا اللاتينية وآسيا ومنظمات عمالية دولية، في مقدمتها الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب والاتحاد الدولي لعمال نقابات الخدمات العامة،لترفع أصوات النقابات في قلب المنتدى.
لقد دخلت الحركة النقابية القمة بأجندة واضحة وهي : ا"لدفاع عن حقوق المهاجرين والمطالبة بالعمل اللائق كأولوية للسياسات العامة” .وقال راماشاندرا خونتيا، رئيس شبكة الهجرة العالمية التابعة للاتحاد الدولي لنقابات عمال البناء والأخشاب :
“الحركة النقابية تأتي إلى هذا المنتدى لتدافع عن حقوق المهاجرين، وتطالب بالعمل اللائق، وتضمن أن تُدمج هذه المطالب في سياسات الحكومات.”
مداخلات بارزة ورسائل قوية: “قاوموا، طالبوا، واعترفوا”
خلال الجلسات العامة والموضوعية لقمة المنتدى العالمي للهجرة والتنمية ، قدّم النقابيون مداخلات شددت على:
احترام حقوق العمال وحقوق الإنسان.
- ضمان الوصول الشامل إلى الخدمات العامة.
- تعزيز الحوار الاجتماعي الثلاثي بمشاركة الحكومات وأصحاب العمل والعمال.
التصديق على اتفاقيات منظمة العمل الدولية الأساسية وتنفيذها الفعّال.
وافتتحت نيديا تارازونا ( من نقابة السي جي تي في كولومبيا) المنتدى باسم المجتمع المدني تحت شعار: “قاوموا، طالبوا، واعترفوا”، فيما دعا قادة نقابيون من الأرجنتين وكولومبيا والبرازيل وتشيلي وبيرو إلى جعل حقوق المهاجرين جزءًا لا يتجزأ من التنمية البشرية.
جلسة موازية وبيان مشترك :“الهجرة البشرية تحت التهديد”
في موازاة القمة، اجتمع 26 قائدًا نقابيًا من كولومبيا في جلسة خاصة تبادلوا خلالها التجارب المحلية لتعزيز الصوت العمالي في المحفل الدولي.كما وقّع الإتحاد الدولي لنقابات عمال البناء والأخشاب إلى جانب 88 منظمة نقابية ومجتمعية وأكاديمية من خمس قارات على بيان مشترك بعنوان: “الهجرة البشرية تحت التهديد”، الذي أدان استبعاد النقابات من صناعة إتخاذ القرار، وضعف التنسيق الدولي في إدارة قضايا الهجرة، والتصاعد المقلق لخطابات التهميش والإقصاء.
على الضفة الأخرى: خطاب ترامب المعادي للمهاجرين
في الوقت الذي رفعت فيه النقابات الدولية شعار الحقوق والعدالة الاجتماعية، كما ذكرنا في مقدمة هذا المقال ،جاء خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (23 سبتمبر 2025) ليعكس الوجه الآخر من النقاش العالمي حول الهجرة.إذ دعا ترامب الدول إلى إغلاق حدودها وطرد المهاجرين، محذرًا من أن “بلادكم تُدمَّر بسبب السياسات المفتوحة للهجرة”، وواصفًا الهجرة بأنها غزو يهدد استقرار المجتمعات الغربية.هذا الموقف يعكس توجهًا سياسيًا يعتبر المهاجرين عبئًا، في تناقض صارخ مع ما شددت عليه النقابات من أن المهاجرين هم جزء أساسي من قوة العمل العالمية، وأن ضمان حقوقهم شرط للتنمية الإنسانية العادلة والمستدامة.
دلالات وخلاصة
مشاركة النقابات في قمة الهجرة والتنمية أكدت أن الهجرة قضية عدالة إجتماعية بقدر ما هي قضية سياسات وتنمية. وبينما ترفع النقابات صوتها من أجل العمل اللائق، الخدمات العامة، والحوار الاجتماعي، يتبنى سياسيون مثل ترامب خطابًا إقصائيًا يزيد من هشاشة أوضاع المهاجرين.إن التباين بين هذين الخطابين يوضح أن معركة المهاجرين اليوم ليست فقط على صعيد السياسات الوطنية، بل هي معركة عالمية بين من يدافع عن الكرامة الإنسانية ومن يسعى لإقصائها.