مواجهة في فرنسا بين النقابات والحكومة


جهاد عقل
2025 / 9 / 22 - 11:47     

‎شهدت فرنسا في الفترة من  10 إلى 18 أيلول / سبتمبر 2025 – مواجهة مفتوحة ضد التقشف

‎شملت موجة احتجاجات اجتماعية واسعة قادتها النقاباتالعمالية وحركات اجتماعية مثل "فلنغلق كل شيء". وقدبلغت هذه التعبئة ذروتها في 18 سبتمبر، حيث خرج
"تظاهر أكثر من مليون شخص يوم الخميس الموافق 18 سبتمبر 2025
حيث تظاهر "أكثر من مليون متظاهر في أكثر من 250 مظاهرة، ومئات الآلاف من المضربين في القطاعين الخاص والعام، تُعدّ التعبئة الموحدة يوم الخميس 18 سبتمبر نجاحًا باهرًا. إنها تُوجّه تحذيرًا واضحًا للحكومة: الغضب الاجتماعي يتزايد. ملخص سريع لهذا اليوم الاستثنائي من التعبئة "
وفق بيان صادر عن اتحاد العمل الفرنسي السي جي تي
‎ لقد تظاهر في الشوارع هذا العدد الكبير رفضًا لسياسات التقشف ر والمطالبة بعدالة اجتماعية وضريبية.
فيما يلي تسلسل أحداث هذا النضال النقابي الهام :
‎أولاً: حراك 10 سبتمبر – "فلنغلق كل شيء"
‎في 10 أيلول/سبتمبر 2025، دعت حركة "فلنغلق كل شيء" إلى احتجاجات واسعة جمعت نحو 200 ألف متظاهر. ركزتالحركة على رفض خطة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو للتقشفالتي تضمنت إلغاء عطلتين رسميتين وتجميد الإنفاق. هذاالحراك كان بمثابة الشرارة الأولى التي مهّدت للتعبئة النقابيةاللاحقة.

‎ثانياً: جذور الأزمة وإسقاط حكومة بايرو
خطة بايرو للتقشف (44 مليار يورو تخفيضات) واجهت رفضًاشعبيًا وبرلمانيًا، ما أدى إلى سقوط حكومته. الرئيس ماكرونعيّن سيباستيان لوكورنو رئيسًا جديدًا للوزراء، لكن النقاباتلم تمنحه فترة سماح، بل صعّدت احتجاجاتها ضده.

‎ثالثاً: يوم 18 سبتمبر – النقابات في الواجهة
‎شهد يوم 18 أيلول/سبتمبر واحدة من أكبر موجات التعبئةمنذ 2023. وزارة الداخلية قدرت المشاركين بأكثر من 500 ألف، بينما تحدثت النقابات عن أكثر من مليون. شارك فيالمظاهرات أكثر من 250 مدينة، في مشهد منظم قادتهالنقابات الموحدة. القطاعات الحيوية أصيبت بالشلل: النقلالعام في باريس شهد يومًا أسود، رحلات الطيران تعطلت،ثلث معلمي المدارس الابتدائية أضربوا عن العمل، و90% من الصيدليات أغلقت أبوابها.

‎رابعاً: الشعارات والرسائل
‎رفع المتظاهرون شعارات مثل: "فلنفرض الضرائب علىالأثرياء"، "إلغاء الامتيازات"، "ضريبة زوكمان الآن". هذهالشعارات تعكس توجهًا متزايدًا نحو العدالة الضريبية وإعادةتوزيع الثروة.

‎خامساً: التضامن الأوروبي والدولي
‎أعلنت UNI Europa تضامنها مع النقابات الفرنسية، معتبرةأن ما يجري في فرنسا جزء من أزمة أوروبية حول العدالةالاجتماعية. كما شدد الاتحاد الدولي للنقابات (ITUC) علىأن التقشف يزيد الفجوة الاجتماعية ولا يحل الأزماتالاقتصادية.

‎سادساً: الحكومة والخيارات السياسية
‎لوكورنو واجه اختبارًا صعبًا منذ اليوم الأول. في حين واصلمشاوراته لإعداد ميزانية 2026، قدّم إيريك سيوتي خطةبديلة أكثر تشددًا تقوم على 120 مليار يورو تخفيضات،تستهدف الهجرة والمساعدات الاجتماعية ومساهمة فرنسافي ميزانية الاتحاد الأوروبي. هذا يضع الحكومة أمام خياراتمتناقضة وضغوط هائلة.

‎سابعاً: مقارنة تاريخية
التعبئة الحالية تذكّر باحتجاجات التقاعد 2023 وأزمةالسترات الصفراء 2018، لكنها تختلف بوجود النقابات فيالصفوف الأمامية، ما يمنحها طابعًا منظمًا وقدرة أكبر علىالاستمرار والتأثير.

‎خلاصة
‎الاحتجاجات الممتدة بين 10 و18 سبتمبر 2025 تُظهر عودةالنقابات بقوة إلى المشهد السياسي والاجتماعي. هي ليستمجرد رفض لميزانية 2026، بل مواجهة أوسع حول منيتحمل كلفة الأزمة: العمال والفئات الشعبية، أم الشركاتالكبرى والأثرياء. المشهد الفرنسي يشير إلى معركة مفتوحةقد تحدد مستقبل العقد الاجتماعي في البلاد.
‎كما وتعتبر هذه الاحتجاجات الفرنسية بأنها ليست حدثاً محلياًفحسب، بل إشارة تحذير أوروبية ودولية ضد سياساتالتقشف. النقابات تطرح بديلاً يقوم على العدالة الاجتماعيةوالضريبية، وعلى تحميل الأثرياء والشركات الكبرى مسؤوليةتمويل الأزمات بدلاً من تحميلها للعمال والفئات الهشة.


.