إلى الشيوعيّين الثوريّين ، و الذين يتطلّعون إلى عالم أفضل(1) : تعلّم العلم – و نحن نسير
شادي الشماوي
2025 / 9 / 12 - 14:55
قارئ 25 أوت 2025 ؛ جريدة " الثورة " عدد 921 ، 1 سبتمبر 2025
www.revcom.us
في جانفي 2025 ، أجرت سنسارا تايلور حوارا صحفيّا مع القائد الثوريّ بوب أفاكيان . و في الجزء الثاني من ذلك الحوار، سألته عن الدور الذى تنهض به رسائله على وسائل التواصل الاجتماعي في مساعدة الناس على فهم العالم و تغييره تغييرا جذريّا .
هناك بعض المسائل المفاتيح التي تحدّث عنها بوب أفاكيان هناك أعتقد أنّنا لم تثمّنها التثمين الذى تستحقّه .
تتناول رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الاجتماعي في وقتها قضايا حارقة . و تشتغل هذه الرسائل على العراقيل في تفكير الناس التي يجب تجاوزها بسرعة . و الصراع مع الناس الذين لا يرغبون في مواجهة كيفيّة توطّد الفاشيّة بسرعة أو الذين لم يدركوا أنّ هذه الفاشيّة – بغضّ النظر عن كيف بلغت السلطة – لاشرعيّة . و يشرح بوب أفاكيان لماذا لن يقاتل الديمقراطيّون هؤلاء الفاشيّين بالطريقة التي يحتاجون إلى قتالهم بها . و يفضح النظام الرأسمالي – الإمبريالي الكامن وراء هذه الفاشيّة و الذى يتسبّب في عدد كبير من الفظائع الأخرى . و يردّ على الناس الذين يعتقدون أنّ المشكل هو " الطبيعة الإنسانيّة " ، بدلا من طبيعة النظام الرأسمالي - الإمبريالي ، و كيف أنّه من الضروريّ و الممكن إنشاء نظام مغاير راديكاليّا. وهو يخوض صراعا مع السود حول دورهم و مسؤوليّة الصفوف المتقدّمة في القتال لإلحاق الهزيمة بالفاشيّة ... و بوسعى أن أواصل تعداد أشياء و أشياء .
لذا مضمون هذه الرسائل فعلا مهمّ – و يجب أن نهتمّ كثيرا بها عندما تصدر . يمكن أن تفتح ديناميكيّة مختلفة في المجتمع ذلك أنّ بوب أفاكيان يتحدّث عن مسائل يناقشها ملايين الناس نقاشا حادا .
لكن أهمّ من ذلك حتّى من مضمون كلّ رسالة لوحدها هو تعلّم المنهج الذى يطبٌّه بوب أفاكيان – و يدرّب آخرين عليه – في جميع رسائله .
و مثلما قال بوب أفاكيان ، فإنّ رسائله على وسائل التواصل الاجتماعي " تتحدّث عن أشياء معيّنة ، إلاّ أنّها تبحث كذلك و تعمل على إعطاء الناس نوع المنهج الضروريّ للفهم العلميّ لهذه الأشياء ، بدلا من ظهور الكلّ على أنّه يشبه خليطا من الألغاز ؛ و بدلا من حصول للناس على شروح لا تشرح الأشياء حقّا و إنّما تبقيهم أسرى العالم كما هو بكلّ الفظائع المستمرّة و حتّى فظائع أكبر تحوم في الأفق . "
بالتعمقّ في رسائل وسائل التواصل الاجتماعي هذه – و ليس فحسب في رسالة واحدة ، بل بواسطة سيرورة تراكم – بوسعكم و بوسع آخرين التدرّب على هذا المنهج العلميّ . ( و بسيرورة مراكمة ، أقصد ما يحدث عندما تواصلون الاستماع لسلسة كاملة من رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الاجتماعي ) . لا يتعلّق الأمر بمجرّد تعلّم هذه الفكرة أو تلك ، الواحدة بعد الأخرى ، و إنّما تعلّم التفكير تفكيرا نقديّا ، للتمكّن من الوسائل العلميّة .
لنضرب مثالا على ذلك . رسالة بوب أفاكيان ؛ الثورة عدد 118 ، " هذا النظام أفرز فاشيّة ترامب / الماغا : الشعب ، بملايينه ، يجب أن يضع نهاية لهذا النظام الفاشيّ – الآن – قبل أن يفوت الأوان ! "
يثير بوب أفاكيان مسألة تؤرّق تماما الملايين و الملايين من الناس الآن بالذات : " لماذا نواجه هذه الفاشيّة ؟ " وفّروا لأنفسكم 11 دقيقة الآن و استمعوا لإجابته الواضحة و المقتضبة .
و فكّروا في المنهج الذى يطبّقه بوب أفاكيان .
أوّلا ، يحدّد المصدر في النظام الرأسمالي - الإمبريالي ذاته . و لا يتوقّف عن شرح كلّ ما يعنيه هذا النظام و كيف يسير ( و يفعل هذا في أماكن أخرى ، بما في ذلك الثورة عدد 82-84 : " النظام في هذه البلاد ليس " ديمقراطيّة " " و الثورة عدد 38 : " مناهض للرأسماليّة لكن لا يعرف ما هي الرأسماليّة " و غير ذلك كثير ).
لكن هنا يطبّق هذا الفهم العلميّ الأعمق .
بطريقة حيويّة حقّا ، يبيّن بوب أفاكيان الديناميكيّة الكامنة و المترابطة لهذا النظام ، و العناصر المختلفة للأرضيّة التي أفرزت هذه الفاشيّة . و يدلّل على كيف أنّ التغيّرات الكبرى في الأساس الاقتصادي للرأسماليّة – الإمبرياليّة قد أثّرت و تأثّرت بالتغيّرات في العلاقات الجندريّة و العرقيّة و العلاقات بين فئات أخرى من الناس . و يبيّن بوب أفاكيان كيف أنّ كلّ هذا أثّر و تأثّر بالصراعات السياسيّة التي يخوضها الناس ضد أشكال مختلفة من الاضطهاد و الظلم . وكذلك يبيّن كيف، مرّة أخرى ، أثّر كلّ هذا و تأثّر بتفكير و إيديولوجيا مجموعات كاملة من الناس . و هناك أساس ماديّ لكلّ هذا في النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، لكن الأمر ليس في خطّ واحد أو في نوع من السيرورة الميكانيكيّة ، إنّه ديناميكيّ .
و هذا و هذا الفهم العلمي الديناميكي و الشامل لكيف أنّ السياسة و تفكير الناس يرتبطان بالنظام الاقتصادي الكامن جزء عمليّا من الإختراقات التي تنطوى عليها الشيوعيّة الجديدة التي صاغها بوب أفاكيان . و في هذه الرسالة ، ما يفتأ بوب أفاكيان يحدّد هذه الأشياء كلّها . لكنّه يطبّق هذا المنهج العلمي على هذا الواقع المعقّد ، شارحا الأشياء ، و مدرّبا الناس على كيف يدركون الطريقة التي يسير بها المجتمع حتّى أبعد من المسائل الخاصة التي يتناولها بالبحث في هذه الرسالة .
و يدلّل بوب أفاكيان أيضا على كيف أنّ الأشياء تطوّرت تاريخيّا إلى الدرجة التي نوجد بها الآن – لأنّ هذا التاريخ يشكّل الأرضيّة التي نقف عليها . و يضع بوب أفاكيان النظّارات مجدّدا لينظر في الأشياء على نطاق عالمي – كيف أنّ ما يجرى في العالم يؤثّر على الأمور هنا ( و العكس بالعكس ) . و من جديد ، وهو يقوم بكلّ هذا ، لا يساعد المستمعين في فهم ما نواجهه الآن بالذات فحسب ، و إنّما هو كذلك يدرّبنا جميعا على النظر إلى العالم أكثر على ما هو عليه طوال الوقت . فكّروا في كيف أنّ هذه الطرق تختلف عن مجرّد النظر في خلفيّتكم الخاصة ، أو تجربتكم الخاصة أو حتّى ما حدث في الشهر الماضيّ .
بالفضح المتكرّر و مواصلة التعمّق في المنهج في رسائل التواصل الاجتماعي هذه ، بوسع الناس تعلّم القيام بالشيء عينه الذى يقوم به بوب أفاكيان . و مجدّدا ، ليس الكلّ في وقت واحد ، و إنّما من خلال " سيرورة مراكمة " .
و مجدّدا ، في الحوار الصحفي ، يقول بوب أفاكيان إنّ الهدف من رسائله على وسائل التواصل الاجتماعي هو :
" ...جعل المزيد من الناس يفكّرون تفكيرا نقديّا و يتحوّلون إلى ثوريّين على ذلك الأساس . و من المهمّ للغاية أن يخترق ذلك كلّ الضجّة الموجودة و يبلغ الناس و يجعل الناس أنفسهم منخرطين في الصراع حول ما يقال في هذه الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي . هل هذا صحيح ؟ ماذا لو كان صحيحا ، ما تبعات ذلك ؟ كيف نفهم هذا ؟ ما هو المنهج المستخدم للبحث في المظاهر المختلفة للواقع التي يتمّ التفاعل معها و تحليلها ؟ و من المهمّ جدّا مع كلّ الضجّة الموجودة و كلّ التضليل و الخداع الذين يبقيان الناس مخدّرين و أسوأ من ذلك ، لمحاولة إختراق ذلك و توحيد الناس حول توجّه التفاعل الحقيقيّ و بعمق مع العالم و ما نحتاج القيام به لتغييره تغييرا إيجابيّا . "
المتابعة و التعمقّ عن كثب في ما ينشره @BobAvakianOfficial بمعيّة آخرين يعنى العمل على تغيير ليس ما يفكّر فيه الناس فحسب بل كيف يفكّرون . لهذا رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الاجتماعي ينبغي أن تكون في موقع القلب من كيف ندرّب نحن الشيوعيّين الثوريّين أنفسنا – و كذلك العمل مع ، و تجنيد قوى أخرى من أجل الثورة ! و شكل هذه الرسائل يقدّم بحيث يمكن الاستماع إليها جميعها في سيّارة و أنتم تتّجهون إلى مكان ما ... و بعد أن تكونوا في الشوارع أثناء ساعات النهار ، بوسعكم العودة معا و الاستماع و النقاش حول مائدة العشاء... لتنظّموا فترات استماع و نقاش أسبوعيّة. و نحن نسير . بينما نخوض هذه المعركة التاريخيّة للترحيل العمليّ لهذا النظام الفاشيّ من السلطة ، و نقوم بذلك كجزء من العمل للتخلّص من النظام الذى أفرز هذه الفاشيّة ، بإمكان الناس أن ينخرطوا في نقاش هذا المنهج العلمي و يخوضوا صراعات بشأنه و يطبّقوه . و في الواقع ، لا وجود لصوت يقدّم بشكل ثابت و علميّ الفهم و القيادة الضروريّين لخوض هذا القتال على نحو يوحّد كلّ من يمكن توحيدهم و تكون له حقيقة فرصة للظفر أفضل ممّا يعرضه بوب أفاكيان ، حتّى و إن كان كذلك يقوم بأكثر بكثير من تقديم القيادة للقتال ضد الفاشيّة .
أخيرا ، على أساس هذا المنهج العلميّ ، ما يصوغه بوب أفاكيان هو توجّه أن نكون على استعداد و متحمّسين لمعالجة كلّ ما يعرقل الجماهير الشعبيّة في النهوض بقتال أكثر وعيا حتّى ليس لتحرير نفسها و حسب و إنّما أيضا لتحرير الإنسانيّة ككلّ . و لا يعتذر بوب أفاكيان عن أن يقول للناس ما يحتاجون إلى سماعه لأنّه يعلم أنّ الاضطهاد الرهيب و طرق التفكير المتخلّفة التي يفرضها هذا النظام على الناس غير ضروريّين تماما – لهذا هو ينوى وهو على أهبة الاستعداد لتحمّل مسؤوليّة القتال من اجل تخليصهم من كلّ هذا . إنّنا نحتاج إلى التثمين الحقيقي لكوننا و الجماهير محظوظين بوجود قائد مثل هذا القائد – و نحتاج إلى تبنّى المنهج ذاته في الخروج إلى الشوارع و القتال لإيصال هذا الصوت و الفهم الذى يقدّمه بوب أفاكيان إلى الملايين .
و سأختم هنا بمقتبس من الرسالة الأولى لبوب أفاكيان على وسائل التواصل الاجتماعي تُعنى بقلب هذا التحدّى :
" ... كلّ واحد منكم " أيّها المتيقّظون " الحائرون و المتزاحمون هناك : لا تُضايقوا أنفسكم بذلك الهراء حول " من أنت " لتقول كلّ هذا . سأقول لكم من أنا : أنا إنسان قلبا و روحا و صميميّا جدّيٌ بشأن ثورة يمكن أن تحرّر تماما الناس – شخص يملك فهما علميّا للحاجة إلى هذه الثورة و لإمكانيّتها . و مهما كان الأمر جدّيا لا وقت لديّ ، و لا وقت لنا ، لهذه القمامة الباعثة على الشفقة و التي لا تؤدّى إلى أيّ مكان جيّد حول من له الحقّ في قول هذا الأمر أو ذاك . للجميع حقّ و مسؤوليّة تعلّم الحقيقة و الحديث عن الحقيقة ، لا سيما في ما يتّصل بالقضايا الحياة أو الموت ، المتعلّقة بالوضع العام و مستقبل الإنسانيّة قاطبة – و للجميع حقّ و مسؤوليّة التصرّف على أساس من هذه الحقيقة . "