الماركسية اللينينية وفهم الصراع الدولي المعاصر...ج1


ليث الجادر
2025 / 9 / 8 - 02:49     

تُعد الماركسية إطارًا فلسفيًا واجتماعيًا لفهم تطور المجتمعات، حيث يُنظر إلى التاريخ على أنه سلسلة من الصراعات الطبقية التي تحرك المجتمعات نحو التغيير والتحول. يرى ماركس أن الصراع بين الطبقات، بين من يملكون وسائل الإنتاج ومن لا يملكونها، هو المحرك الأساسي للتاريخ، وأن هذه الصراعات تحدد طبيعة النظام الاجتماعي والسياسي في أي مجتمع.

مع تطور الفكر الماركسي اللينيني، أُضيف بُعد سياسي وعسكري واضح، يرى أن الثورة العمالية هي السبيل لتغيير النظام الرأسمالي وبناء مجتمع اشتراكي قائم على العدالة والمساواة. في هذا السياق، لا تقتصر الماركسية على التحليل الداخلي للمجتمع فحسب، بل تتجاوز ذلك لتشمل العلاقات بين الدول، معتبرة أن النظام العالمي هو امتداد للصراعات الطبقية على مستوى دولي.

المنظور الماركسي للعلاقات الدولية

يرى المنظور الماركسي أن القوى الإمبريالية ليست مجرد دول تسعى للهيمنة لأسباب سياسية، بل أدوات لضمان مصالح طبقاتها الحاكمة وتحقيق أرباح النخبة الاقتصادية. الصراعات بين الدول الكبرى والدول الضعيفة تعكس في جوهرها الصراع بين مصالح اقتصادية متباينة، حيث تُستخدم السياسة والتحالفات والحروب كآليات للحفاظ على السيطرة على الموارد والأسواق العالمية.

من هذا المنظور، عندما تستخدم الدول الرأسمالية عبارة "الحفاظ على أمنها القومي"، فإنها غالبًا لا تشير إلى حماية المواطنين بقدر ما تعني حماية مصالح الاحتكارات الاقتصادية الكبرى. الأمن القومي يصبح غطاءً سياسيًا لتبرير التدخل الخارجي وضمان السيطرة على الموارد الحيوية والأسواق الاستراتيجية، وبذلك تُخدم مصالح الشركات العملاقة والنخب المالية، لا المصلحة العامة للمجتمع.

أمثلة تطبيقية تاريخية

1. الحرب الباردة (1947–1991): لم تكن مجرد نزاع أيديولوجي، بل صراع بين اقتصاد رأسمالي قائم على الربح وإمبراطورية شيوعية تسعى لحماية مصالح الطبقات العاملة، مع صراعات غير مباشرة على الأسواق والنفوذ الدولي.

2. الحروب في الشرق الأوسط: التدخلات الإمبريالية في العراق وليبيا لم تُبرر بحماية الشعوب بقدر ما كانت تهدف إلى حماية مصالح الشركات النفطية وضمان الهيمنة على الموارد.

3. المؤسسات المالية الدولية: سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مثال على فرض برامج اقتصادية تخدم الرأسمال العالمي على حساب سيادة الدول النامية وحقوق شعوبها.
....يتبع