إسرائيل تصعّد من هجومها الإبادي الجماعي على مدينة غزّة بينما يخطّط - ترامب لا - اليوم التالي -- - ليس مجرّد تهجير قسريّ ... تهجير أبديّ -
شادي الشماوي
2025 / 9 / 2 - 22:14
إسرائيل تصعّد من هجومها الإبادي الجماعي على مدينة غزّة بينما يخطّط " ترامب لا " اليوم التالي "- " ليس مجرّد تهجير قسريّ ... تهجير أبديّ "
جريدة " الثورة " عدد 921 ، 1 سبتمبر 2025
www.revcom.us
" نحن نغادر لكن لا نعرف إلى أين نذهب . نريد المغادرة لكن إلى أين ؟ ما من مكان آمن بغزّة . و حتّى المضيّ جنوبا صعب ، و الظروف قاسية . الذهاب من الشمال إلى الجنوب – ليس لدينا لا مال و لا وسائل نقل . الأمر في منتهى الصعوبة بل هو كارثيّ . ما من رعاية صحّية ، ما من غذاء ، ما من مساعدات ، ما من خيام ، لا يوجد أيّ شيء ...هذا تهجير أبديّ . ليس مجرّد تهجير قسريّ – إنّه تهدير أبديّ . ما نشاهده هو تهجير أبديّ . أمراضنا يمرضون ، نساؤنا تمرض ، الناس يموتون جوعا ، و في النهاية يتمّ تهجيرنا ".
- رامي ، مقيم مهجرّ من الصفتاوي ، شمال مدينة غزّة
بدعم كامل من الولايات المتّحدة ، تصعّد إسرائيل من هجومها الإبادي الجماعي على مليون فلسطيني في مدينة غزّة ، أكبر مدينة في قطاع غزّة . و الآن أعلنت إسرائيل مدينة غزّة " منطقة قتال خطيرة " . و عمليّا هناك القليل جدّا من " القتال " لكن هناك قتل و إرهاب كبيرين إسرائيليّين ضد السكّان المدنيّين – فارضة على الناس مغادرة ديارهم و مجموعاتهم ، بلا مكان آخر يقصدونه .
و قد هزّت إنفجارات ضخمة الأرض و غطّت سُحب الدخان الداكن السماء فوق حيّ الزيتون و حيّ صبرا ، في وقت تنفّ فيه الطائرات و المسيّرات الإسرائيليّة بلا هوادة غارات من السماء . و على الأرض ، تقتل مدافعها و فيالقها وهي تتحرّك – على الأقلّ 64 يوم الإثنين الماضي ، 76 في اليوم التالي ، 75 في اليوم التالي ، و العشرات كلّ يوم مذّاك – (1) فيما تدمّر الحيّ تلو الحيّ دافعة أعمق إلى قلب هذه المدينة التاريخيّة و عمرها 5000 سنة .
" لسنا بصدد الإنتظار " ، قال ناطق رسميّ باسم الجيش الإسرائيلي يوم 29 أوت . " لقد شرعنا في عمليّات أوّليّة و في المراحل الأولى من الهجوم على مدينة غزّة ، و نحن حاليّا نتحرّك بقوّة كبيرة بضواحي المدينة . و سنشدّد من ضرباتنا ."
و قال سكّان حيّ الشيخ رضوان وهو أحد أكبر أحياء مدينة غزّة إنّهم كانوا يتعرّضون إلى الهجوم من قبل المدافع و الطائرات الإسرائيليّة طوال يوم السبت ، 30 أوت ، وصولا إلى يوم الأحد . و إضطرّت العديد من الأسر إلى الفرار . وصرّح أحد السكّان بأنّ الجنود الإسرائيليّين كانوا " يزحفون نحو قلب المدينة ... من الشرق و من الشمال و الجنوب ، بينما كانوا يقصفون هذه المناطق من السماء و الأرض لبثّ الخوف في قلوب الناس ليغادروا ".
و فقط شمالا ، في حيّ الصفتاوي ، أفاد مقيم هناك متحدّثا إلى Site News بأنّه " لحوالي أسبوع الآن ، ثمّة قصف مستمرّ . و قد صُدمنا اليوم عندما هاجم الجيش منطقتنا و قصفها بالقنابل . كنّا مذعورين ، حقّا مذعورين . أتت quadcopter و قالوا لنا : " ليدكم ساعات ستّة لإخلاء المكان ". و أضاف واحد آخر " لا نستثنى أحدا – لا المسنّين و لا الأطفال و لا النساء . لا نستثنى إيّ إنسان . "
و قد دمّرت إسرائيل أكثر من 1000 مبنى في حيّ الزيتون و حيّ صبرا . و حيّ الزيتون التاريخي الذى ينبض حياة و الذى نشأ قبل ما يناهز ال2000 سنة ، بات الآن مسوّا بالأرض بدرجة كبيرة . حتّى جريدة " النيويورك تايمز " نعتتها " أرض مقفرة قاحلة " .
و بخبث مضاعف ، يأمر الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين بمغادرة مدينة غزّة لكن تاليا قالت لهم بأن يخلوا إلى أماكن تقييم الجيش الإسرائيلي نفسه يقول إنّ " المدنيّين سيكونون فيها في خطر " لأنّ هذا الجيش عينه يعتبر هذه المناطق " مناطق قتال " . أو يقال لهم أن يخلوا نحو أماكن هي بعد أكثر من مكتظّة و لا يوج بها مدال بعدُ – لا مكان لخيمة ، و لا خدمات عامة .
التجويع يبلغ درجات عالية جدّا – " غزّة عند نقطة فاصلة " :
+ في جويلية ، سمحت إسرائيل لفقط 14 بالمائة من الحاجيات الضروريّة الأساسيّة الدنيا من المواد الغذائيّة بالدخول إلى غزّة . (2) يُواجه كلّ الغزّيين 2.2 مليون جوعا شديدا ، و حتّى سوء تغذية ، و أكثر من 500 ألف يواجهون المجاعة . و مع 27 أوت 2025 ، 322 من الغزّيين جاعوا حدّ الموت ، بما في ذلك 121 طفلا . " المجاعة تدمّر تدميرا مطلقا مدينة غزّة "، هذا كما جاء في تحذير منظّمة اليونيسيف UNICEF . (3)
و كابوس المجاعة أكبر الكوابيس في مدينة غزّة و شمال غزّة وفق تقرير هام لأخصّائيّين في الأمن الغذائيّ . الآن أوقفت إسرائيل عملها بفترات توقّف يوميّة في القتال - فترات سمحت على الأقلّ بدخول نزر قليل من المساعدات إلى مدينة غزّة.
+ " غزّة عند نقطة فاصلة . اليأس ينتشر – و رأيت ذلك من المصدر الأصليّ " ، هذا ما أدلت به رئيسة برنامج الغذاء العالمي ، سيندى ماك كاين ، في بيان عقب زيارتها الحديثة لغزّة . " إلتقيت أطفالا يحصلون على علاج لسوء تغذية حاد – و رأيت صورا لزمن كانوا فيه بصحّة جيّدة . اليوم صار من غير الممكن التعرّف عليهم ... نصف مليون إنسان هنا في غزّة يتعرّضون إلى الجوع ، و عدد أكبر يوجدون على حافة المجاعة ... اليأس طاغ . بوسعنا أن نصلهم . و نحتاج إلى طرق آمنة و السماح لنا بحركة لا تتوقّف . يجب علينا أن نقدّم موادا على المستوى الذى تتطلّبه الأزمة ".
+ " في 27 أوت 2025 ، عندما أصدر 14 من 15 عضوا بمجلس الأمن بالأمم المتّحدة نداء لإيقاف نار فوريّ و دائم في غزّة ، و طالبوا إسرائيل بأن ترفع فورا وبلا شروط العراقيل التي تضعها أمام إدخال الغذاء و مساعدات أخرى إلى غزّة ، الولايات المتّحدة وحدها هي التي رفضت دعم إسرائيل و عارضت الموقف . (4)
+ العدد الجملي الرسمي للوفايات في غزّة الآن هو 63.025 قتيل و 159.490 جريح . و هذا التعداد تحت المستوى الحقيقيّ إذ هناك آلاف الناس لم يقع تسجيلهم و لا يزالون تحت الأنقاض .
هذه هي حملة الولايات المتّحدة – إسرائيل لمحو مدينة بأكملها ، و ترحيل مليون إنسان و تنفيذ تطهير عرقي إبادي جماعي لغزّة بأكملها.
مع تكدّس و تدمير مدينة القتلى غزّة التاريخيّة ، ترامب يتآمر على مستقبل غزّة :
و إسرائيل تقصف بقنابل صنعت في أمريكا الأطفال و تدمّر المباني ، و تسويتها حيّ الزيتون التاريخي بالأرض ، كان دونالد ترامب يتآمر و يخطّط ل " اليوم التالي " لوقف إسرائيل قصف غزّة . و في الأسبوع الماضيّ ، عقد ترامب إجتماعا مع صهره ، جاراد كوشنار ، المبعوث الخاص للولايات المتّحدة إلى الشرق الأوسط ، ستيف ويتكوف ، و الوزير الأوّل البريطاني السابق توني بلار ، و آخرين . شأنهم شأن المستعمرين مصّاصي الدماء من الصنف القديم الذين شعروا بأنّ حقّهم في تقرير كيف يمكن إخضاع البلدان المضطهَدَة و حكمها ، جاء في تقارير أنّ ترامب و آخرين كانوا يتآمرون على مستقبل " غزّة ما بعد الحرب ".
مضمون هذه النقاشات ، و الإختلافات أو الإتّفاقيّات الممكنة بينهم ، غير معلوم حاليّا . لكنّنا نعرف أنّ في نهاية فيفري الماضي ، دعا الوحش الفاشيّ ترامب إلى تطهير عرقي شامل لغزّة ، و إنشاء " ريفيارا " إمبرياليّة على أنقاضها ، و نشر حتّى فيديو مصنوع بالذكاء الإصطناعي لمصيف ممتاز يسمّى " غزّة ترامب " . و نعلم أنّ جاراد كروشنار يفكّر في أنّ " ملكيّة سواحل غزّة " تعود إلى الشعب الفلسطيني " يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة " و أنّه إقترح أن تهجّر إسرائيل قسرا كافة الشعب الفلسطيني من غزّة بينما تعيد إسرائيل بناءه .
نعلم حقّ العلم أنّ الولايات المتّحدة تحتاج دولة إسرائيل كسلاح مفتاح في إمبراطوريّتها . و مثلما قال القائد الثوري بوب أفاكيان :
" لا يعزى ذلك إلى" قوّة اللوبي اليهوديّ " - أو لفهم سخيف و فاحش بأنّ " اليهود يتحكّمون في كلّ شيء ". و إنّما يُعزى إلى كون إسرائيل تنهض ب " دور خاص " كقلعة مدجّجة بالسلاح لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة في جزء إستراتيجيّا هام من العالم ( " الشرق الأوسط " ). و قد كانت إسرائيل قوّة مفتاح في إقتراف الفظائع التي ساعدت على الحفاظ على الحكم الإضطهادي للإمبرياليّة الأمريكيّة في عديد أنحاء العالم ."
و الدماء تتقاطر من أياديهم ، ترامب و آخرون كانوا يخطّطون لأفضل طريقة لترسيخ الحكم الإمبريالي للولايات المتّحدة على الشرق الأوسط ، و طريقة تعزيز قبضة إسرائيل على المنطقة .
و على مستوى أعمق ، علينا أن نتساءل :
هل يمتلك هؤلاء المضطهِدون الوحوش حقّ إستغلال و نهب الشعوب و الكوكب ؟
ما صلة ممثّلى النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يحطّم ثقافات و مجتمعات برمّتها ، و يمحى شعوب بأسرها لأنّ هذا ما يتطلّبه سيره ، ما صلة هذا بالشعب الفلسطيني ؟
هل يمتلك الطغاة المسيّرين لهذا النظام غير الشرعي ليُناقشوا طريقة مزيد إخضاع – و حتّى محو من الوجود – الشعب الفلسطيني ، بينما يعزّزون دولة إسرائيل الإباديّة الجماعيّة لكي يكون بوسعها النهوض بدورها كمخفر عسكريّ متقدّم في خدمة إمبرياليّة الولايات المتّحدة ؟
و الإجابة ؟ لا حقّ لهم مهما كان في ذلك .
و مثلما وضع ذلك بإقتضاب القائد الثوري و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة ، بوب أفاكيان :
" نحن ، شعوب العالم ، لم يعد بوسعنا السماح لهؤلاء الإمبرياليّين أن يواصلوا الهيمنة على العالم و تحديد مصير الإنسانيّة . و إنّه لواقع علميّ أنّ الإنسانيّة ليس لزاما عليها أن نعيش على هذا النحو ."
نحتاج و نطالب ب : نمط حياة جديد تماما و نظام مغاير جوهريّا !
إرفعوا الحصار عن غزّة !
أوقفوا الإبادة الجماعيّة ضد الشعب الفلسطيني !
هوامش المقال :
1. Democracy Now!: "Israeli Airstrikes on Nasser Hospital Kills 20 Including 5 Palestinian Journalists," August 25, 2025 "Three More Palestinians Starve to Death in Gaza as Israeli Forces Kill 75 in a Day," August 26, 2025 "Ten Palestinians Starve to Death in Gaza as Israeli Forces Kill 76 in a Day," August 27, 2025. [back]
2. "Four More Palestinians Starve to Death as Israeli Tanks Advance on Gaza City," Democracy Now!, August 28, 2025. [back]
3. "Amid Deepening Famine, Israel Declares Gaza City a Dangerous Combat Zone, ” Democracy Now!, August 29, 2025. [back]
4. "U.N. Security Council Members, Except for U.S., Condemn Man-Made Crisis in Gaza," Democracy Now!, August 28, 2025.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
و إلى جانب هذا المقال ، نشر التعليق التالي بشأن " أسطول الصمود " :
" يوم السبت 31 أوت 2025 ، تجمّع آلاف الناشطين و الناشطات في برشلونة بإسبانيا ليُرسلوا القوارب الأولى من أسطول الصمود العالمي الحامل للغذاء و الماء و الدواء للناس في غزّة .
و هذا الأسطول يهدف إلى " كسر الحصار اللاقانوني لغزّة " إنطلق بحوالي عشرين قاربا و بعثات من 44 بلدا و قريبا ستلتحق به قوارب من تونس و إيطاليا بأكثر من 50 قاربا . ستكون أكبر محاولة إلى الآن لكسر الحصار الإسرائيلي للمساعدات الإنسانيّة لغزّة القادمة بحرا ، و يأتي هذا الأسطول في زمن تستشري فيه المجاعة في غزّة و تصعّد فيه إسرائيل من إبادتها الجماعيّة و الحاجة إلى المساعدات الإنسانيّة أكبر من أيّ زمن مضى . يمكن أن يبلغ الأسطول غزّة مع 14 إلى 15 سبتمبر .
" لقد كان من الواضح جدّا أنّ إسرائيل لم تفتأ تدوس القانون الدوليّ بإمّا الهجوم على او الإعتراض اللاقانوني لقوارب في المياه الدوليّة و لم تفتأ تمنع دخول المساعدات الإنسانيّة إلى غزّة " ، هذا ما صرّحت به المنظّمة و الناشطة البيئيّة الشهيرة غريتا ثونبارغ . و قد إلتحق بالأسطول الممثّل ليام كوننغهام ، ومحامون أوروبيّون ، و حاكمة برشلونة السابقة آدا كولاو ، إلى جانب عدد من المؤثّرين بوسائل التواصل الاجتماعي المعروفين جيّدا و نشطاء .
من واجب شعوب العالم أن يدعموا و يساندوا هذه الحركة العادلة و الشجاعة .