المناضلة الشيوعية الباسلة سامال قاسم سعيد ....
شه مال عادل سليم
2025 / 8 / 16 - 23:03
ولدت المناضلة الشيوعية (سامال قاسم سعيد ) في مدينة أربيل عام 1957 لعائلة أربيللية تقدمية ووطنية معروفة ، أكملت دراستها الابتدائية والمتوسطة والاعدادية في أربيل ، وقبلت في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد..
ان تجربة الشيوعية الباسلة ( سامال ) النضالية عندما كانت طالبة في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة بغداد قد افادتها كثيراً ، اذ كانت تقوم بدور كبير بين جماهير الطلبة هناك ، في وقت كانت همجية وشراسة حزب البعث الفاشي على اشدها،وان بغداد يومها لم تكن بافضل حالاً من المدن العراقية الأخرى ، فخفافيش البعث كانت منتشرة في كل مكان وهي تراقب تحركات الطلاب ،وبعد تخرجها من الكلية عادت إلى مدينتها وعُينت في أحدى الدوائر الحكوميةفي أربيل.
في بداية الثمانينات ومن مدينة أربيل الباسلة انطلقت شرارة إعادة الحياة ،والنشاط لتنظيمات الحزب الشيوعي العراقي من جديد بعد الهجمة الشرسة التي تعرض لها الحزب الشيوعي في بداية 1978 بشكل علني على يد (حليفه الدموي )، وتشتت الكثير من قياداته وكوادره وقواعده ،وتم إعتقال وإعدام العشرات من الشيوعيين الابطال في زنازين البعث الفاشي . وكان على رأس تلك المهمة الثورية والخطرة المناضلة الشابة( سامال ) ورفيقاتها المناضلات البطلات على سبيل المثال لا الحصر: ( مژده ملا حسن ، فتحية ملا محمد مصطفى ، تيريزا يوسف أيشوع ، سليمة رحيم كوندا، حنا توما عجمايا المعروف بمام إبراهيم ،عائشة كروكة ، جنار وبيخال طه ، الدكتور حبيب المالح ، ملا عباس البستاني ، طلعت القصاب ،وعبدالله إبراهيم الشكرجي ).
عملت الرفيقة ( سامال ) تلك الإنسانة الشيوعية المهذبة والمثقفة والمرحة في اصعب الظروف واقساها في مدينتها ، ولم تفارق شفتيها الابتسامة في اصعب الظروف واحلكها سواداَ ، كانت الرفيقة( سامال )شابة لطيفة المعشر ، ذات ثقافة واسعة ، ارتبطت بالحزب الشيوعي العراقي في ريعان شبابها وعملت في التنظيمات الحزب في أربيل ومدن العراق الأخرى ، وكانت تقود اقوى خلايا التنظيم الحزبي في أربيل في بداية الثمانينات مع رفيقاتها ورفاقها .
لعبت الرفيقة( سامال ) مع كوكبة من الشيوعيات الباسلات ، دوراَ ريادياَ في اقتحام ميادين وسوح النضال السياسي الوطني ، وضربن بنضالهن الجسور وعطائهن ، وعملهن المتفاني بين الجماهير ، ومع النساء على وجه الخصوص امثلة رائعة وملهمة نحتت في ذاكرة الاجيال ،وتستحضر عندما تشتد المصاعب وتتعقد ظروف النضال لأستلهام الشجاعة والاقدام وروح التحدي التي تشيعها في النفوس.
في بداية الثمانينات عندما قرر الحزب الشيوعي العراقي التواصل مع التنظيمات الداخل ،وبناء خطوت تنظيمية جديدة ،وتكليف بعض الرفيقات لتنفيذ المهمة الكبيرة والخطرة ، كانت الرفيقة (سامال) من بين الرفيقات اللاتي وقع عليهن اختيار الحزب ، ليتم تكليفها بمهمة بناء خطوت وتنظيمات جديدة ، فترحب بالمهمة التي تم تكليفها بها ،ورأت ان نجاحها في تنفيذ تلك المهمة الخطرة هي خدمة كبيرة لحزبها الذي هو بأمس الحاجة لها ولرفيقاتها ورفاقها على الرّغم من معرفتها بالخطورة التي تعتريها وقد يكلفها تلك حياتها وحياة عائلتها .
خلال عملها في تنظيمات الحزب ، تمتعت الرفيقة( سامال )بشخصية متميزة وجسورة و نشطة ،متفائلة محبة للحياة ، حريصة على العمل ولديها شعور عال بالمسؤولية واحترام المواعيد وجادة وحازمة . كانت الرفيقة تنقل البريد الحزبي من أربيل إلى مواقع الأنصار في جبال كوردستان وبالعكس ، وايضاً التموية على تنقلات وتحركات الرفاق وخاصة الكوادر التنظيمية ومنهم الرفيق الشهيد (ناصح حمدأمين المعروف بـكوجر ) في البيوت الحزبية وتامين تنقلاتهم من منطقة لاخرى، و مدهم بالاخبار والمعلومات ،وساهمت مساهمة فعالة مع رفيقاتها (فتحية ملا محمد و مژده والرفيقة جناز وشقيقتها بيخال وعائشة كروكة )في أرسال الكثير من الشيوعيين من مناطق العراق المختلفة إلى قواعد الانصار - البيشمرگة - وتزويدهم بوقائع وهويات مزورة .
وانا كشاهد عيان اقول بان البطلة (سامال) كانت تقود اقوى تنظيم سري في أربيل ـ تنظيم مرتبط بقاطع أربيل وبشخص القيادي الشيوعي ( سليم إسماعيل المعروف بـ ابو يوسف) .
كانت الرفيقة( سامال) وبتعاون مع رفيقاتها تفنن في ابتكار طرق لنقل البريد الحزبي حيث كن يضعن الرسائل الحزبية داخل انبوبة معجون الأسنان و علب علك ابو سهم ، وبهذه الطرق كن ينقلن البريد الحزبي إلى مدن ومناطق العراق ،وساعدت مع رفيقاتها الكثير من المناضلات والمناضلين على حياة الاختفاء في أربيل .
في اواسط الثمانينات تعرضت الرفيقة للملاحقة والأعتقال من قبل ازلام البعث الفاشي والأجهزة الأمنية ،و تعرضت إلى ابشع انواع التعذيب النفسي والجسدي في مسلخ أمن أربيل الا انها صمدت و تحدت كل أساليب التعذيب و الأرهاب ولم تعترف بكلمة واحدة ، لقد حاولوا معها وبشتى طرق التهديد والترغيب والتعذيب للوصول إلى خيط من خيوط اسرار حزبها ولكنها بقت وفية ومخلصة وأمينة لمبادئها ،وصانت اسرارحزبها وتمكنت الخروج من تلك المحن مرفوعة الرأس ناصعة الجبين، و بعد دفع رشوة و أموال طائلة من قبل والدها واعمامها تم إطلاق سراحها بكفالة .
بعد خروجها من السجن، واصلت العمل في صفوف تنظيمات حزبها ، على الرّغم من كونها كانت تحت مراقبة مكثفة من قبل ازلام و جلاوزة الأمن السري، ولم تتخل عن اداء مهامها الحزبية لحظة واحدة ،على الرّغم من مرضها الشديد وتدهورحالتها الصحية إلى آبعد الحدود نتيجة تعرضها إلى ابشع وسائل التعذيب الهمجي في مسالخ البعث الفاشي . كانت الراحلة تقوم بتنفيذ مهامها التنظيمة بكل دقة وانضباط وبدرجة عالية من المسؤولية التي تتحلى بها ...
رحلت الرفيقة سامال إلى عالم الخلود عام 1996 عن عمر يناهز 49 عاماً بعد اصابتها بمرض عضال ألم بها ولم يُمهلها طويلاً .
لقد تعرضت الرفيقة (سامال) في سجون وزنازين البعث الفاشي إلى أقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي والإيذاء اللفظي لا تتسع الكلمات ولا السطور للكتابة عن تلك الايام القاسية ، إنما هذا شيء يسير وكلمات قليلة في دورها النضالي والسياسي في مقاومتها ووقوفها بوجه جلاديها .
ستبقى سيرة نضال الرفيقة الشيوعية الباسلة (سامال ) مُلهمه لكل من آمن بالمبادئ السامية التي آمنت بها ولم تحد عنها يومأ .
اخيراً أقول : أن الرفيقة الشيوعية (سامال ) مناضلة وبطلة من بلادي تستحق وبجدارة ان نفتخر بها وبنضالها من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية ،وهي وسام فخر واعتزاز لنا جميعأ.
لقد ادت البطلة( سامال )رسالتها بأمانة ونكران ذات ، فسلام وألف سلام على جسدها الطاهروالراقد تحت الثرى ،و المجد والخلود للمناضلة الشيوعية البطلة (سامال ) ..و عهداً بالوفاء.