قطاع الأخشاب في البرازيل تحت الحصار: نقابات تحذر من تسونامي بطالة بسبب “الترامبية التجارية”


جهاد عقل
2025 / 7 / 30 - 02:48     

مقدمة
وفق بيان صادر عن الاتحاد الدولي لنقابات عمال البناء والاخشاب يتضح لنا أن قطاع الأخشاب البرازيلي يواجه أزمة حقيقية وأن هذا
القطاع يقف على حافة الانهيار بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على استيراد الاخشاب من البرازيل.

أزمة حادة
يواجه قطاع الأخشاب البرازيلي أزمة حادة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الخشب البرازيلي، ما دفع عدداً كبيراً من الشركات إلى تعليق الإنتاج وتسريح آلاف العمال، في وقت تطالب فيه النقابات بتدخل حكومي عاجل لحماية الوظائف وضمان الاستقرار الاقتصادي في أحد أهم القطاعات التصديرية في البلاد.

وبالرغم من أن الرسوم الأمريكية لم تدخل حيز التنفيذ بعد – إذ من المقرر تطبيقها اعتباراً من الأول من أغسطس – فإن تداعياتها المسبقة بدأت تظهر بوضوح. شركات تصدير مثل BrasPine وSudati وMillpar أوقفت جزئياً أو كلياً عملياتها، بينما تم إرسال آلاف العمال إلى إجازات جماعية، وسط مخاوف من موجة تسريحات جماعية أوسع خلال الأسابيع المقبلة.

آلاف العمال يُجبرون على مغادرة مواقعهم

في مدينة جاغواريايفا، أوقفت شركة BrasPine، وهي واحدة من أكبر شركات الأخشاب في البلاد، معظم أنشطتها، وأرسلت 1,500 من أصل 2,500 عامل إلى إجازات جماعية. في الوقت ذاته، سرّحت شركة Sudati نحو 100 عامل في وحداتها في فنتانيا وتيليماكو بوربا، بينما علّقت Millpar عملياتها في غوارابوفا وكيداس دو إيغواسو، وأوقفت عمل 400 من أصل 800 موظف.

“نحن نعيش يوماً من الفوضى في القطاع”،

بهذه الكلمات وصف ريناوديم باربوسا، رئيس اتحاد عمال قطاع البناء والأخشاب في ولاية بارانا. الوضع الراهن. وأشار إلى أن الأزمة تعرقل حتى المفاوضات الجماعية، مؤكداً أن اتفاقية العمل الخاصة بمدينة أرافونغاس، التي يعمل بها نحو 15 ألف عامل، لم تُنجز بعد.

ترامب والسياسة الحمائية: تهديد استراتيجي أم عدوان اقتصادي؟

يُعدّ السوق الأمريكي الوجهة الأساسية لصادرات الخشب البرازيلي، بل هو " شريان حيوي", حيث يستوعب قرابة 50% من الإنتاج الموجه للتصدير، خاصة في قطاع البناء والتشييد. ويتركز 90% من الإنتاج في ولايات جنوب البرازيل. غير أن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% من شأنه أن يجعل الخشب البرازيلي غير قادر على المنافسة، ما دفع عملاء أمريكيين إلى إلغاء عقود أو تأجيلها، وفق ما أفادت به الشركات.

النقابات تحذّر: الخطر سياسي واقتصادي

تعتبر النقابات العمالية أن هذه الرسوم تدخل في إطار “سياسات حمائية تمييزية واستبدادية”، يقودها ترامب بدعم من قوى يمينية متطرفة داخل البرازيل، دون اكتراث بالانعكاسات الاجتماعية الكارثية على عشرات آلاف الأسر العاملة.
ويقول باربوسا: “لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي بينما تُضرب صناعتنا بهذا الشكل الجائر. هناك مسؤولية وطنية لحماية هذه الوظائف والمجتمعات المعتمدة عليها”. وعليه قررت النقابات أن تقاوم ضمن استراتيجية وضعتها متعددة الجبهات.

من يقف مع ترامب؟ خيانة وطنية أم اصطفاف طبقي؟


تتهم النقابات البرازيلية بعض السياسيين المحليين، خصوصًا من أقصى اليمين، بـ”خيانة المصالح الوطنية”، من خلال دعمهم الضمني أو العلني لسياسات ترامب، حتى ولو على حساب العمال البرازيليين. وتعتبر هذه القوى امتدادًا محليًا للترامبية، التي تفضل الأرباح الضيقة على العدالة الاقتصادية.

الخلاصة: مصير 180 ألف أسرة على المحك

إن ما يحدث اليوم في قطاع الأخشاب هو جرس إنذار لما قد تتعرض له قطاعات أخرى تعتمد على التصدير في بيئة دولية مضطربة. وتشير النقابات إلى أن “المرحلة الأصعب قد تكون بعد انتهاء الإجازات الجماعية، عندما تتحول المؤقتات إلى تسريحات دائمة”.

تحرك نقابي على أربعة محاور

أطلقت النقابات، المنضوية تحت لواء الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب، خطة لمواجهة الأزمة تتضمن أربعة محاور رئيسية:
1. توسيع المشتريات الحكومية من الخشب المحلي، خاصة في برامج الإسكان الشعبي مثل، لتوفير طلب بديل.
2. تسريع عقد اتفاقيات تجارية مع أسواق جديدة لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكي.
3. حماية فرص العمل من خلال برامج دعم اجتماعي طارئة وتعويضات للعاملين المتأثرين.
4. التحرك الدبلوماسي لحث الولايات المتحدة على التراجع عن القرار عبر قنوات الحوار البرلمانية والحكومية، مع التنديد بمن يضع المصالح السياسية فوق مصلحة العمال والاقتصاد الوطني.

التحدي القادم: ما بعد الإجازات الجماعية

تشير التقديرات إلى أن الأزمة الحالية قد تتحول إلى أزمة بطالة جماعية إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة خلال الأسابيع المقبلة. وتحذر النقابات من أن المرحلة الأصعب قد تبدأ بعد انتهاء الإجازات الجماعية، إذا لم تتحقق انفراجات على مستوى المفاوضات التجارية أو دعم السوق المحلي.

دعوة إلى حوار اجتماعي حقيقي

تختتم النقابات موقفها بالتأكيد على ضرورة فتح حوار ثلاثي جاد بين الحكومة وأرباب العمل والعمال، لوضع خطة وطنية تحمي القطاع من الانهيار. وتقول في بيانها: “الخشب ليس فقط مادة خام؛ إنه مصدر رزق لآلاف العائلات، وأحد أعمدة التنمية في الجنوب البرازيلي. لا يمكن تركه يسقط ضحية للقرارات الفردية والسياسات الخارجية العدوانية”.