إيلون ماسك:هل هو عبقري طموح أم رجل يفتقر للروح؟


حازم كويي
2025 / 7 / 16 - 13:18     

ترجمة وإعداد: حازم كويي

ملخص هذا المقال لكتاب عنوانه: ملفات تسلا – كشف الأسرار من إمبراطورية إيلون ماسك، نشره الكاتبان :سونكه إيفيرسن و ميشائيل فرفورد

هل هو مُدمن مخدرات؟ غريب الأطوار؟ راوٍ للقصص الخرافية؟ أم أنهُ أعظم عبقري في عصرنا؟
لمحات من سيرته الذاتية تكشف عن إنسان مُمزق داخلياً.
ماسك ينحدر من عائلةٍ مُفككة، مليئة بالمُشاحنات والعنف.في المدرسة، كان يتعرض للسُخرية والضرب.
اليوم، لا يعرفُ إلا الفوز أو الخسارة ـ والمُضايقة بأي ثمن.وبهذا، يبدو أنه من حيث الطبع في مستوى واحد مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اشتراه حرفياً ـ كما كتب المؤلفان ـ بعد أن ساعده بـ«أكثر من 260 مليون دولار» للوصول إلى سدة الحكم.
اعتمادٌ متبادل الآن: كذّابان ومحتالان في أعلى درجات النفوذ.
هذه «ملفات تيسلا» تُعدّ بمثابة فرصة ذهبية لكشف الحقيقة.ففي نوفمبر 2021، اكتشف مُبلّغ عن المخالفات، وبمحض الصدفة، ثغرات أمنية لا تُصدّق في نظام شركة تيسلا بأكمله.
بدأ بنسخ وحفظ كمية هائلة من البيانات، ثم تواصل مع سلطات أمريكية، ومسؤولي حماية البيانات، وهيئة الرقابة المالية الأمريكية.لكن ما وجده كان اللامبالاة والبلادة والجهل.
فأجهزة الرقابة الرسمية لا تتجرأ على التصدي لآلة السلطة التي يمثلها أغنى رجل في العالم.
وهذا أيضاً مؤشر على ديمقراطية متهالكة: أولئك الذين يُفترض أن يحموا النظام، لا يتحركون، ويتركون الساحة للمُتسلطين.لذلك، سعى المُبلّغ، لوكاش كروبسي، إلى الوصول إلى الصحافة.
كان واحداً من كثيرين آمنوا في البداية بحلم "مصنع الأحلام" ـ وهو الاسم الذي يطلقه ماسك على شركته.لكن وسائل الإعلام تخشى هذا الملياردير المُتعدد النفوذ، الذي هو، مثل ترامب، يطبق مبدأ "التوظيف والطرد السريع"، ويمتلك تأثيراً كبيراً على الإدارات العليا.
كروبسي، المقيم في النرويج، وجد في النهاية آذاناً صاغية لدى صحيفة "هاندلس بلات" الألمانية.ومنذ مايو 2023، بدأت الصحيفة بنشر سلسلة من المقالات التي أحدثت ضجة عالمية.وكان أول تقرير بمثابة ضربة قاضية، والذي حمل عنوان:
"العملاق المليء بالعيوب... يقوده الطيار الآلي."
والآن، هذا الكتاب الذي يغوص أعمق في التفاصيل.يكتب الصحفيان زونكه إيڤيرسن وميشائيل فرفوردن:
"لقد حصلنا على نظرة داخلية حول كيف يُدير أغنى رجل في العالم إمبراطوريته.
علِمنا أن ماسك يُطلق عليه حُراسه الشخصيون اسم "المُسافر"، بينما يطلق عليه الموظفون لقب "N1"، اختصاراً لـ"رقم 1".
وأنه يميل إلى الغرق في التفاصيل الصغيرة (الميكرومانجمنت)، ويرى أعداءاً في كل مكان،وأن موظفيه لا يخشون شيئاً أكثر من غضبه.
كما اكتشفنا أن ماسك يتجاوز كل شئ وكل شخص ـ حتى القواعد التي وضعها بنفسه.»
وقبل كل شئ: هذا الرجل لا يتورع عن المرور فوق الجثث!
تتزايد حوادث السيارات ذاتية القيادة من تيسلا حول العالم، بما في ذلك في ألمانيا:
فرامل لا تعمل، أنظمة تعليق تنهار، وبرمجيات تخرج عن السيطرة.لكن لا بأس ـ فشعاره الساخر هو:
"الأخطاء موجودة لنتعلم منها."أما القتلى، ففي منطق ماسك مجرد "أضرار جانبية".
ولا تتحمّل الشركة أي مسؤولية عن ذلك.الحوادث تستمر، وتُطمس الأسباب عمداً لتجنّب العقوبات.
السلطات ـ من الشرطة والنيابة العامة إلى المحاكم وشركات التأمين ـ تبدو عاجزة عن مواكبة هذا التطور التقني،خاصة وأن شركة تيسلا تُدار كما لو كانت "صندوقاُ أسود"،
كما يصفها المؤلفان في كتابهما.
إنها «بنية مُصمّمة بشكل منهجي لحماية رؤية ماسك للقيادة الذاتية،وفي الوقت نفسه لعزل المعلومات الحرجة عن أي طرف خارجي.»
والنتيجة مُحبطة:
"لا أحدَ خارج شركة تيسلا يفهم فعلياً كيف تعمل مركبات إيلون ماسك.ومع ذلك، تسير أكثر من ستة ملايين سيارة منها على طرقات العالم.»
قال ماسك في مناسبة عامة:
«لا مشكلة لدي أن أكون مكروهاً. على العكس ـ تفضلوا، اكرهوني.»
وقد تحدّى الجمهور بهذا التصريح، مضيفاً بفخر:
«برأيي، الرغبة في أن يُحبك الآخرون ضعف حقيقي. وأنا لا أمتلك هذا الضعف.»
وفي الوقت نفسه، يعاني من جنون الارتياب.ويرجع افتقاره إلى التعاطف إلى إصابته بـمتلازمة أسبرجر ـ وهي شكل من أشكال التوحد، يعاني المصابون به غالباً من صعوبة في تفسير الإشارات العاطفية للآخرين.
ورغم إدراكه لنقائصه، فإنه يفضل التباهي بها بدلاً من الاعتذار لمن أساء إليهم.
عند قراءة هذا التقرير وملفات المُبلّغ عن المخالفات، قد يخطر في بالك أن إمبراطورية إيلون ماسك ليست سوى بيت من ورق،يمكن أن ينهار في أي لحظة ـ لما يحتويه من فراغ وضجيج وفوضى في الداخل.إنها حقيقة مفاجئة عن أغنى رجل في العالم: إنه فوضوي!
لكن ما يبقى غامضاً هو: لماذا لم يذكر الصُحفيان الاستقصائيان الألمانيان من صحيفة "هاندلس بلات" بكلمة واحدة السياسيين الألمان البارزين،الذين فرشوا لماسك السجاد الأحمر في برلين- غرونه هيده بكل مظاهر الاحتفاء؟
فعندما زار المُستشار الألماني أولاف شولتس، ونائب المستشار روبرت هابيك، ورئيس وزراء ولاية براندنبورغ ديتمار فويدكه المصنع الجديد في مارس 2022،كانت الأوضاع اللاإنسانية في مصانع ماسك في الولايات المتحدة معروفة منذ فترة طويلة.
يتحدث المؤلفان عن "ثقافة عمل سامة" في شركة تيسلا،لكن السياسة الواقعية الدولية تتجاهل ذلك تماماً، ولا تضع حدوداً لهذا السلوك.
الكتاب يُقرأ كتحقيق صحفي ،وأحياناً كما لو كان تقريراً جنائياً.إنها قصة كشف وفضح تُرعب القارئ.
شركة وحشية تتضح ملامحها تدريجياً ـ ظروف عمل قاسية ولا إنسانية تظهر إلى العلن.
لكن يبقى السؤال: ما الذي يمكن فعله ضد ماسك وسلطته المطلقة، بل وحتى عنفه؟
بعد الانتهاء من القراءة، يبقى شعور بالمرارة:
لا الحقيقة تهُم، ولا القوانين تهُم.الصحفيون الاستقصائيون الذين يكشفون هذه الحقائق يُلاحقون بجميع الوسائل ـ حتى بالقوة القضائية ـ لإسكاتهم.
وطالما أن السياسة تسمح بهذه البنى (بل وأحياناً تدعمها)،سيبقى شخص مثل إيلون ماسك تهديداً حقيقياً للبشرية.فهو، بحيازته لما يقرب من 60٪ من الأقمار الصناعية التي تدور حول كوكبنا،يستطيع حرفياً توجيه العالم كما يشاء.
لقد آن الأوان أن تتحرك السياسة والقضاء لوضع حد لهذا الرجل.