بإيجاز الشراكة بين رأس المال والصّهيونية، بدعم أمريكي
الطاهر المعز
2025 / 7 / 11 - 14:50
تعدّدت التّقارير التي تُدين الكيان الصهيوني بسبب الجرائم والمجازر التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني، وفي الواقع فإن هذه الجرائم ليست حدثًا جديدًا أو طارئا، بل إن المليشيات الصهيونية ترتكب هذه الجرائم منذ أكثر من قَرْن، قبل إنشاء دولة الإحتلال من قِبَل الأمم المتحدة باسم "القانون الدّولي" المزعوم، وما منظمة الأمم المتحدة سوى مرآة لتوازن القوى في العالم، وهي حاليا في حالة جُمُود، غير إن بعض اللجان تُصدر تقارير هامة، من بينها " لجنة التحقيق الدولية بشأن إسرائيل والأراضي الفلسطينية" التي أعلنت رئيستها نافي بيلايه، خلال شهر حزيران/يونيو 2025: "نرى المزيد من المؤشرات على أن إسرائيل تشن حملة متعمدة للقضاء على حياة الفلسطينيين في غزة، فقد ارتكب الجيش الإسرائيلي جرائم ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة، من خلال استهداف مدنيين لجؤوا إلى مدارس ومواقع دينية"، وأكّدت العديد من تقارير المُحقّقين التابعين للأمم المتحدة هذه الوقائع وبعض الموظفين التابعين للأمم المتحدة في جنيف (يوم الثلاثاء الثامن من حزيران/يونيو 2025 ) "برغبة إسرائيل في إلحاق الضرر بالأجيال الفلسطينية القادمة، باستخدام الطائرات الحربية والقصف والحرق والتّدمير الذي طال 90% من مؤسسات التعليم بنهاية شهر أيار/مايو 2025" وفق تقرير أعدّه ثلاثة مُحقّقين من الأمم المتحدة، وأكّد تقريرهم على "وجود أدلة ثابتة على استخدام المدارس والمواقع الدينية لأغراض عسكرية، بما في ذلك تحويل جامعة إلى كنيس للجيش الإسرائيلي..."
أما فرانشيسكا ألبانيزي، المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية، فقد اتهمت عددًا من شركات التكنولوجيا والإتصالات و"الذكاء الإصطناعي" بدعم الكيان الصهيوني، واتهمت كذلك شركات أخرى عابرة للقارات، من بينها شركة غلينكور لتجارة السلع الأساسية والتعدين، "بتحقيق أرباح ضخمة من دعم الإقتصاد الإسرائيلي، أي اقتصاد الإبادة الجماعية". ودعت الشركة إلى "وقف تعاملاتها التجارية مع إسرائيل"، كما ورد في تقريرها الذي نُشِرَ مساء الإثنين 30 حزيران/يونيو 2025 في جنيف، حيث استهدفت المقرّرة الخاصة، وهي إيطالية الجنسية ومكلّفة من قبل مجلس حقوق الإنسان بإعداد هذا التّقرير، عشرات الشركات ضمن تقريرها، من بينها شركة إدارة الأصول الأمريكية “بلاك روك” واتهمت فرانشيسكا ألبانيزي مجموعة غلينكور، التي تتخذ من مدينة تسوغ السويسرية مقرًا لها، إلى جانب الشركة الأمريكية دروموند، بأنهما "المُوَرِّدان الرئيسيان للفحم المستخدم في إنتاج الكهرباء في إسرائيل ( ) وتمتلك الشركات التابعة لهاتين المجموعتين مناجم في كولومبيا قامت بشحن 15 دفعة من الفحم نحو إسرائيل منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 ( ) كما قامت شركة غلينكور أيضًا بتوريد الفحم من جنوب أفريقيا إلى إسرائيل..."
من جهتها قطعت الدّول الإمبريالية تمويلاتها للعديد من المنظمات الدّولية ومن أهمها وكالة غوث وتشغيل اللاّجئين الفلسطينيين "أنروا" وامتدّ تخفيض الدّعم إلى الصليب الأحمر الدّولي الذي أكّد متحدث باسمه، يوم الثلاثاء الثامن من تموز/يوليو 2025، ما نشرته بعض الوكالات الإخبارية ووسائل الإعلام "إن لجنة الصليب الأحمر الدّولي سوف تُخفّض إنفاقها بنسبة 17% بسبب نقص الموارد، وسوف تشمل التخفيضات المقر الرئيسي، وكذلك المراكز الإقليمية وبعض البرامج والعمليات الطّارئة، باستثناء أوكرانيا، وسيحافظ الصليب الأحمر على "بعض العمليات التي بدأ تنفيذها في الشرق الأوسط وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان..." وسبق أن واجهت لجنة الصليب الأحمر الدّولي صعوبات سنة 2023، وخفضت ميزانيتها من حوالي ثلاث مليارات دولار إلى نحو 2,3 مليار دولارا، مما أدى إلى إلغاء حوالي 4500 وظيفة، غلّفتها اللجنة التنفيذية بغلاف "تحسين الكفاءة "...
تمثل رد الإمبريالية الأمريكية على تقارير الخُبراء في اتخاذ تدابير زَجْرِيّة ( عُقوبات) ضد موظفين أمَمِيِّين مثل فرانشيسكا ألبانيز، مما أثار بعض الإحتجاجات المُحتشمة، فقد احتشد مدافعون عن حقوق الإنسان يوم الخميس العاشر من تموز/يوليو 2025 لدعمها بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها بذريعة "الإنتقاد غير العادل لإسرائيل"، أي إن الولايات المتحدة تتصرف وكأنها السّلطة العُليا التي تتحكّم بكافة المنظمات الدّولية، بما فيها الأمم المتحدة،
تشغل المحامية الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز منصب المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، و كبيرة خبراء الأمم المتحدة المعنية بحقوق الفلسطينيين، ويُعيّن مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية هؤلاء الخُبَراء ورئيسهم ( أو رئيستهم) لتقديم تقارير عن قضايا عالمية محددة، ولم تغفِر الولايات المتحدة والقوى الإمبريالية الأخرى والكيان الصهيوني تَوثيق فرانشيسكا ألبانيز لللإبادة والمعاملات السّيّئة، ووثّقت كذلك – ضمن تقرير نُشِر في بداية شهر تموز/يوليو 2025، تواطؤ أكثر من ستّين شركة عابرة للقارات، من بينها شركات أمريكية المنشأ، متورّطة ب"دعم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والعمليات العسكرية في غزة"، واستنكرت حكومة الولايات المتحدة محتوى التقرير، وأعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يوم الأربعاء التاسع من تموز/يوليو 2025، إنه سيتم "إدارج فرانشيسكا ألبانيز على قائمة العقوبات الأمريكية لأن عملها أدى إلى ملاحقات قضائية غير شرعية للإسرائيليين في المحكمة الجنائية الدولية"، ودعا فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الولايات المتحدة إلى التراجع عن قرارها، وأعلن " يتعين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة المشاركة بشكل موضوعي وبناء، رغم الخلافات، بدلا من اللجوء إلى الإجراءات العقابية” ضد موظفة سامية بالأمم المتحدة وهي "سابقة خطيرة ( لأن ) استخدام عقوبات أحادية الجانب ضد المقررين أو أي مسؤول أو خبير في الأمم المتحدة أمر غير مقبول" وفق ستيفان دوغاريك، أما الممثل الدّائم لسويسرا لدى الأمم المتحدة والذي يتولى حاليا الرئاسة الدورية لمجلس حقوق الإنسان فقد صرح إنه " يأسف للعقوبات، ( ودعا إلى) الإمتناع عن أي أعمال ترهيب أو انتقام ضد خبراء منظمة الأمم المتحدة"...