وهمية فكرة الإشتراكية الإسلامية
كوسلا ابشن
2025 / 7 / 9 - 22:39
وهمية فكرة الاشتراكية الاسلامية
في البداية لابد من تقديم تعريف للإشتراكية : " الاشتراكية هي رؤية العمال و سائر الكادحين للعالم, و الاشتراكية هي نظام سسيو-اقتصادي, و هي الاساس النظري و التطبيقي لبناء المجتمع اللاطبقي القائم على الملكية الجماعية لوسائل الانتاج و القضاء على استغلال الانسان للانسان وهي النمط الانتاج الذي يتحقق ضمنه المساواة بين الناس و بين الجنسين وكذا المساواة بين الامم لضرورة التعاون المشترك و التعايش السلمي بين الشعوب.
الاسلام اديولوجية النظام السوسيو-الاقتصادي العبودي-الاقطاعي, سعى منظريه من خلال مجموع من المعتقدات الخيالية والعواطف والممارسات الطقوسية التعبدية الى تشكيل سيستيم فكري يكون كنهه انعكاس وهمي خيالي للطبيعة وللمجتمع في وعي الناس, وبالتالي تكريس بنية العبودية و النظام السياسي الاستبدادي يهدف الى بناء مجتمع قائم على إستعباد الناس و الإستغلال و التمييز الجنسي و التمييز القومي.
اما الاشتراكية الاسلامية فحسب منظري الاوهام فان الاسلام نشأ تعبيرا عن البؤس الاجتماعي الناتج عن اضطهاد الاغنياء للفقراء و العبيد, السائد عند سائر القبائل الاعرابية و خاصة في مكة, و أن الجماعة الإسلامية هدفت الى تغيير الواقع المأساوي للعبيد و لعامة الناس. لكن حقيقة الجماعة كانت تهدف الى خدمة مصالحها و العبيد إلا آداة في ملكية الحركة الاسلامية لإستعمالها ضد من عارض المشروع المحمدي الجديد. لقد عمد المحمديون الى شراء العبيد لضمهم الى صفوفهم و تجنيدهم في قتال تجار مكة و ليس لتحريرهم. على هذا فإن حرية العبيد إقترنت بشروط و حصلت بالضرورة , فالاسلام لم يدعو الى تحرير العبيد و لم يحرمه من نال حصة الاسد من السبي في كل الغزوات خاصة من سبي بني المصطلق و من سبي بني قريظة. كما ان الاسلام لم يدعو الى المساواة بين الناس و ما بالك المساواة بين الاحرار و بين العبيد.
بالاستشهاد ببعض المقولات المنسوبة الى بعض الأعراب مالكي العبيد أمثال علي ابن ابي طالب الذي نسب اليه مقولة ( ان للفقير حقا في مال الغني و ما اغتنى غني الا بفقر فقير ). و كذا ما نسب الى عمر ابن الخطاب, جلاد العبيد من قول ( متى إستعبدم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ), أو إتخاذ من ركن الزكاة برهانا عن العدالة الاجتماعية و إلغاء الاستغلال. إتخذ الإسلاميون من هذه الطروهات أساسا لوهمية فكرة توافق الاسلام مع المبادئ الاشتراكية.
مند العشرينات القرن الماضي أصبح مفهوم الاشتراكية الاسلامية في التداول و البحث في أوساط العروبيين و المسلمون لاقناع العالم بإحتواء الاسلام لمبادئ الاشتراكية.
سعت بعض الشخصيات اليسارية و الاسلامية الى إيجاد تقارب بين الاسلام و الاشتراكية بدعوى ان هناك تماثل و تكامل بين الاتجاهين, بإعتبار ان الاسلام يأمر بالزكاة و الصدقات للمحتاجين و الاعتناء بالفقراء, و يتم تفسير مصطلح الاشتراكية على أن جدوره في اللغة العربية, بمعنى التشارك و التقاسم في الثروة, للبرهنة عن صحة تخريصاتهم, و لقد إدعى البعض أن ابي ذار الغفاري كان من المبكرين في وضع الأساس نظري للاشتراكية الاسلامية أو العربية في العصور الاسلامية الاولى.
ان الزكاة و الصدقات لا تعالج القضايا الاقتصادية و الاجماعية و لا تتوافق مع مفهوم العدالة الاجتماعية في المبادئ الاشتراكية القائمة على الملكية الجماعية لوسائل الانتاج و المساواة الاجتماعية و توفير الشغل للقوى العاملة و معه يصبح العمل الحاجة الحيوية لجميع الافراد و لا يحتاج احد للتسول لتلقي الصدقات او الانتظار موعد الاعياد للحصول على الزكاة, كما ان منظري الاسلام الاوائل لم يكن الإهتمام بالفقراء من مبادئهم بقدر ما كان إهتمامهم يصب في إتجاه الاغنياء فقط, يقول احمد امين " قد ثبت أن الرسول (ص) كان يعطي بعض الناس ليتألف قلوبهم للاسلام. فقد أعطى ابا سفيان و الأقرع بن حابس و عباس بن مرادس و صفوان بن أمية و يمينية بن حصن, كل واحد منبهم مائة من الابل , حتى قال صفوان بن امية : لقد أعطاني وهو أبغض الناس إلي, فما زال يعطيني حتى كان أحب الناس إلي " (فجر الاسلام, ص 228). هولاء كلهم من الاغنياء زمانهم. لم يعرف الاسلام المساواة بين الاغنياء و بين الفقراء الا داخل المسجد في رص الصفوف للصلاة, حيث بالإمكان أن يصلي الفقير بجانب الغني.
إن بعض الدول من إدعى طغاتها ( على رئسهم معمر ال قدافي ) تطبيق الاشتراكية الاسلامية, قد فند الواقع فشل هذه الأنظمة في تحقيق أولويات مبادئ الاشتراكية ( العدالة الاجتماعية ) لكنها حققت هذه الانظمة ما ينتمي الى المبادئ الاسلامية ( الاستبداد و التهميش و الاقصاء للاخر ) و أرجعت شعوبها الى حياة العصور الوسطى في الجهل و الفقر و التخلف و الصراعات المسلحة ضد الجيران أو الحروب الاهلية و في النهاية إنهارت هذه الانظمة و إنهار معها مشروع وهمية الاشتراكية الاسلامية.
من دراسات مجلة الازهر , (مجلد 23), يؤكد على أن الاسلام يحث على الملكية الخاصة, و الاقتصاد الاسلامي يشابه و يتوافق مع النظام الراسمالي و يشترك معه حول الرفاهية الفردية كهدف و المنافسة كوسيلة. الأزهر فند تخريصات منظري فكرة الاشتراكية الاسلامية.
من الخطأ الفادح التفكير أن الزكاة و الصدقات ستحقق العدالة الاجتماعية أو ستحل الأزمات الإقتصادية و الاجتماعية, فهذا من سخافات التفكير الميتافيزيقي. لم يصدر عن الاسلام طيلة 14 قرنا من تاريخ هيمنته الا التخلف و الظلامية و الإستبداد و الحروب العدوانية.
الإسلام إيديولوجية طبقية, إستغلالية و إستبدادية, و هي في خدمة المشروع العروبي في درجة الاولى, و باعتبار الإديولوجية الإسلامية في خدمة الاستعمار العروبي, فقد حاربت خصوصيات الشعوب الثقافية و اللغوية, و إنتهكت حقوقها في التحرر و الاستقلالية.