لماذا يثير مرشح نيويورك اليساري مخاوف وغضب اللوبي الصهيوني؟


رشيد غويلب
2025 / 7 / 9 - 22:12     

أحدث زهران ممداني، مرشح حزب "الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكان" في إطار الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك في انتخابات تشرين الثاني 2025، زلزالًا سياسيًا في الانتخابات التمهيدية إثر حصوله على 43 في المائة، تاركا عمدة نيويورك السابق أندرو كومو وتسعة مرشحين آخرين خلفه.
لقد كتبوا على الانترنيت؛ هدف آخر غزاه المناهضون لإسرائيل،. يشعر المثقفون والأكاديميون وكبار السياسيين الإسرائيليين والناشطون من تيار الوسط اليساري الصهيوني، وبالطبع من اليمين، بالقلق إزاء المرشح المؤيد للفلسطينيين الذي يُهدد النظام السائد.
وصفت قناة كان 11 التلفزيونية الإسرائيلية فوزَ زُهران ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بأنه "ضربةٌ موجعةٌ لليهود في نيويورك"، ووصفته بأنه مُمثلٌ لآراءٍ متطرفةٍ معاديةٍ لإسرائيل. وقد دعم ممداني حركة مقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، ودعا إلى انتفاضةٍ ضد إسرائيل، بل وطالب باعتقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إذا وطأت قدماه المدينة.
يُشهر اللوبي الصهيوني ورقة معاداة إسرائيل ضد ممداني. وقد صوّت له ناخبوه، وكثير منهم يهود، ودعمت منظمتا "الصوت اليهودي" و"الصوت اليهودي من أجل السلام"، من بين منظمات أخرى، حملة ممداني الانتخابية.
في المدينة التي تضم ثاني أكبر عدد من السكان اليهود بعد تل أبيب، اعتُبر انتخابه مرشحًا ديمقراطيًا لمنصب عمدة نيويورك في انتخابات تشرين الثاني المقبل أمرًا لا يُصدّق، بل مُستفزًا، حتى بالنسبة لمؤسسة توصف بـ "التقدمية"، بدءًا من صحيفة نيويورك تايمز، أعرق صحف المدينة. وأعلنت هيئة تحرير الصحيفة عند إعلان ترشحه: "نعتقد أن ممداني لا يستحق مكانًا في قوائم اقتراع نيويورك".
كأي مرشح، وفي حالة أبناء المهاجرين يكون الحال أوضح، حاول زهران كوامي ممداني توظيف توصيفاته المتعددة منذ دخوله الانتخابات التمهيدية الديمقراطية لمنصب عمدة نيويورك في 23تشرين الأول 2024: مسلم، اشتراكي، مهاجر، آسيوي، نيويوركي من كوينز، يبلغ من العمر ثلاثين عاماً. لقد كان الاشتراكي المتضامن مع النضال الفلسطيني، لكن بالنسبة لخصومه داخل حزبه وخارجه، وبالنسبة لليمين، ووسائل الإعلام السائدة، فان التوصيف المتكرر كان المسلم، وبالطبع "المتعاطف مع إرهاب حماس".
ولكن المرشح الذي يحمل هويات متعددة يحظى بتقدير جميع فئات الناخبين، سواء أولئك الذين يتماهون مع هذه الهويات أو أولئك الذين يبدون أكثر بعداً، بما في ذلك جزء كبير من الجالية اليهودية.
لقد صوت لصالحه 430 ألف من سكان نيويورك في الانتخابات التمهيدية الأكثر مشاركة، لأن زهران ممداني مثلهم جميعاً، وأثر بهم بشخصيته القوية وبرنامجه الذي جذب العاملين، بغض النظر عن معتقداتهم، والذين يكافحون من أجل تحسين اوضاعهم، بغض النظر عن لون بشرتهم، والذين يفشلون في الوصول الى مبتغاهم بغض النظر عن خلفياتهم.
وُلِد في أوغندا لأبوين هنديين، وهو ابن لعائلة مسلمة، واشتراكي، ومؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني، وناقد شرس لنتنياهو: بهذه الشخصية، لو كان الأمر كما يريد ترامب، لما كان ممداني حتى في الولايات المتحدة، ناهيك عن أن يصبح عمدة هذه المدينة العريقة. ومع ذلك، بشخصيته المميزة، وبحديثه عن الحافلات المجانية، وتجميد الإيجارات، وزيادة الضرائب على الأثرياء، وخفض تكاليف رعاية الأطفال إلى الصفر، وباستخدامه علنًا مصطلح "إبادة جماعية" لوصف حرب غزة، تفوق ممداني على ممثل مؤسسة الحزب الديمقراطي اليمينية كومو.
كانت التعبئة المساندة له مثيرة للإعجاب، ويزداد الاستثناء، لمواجهته لماكينة تنظيمية قوية وذات خبرة بقيادة حاكم نيويورك السابق أندرو كومو، الذي حظي أيضًا بدعم كبير من المانحين الجمهوريين والإسرائيليين. كان كومو مدعومًا من مؤسسة الحزب الديمقراطي، وعائلة كلينتون، والعمدة السابق الملياردير بلومبرغ، والعديد من المانحين الرئيسيين، إلا أن الأمر انتهى به مهزوما، بفارق أكثر من 70 ألف صوت. كانت هذه ضربة موجعة لمؤسسة الحزب الديمقراطي التقليدية.
رمزيا أصبح ممداني مواطنًا أمريكيًا في عام ٢٠١٨، وهو العام الذي شهد فوز النائبة اليسارية ز ألكسندرا أوكاسيو كورتيز المفاجئ. فمثله، هزمت أوكاسيو كورتيز أحد عمالقة المؤسسة في نيويورك، مما أحدث إزاحة في الحزب الديمقراطي ما تزال آثارها ملموسةً حتى اليوم. ومثلها، يمثل ممداني حيًا من الطبقة العاملة، هي تمثل حي برونكس وهو يمثل حي كوينز، وكلاهما يستند الى قاعدة شعبية، على غرار ممثلين "الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين" التي ينتميان إليها، وكلاهما يعتمد الاستراتيجية التي اتبعها بيرني ساندرز.
قال ممداني في اليوم التالي لفوزه: "هذه النتيجة هي جزء من الاعتراف الذي طال انتظاره بأن ديمقراطيتنا تتعرض للهجوم ليس فقط من جانب حكومة استبدادية في واشنطن، ولكن أيضًا بسبب تراجع الثقة في قدرتها على حل الأزمات الأكثر إلحاحًا في حياة المواطنين".