بإيجاز - تأثيرات الرسوم الجمركية على الإقتصاد الأمريكي
الطاهر المعز
2025 / 7 / 9 - 14:04
هل أنقذت الرسوم الجمركية اقتصاد الولايات المتحدة أم أضرّت به؟
كان فرض الرسوم الجمركية من أول القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد تنصيبه يوم العشرين من كانون الثاني/يناير 2025، رغم تحذيرات العديد من الاقتصاديين ومُدِيري الشركات من الأضرار التي قد تَلْحَق بالاقتصاد الأمريكي، وتجاهل دونالد ترامب هذه التّحذيرات، وفَرَضَ رُسُومًا على الجيران الذين تربطهم اتفاقيات تجارية ( كندا والمكسيك) كما على أهم الشركاء التجاريين الآخرين ( الصّين وأوروبا ) واستهدف الصلب والألمنيوم والسيارات ( التي كانت مُستهدفة سابقًا) قبل إعلان رسوم جديدة على السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من جميع دول العالم، خلال شهر نيسان/ابريل 2025، مدّعيا إن قراره يُضاهي تحرير أمريكا ( يوم التّحرير)، لكن أظهرت الوقائع إن قرارات دونالد ترامب أَثَّرَت على حركة التجارة وأحدثت اضطراباً في الأسواق المالية، مما اضطُرّ ترامب إلى تجميد أو تأجيل العديد من القرارات لفترة ثلاثة أشهر، والتّفاوض مع الشركاء التّجاريّين ، بين شَهْرَيْ نيسان/ابريل وبداية تموز/يوليو 2025...
تراجعت سوق الأسهم الأمريكية خلال شهر شباط/فبراير وانهارت خلال شهر نيسان/ابريل 2025، كنتيجة مباشرة لتنفيذ خطة دونالد ترامب التي أطلق عليها "يوم التّحرير"، وعلى سبيل المثال هبط مؤشر S&P 500، الذي يتتبع أداء 500 من كبرى الشركات الأمريكية، بنحو 12% خلال أسبوع واحد، ثم عادت أسعار الأسهم إلى الصعود مباشرة بعد تراجُعِ دونالد ترامب عن خططه التي تضمنت في بدايتها فَرْضَ رسوم بنسبة 20% على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي، وبنسبة 145% على منتجات من الصين، وبنسبة 46% على الواردات من فيتنام ( تم تخفيضها، بعد مفاوضات ثنائية، إلى نسبة 20% ) وتم استبدال الرسوم المرتفعة بمعدل 10% على العديد من السلع، مما أدّى إلى ارتفاع مؤشر أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية، لكن لا تزال أسهم شركات صناعة السيارات والبيع بالتجزئة متأثرة بزيادة الرّسوم، وارتفعت واردات السلع الأمريكية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2025، ارتفعت بنسبة 17% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي ( 2024) بفعل تخزين الشركات للسلع وتلبية ارتفاع طلب المستهلكين قبل تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب، إذْ يُقدر حجم السلع المستوردة في الولايات المتحدة بنحو 11% من إجمالي إنفاق المستهلكين، وعمومًا أدّت قرارات دونالد ترامب إلى عدم استقرار السوق، وهي حالة يتجنبها رأس المال، لأن الإستثمارات الرأسمالية تبحث عن الإستقرار، وأدآ فرض الرسوم الجمركية الإضافية إلى ارتفاع إخطارات التّسريح من العمل، وقد تؤدي إعادة فرض الرسوم المرتفعة إلى الرّكود الإقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة بفعل ارتفاع الرسوم الجمركية التي أقرها دونالد ترامب إلى نحو ستة أضعاف ما كانت عليه ببداية العام 2025 مقارنة بنهاية سنة 2024 وبداية العام 2025 فيما ارتفعت نسبة التّضخّم ( + 0,1 % ) بين نيسان/ابريل وأيار/مايو 2025، دون احتساب أسعار العديد من المنتجات والخدمات الأساسية، وأعلنت بعض الشركات إنها سوف ترفع الأسعار تدريجياً بدلاً من إثارة استياء الزبائن بارتفاعات مفاجئة، وبالأخص الشركات التي تُحقّق هوامش ربح قوية، وعمومًا يُسدّد المُستهلكون ثمن أي زيادة في الرّسوم أو الأسعار الأساسية مما يُعجّل بتباطؤ الإستهلاك وتقليص الإنفاق الإستهلاكي للأسر على المدى الطويل، وبلغ خلال الربع الأول من سنة 2025، أبطأ معدل نمو له منذ سنة 2020، كما انخفض بشكل غير متوقع خلال شهر أيار/مايو 2025، ويتوقع البنك العالمي أسوأ عقد للنمو العالمي منذ حوالي ستة عقود، بفعل عدم اليقين بشأن تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع القادمة من الإتحاد الأوروبي، فيما أعلنت الشركات تجميد التوظيف والإستثمارات وأعلنت المصارف التّشدّد في الموافقة على القُرُوض، ولا تزال قرارات ترامب وغطرسته وتهديداته تؤثر على مناخ التبادل التجاري الدّولي وعلى النّمو الإقتصادي...