ذكرى مرور سبعة وستون عاماً على انفجار الثورة العملاقة (ثورة 14/ تموز/ 1958 المجيدة)


فلاح أمين الرهيمي
2025 / 7 / 8 - 22:15     

نحتفل اليوم بذكرى مرور سبعة وستون عاماً على انفجار الثورة العملاقة (ثورة 14/ تموز/ 1958 المجيدة) التي طبعت الابتسامة على وجوه العراقيين وأدخلت البهجة والسرور إلى قلوبهم وفي خيالهم المستقبل المشرق السعيد الزاهر والأمن والاستقرار والاطمئنان ... إنها فاتنة الدنيا وحسناء الزمان هي الكوثر المشع فجراً في سماء العراق فتحلت بأروع الأضواء ورفرفت حولها القلوب كالطيور العطاشى حول الماء وأطل وجهها الجميل على العراقيين فاستقبلوها بالزغاريد والأهازيج فكان نشيد ومهرجان وعيد.
أخواني الأعزاء : إن القاموس السياسي يعتبر أن الحركة العسكرية التي يقوم بها الجيش في تغيير النظام السياسي في البلد حركة انقلابية ... إلّا أن حركة الجيش العراقي الباسل في 14/ تموز/ 1958 كانت ثورة وليس انقلاب عسكري للأسباب التالية ولإنجازاتها :
1) كان ضباط ومراتب الجيش العراقي الذين قاموا بالحركة ينتسبون إلى الجبهة الوطنية المتحدة التي عقدت عام/ 1957 والمتكونة من الحزب الشيوعي العراقي وحزب الوطن الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الديمقراطي الكردستاني وشخصيات مستقلة. كما ألفت حكومتها الأولى من وزراء ينتسبون إلى أحزاب الجبهة الوطنية ما عدا الحزب الشيوعي لم يشارك في الوزارة بسبب اعتراض حزب الاستقلال القومي وبعض الشخصيات المستقلة القومية بذريعة عدم إعطاء حجج للدول المجاورة ولقوى الاستعمار بأن الثورة ليس لها طابع شيوعي وقد استقبل الحزب الشيوعي عدم مشاركته بالوزارة برحابة صدر ولا يهتم لذلك لأن نضاله من أجل خدمة العراق.
2) تعتبر الثورة معبرة عن أمل وطموح الشعب العراقي في تحقيق التغيير نحو المستقبل الأفضل والحياة الحرة الكريمة.
3) تحرير العراق من حلف بغداد الحربي العدواني ومن مبدأ آيزنهاور والاتحاد الهاشمي مع الأردن.
4) تحرير الاقتصاد العراقي وفك ارتباط العملة العراقية بالباوند الاسترليني البريطاني والاقتصاد البريطاني.
5) إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية.
6) تطبيق قانون الإصلاح الزراعي وتحرير الفلاح من ظلم الإقطاع.
7) سن قانون رقم (80) الذي يحدد حرية شركات النفط الأجنبية العاملة في العراق في البحث عن النفط.
8) إصدار قانون مساواة الرجل مع المرأة في الإرث.
9) إصدار قانون الأحوال الشخصية الذي يرفع الظلم والاضطهاد عن المرأة ويعتبر نصر لها.
10) عقد اتفاقيات واسعة اقتصادية مع الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية وتم من خلالها إقامة وتشييد المصانع في العراق حسب اختصاص كل محافظة بما تمتاز بالمواد الأولية وتوسيع وتطوير الزراعة والاهتمام والعناية بالمناطق السياحية وتدريب المهندسين والفنيين والعمال العراقيين في الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية وعلى ضوئها أصبح العراق يكتفي ذاتياً ببعض المواد الصناعية والمواد الزراعية وحافظ على أمنه الغذائي وشهد العراق حملة واسعة في تشييد المدارس والمستشفيات ودور السكن للمواطنين.
وقد تعرض الوضع السياسي الداخلي في العراق إلى نكستين الأولى بين سلطة عبد الكريم قاسم وحزب البعث وحزب الاستقلال بسبب الطلب من العراق الانضمام إلى الوحدة الفورية بين مصر وسوريا والتي أدت إلى العنف والقطيعة بين الحزبين وسلطة عبد الكريم قاسم ومحاولة اغتياله في رأس القرية ببغداد مساء يوم 21/ تشرين أول/ 1959 وإلى مؤامرة الشواف في الموصل عام/ 1959 والنكسة الثانية بين عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي العراقي عام/ 1959 بسبب طلب الحزب الشيوعي من عبد الكريم قاسم الانتهاء بالحكم في الدستور المؤقت وإجراء انتخابات ديمقراطية وتشكيل حكومة وطنية وكتابة الدستور الدائم مما أغاض عبد الكريم قاسم والقطيعة ضد الحزب الشيوعي العراقي وتجريد جميع المحسوبين على الحزب الشيوعي من المراكز العسكرية والمدنية الحساسة وشن حرب ضروس ضد الحزب الشيوعي وفسح المجال للرجعيين ولرجال الدين في إقامة المحافل الدينية والهجوم ضد الشيوعيين من أجل إضعافه واتبع سياسة توازن القوى مع القوى السياسية من خصومه السابقين متبعاً سياسة (عفا الله عما سلف) وقرّب البعثيين والقوميين لتوازن القوى مما دفع البعثيين للخروج بمظاهرة من أنصاره من الأعظمية حتى وزارة الدفاع وهم يهتفون (باسمك يا زعيم نحقق الوحدة) فأصبح البعثيون والقوميون يتبوؤون المراكز القيادية الحساسة في الجيش والمناصب السياسية مما فسح المجال لهم بإسقاط النظام الجمهوري في العراق بواسطة طائرتين وثمانية دبابات في ٨/ شباط/ الأسود عام/ 1963 والآن بعد 67 عاماً على قيام جمهورية 14/ تموز/ 1958 قام أيتام الإقطاعيين والرجعيين الذين تضررت مصالحهم في ثورة تموز المجيدة بإلغاء يومها الأغر من المناسبات المهمة في تاريخ العراق الحديث ... إلّا أن خاب ظنهم وساء عملهم لأن يوم تأسيس جمهورية العراق العظيم طرز على جبين التاريخ وسيبقى كلما الأيام تترى وتستعرض الأجيال أمام منصة التاريخ نشاهد ذلك الاسم الرائع الأغر على جبين التاريخ على الرغم من الفاشلين واليائسين ...
والسلام عليكم.