الفنان التشكيلي العراقي الكبير غازي السعّودي في كتاب مهم
حسين علوان حسين
2025 / 7 / 7 - 09:37
بمبادرة من العائلة الكريمة للفنان التشكيلي الكبير والأستاذ الراحل غازي السعّودي (1935-2013)، وبإشراف الفنان والناقد الأستاذ صلاح عباس - بالتعاون مع كريمة الفنان الوفية السيدة عايدة غازي السعّودي - وبمتابعة وتوثيق الأستاذ مصطفى العجيل، فقد تم دفع الكتاب الموسوم: "غازي السعودي : مشاهد بانورامية لبغداد" للطبع باللغتين العربية والانجليزية في مطبعة الأديب بعمّان وذلك بإشراف الفنان الفوتوغرافي هيثم فتح الله. وقد تولى الفنان الفوتوغرافي الأستاذ حسين المليجي اخراج الصور عالية الدقة للأعمال الفنية العديدة للفنان الراحل التي ضمها الكتاب. كما ساهمت نخبة مختارة من الفنانين والنقاد بإغناء الكتاب بمقالات فنية متميزة ألقت الأضواء الكاشفة على مميزات ابداعاته التشكيلية، سطرتها أقلام الأساتذة:
الدكتور عاصم عبد الأمير
الدكتور جواد الزبيدي
الدكتور تراث أمين عباس
الأستاذ الناقد جاسم العاصي
الدكتور خالد خضير الصالحي
الدكتور حسين علوان حسين (مراجعة)
ولد الفنان غازي السعّودي في محلة "الصدرية" ببغداد القديمة عام 1935، والتحق بمعهد الفنون الجميلة عام 1953، متخرجا فيه بتفوق. ثم أُبتعث في بداية ستينات القرن الماضي لإكمال تحصيله العلمي في "أكاديمية الفنون الجميلة" بروما، حيث التقى هناك برواد الفن التشكيلي العراقي: محمد غني حكمت وخالد الرحال وسعد الطائي وميران السعدي وصادق ربيع واسماعيل فتاح الترك. وفي روما أيضاً جمعه حب الفن باللقاء ومن ثم الزواج من الفنانة الإيطالية السيدة الماجدة "مارجيلا جيوفاني" - خريجة قسم تصميم الأزياء التي كانت تحتل مكانة محترمة في اخراج التصميمات الفنية لكبريات بيوتات الأزياء الإيطالية. وقد أهدته هذه السيدة الفاضلة ابنته الوفية "عايدة" عام 1966 (التي كان يسمّيها بـ "مَلاك بوتشيللي") وابنه "معن" عام 1968، وكلاهما مهندس. كما شاركت زوجته المخلصة بكل حرص وتفانٍ وتكريس في توفير المشغل الفني المنزلي الخاص بزوجها ببغداد والمجهز بكل متطلبات انجاز أعمال السيراميك الفنية، وسهرت دوماً على توفير أفضل الأجواء المناسبة للفنان لإنجاز مختلف ابداعاته الفنية.
منذ عودته لبغداد عام 1965 وحتى عام 1980، أنجز الفنان غازي السعّودي (44) لوحة جدارية فنية فخمة ومتميزة ، طرزت واجهات المتاحف والمتنزهات والمطارات والكليات والقصور في مختلف المحافظات، خصوصاً حبيبته بغداد التي أوصى بدفن جدثه بترابها وليس بمقبرة عائلته في النجف الأشرف وذلك تعلقاً منه بطينتها. ولعل من أشهر أعماله هي جدارياته الثلاث التي تطرز بوابات متنزة الزوراء ببغداد والتي أنجزها عام 1970، وكذلك واجهة المتحف البغدادي الكائن جنب سوق السراي. وعلاوة على الجداريات البديعة، فقد أنجز الفنان العديد من الرسومات واللوحات الفنية والنحتية وتصاميم السجاد والمجوهرات والعمارة المتميزة بإشراق ألوانها وذكاء تصميماتها الهندسية المتكاملة. كما تولى تخريج الأجيال من الفنانين ممن درّسهم طوال مسيرته التربوية المجيدة في معهد الفنون الجميلة وأكاديمية الفنون الجميلة ببغداد.
تميزت الأعمال الفنية للفنان غازي السعّودي باستلهامها الذكي والحميم للموروث الثقافي والفني والتاريخي لبغداد، مثل قصص ألف ليلة وليلة ومنمنمات الواسطي وقباب ومنائر مساجدها وأسواقها ومحلاتها ومشاهدها الشعبية اليومية التي تعكس مختلف مناحي نشاطات أهلها. لقد حوّل غازي السعّودي تاريخ يغداد والحياة اليومية للبغداديين إلى فن راق في جدارياته كافة وذلك وفاء منه لوصية أستاذه الفذ جواد سليم الرائد المؤسس لمدرسة بغداد للفن الحديث في الحرص على خلق فن تشكيلي عراقي المنبت والإستلهام بالدرجة الأولي.
تهاني الحارة لعائلة الفنان الفقيد غازي السعّودي على هذا الانجاز الذي ما كان ليتحقق دون حرصها الأثير على الحفاظ والتوثيق لإرثه الفني بكل التزام وتمسك وحب.