مباردة -طواف السي جي تي النضالي-‎


جهاد عقل
2025 / 7 / 6 - 18:15     

في مبادرة نقابية غير مسبوقة ، بادرت لها الكونفدرالية العامة للشغل ( الإتحاد العام للشغل في فرنسا ال CGT) وذلك بمناسبة الذكرى ال 130 لتأسيسها ، وهي القيام بمشروع أطلق عليه "طواف فرنسا النضالي" ،الذي يوازي إنطلاق "طواف فرنسا للدرجات" السنوي والذي ينطلق في الخامس من تموز / يوليو الجاري ، ووفق البرنامج الذي أعلنه الإتحاد ستقوم مجموعات عمالية نقابية بالإنطلاق وفق محطات نضالية عمالية تحيي خلالها ذكرى نضالات نقابية عماليه هامة من التاريخ النضالي النقابي الفرنسي التي قادها الإتحاد العام للشغل في فرنسا على مختلف مراحله التاريخية.
لقد تأسست الكونفدرالية العامة للشغل أو الإتحاد العام الفرنسي للشغل (CGT-Confédération Générale du Travail) رسميًا في 23 أيلول/ سبتمبر 1895، في مدينة ليموج (Limoges)، خلال مؤتمر نقابي جمع بين عدد من النقابات المحلية والمهنية،جاء تأسيسه هذا في ظل التغيرات الاقتصادية الكبرى في فرنسا، وبروز طبقة عاملة واسعة نتيجة الثورة الصناعية. وهناك من يعتقد أن نقطة الإنطلاق النضالي لهذا الإتحاد كانت من مدينة مونبيلييه ، وهو يعتبر أحد أعرق وأقوى الاتحادات النقابية في فرنسا وأوروبا.

تشكّل الاتحاد كمنظمة مستقلة عن الأحزاب السياسية، وكان مستوحى من أفكار النقابية الثورية
كما لعب دورًا محوريًا في الدفاع عن حقوق العمال، تحسين الأجور، تحديد ساعات العمل، والحق في الإضراب.
وفي عام 1906، أصدر “ميثاق أميان” (Charte d’Amiens) الذي شدد على استقلالية العمل النقابي عن السياسة، وهو وثيقة مفصلية في تاريخ النقابات الفرنسية والقضايا المطلبية الهامة التي ترى ضرورة التركيز عليها.

عبر الإتحاد العام الفرنسي للشغل عدد من المراحل النضالية خلال الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية ، منها القيام بالنضال المحوري بتوحيد الحركة النقابية الفرنسية كما مرت عليه أيضاً مراحل الإنقسام في الحركة النقابية ، وبعد الحرب العالمية الثانية: عاد ال CGT موحّدًا في البداية، لكنه انقسم مجددًا في 1947 مع تأسيس Force Ouvrière (FO) بسبب الخلافات حول إدعاء بعض النقابيين بوجود الهيمنة الشيوعية داخله ، الأمر الذي نفته قيادة الإتحاد ، ومن المعروف أن هذا الإنقسام جاء على خلفية تشبث الفئة التي قررت الإنقسام بهيمنة ما يعرف ب “الإشتراكية الدولية” ، وهي مجموعة الإحزاب الإشتراكية في أوروبا وغيرها والتي تشكلت كند لمجموعة الأحزاب الشيوعية.

لمحة نضالية

لقد كان للإتحاد العام للشغل في فرنسا دور هام في تحقيق الإنجازات النقابية الهامة للطبقة العاملة ، ولم تستطع أية حكومة فرنسية تجاهل دوره النقابي النضالي ومطالبه الهامة للطبقة العاملة في فرنسا والتي كان لها الأثر الكبير والإيجابي لمطالب العمال العادلة على مختلف مهنهم ومن هذه المبادئ الأساسية التي تعتبر مفصلية في انجازاته النقابية والإجتماعية نذكر منها ما يلي :
- الدفاع عن حقوق العاملين في جميع القطاعات (العام والخاص).
- تحسين ظروف العمل والأجور.
- النضال من أجل العدالة الاجتماعية، والمساواة، والكرامة الإنسانية.
- الالتزام بالنقابية المستقلة عن الأحزاب، لكن المنخرطة في الصراعات الاجتماعية والسياسية.
- شارك في إضرابات 1936 التي أدت إلى اتفاقات ماتينيون (Matignon) (1) التي ضمنت أسبوع عمل من 40 ساعة وإجازات مدفوعة وغيرها.
- لعب دورًا رئيسيًا في أحداث مايو 1968، حيث شلت الإضرابات العامة معظم فرنسا “ثورة الطلاب”.
- شارك في مقاومة سياسات التقشف والخصخصة من ثمانينات القرن العشرين وحتى اليوم.
- قاوم بشدة محاولات إصلاح قوانين العمل والمعاشات التقاعدية في عهد ماكرون وسابقيه.
وفي المرحلة الحالية يواصل الاتحاد النضال خاصة في السنوات الخمس الأخيرة حيث لا تزال الكونفدرالية العامة للشغل ال - CGT من أكبر الاتحادات الفرنسية، رغم المنافسة من اتحادات مثل CFDT وFO. حيث يُقدّر عدد أعضائها بمئات الآلاف، ويتركز حضورها في قطاعات مثل: النقل، الصناعة، الصحة، التعليم.
- في السنوات الأخيرة، قاد الأتحاد تحركات ضخمة ضد إصلاحات قانون التقاعد والعمل.
- ما زال فاعلاً في الدفاع عن العمال المهاجرين، وحقوق النساء، والتحول البيئي العادل.
من قياداته البارزة:
- Léon Jouhaux: أحد مؤسسي الكونفدرالية العامة للشغل- CGT البارزين، حصل على جائزة نوبل للسلام 1951.
- Bernard Thibault: الأمين العام السابق، برز في بداية الألفية الثانية.
- Philippe Martinez: الأمين العام في الفترة 2015–2023، قاد تحركات ضد إصلاحات ماكرون.
- Sophie Binet : الأمين العام منذ المؤتمر الأخير الثلث والخمسون الذي عقد أيام 27 – 31 آذار/ مارس 2023 وهي أول أمرأة تتولى هذا المنصب.

مبادرة "طواف فرنسا الكفاحي"

مبادرة طواف فرنسا الكفاحي أو طواف فرنسا للنضالات، الذي يأتي بالتوازي مع “طواف فرنسا للدراجات” الشهير، لكنه بطابع اجتماعي ونقابي، حيث تخصص الكونفدرالية العامة للشغل (CGT) كل محطة من محطات الجولة لتسليط الضوء على نضال اجتماعي تاريخي أو حالي في تلك المنطقة. الهدف من هذه المبادرة هو احياء ذكرى التأسيس والاحتفال بالذكرى 130 لتأسيس CGT من خلال استعراض تاريخ النضالات العمالية في فرنسا ، تذكير الجمهور بمكانة النقابة في الدفاع عن العمال وحقوقهم وربط النضالات التاريخية بالحالية، وإبراز الاستمرارية بين ماضي الحركة النقابية وحاضرها.
وفي بعد الظهر من يوم الجمعة 13 يونيو 2025 عقد احتفال جماهيري لإفتتاح هذه المبادرة في ساحة بلدية مونتروي ، تحدث خلاله عدد من القادة النقابيين منهم الأمينة العامة للإتحاد صوفي بينيه وغيرها من النقابيين والمثقفين والعمال.
وتقرر أن تبدأ فعاليات المبادرة من يوم السبت 5 تموز / يوليو 2025 (بالتزامن مع انطلاق طواف فرنساللدراجات. وبأنيجري كل يوم، عند الساعة 12 ظهرًا، تنشر CGT قصة نضال مرتبط بمكان المرحلة الجغرافية من الجولة، وتحمل المبادرة عدة رسائل نضالية والمطالب الحالية لـ CGT مثل:
التقاعد في سن الـ60 ،تحسين الحماية الاجتماعية ،ضمان حقوق العمال الموسميين والمؤقتين ،
تعزيز الحضور الميداني للنقابة من خلال منصات تواصل في مواقع الجولة، توزيع منشورات وهدايا رمزية، لقاءات مباشرة مع العمال والجمهور ، وتبدأ المرحلة الأولىمن مدينة روبيه – ابلقرب من مدينة ليل ، ويتم فيها التذكير بإضرابات عمال النسيج في روبيه سنة 1931.

لقد ربطتني علاقات خاصة مع قيادة الكونفيدرالية الفرنسية للشغل ، ودعيت للمشاركة في عدد من مؤتمراتها ومنها المؤتمر الذي عُقد في مدينة مونبلييه بالذكرى المئوية لتأسيسه، كما تدربت في العديد من الأسس النقابية النضالية لديهم وكانت لي علاقة مميزة مع الأمين العام برنارد تيبو .
إنها مبادرة هامة لعدة أسباب أولها الإرتباط بالقاعدة العمالية والجماهيرية ، من خلال توثيق النضالات العمالية التاريخية وتعميق الدعم للمسيرة النضالية النقابية في ظل ما تتعرض له النقابات العمالية عامة والكونفيدرالية العامة للشغل خاصة لهجوم من قبل الحكومة واقوى اليمين المعادي للطبقة العاملة.
-------------
(1)اتفاقيات ماتينيون 1936 وقعت في 7 يونيو 1936 بين الاتحاد العام للإنتاج الفرنسي ومنظمة أصحاب العمل ، ونقابة الكنفدرالية العامة للشغل والدولة الفرنسية. تم التوقيع عليها خلال إضراب عام تلاه تظاهرة حاشدة بدأت بعد انتخاب الجبهة الشعبية في مايو 1936، مما أدى إلى إنشاء حكومة يسارية برئاسة ليون بلوم. تُعرف أيضًا باسم «ماجنا كارتا للعمل الفرنسي»، وقد تم توقيع هذه الاتفاقيات في فندق ماتينيون، المقر الرسمي لرئيس الحكومة، ومن هنا جاءت تسميتها. (عن يوكيبيديا)
* عندما- يذكر الأتحاد العام للشغل في فرنسا المقصود "الكونفدرالية العامة للشغل"