لماذا إعادة المقال؟ مفيد الجزائري وعاشوراء


طارق فتحي
2025 / 6 / 27 - 21:07     

"رأي شخصي جدا"

كتب السيد مفيد الجزائري نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي مقالا تحت عنوان "ارفعوا رايات الحسين"، وهي مقالة كتبت في العام 2013، ونشرت على موقع الحوار المتمدن، وتندرج مثل هذه المقالات ضمن حملة إعلامية يقودها الحزب الشيوعي العراقي قبيل موعد الانتخابات، فهو قد أعلن المشاركة بقوة في الانتخابات القادمة، رغم انه لم يقاطع او يتأخر في المشاركة منذ بدء العملية السياسية في العراق بعد 2003.

ما يلفت الانتباه ان إعادة هذه المقالة جاءت في وقت يمر فيه العراق بشد واستقطاب طائفي بغيض جدا، بسبب الاحداث والحرب التي تقودها إسرائيل وامريكا في المنطقة، فمثل مقالات كهذه تزيد من الاحتقان الطائفي، الغريب جدا انها تخرج من قيادات شيوعية من الصف الأول، والتي كان من الأفضل لو أنها لزمت الصمت تجاه قضايا دينية حساسة كهذه.

لم يفصل الحزب الشيوعي العراقي نفسه عن الدين والطائفة والسلطة الإسلامية والقومية، خصوصا بعد 2003، فمشاركة الحزب في مجلس الحكم جاءت على أساس طائفي، وكانت هذه المشاركة أحد الأسباب المهمة في تدني جماهيرية الحزب ومحدودية الانتماء له، حتى انعدم وجوده في مناطق واسعة في العراق، وبالأخص في المناطق الغربية، فلا تكاد تلمس أي وجود له.

منذ 2003 وبعد تسلم الإسلاميين السلطة بدأ الحزب الشيوعي بالتقرب لهذه السلطة، محاولا كسب ودها، فجاءت سياساته موافقة الى حد ما لتلك السلطة، حتى ممارسة النقد-ان وجدت- لها كانت خجولة جدا، لهذا فأن مقالة السيد مفيد الجزائري أعلاه لم تحمل شيئا جديدا، فهذه القيادة قد رسمت او خطت لها سياسة المحاباة والمجاملة للقوى الإسلامية.

المشكلة الأكبر هو حالة الخلط والفوضى التي تخلقها مثل هذه المقالات، فالقارئ-أي قارئ- يصاب بالدهشة والتعجب بعد قراءة المقال، فكاتبها هو الشخص الثاني في الحزب الشيوعي، أي أن كاتبها هو شخص "شيوعي"، أو من المفترض أن يكون هكذا، أي أن لديه موقف سياسي وإيديولوجي وفكري وفلسفي من الدين بشكل عام، موقف واضح وصارم جدا، لا يقبل المهادنة أو المناورة ابدا.

الدين جزء مهم واساس في السيطرة على الناس، السلطة تتخذه درعا لها، تستخدم طقوسه وشعائره ومناسباته وتنشرها وتقيم لها الدعاية الكاملة، وتبذخ الأموال في إقامة تلك الطقوس والمناسبات، لمعرفتها بالمردود الإيجابي بالنسبة لها، انه الجزء الأصيل في ديمومة السلطة في العراق، لهذا فأن الانسان الشيوعي لزاما عليه ان يفصل نفسه عن السلطة الدينية بكل اشكالها.

أن إعادة نشر مقالات كهذه هو أساءة للحركة الشيوعية واليسارية في العراق، أنه يفرض تراجعا عليها، فضلا على انها تزرع اليأس والإحباط لدى الجزء المتنور والعلماني من الطبقة العاملة وفئة الشباب، وأيضا يزيد من حالة الانقسام الطائفي، بالإضافة الى ان مثل هذه المقالات تسمح لصبيان الليبرالية بالتهكم والسخرية من الشيوعيين.

رابط مقال السيد مفيد الجزائري:

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=386832