عيب السنين وقطار العمر
سرگول الجاف
2025 / 6 / 22 - 21:43
عيب السنين ..
وقطار العمر يمضي غير آبه بنزف الجراح.. بأنين الأرواح.. وما يسري ويجري..
قطار العمر يمضي تاركا خلفه عيب السنين، وبقايا من ذكريات جميلها مُوجِع ، وأنات ماضٍ طغت على حلو الأيام..
يا قطار العمر تجري على عجل ، تختزل الأيام والسنون وتخلط الموجعات بجميل الأيام ،كم وددت لو أنك محوت الآلام من رصيد الأيام، يا قطار العمر ترحم وتمهل ، إلى أين المسير..
إلى أين نحن ذاهبون؟
يا قطار العمر تعصر الفؤاد ، تطوي العمر وبريق العمر سويعاتٍ وتخطو على عجلٍ ، آهٍ كبرنا ولم نعد نحتمل الفراق !!
العمر محطات، وفي كل محطة ذكرى وحنين يشدو بدواخلنا ، وآلام تعتصرنا ، وخطاك متسارعة لا تعرف العودة إلى محطات الماضي الجميل..
يا قطار العمر تغادر بلا عودة بلا ود بلا رحمة ، حتى وإن عدت إلى محطات الأماكن فلن تعود بنا إلى ما غادرناه..
يا قطار العمر عُد..
عُد فقد تركتُ ورائي أحلامي وذكرياتي ، عُد محملا بالآمال ، ولتكن هذه محطتي الأولى.
يعصرني.. يقودني حنيني إلى الماضي وذكرياته.. يعصرني ويُثير فيّ الشوق، ويعيدني إلى ماضٍ أرفض نسيانه، أرفض وتأبى الروح نسيانه..
ذلك لأن أصحابه أركانه زواياه تفاصيله أحياء ما زالوا عالقين في حنايا الفؤاد تشدو بهم الروح ويزهو العقل كلما عاد بنا الحنين إلى جميل الذكريات..
يا قطار العمر إن ذكراهم تحمل سحراً خاصاً في الفؤاد ..
إنهم الكنز الثمين وطعم الوجود الذي يكتمل بهم الوجود ويطيب بهم جمال الإحساس بالحياة..
قد تجمعنا الأماكن بأشخاصٍ لم نُدرك قيمتهم في البداية..
بموجودات غابت عنا قيمتها لتوافرها ، كذلك لانشغالنا بالدنيا ومعاصرها التي تطحن وتعصر ولا تبقي ولا تذر...
وعندما تفرقنا المسافات يحملنا العقل على الندم.. حينها نندم ويعصرنا الندم آسفين على ما فات وما مضى..
على ما اختطفه منا قطار العمر.
عندما يرحلون، نُدرك قيمتهم وأثرهم وآثارهم متمنين لو أنهم عادوا ويعودون إلينا..
يا للجمال كم تركوا فينا أثراً لا يُمحى..
لم تُمحيه قسوة الأيام والسنين وضنك الحياة مما هو ماضٍ أو قائم أو قادم..
مواسم المشاعر تقتلني، وفراقهم لا يزال يؤلمني. لا أستطيع تجاهلها ولا الهروب منها حتى وإن راودتني النفس إلى ذلك.. ذلك لأنها سكنت الروح، وأصبحت كحلم هاربةً مني ولا أستطيع التمسك بها أو استدراكها..
تجاعيدنا تُذكرنا بالعمر الذي مضى، وللذكريات تجاعيد كالسنين التي تسكن الأرواح لا الوجوه. لم يعد النسيان ممكنا..
نحاول محوه بذكريات أجمل لنعيد بنائه، ولكن دون جدوى..
أكابر وأرتشف فنجان قهوتي لأنسى ذكريات حياتي، لكن عيب السنين أنها تصنع الذكريات، وعيب الذكريات أنها لا تستعيدها..
قطار العمر يمضي تاركا خلفه عيب السنين تاركا إيانا في محطة من محطة العمر لا نملك سوى الحنين والأمل..
أخي أختي شركاء الفكر والقدر ، لم تبقي لنا الأيام وقطار العمر سوى آمال جميلة لمن لا يزالون على المحطة الأولى للقطار..
نترك لهم بقايانا وما نحمل وعبق الأوطان ليكملوا المسيرة ، ماضون إلى مثوانا..
ويبقى عيب السنين، ويمضي قطار العمر..
يمضي إلى مالانهاية حتى يتوقف القدر..
يمضي قطار العمر ويبقى عيب السنين...